هل هي صحوةُ ضمير؟ أم تلميعٌ لدور سياسي مستقبلي يخدُمُ “إسرائيل”؟!
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
يمانيون| بقلم/ محمد الفرح|
بينَ عشيةٍ وضُحاها ومع إرهاصات الهزيمة الإسرائيلية، خرج علينا مجموعةُ زعماء عرب، الأولُ يحشُدُ جيشه، والآخر يهدّد ويندّد، والثالث ينزلُ المساعدات بنفسه… إلخ.
وفي نظري أن هذا التحوُّلَ المفاجِئَ ليس صحوةً ولا صدفةً، بل دورٌ مخطَّطٌ له لأهدافٍ عدة منها:
التهيئةُ لقابليتهم لدى شعوب وجماهير أمتنا ليكونوا بديلًا عن قادةِ محور المقاومة وليسدُّوا الفراغَ الذي تتلهف إليه الجماهيرُ العربية، بعد أن طغت سُمعةُ قادة الجهاد والمقاومة وتدنست سمعة الزعماء والحكام.
وشيءٌ آخرُ -يجبُ أن ندركَه جميعاً- أن العدوان العسكري على غزة فشل في تحقيق أهدافه المتمثلة في منع تهديد حماس وبقية الفصائل المجاهدة مستقبلاً لكيان العدوّ، واستعادةِ الأسرى الصهاينة؛ ونتيجةً للعجز عن تحقيق أَيٍّ منها أصبحت “إسرائيل” بحكم المهزوم عمليًّا ولم يتبقَّ سوى أن تعلن الهزيمة.
إلا أن أمريكا أرادت أن ينتهيَ العدوانَ بتسوية سياسية تحقِّقُ ضمانةً من تكرارِ ما حصل في ٧ أُكتوبر، وتستعيدُ بموجبها الأسرى الصهاينة، وتكونُ مبرّراً لتطبيع السعوديّة بشكل علني، وتقلِّلُ من فاعلية ودور محور المقاومة والفصائل الفلسطينية في تحقيق هذا الانتصار.
فدفعت بالإماراتِ والسعوديّة ِوبعضِ الدول العربية للاجتماع في الرياض ومعهم منظمة التحرير الفلسطينية؛ لبحث تسوية تقضي بحَلِّ الدولتَينِ وتقضي بتطبيع النظام السعوديّ، وتكون السلطة الفلسطينية هي الممثلَ الشرعيَّ لفلسطين في التسوية، أما فصائلُ المقاومة فهي بين خيارِ القبول بالتسوية فتكون مُجَـرّدَ تابعٍ لا قرارَ لها، أَو رفضِ التسوية فسيتم عزلُها واتّهامُها أنها تعرقل السلام.
غير أن هنالك مشكلتَين تعترضان هذه المؤامرة، الأولى هي: الأسرى المتواجدون في قبضة المجاهدين الفلسطينيين الذي يمثلون ورقةً ضاغطةً على العدوّ وورقةً رابحةً للمقاومة ولن تفرِّطَ المقاومةُ فيهم مهما تآمروا.
المشكلةُ الأُخرى: أن هذه الزعاماتِ التي يريد الأمريكيُّ تمريرَ هذه التسويةِ عبرَها هي شخصياتٌ مرفوضةٌ في الشارع العربي والفلسطيني تحديداً؛ نتيجةَ تواطؤها مع العدوِّ ولم تسجِّلْ أيَّ موقفٍ إيجابي منذ بدء العدوان؛ فكان لا بُـدَّ من تهديد إسرائيلي باقتحام رفح والضغط على حماس لتسليم الأسرى والقبول بالتسوية ومحاولة انتزاع اعتراف فلسطيني جديد بالعدوّ الإسرائيلي، وفي المقابل يدخلُ ابنُ سلمان وابنُ زايد والسيسي على خط منع اقتحام رفح بحيث يُمنَحون دوراً بطولياً؛ باعتبارهم من حقّقوا الانتصار وبما يهيئ الرأيَ العامَّ العربيَّ لقبول ما سيقرّرونه مستقبلاً في الشأن الفلسطيني.
