تخيم عملية إبادة قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بوساطة آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة أمريكيا، على واشنطن بين بحث عن العدالة لطفلة قتلها إسرائيل بدم بارد ومساعٍ لتجنب مجاعة وشيكة تهدد 2.4 مليون فلسطيني.

هذه الصورة المأساوية رسمها ريان جريم، في تقرير بموقع "ذا إنترسبت" الأمريكي (The Intercept) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى قصة مقتل الطفلة الفلسطينية هند رجب (6 سنوات) بنيران إسرائيلية.

وقال جريم إنه في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، صعدت هند إلى سيارة مع خالتها وعمها وأبناء عمومتها، بحثا عن مكان آمن، لكنهم تعرضوا لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي، فاتصلت ابنة عمها بالهلال الأحمر طالبة إنقاذهم، لكن انقطعت المكالمة بعد أن قُتلت مع بقية أفراد العائلة.

وتابع: لم تبق على قيد الحياة إلا هند، فاتصلت بالهلال الأحمر مجروحة متوسلة لإنقاذها، وبعد أن منحت إسرائيل رجال الإسعاف الفلسطينيين الإذن، انطلق اثنان منهم بحثا عن هند، لكن بعد أيام من مصير مجهول عثُر على هند ورجلا الإسعاف قتلى.

وأردف: "أسرت حياة هند وموتها وشجاعتها وخوفها العالم أجمع، وكان مقتلها جريمة حرب، ولا يستطيع الجيش الإسرائيلي التنصل من مسؤوليته، فقد كان على تواصل مع الهلال الأحمر، وبالتالي يعرف الإحداثيات الدقيقة لإنقاذ طفلة صغيرة".

اقرأ أيضاً

أكسيوس: سموتريتش يعرقل دخول شحنة طحين ممولة أمريكيا إلى غزة بسبب الأونروا

أسلحة أمريكية قاتلة

وخلال مؤتمر صحفي أول أمس الإثنين، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: "طلبنا من السلطات الإسرائيلية التحقيق في الحادث بشكل عاجل، ونتوقع أن نرى تلك النتائج في الوقت المناسب وأن تتضمن إجراءات المساءلة".

وتحدث صحفي عن أن الأسلحة الأمريكية يبدو أنها متورطة في مقتل هند، وسأل عما إذا كان ذلك مصدر قلق لواشنطن، فأجابه ميلر: "بغض النظر عن الأسلحة التي استُخدمت، فلا ينبغي أن يحدث ذلك".

ومشككا في احتمال تحقيق إسرائيل جديا في قتل هند، سأل مات لي، مراسل وكالة "أسوشيتد برس" عما إذا كانت الخارجية قد حصلت على أي نتائج بعد أن طالبت إسرائيل بالتحقيق في تفجير مقر الجامعة الإسلامية بغزة، فرد ميلر بأنهم لم يحصلوا على أي نتائج.

وهنا قال جريم متوجها إلى ميلر: "وجهة نظر مات هي أنك دعوت إسرائيل إلى إجراء الكثير من التحقيقات والمساءلة، لكن ليس لدينا دليل على أن تل أبيب تفعل ذلك".

وأجاب ميلر: "لا أستطيع أن أعد بالكثير، لكن يمكنني أن أعد بأننا لن ندع هذا الأمر يهدأ".

وبحسب جريم فإنه "لو لم يحرق الجيش الإسرائيلي سيارة الإسعاف التي أُرسلت لإنقاذ هند، لكانت لا تزال تواجه تحدي المجاعة".

اقرأ أيضاً

أكسيوس: سموتريتش يعرقل دخول شحنة طحين ممولة أمريكيا إلى غزة بسبب الأونروا

أطفال يموتون جوعا

وفي اليوم نفسه الذي عُقد فيه المؤتمر الصحفي، ألقى السيناتور الديمقراطي كريس هولين، خطابا استثنائيا في قاعة مجلس الشيوخ، انتقد فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتعمدها منع المساعدات عن المدنيين الفلسطينيين.

وزار هولين والسناتور جيف ميركلي الجانب المصري من معبر رفح البري مع غزة، قبل حوالي خمسة أسابيع، وعاد غاضبا من مماطلة إسرائيل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي تحاصره منذ 17 عاما.

وفي قاعة المجلس، قال هولين إنه سمع مؤخرا تقارير تفيد بأن الأطفال أصبحوا الآن يموتون من الجوع.

وأرسل هولين رسالة نصية إلى رئيسة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، وسألها عما إذا كانت الشائعات صحيحة، فرد: "هذا صحيح، فنحن غير قادرين على الحصول على ما يكفي من الغذاء لإبعاد الناس عن حافة المجاعة الوشيكة".

هولين تابع: "الأطفال في غزة يموتون الآن بسبب الحرمان المتعمد من الطعام، وهذه جريمة حرب، ما يجعل مرتكبيها مجرمي حرب".

