تحذيرات من استخدام الذكاء الاصطناعي في القرصنة الإلكترونية
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
كشفت مايكروسوفت وأوبن إيه آي اليوم أن المتسللين يستخدمون بالفعل نماذج لغوية كبيرة المعروفة اختصارا بـ"إل إل إم إس" (LLMs) مثل شات جي بي تي لتحسين هجماتهم الإلكترونية الحالية وتحسينها، بحسب موقع ذي فيرج.
ففي بحث منشور حديثا، اكتشفت مايكروسوفت وأوبن إيه آي محاولات من قبل مجموعات مدعومة من روسيا وكوريا الشمالية وإيران والصين باستخدام أدوات مثل شات جي بي تي للبحث في الأهداف، وتحسين النصوص البرمجية، والمساعدة في بناء تقنيات الهندسة الاجتماعية.
وتقول مايكروسوفت في مدونة: "تقوم مجموعات الجرائم الإلكترونية، والجهات الفاعلة التي تهدد الدول، وغيرهم من الخصوم، باستكشاف واختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة عند ظهورها، في محاولة لفهم الميزات المحتملة لعملياتهم والضوابط الأمنية التي قد يحتاجون إليها للتحايل".
وأضافت مايكروسوفت أنه "تبين أن مجموعة سترونتيوم المرتبطة بالمخابرات العسكرية الروسية، تستخدم نماذج اللغة الكبيرة والمعروفة لفهم بروتوكولات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وتقنيات التصوير الراداري، ومعايير تقنية محددة".
وكانت مجموعة القرصنة المعروفة أيضا باسم "إيه بي تي 28" أو "فانسي بير"، نشطة خلال حرب روسيا في أوكرانيا، وشاركت سابقا في استهداف حملة هيلاري كلينتون الرئاسية في عام 2016، وفقا لما ذكره موقع ذي فيرج.
كما تَستخدم المجموعة أيضا نماذج اللغة الكبيرة للمساعدة في "مهام البرمجة النصية الأساسية، بما في ذلك معالجة الملفات، واختيار البيانات، والتعبيرات العادية، والمعالجة المتعددة، لأتمتة العمليات الفنية أو تحسينها"، وفقا لمايكروسوفت.
وبحسب موقع "ذي فيرج"، تستخدم مجموعة القرصنة الكورية الشمالية المعروفة باسم ثاليوم نماذج اللغة الكبيرة، للبحث عن نقاط الضعف المبلّغ عنها علنا، واستهداف المنظمات للمساعدة في مهام البرمجة النصية الأساسية، وصياغة محتوى لحملات التصيد الاحتيالي.
وتقول مايكروسوفت إن المجموعة الإيرانية المعروفة باسم كوريوم تستخدم أيضا نماذج اللغة الكبيرة لإنشاء رسائل بريد إلكتروني للتصيد الاحتيالي وحتى تعليمات برمجية لتجنب اكتشافها بواسطة تطبيقات مكافحة الفيروسات. ويستخدم المتسللون الصينيون التابعون للدولة أيضا نماذج اللغة الكبيرة للبحث والبرمجة والترجمات وتحسين أدواتهم الحالية.
وكانت هناك مخاوف إزاء استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات الإلكترونية، لا سيما مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "وُرم جي بي تي" و"فرويد جي بي تي" للمساعدة في إنشاء رسائل البريد الإلكتروني الضارة وأدوات الاختراق.
كما حذر مسؤول كبير في وكالة الأمن القومي الشهر الماضي من أن المتسللين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لجعل رسائل البريد الإلكتروني التصيدية الخاصة بهم تبدو أكثر إقناعا.
ولم تَكتشف مايكروسوفت وأوبن إيه آي أي "هجمات كبيرة" حتى الآن، لكن الشركتين قامتا بإغلاق جميع الحسابات والأصول المرتبطة بمجموعات القرصنة هذه.
وتقول مايكروسوفت: "في الوقت نفسه، نشعر أنه من المهم نشر هذا البحث لكشف التحركات التدريجية في المراحل المبكرة التي نلاحظ قيام جهات فاعلة معروفة بالتهديد بها، ومشاركة المعلومات عن كيفية حظرنا ومواجهتهم مع مجتمع المدافعين".
وبينما يبدو استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات الإلكترونية محدودا في الوقت الحالي، فإن مايكروسوفت تحذر من حالات الاستخدام المستقبلية مثل انتحال الهوية الصوتية.
وبطبيعة الحال، تستخدم مايكروسوفت الذكاء الاصطناعي للرد على هجمات الذكاء الاصطناعي. يقول مدير تحليلات في مايكروسوفت هوما هاياتيفار: "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المهاجمين على تحقيق المزيد من التطور في هجماتهم، ولديهم الموارد اللازمة لتنفيذها.. لقد رأينا ذلك مع أكثر من 300 جهة تهديد تتعقبها مايكروسوفت، ونحن نستخدم الذكاء الاصطناعي للحماية والكشف والاستجابة".
وتقوم مايكروسوفت ببناء سيكيورتي كوبايلوت، وهو مساعد جديد للذكاء الاصطناعي صُمم لمتخصصي الأمن السيبراني لتحديد الخروقات وفهم الكميات الهائلة من الإشارات والبيانات التي يجري إنشاؤها من خلال أدوات الأمن السيبراني يوميا بشكل أفضل.