النتيجةُ ستكونُ سرقةَ انتصار فصائل المقاومة ومحور المقاومة، وتصويرَ تطبيع النظام السعوديّ بأنه عملٌ خيري لمنفعة غزة وأهل رفح، وإيجادُ خلافٍ فلسطيني داخلي؛ لأَنَّ هنالك من سيؤيِّدُ حَـلَّ الدولتَينِ وهنالك من سيرفضه، ومن يعارض من محور المقاومة والجهاد فسيقدمه إعلامُهم بأنه لا يريدُ وقفَ القتال ولا يحب السلام، في المقابل سيقدم الإعلام الشكرَ للسعوديّة والإمارات والسيسي و…؛ لأَنَّهم من أنهَوا الحربَ وأوقفوا العدوانَ على رفح وعلى غزة.
والأهمُّ في الموضوع أنه بدلًا عن هزيمةِ “إسرائيل” بشكل واضح ستخرجُ رابحةً؛ لأَنَّها ستنجو من الورطة التي تورَّطتها في غزةَ وتطلقُ أسراها.
وأيُّ اعترافٍ بها تنتزعُه من أي طرف فلسطيني هو مكسبٌ جديد.
وفي الواقع لن تنسحبَ من أي مكان احتلته ولن تسلِّمَ شبرًا واحدًا للفلسطينيينَ، بل ستماطل وتنقض الاتّفاقياتِ كما فعلت عقب اتّفاقية أوسلو ١٩٩٣م.
نخلُصُ إلى أن التهديدَ الإسرائيليَّ لمدينة رفح يأتي بتنسيق مع هذه الزعامات التي تحول موقفُها بشكل مفاجئ، وهو بمثابة تهيئةٍ لمنح هذه الزعامات العربية عملاً بطولياً يجمِّلُ وجهَها ويهيِّئُها للعبِ دورٍ سياسيٍّ مستقبليٍّ لصالح “إسرائيل”، كما يهدفُ إلى ابتزاز فصائل المقاومة والجهاد لإطلاق الأسرى وتقديمِ تنازلات للعدو.
ولا يُستبعَدُ أن ينفِّذَ العدوُّ إجرامَه بحق النازحين في رفح بالذات في ظل هذا التواطؤ المكشوف والاتّفاقات المسبَقة مع زعماء التطبيع.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
حزب الله يصد بيان هام حول التطورات الميدانية لمعركة “أولي البأس”
يمانيون ||
أعلنت غرفة عمليّات حزب الله، في بيان لها حول التطورات الميدانيّة لمعركة “أولي البأس”، أن “مجاهدي المُقاومة الإسلامية يُواصلون تصدّيهم للعدوان الصهيوني على لبنان، ويُكبّدون جيش العدوّ خسائر فادحة في عدّته وعديده من ضباط وجنود على امتداد محاور المواجهة عند الحافة الأماميّة وصولًا إلى أماكن تواجده في عمق فلسطين المُحتلة”.
وقال حزب الله في بيانه: إن “المُواجهات البرّية: بتاريخ 28-10-2024 بدأت قوّات جيش العدو الصهيوني التقدّم باتجاه بلدة الخيام بأعداد كبيرة من الأفراد والآليات، وبغطاء جوي كثيف على كامل المنطقة المحيطة والمشرفة على البلدة، وسط تموضع لقوات جيش العدو على العوارض الأماميّة في مناطق تل نحاس والحمامص وسهل المجيديّة.. ووفق الخطط الدفاعيّة المُعدّة مسبقاً، وبعد رصد دقيق لمسارات التقدم المحتلمة، أعدّ مجاهدو المقاومة الإسلاميّة خطة دفاع بالنار، ركيزتها الأساسيّة الرمايات الصاروخيّة والمدفعيّة عبر عدد كبير من الإستهدافات المُتزامنة والمُركّزة على تحركات وتموضعات ومسارات تقدم العدو داخل الأراضي اللبنانيّة وفي الداخل المُحتل”.
وذكر أنه “على مدار ثلاثة أيّام متواصلة، تم تنفيذ أكثر من 70 عمليّة استهداف (50 منها عند الأطراف الجنوبية والشرقيّة للبلدة)، تم خلالها تدمير أربع دبابات بالصواريخ الموجهة ومقتل وجرح طواقمها، واستهداف تموضع للجنود في مستوطنة المطلة بصاروخ موجه ما أسفر عن مقتل وجرح عدد منهم.. بالإضافة إلى استهداف مجموعة التأمين في منطقة تل النحاس بصاروخ موجّه، وقد عرض الإعلام الحربي بعض المشاهد التي توثّق الإصابة”.
