لماذا انقسم الإطار الشيعي حول قانون إجلاء القوات الأمريكية من العراق؟
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
كشف إخفاق البرلمان العراقي، في عقد جلسة لمناقشة الهجمات الأمريكية على عدد من الفصائل المسلحة وقتل قادتها، عن إقسام واسع بين القوى السياسية الشيعية، خصوصا أنهم أعلنوا قبل انعقادها الاتفاق على تشريع قانون يجلي القوات الأجنبية من البلاد.
ولم يتمكن البرلمان العراقي، الاثنين، من تحقيق النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة، وذلك بسبب غياب نواب المكونين السني والكردي المعترضين على أي انسحاب أمريكي، إضافة إلى تخلّف غالبية الكتل الشيعية المنضوية ضمن الإطار التنسيقي عن الحضور.
لكن نواب الإطار التنسيقي- الذين لم يحضر منهم سوى 77 نائبا من نحو 190 نائبا- وجهوا انتقادهم إلى القوى السنية والكردية التي قاطعت الجلسة، بما فيها حلفاؤهم في الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل الطالباني، وكتلة العزم السنية برئاسة النائب مثنى السامرائي.
"نيّة مبيتة"
تعليقا على ذلك، تساءل المحلل السياسي العراقي، عصام حسين: "هل الإطار التنسيقي جاد في إخراج القوات الأمريكية، لأنه في عام 2021 بعد انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان، كانوا هم أول من اتفق مع الأمريكيين على إدارة الدولة؟".
وأوضح حسين لـ"عربي21" أن "الإدارة الأمريكية بعد ذلك، ضغطت على الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعض القوى السنية من أجل المشاركة في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بعدما كانت فيهم أصوات ترفض هذا الأمر خشية انقلابهم على الاتفاقات".
وتابع: "إذن المسؤول عن تشكيل الحكومة الحالية هي الإدارة الأمريكية، خصوصا أن الإطار التنسيقي كانت معظم كتله السياسية خاسرة في الانتخابات البرلمانية، باستثناء ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، والذي أقصي من المشهد ولديه مشكلات كبيرة من حكومة السوداني".
وأعرب حسين عن اعتقاده بأنه "لا يوجد انقسام داخل الإطار التنسيقي بقدر ما هو حرج من الطرف الأمريكي، لأنه كان اتفاق بينهما بعدم التعرض إلى المستشارين الأمريكيين في العراق".
ولفت إلى أن "الاتفاق بين الإطار والجانب الأمريكي، يقضي بأن يكون للولايات المتحدة حظوة اقتصادية وأمنية وعسكرية داخل العراق، لكن بعض الفصائل التابعة لإيران قصفت أماكن تواجد الأمريكيين بعد الحرب على غزة".
وأكد حسين أن "صدور أي قانون لإجلاء القوات الأمريكية يجب أن يأتي إلى البرلمان عن طريق الحكومة، أما ما يصدر من قرارات برلمانية في هذا السياق، كما حصل عام 2020 فهي غير ملزمة للحكومة".
وأردف: "ما صدر من قوى الإطار التنسيقي وحديثهم عن تشريع قانون لإجلاء القوات الأمريكية، هو إلا استعراض إعلامي لا أكثر، لأن هناك امتعاض من جمهورهم بسبب استهداف أمريكا لقيادات الحشد الشعبي".
ورأى حسين أن "الهدف من الجلسة كان لتعليق الخطأ على الأكراد والسنة، لأنه لم يكن أصلا هناك مشروع قانون لإجلاء القوات الأمريكية حتى يُقرأ في البرلمان، والدليل على ذلك أن الجلسات التي عقدت بعد ذلك لا يوجد في جدول أعمالها مناقشة مثل هذا القانون".
وأشار إلى أن "الجلسة التداولية حدثت لإدانة الأكراد والسنة والتهرّب من المسؤولية، لذلك كان الأمر مبيتا وجلسة البرلمان هدفها تضليلي، ذلك لأن الطرفين الكردي والسني أعلنوا صراحة وبدون نفاق موقفهم من إخراج القوات الأمريكية".