وتقوم شركة البرمجيات العملاقة أيضا بإصلاح أمان برامجها في أعقاب الهجمات السحابية الكبرى على آزور، وحتى تجسس المتسللين الروس على المديرين التنفيذيين لشركة مايكروسوفت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی جی بی تی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر
#الذكاء_الاصطناعي والدخول إلى #خصوصيات_البشر
أ.د رشيد عبّاس
منذُ أكثر من عامين كنتُ قد كبتُ أكثر من مقال حول الذكاء الاصطناعي من حيث تقنيته وخوارزمياته, ومن حيث أقسامه وادواته وآليات عمله, وصولاً إلى تطبيقاته المتنامية في جميع جوانب الحياة البشرية, وتوقفتُ عند خطورة الجانب الأخلاقي له ببعديه المادي والمعنوي على حياة البشر.
تبدو خطورة الذكاء الاصطناعي من عدم وجود تشريعات وقوانين ضابطة له, الأمر الذي جعل مبدأ المسائلة معطّل تماماً, وجعل أيضاُ انضباط الجانب الأخلاقي والجانب الإنساني في هذا الذكاء منعدم إلى حد ما, فضلاً عن خصوصية حياة البشر باتت متاحة وتحت رحمة التحول الرقمي لخوارزميات ولوغرتمات الذكاء الاصطناعي وأقتراناته الاسية.
مقالات ذات صلة نجاح اداره البنك المركزي في حمايه الائتمان المالي ودعم بيئهً الاستثمار في الاردن 2025/03/15لقد تجاوز الذكاء الاصطناعي كونه قادراً على التحكم في جميع شؤون مجالات حياة البشر, وقادراً على احتلال آلاف الوظائف التي كان وما زال يقوم بها البشر والتي تُنذر بالاستغناء عن هؤلاء البشر, لنصل بعد ذلك ومن خلال الجيل الخامس من هذا الذكاء إلى نقطة مُقلقة تتمثل بضرب البشر بعضهم ببعض اجتماعياً, واختراق خصوصياتهم دون أية مراعاة للجانب الأخلاقي والإنساني سواء بسواء.
رواد الذكاء الاصطناعي (إيلون ماسك, سام إلتمان, جفري هينتون,..) وصولوا إلى نقطة خطيرة للغاية تتمثل في إمكانية أن تعطي الروبوتات أوامر معينة لبعضها البعض دون تدخل البشر فيها, وأبعد من ذلك وصولوا إلى مرحلة متقدمة في توجيه طائرات الدراون تعليمات معينة لبعضها البعض في غياب تحكم البشر فيها.. وفي نفس الوقت أبقوا على الجانب الأخلاقي والجانب الإنساني دون تشريعات وقوانين ناظمة تحترم وتراعي خصوصيات البشر, بالذات في الجانب الشعوري للإنسان, الأمر الذي فتح الباب على مصرعيه أمام الكثيرين للدخول إلى خصوصيات البشر وأسرارهم والتلاعب فيها كإضافة أو حذف محتوى معين, أو تشوية الصوت والصورة, وذلك من خلال التلاعب في تركيب الاصوات والصور معاً.
اليوم ومن خلال خوارزميات ولوغرتمات الذكاء الاصطناعي وأقتراناته الأسية قد تشاهد فيديو لزوجتك في سرير رجل غريب, وقد يُنقل عنك عبر فيديو حديث غير لائق لم تقله عن شخص ما, وقد تشاهد فيديو لمشاجرة أب لك مع جار له, وأكثر من ذلك قد تشاهد حادث اصطدام سيارة ابنك في عمود كهرباء, لا بل هناك امكانية خوارزميات ولوغرتمات الذكاء الاصطناعي وأقتراناته الاسية أن تشاهد بنتك تغني بلباس فاضح على مسرح كبير يعج بالحضور من الرجال في احد المناسبات.
الأمر قد يبدو هنا مضحكاً, فقد يأتوا بمذيع اخبار معروف ويجعلوه يعلن خبر مزعج ويترتب عليه مشاكل اجتماعية عديدة, وقد يجعلوك تقود سيارة نفايات في احدى المدن وتتوقف عند الحاويات فيها, ثم هناك امكانية عالية لدى الذكاء الاصطناعي بجعلك جزاراً تقوم بتقطيع اللحوم وبيعها على الزبون, وقد يأتوا بصاحب عمامة كبيرة ليفتي بقضية عليها خلاف ديني معين.. نعم قد يجعلوا منك رجلاً متسولاً في احدى الزقاق.
والحال هكذا سيجد العالم نفسه أمام ذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إيقاع الفتن بين أفراد البشر حاكمين ومحكومين وضربهم ببعضهم البعض دون أية ضوابط تُذكر, والعمل على اختراق خصوصياتهم دون أية مراعاة للجانب الأخلاقي والإنساني في ذلك, في الوقت الذي فيه ما هو عيب/ مُحرّم في مكان ما, قد يكون ليس عيباً/ ومُحلّل في مكان ما آخر.
ولعدم وجود تشريعات وقوانين ناظمة للذكاء الاصطناعي ستكون المجتمعات أمام مشكلات وخلافات اجتماعية وأيدولوجية عديدة, يصعب إيجاد حلول لها, وللخروج من هذه التحديات, لا بد من تفعيل مبدأ المساءلة, في ظل وجود تشريعات وقوانين ناظمة, تحترم خصوصيات البشر, وتراعي الجانب الأخلاقي والجانب الإنساني لهم.. كيف لا والذكاء الاصطناعي سيكون عابر لجميع المجتمعات, في الوقت الذي فيه خصوصية اجتماعية وأيدولوجية لكل مجتمع من هذه المجتمعات.