وأوضح أنه “كان أبرز هذه العمليّات، الصلية الصاروخيّة الدقيقة التي استهدفت تجمعات كبيرة لجنود وآليات العدو في منطقة وادي العصافير عند الجهة الجنوبيّة الشرقيّة للبلدة، باستعمال صواريخ نوعيّة ودقيقة يزن رأسها الحربي 250 كلغ من المواد شديدة الإنفجار. وجرّاء الإنفجارات الضخمة، والأعداد الكبيرة من الإصابات، عمّت حالة من الذعر والتخبّط في صفوف القوّات المُعادية.. وبالإضافة إلى الصليات الصاروخيّة والرمايات التي استهدفت تحركات العدو داخل الأراضي اللبنانيّة، تم خلال هذه العمليّة تنفيذ عدد كبير من الاستهدافات في المناطق الخلفيّة للقوات التي تشارك في الإعتداء على أرضنا بشكل مدروس ومُحددّ”.
ولفت البيان الى أنه “تم استهداف تجمعات قوّات تأمين الهجوم على بلدة الخيام، في موقع ومستوطنة المطلة والبساتين المحيطة بها، بــ 11 صلية صاروخيّة مركّزة وبقذائف المدفعيّة، محققةً إصابات مؤكدة.. كذلك استهداف معسكر للتدريب وقواعد النار ومقرّات قياديّة في مستوطنة أيِيلِت هشاحر، وقواعد نيران صاروخية في مستوطنة يسود هامعلاه، ومنطقة تجميع للمدرعات في مستوطنة شاعل، ومقرات قياديّة في مستوطنة شامير، بــ 23 صلية صاروخيّة.. وأُجبرت قوات جيش العدو ليل الخميس 31-10-2024 على الإنسحاب إلى ما وراء الحدود، والاستعانة بالمروحيّات العسكريّة لنقل القتلى والجرحى، واستقدام آليات خاصّة لسحب الدبابات المُدمرة”.
وأضاف: “خلال محاولة قوّة من جيش العدو الإسرائيلي التقدّم، يوم السبت الماضي، عبر الحدود باتجاه قرية حولا، رصد مجاهدونا رتل من الآليات العسكريّة بحجم كتيبة كاملة، قوامها 40 آلية (دبابات – مدرعات – ناقلات جند) يتقدمها جرافتان عسكريتان، بهدف فتح مسارات لعبور الآليات باتجاه وسط البلدة.. وحين وصول القوّة إلى مرمى مجاهدينا، جرى استهداف الجرافتين بصاروخيّ كورنيت مضاد للدروع، ما أسفر عن تدميرهما ومقتل وجرح من كان فيهما. وتحت غطاء كثيف من المدفعيّة الإسرائيلية، انسحبت القوّة بكامل آلياتها نحو الحدود الشرقيّة للبلدة”.
وتابع البيان: “فور استقرار القوّة في منطقة التجمّع، وبهدف إلحاق أكبر عدد من الإصابات، جرى استهداف المنطقة بثلاث صليات صاروخيّة بفارق خمس دقائق بين كل رشقة وأخرى وبأكثر من 60 صاروخ، وقد حققت العمليّة أهدافها.. بفعل ضربات المُقاومة القاسية والمُتكررة، وعدم إتاحة الفرصة أمام قوّات جيش العدو للتثبيت والاستقرار داخل قرى الحافّة، عمد جيش العدو إلى الانسحاب من عددٍ من البلدات – التي كان قد تقدّم باتجاهها- إلى ما وراء الحدود، وسط عمليّات تمشيط واسعة من المواقع الحدوديّة، ومرابض المدفعيّة، وغارات من الطائرات الحربيّة على هذه البلدات، كما يحصل في عيتا الجبل وراميا وميس الجبل وبليدا والخيام وغيرها”.
وأكد أنه “يجرى التعامل مع محاولات مُتكررة لقوّات من الجيش الصهيوني لإطباق الحصار على بلدة الناقورة في القطاع الغربي، ومحاولة تسلل في منطقة الوزاني في القطاع الشرقي تم استهدافها بصلية صاروخيّة أجبرتها على المُغادرة”.