وعلى الرغم من ذلك صوّت هولين لصالح إرسال نحو 14 مليار دولار إلى إسرائيل؛ لأن مشروع القانون يتضمن أيضا 60 مليار دولار لجهود الحرب في أوكرانيا والمساعدات الإنسانية للسودان وغزة وأوكرانيا وتايوان، بقيمة إجمالية 95 مليار دولار.

وحتى مع تصويته مرغما لصالح دعم مَن وصفهم بـ"مجرمي الحرب" (قادة إسرائيل)، شدد هولين على أن أموال المساعدات لن تكون ذات قيمة للفلسطينيين، إذا لم يسمح نتنياهو بدخولها، مناشدا بايدن الضغط عليه.

اقرأ أيضاً

استشهاد مسعفين فلسطينيين في قصف سيارة إسعاف بغزة.. نهاية حزينة لقصة الطفلة هند

المصدر | ريان جريم/ ذا إنترسبت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة هند رجب مجاعة إسرائيل أمريكا أسلحة

إقرأ أيضاً:

نسرين مالك: إجماع متزايد على ارتكاب إبادة جماعية في غزة.. ماذا بعد؟

قالت الكاتبة في صحيفة "الغارديان"البريطانية، نسرين مالك، إن هناك إجماعا متزايدا على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في غزة، حيث أكدت منظمات دولية مثل "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" وجود أدلة قانونية دامغة على هذه الجرائم.

وتابعت أنه رغم إصدار مذكرات توقيف ضد قادة إسرائيليين (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت)، إلا أن الاستجابة الدولية تبدو ضعيفة، مع استمرار الدعم العسكري والسياسي من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، رغم أن تقارير المنظمات الحقوقية تُظهر حجم المعاناة الإنسانية الهائلة، من قتل وتعذيب وتجويع وتدمير، موثقة بشهادات عسكرية وإعلامية تؤكد وقوع تطهير عرقي وانتهاكات جسيمة.



وأكدت الكاتبة أنه "مع استمرار الحرب، تُعتبر توثيق الجرائم وسرد قصص الضحايا وسائل للمقاومة والحفاظ على الحقوق أداة مهمة لمنع طمس الفظائع وضمان تحقيق العدالة في المستقبل".

وتاليا المقال كاملا كما ترجمته "عربي21":

لربما بدا الأمر ميؤوساً منه ونحن نرى الدول الداعمة تستمر في مساندة ‏إسرائيل، إلا أن الشهادة على ذلك ذات أهمية بالنسبة للمحاسبة في المستقبل



ها هو الإجماع يتشكل. في الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، خلصت منظمة ‏العفو الدولية بعد إجرائها تحقيقاً بأن "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، وأنها ما ‏تزال مستمرة في ارتكابها لها، ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل." بعد ‏بضعة أيام، صرح المركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية بأنه بعد ‏البحث والتحليل، خلص إلى أنه "يوجد دليل قانوني راجح على أن إسرائيل ‏ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة." ‏

وبعد ذلك ببضعة أيام أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أن "السلطات ‏الإسرائيلية تتحمل المسؤولة عن ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، ألا وهي ‏الاستئصال، وعن أفعال إبادة جماعية. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن الفرق ‏الطبية التابعة لها في شمال غزة "ترى أدلة واضحة على التطهير العرقي." ‏وقبل ذلك في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، خلصت منظمة هيومن رايتس ‏ووتش كذلك إلى أن أفعال إسرائيل في غزة ترقى إلى "جرائم حرب" وإلى ‏‏"جرائم ضد الإنسانية"، ويبدو أنها "تنسجم كذلك مع تعريف التطهير العرقي."‏

بعد إصدار مذكرات توقيف بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت من قبل ‏المحكمة الجنائية الدولية، كذلك في نوفمبر (تشرين الأول)، بتهمة ارتكاب جرائم ‏حرب وجرائم ضد الإنسانية، تختم جميع هذه الأحكام السنة بتصنيف قطعي ‏للهجوم على غزة باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي. وبذلك ينضمون إلى الهيئة ‏الدولية للقضاة وإلى الأمم المتحدة في إدانة الحرب التي تشنها إسرائيل. إذن، ‏طبقاً للمحاكم ولمنظمات حقوق الإنسان، التي تمثل السلطات القانونية والأخلاقية ‏على المستوى الدولي، غدا البلد ورئيسه خارجين على القانون. ‏

إلا أن الأحكام، واللغة القوية، والإجراءات المقترحة لا تزيد عن كونها صرخة ‏في واد.  فلا يوجد إنفاذ لأي إجراءات. بل تستمر الولايات المتحدة في الدفاع ‏عن إسرائيل في مواجهة الإجماع العالمي الآخذ في التشكل، وتستمر في ‏تسليحها. أما الداعمون الآخرون فيستخدمون لغة الثغرات القانونية والألغاز التي ‏تعودنا على سماعها منذ بداية الحرب.