خلاف بالتوجهات
وفي المقابل، قال أستاذ الإعلام في العراق، غالب الدعمي، إن "الأغلبية الشيعية مع إخراج القوات الأمريكية، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها بعض من يحسب على فصائل المقاومة، لذلك هم (النواب الشيعة) كانوا حاضرين، إلا أن ما حال دون دخولهم للجلسة هو عدم رغبتهم بالتصويت وإخراجهم بهذا الشكل".
وأكد الدعمي لـ"عربي21" أن "غالبية القوى الشيعية تريد إخراج القوات الأمريكية بشكل لا يزعج الولايات المتحدة، لأنه يعرفون جيدا أن إخراجهم بطريقة قسرية يؤدي إلى نتائج سلبية على العراق".
وأوضح أن "قوى بدر وائتلاف دولة القانون وتيار الحكمة داخل الإطار التنسيقي، يعتقدون أن إخراج القوات الأمريكية بشكل قسري يضر البلد كثيرا، وهم يعللون ذلك بوجود مليارات الدولارات عند البنك الفيدرالي قد ترفع واشنطن الحماية عنها، وبالتالي يفقد العراق كل أمواله".
وشدد الدعمي أن "الذي يدعم أي قرار متسرّع في إخراج القوات الأمريكية من دون النظر إلى مصلحة العراق العليا فإنه لا يفكر بالبلد، ولا ينفذ أي أجندة عراقية أيا كانت هذه القوى، لذلك لابد من اعتماد الحوار الذي تتبناه الحكومة العراقية حصرا".
وبيّن أستاذ الإعلام أن "الحكومة العراقية هي الأولى بأن تتحاور مع الجانب الأمريكي حتى لو استمر الحوار مدة عام أو أربع أعوام، فإن المهم أن تتحول العلاقة طبيعية بين العراق والولايات المتحدة".
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة ترى أن محاولة إخراج قواتها حاليا هو إرضاء لإيران وليس من أجل السيادة العراقية، لذلك هي منزعجة جدا، وبالتالي يمكن أن يؤدي هذا الانزعاج إلى الإضرار بالاقتصاد العراقي".
وعلى ضوء فشل انعقاد البرلمان، قالت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية في بيان لها، الاثنين، إنها تقدّر موقف النواب الذين لم يحضروا إلى الجلسة، وأن هذا الأمير سيكون "عاملا إضافيا ودافعا يحفزنا على العمل الجاد لتحرير القرار السياسي".
ووجّه رئيس البرلمان بالإنابة، محسن المندلاوي، بقطع مليون دينار عراقي (650 دولارا) عن مرتّب كل نائب تغيّب عن حضور جلسة الاثنين، إضافة إلى نشر أسماء جميع النواب المتغيبين على وسائل الإعلام.
ودعا المندلاوي، حكومة بلاده إلى "تنفيذ قرار البرلمان عام 2020، المتعلق بإخراج القوات الأجنبية وإنهاء مهامها في البلاد. بناء على تطور القدرات الأمنية العراقية وعدم وجود أي اتفاقية جديدة مع القوات الأجنبية توجب البقاء".
وفي 5 كانون الثاني/ يناير 2020، صوت البرلمان العراقي على قرار يقضي بإنهاء تواجد القوات الأجنبية، وذلك ردا على مقتل، قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، بغارة جوية نفذتها الولايات المتحدة قرب مطار بغداد الدولي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراقي البرلمان العراقي العراق امريكا البرلمان العراقي الجيش الأمريكي التحالف الدولي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إخراج القوات الأمریکیة الإطار التنسیقی القوات الأجنبیة
إقرأ أيضاً:
ما أهمية التعداد السكاني في رسم مشهد الاقتصاد العراقي؟
بغداد– أعلنت وزارة التخطيط العراقية في 24 فبراير/شباط الماضي نتائج التعداد العام للسكان، مشيرة إلى أن عدد سكان العراق بلغ 46 مليونا و118 ألف نسمة.
وبينت الوزارة أن سكان العراق حسب الحالة الزوجية:
متزوج بنسبة 54.3% وأعزب بنسبة 41.62% مطلق بنسبة 1.28% أرمل بنسبة 2.8%.وبينت الوزارة أن نسبة 60.44% من سكان العراق هم من فئة سن العمل (15-64 سنة)، وأن 70.17% من سكان العراق يعيشون في الحضر، و29.83% في الريف.