وفي التفاصيل، أشار بيان حزب الله الى أن “سلسلة عمليّات خيبر النوعيّة: بالرغم من الإطباق الإستعلامي والنشاط الدائم لسلاح الجو الإسرائيلي، رفعت المُقاومة وتيرة عمليّاتها النوعيّة التي تندرج ضمن إطار سلسلة عمليّات خيبر، عبر توجيه ضربات مُركّزة ومدروسة للمراكز والمنشآت والقواعد الإسرائيلية الاستراتيجيّة والأمنيّة، بعمق وصل إلى 145 كلم داخل فلسطين المُحتلة، باستعمال الصواريخ والمسيّرات النوعيّة”.
وأوضح أن “هذه الإستهدافات المحددة والدقيقة والمدروسة تتم وفق برنامج واضح وإدارة وسيطرة تامة على مجريات الأمور الميدانية والتقدير المتأني لمجريات الأمور ومسار الجبهة وتدرجاتها. وصل عدد العمليّات في إطار سلسلة عمليّات خيبر منذ إنطلاقها في 01-11-2024، إلى 56 عملية، 18 منها خلال الأسبوع المنصرم. عدا عن تحقيق العمليّات لأهدافها العسكريّة، فإن أكثر من 2 مليون مُستوطن على مساحة أكثر من 5,000 كلم2، وبعمق وصل إلى 145 كلم داخل فلسطين المُحتلة، أُجبروا على الدخول إلى الملاجئ وإيقاف الدراسة والأعمال وحركة الملاحة الجويّة بشكل مُتكرر مع كل عمليّة تم تنفيذها”.
وشدد على أنه “تتصاعد سلسلة عمليّات خيبر وفق رؤية وبرنامج واضح، وإدارة وسيطرة عالية، تضمن القدرة على الوصول الفعّال إلى كافة الأهداف التي تُحددها قيادة المُقاومة”.
وأضافت غرفة عمليات حزب الله “على المُستوطنين الذين تم إنذارهم بضرورة إخلاء مُستوطناتهم عدم العودة إليها كونها تحولت إلى أهداف عسكرية نظراً لاحتوائها على مقرّات قياديّة، وثكنات ومصانع عسكريّة، ومرابض مدفعيّة وقواعد صاروخيّة، ومحطات للخدمات اللوجستيّة والأركانيّة للقوّات التي تعتدي على الأراضي اللبنانيّة.. إن الإنجاز الوحيد الذي حققه الجيش الإسرائيلي خلال ما يُطلق عليه مسمى “المناورة البريّة” هو فقط تدمير البيوت والبنى التحتيّة المدنيّة وتجريف الأراضي الزراعيّة في البلدات الحدوديّة”.
ورأت أن “الأسابيع الأخيرة ثبتت أن تشكيلات المُقاومة تمكنت من ترتيب هيكليتاها وبمختلف المستويات، وهذا ما يعكسه إرتفاع وتيرة عمليّات إطلاق الصواريخ والمُسيّرات الإنقضاضيّة على مُختلف الأهداف داخل الكيان المؤقت حتى تل أبيب.. إن مجاهدينا في الجبهة الأماميّة عند الحدود الجنوبيّة، وبفعل ضرباتهم الدقيقة والمُتكررة، وقدرتهم العالية على التصدي لتوغلات العدو وتدمير دباباته وآلياته، تمكنوا حتى الآن من إجبار قوّات العدو الإسرائيلي على المراوحة عند حدود قرى الحافة فقط، ومنعها من التقدّم باتجاه قرى النسق الثاني من الجبهة أو الإقتراب من مجرى نهر الليطاني”.
وقالت: “إن المقاومة الإسلاميّة وفي ذكرى أربعين شهيدها الأسمى والأقدس والأغلى، سماحة السيد حسن نصر الله قُدّس سرّه الشريف، تؤكد أنها على العهد والوعد، ستبقى وفية لدماء شهدائها وستمضي في تحقيق الأهداف التي ارتقوا من أجلها، وعلى رأسها رفعة وكرامة شعبها الأبي وحرية وسيادة بلدها، وهي تُعاهد أمينها العام سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله أنها ثابتة على درب الولاية حتى تحقيق النصر بإذن الله تعالى”.