ويبلغ معدل الخصوبة الكلي في العراق 3.9%، بينما ينخفض في إقليم كردستان إلى 3.5%.
ونسبة الأمية في العراق بين السكان (10 سنوات فأكثر) تبلغ 15.31%، وترتفع في إقليم كردستان إلى 16.23%.
وأعلنت الوزارة الأربعاء 27 فبراير/شباط نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق، حيث أشارت إلى تراجع نسبة الفقر في العراق إلى 17.5% عما كانت عليه عام 2018 إذ بلغت حينها 20.05%.
ويشير مختصون إلى أن التعداد السكاني في العراق يمكن أن يلعب دورا مهما في معالجة التحديات المتعلقة بالبطالة والفقر، فمن خلال البيانات المستخلصة من التعداد، تستطيع الحكومة التعرف على المناطق التي تعاني من مستويات عالية من البطالة والفقر، وتوجيه الموارد بشكل مباشر لتحفيز التنمية وتوفير فرص العمل في تلك المناطق.
وأكد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن نتائج التعداد السكاني سيكون لها أثر كبير في تعديلات الموازنة مستقبلا، إذ ستؤدي إلى توجيه المشاريع نحو الأقضية والنواحي والمحافظات بشكل أكثر دقة، فضلا عن أهميتها في التوزيع الدقيق للمشاريع الخدمية لمناطق العجز والحاجة.
إعلانوأوضح الهنداوي في حديث للجزيرة نت أن نتائج التعداد تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للتنمية في العراق، لأنها تعطي صورة واضحة بتفاصيل كاملة عن المشهد العراقي، وبناء على هذه الصورة، أصبح من السهل تشخيص الفجوات التنموية في كل القطاعات، مشيرا إلى أن هذه البيانات التفصيلية ستساعد المخططين وصانعي السياسة ومتخذي القرار في توجيه مسارات التنمية والمشاريع نحو ردم تلك الفجوات التنموية بناء على التمركزات السكانية، وأيضا بناء على ما تم تشخيصه من خلل في هذا القطاع أو ذاك.
وأضاف الهنداوي أن هذه البيانات ستساعد الباحثين والدارسين في بحوثهم ودراساتهم التي يمكن الاستفادة منها في عملية دعم التنمية.
وبشأن إعلان نتائج التعداد لكل محافظة، بيّن الهنداوي أنه سيتم بالتأكيد الإعلان عن نتائج عدد السكان على مستوى المحافظات والأقضية والنواحي، ولكن هذا التأخير كان بسبب عملية التدقيق لبعض المناطق، لا سيما المناطق المتنازع عليها، لأن أحد الأهداف الأساسية للتعداد هو ضمان عدالة توزيع الواردات بين المحافظات وفقا للأحجام السكانية لكل محافظة.
وفيما يتعلق بالتعديل للموازنة وتخصيصات المحافظات، أوضح الهنداوي أنه سيتم الاستفادة بشكل عالي المستوى من مخرجات التعداد بناء على ما أظهره من نتائج تتعلق بعدد السكان، منوها إلى أن عملية التوزيع أو حصص المحافظات من الموازنة العامة للدولة ستذهب بمدى أبعد من كون التعامل على مستوى المحافظة، إنما سيكون هناك معرفة لأحجام السكان على مستوى القضاء والناحية.
وضع الخطط الإستراتيجيةوأكد حسين السعبري نائب رئيس لجنة الاستثمار بالبرلمان العراقي الأهمية الكبيرة لنتائج التعداد السكاني التي تم الإعلان عنها مؤخرا، مشيرا إلى أنها تمثل قاعدة بيانات حيوية يمكن الاعتماد عليها في وضع الخطط الإستراتيجية والخمسية للمستقبل.
واستبعد السعبري في حديثه للجزيرة نت إمكانية إجراء تعديلات على الموازنة الحالية استنادا إلى هذه النتائج، موضحا أن تأثيرها سيكون أكثر وضوحا في الموازنات القادمة.
وأوضح السعبري أن التعداد السكاني يوفر معلومات دقيقة حول عدد السكان وتوزيعهم الديموغرافي، مما يساعد في تحديد الاحتياجات الفعلية للمواطنين وتخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية، مشيرا إلى أن هذه البيانات ستكون مفيدة بشكل خاص في تحديد الفرص الاستثمارية المتاحة، حيث يمكن من خلالها تحديد القطاعات التي تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات لخلق فرص عمل وتنمية الموارد البشرية.
إعلانوفيما يتعلق بدور مجلس النواب، أكد السعبري أهمية قيام اللجان المختصة بإعداد دراسات شاملة بالتعاون مع الخبراء والمتخصصين، بهدف الاستفادة القصوى من نتائج التعداد في وضع سياسات تساهم في تقليل مستويات الفقر والتضخم، ودعم القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة.
وأشار إلى أن توفر بيانات مفصلة وواضحة يتيح لمجلس النواب فرصة كبيرة لتحسين المستوى المعيشي والاجتماعي للمواطنين، مؤكدا ضرورة أن "يكون للمجلس بصمة واضحة في هذا المجال من خلال تفعيل دور لجانه المختصة".
وقال الخبير الاقتصادي أحمد الأنصاري إن التعداد السكاني كان له تأثير مباشر على توجيه الحكومة لتحديد نوع وحجم المشاريع في الخطط المستقبلية، مبينا أن التعداد أظهر نسبة الشباب المرتفعة في المجتمع العراقي، وهو ما سيسهم بشكل كبير في تحديد نوعية وطبيعة المشاريع التي سيتم العمل عليها في المرحلة المقبلة.
وبين الأنصاري، في حديثه للجزيرة نت، أن نتائج التعداد السكاني لها دور أساسي في التخطيط والتنمية وصياغة السياسات الاقتصادية لأي بلد، مشيرا إلى أن لها فوائد وتأثيرات عديدة، منها التخطيط للتنمية والخدمات العامة، والتأثير على الاقتصاد والسوق، والتخطيط للموارد والتوزيع العادل للثروة، وجذب الاستثمارات، والسياسات السكانية.
وأوضح أن التعداد يحدد الفئات العمرية المختلفة، مثل فئة الأطفال وكبار السن والطبقة العاملة، مؤكدا أن هذه التأثيرات يمكن الاستفادة منها في وضع خطط للتنمية ومستقبل الاقتصاد.
وأشار إلى أن مجموعة من الأرقام البارزة ظهرت في التعداد السكاني، والتي بينت أن العدد الأكبر يمثل الشريحة العاملة، أي فئة الشباب من مقتبل العمر حتى سن الستين، وأن هذه النسبة ظهرت كبيرة، وتعادل 60% أو أكثر.
إعلانوذكر أن التعداد السكاني بين عدد السكان ومعدل النمو السكاني، وتوزيع الفئات العمرية، ونسبة القوى العاملة، ومعدلات البطالة، والتوزيع الجغرافي للسكان، ومعدلات الهجرة الداخلية والخارجية، ومعدل مستوى التعليم، وعدد الذين يعانون من الأمية، ومتوسط دخل الأسر، ومستويات الفقر، ونسبة المناطق التي تحتاج إلى خدمات وتطوير.
وأضاف أن التعداد السكاني كان له تأثير مباشر على توجيه الحكومة لتحديد نوع وحجم المشاريع في الخطط المستقبلية، لأنه وفر بيانات دقيقة عن السكان ومستويات معيشتهم، مما سيساعد في توجيه الاستثمارات بشكل أكثر فاعلية، وتحديد أولويات المشاريع حسب الكثافات السكانية لكل منطقة.
وتابع أن التعداد ساعد في تحديد مشاريع البنية التحتية التي تحتاجها المناطق، وتطوير الإسكان والمرافق العامة، ودعم قطاعي الصحة والتعليم، وتحفيز مشاريع النقل والمواصلات، وتوفير النقل الجماعي، ومعرفة الكثافة السكانية لتوفير بدائل لفك الاختناقات المرورية، ودعم المناطق الاقتصادية والإسكانية والصناعية.
وختم الأنصاري تصريحه بالقول إن الحكومة ستستفيد من بيانات التعداد لتلبية الاحتياجات الفعلية لكل منطقة، ودعم التنمية المستدامة في المناطق ذات النمو السكاني المرتفع.