علقت بريطانيا جزءاً صغيراً من ‏صادرات أسلحتها، إلا أنها تصر على أنها تبقى "حليفاً قوياً" للبلد وأنها سوف ‏تستمر في التواصل والتعامل مع نتنياهو، ولكنها مع ذلك تذعن، بشكل ما، لما ‏عليها من التزامات قانونية. أما فرنسا فخرجت بقراءة قانونية مثيرة، حيث ‏صرحت بأن نتنياهو في الواقع يتمتع بالحصانة نظراً لأن إسرائيل غير موقعة ‏على المحكمة الجنائية الدولية (وهي قراءة يمكن أن تمنح الحصانة كذلك إلى ‏فلاديمير بوتين وإلى عمر البشير). ‏

في هذه الأثناء تتراكم المزيد من الأدلة على أن غزة تتعرض ليس فقط لهجوم ‏ينتهك القانون وينتهك حقوق الإنسان، بل لهجوم تاريخي. فطبقاً لمنظمة ‏‏"الحروب الجوية"، وهي منظمة تهتم برصد الضحايا المدنيين، "فإن الضرر ‏الذي لحق بالمدنيين منذ الشهر الأول للحملة الإسرائيلية في غزة، وبكل ‏المقاييس، لا يشبه أي حملة جوية أخرى وقعت خلال القرن الحادي والعشرين." ‏تعضد هذا المشهد الناجم عن عدة أسابيع من الجهود البحثية اعترافات وشهادات ‏أفراد الجيش الإسرائيلي. فقد نشرت صحيفة هآرتس يوميات جنود إسرائيليين ‏خدموا في غزة، يقولون فيها إن المدنيين، وحتى الأطفال، يتم التعامل معهم ‏كمحاربين. حتى أن منظومة القتل التعسفي والتنافسي وُصفت بأنها أشبه ‏‏"بالغرب الجامح وهو يتعاطى المنشطات." ‏

لا توثق هذه التوصيفات فقط أساليب الاشتباك القانونية والعسكرية، بل وتوفر ‏تفاصيل تتعلق بما لا يخطر ببال من أعمال القتل والتجويع والأذى والتعذيب، ‏والمعاناة النفسية. ‏

تكشف هذه التحقيقات عن أشكال الألم التي يمكن أن تُلحق بالسكان المدنيين. ‏أجساد صغيرة محطمة، جثث متعفنة، جثث سويت بها الأرض، قبور جماعية، ‏أحياء مدمرة بالكامل، والأسى والحزن على فقد الأحبة. إنها مشهد الذبح. وكل ‏ذلك يحصل أمام الجميع، نقلاً على الهواء المباشر أو يدونه المواطنون ‏والصحفيون الفلسطينيون، يشهده عليه الغرباء، ويصفه الإسرائيليون أنفسهم في ‏يومياتهم. ‏




بالرغم من الدليل الساحق الذي شهدناه بأنفسنا، إلا أن شيئاً لم يتغير. بل تستمر ‏الحرب. وما يبدو أنها إنجازات، مثل أول جلسة استماع تعقدها محكمة العدل ‏الدولية، تبدو الآن مجرد تمارين في الملاحظة. إنه لأمر مربك للغاية، بل ‏وساحق، أن يشعر المرء بأن الفاعلين، بغض النظر عن مستوى التجاوزات ‏التي يرتكبونها، لن يوقفوا عند حدهم ولن يحاسبوا. ‏

إلا أن الإخفاق ليس في توصيف ما يجري في غزة. بل الإخفاق، كما كتبت لينا ‏منذر تقول، هو "البنية الدونية المتعفنة للعالم الذي من المفروض أن تستخدم فيه ‏اللغة." يكمن الخطر الآن في أن الفلسطينيين يموتون مرتين، مرة في الواقع ‏المادي ومرة في الواقع المعنوي، حيث يتسبب الأقوياء بتلاشي المعايير التي ‏ترسم معالم العالم الذي نعرفه. من خلال رفضهم حتى تقبل تصنيفات الإبادة ‏الجماعية والتطهير العرقي، ناهيك عن اتخاذ إجراء إزاءها، يفرض حلفاء ‏إسرائيل التكيف على العالم، وبعد ذلك يصبح ببساطة مقبولاً أن الحقوق لا تمنح ‏من قبل الإنسانية، بل من قبل الأطراف التي تقرر من هو الإنسان. ‏

ولهذا ينبغي أن يستمر السخط، حتى وإن اختزل في أخذ الملاحظات وكتابة ‏التقارير. أياً كانت الألاعيب اللغوية التي تمارس عبر المنابر في كل أنحاء ‏أوروبا والولايات المتحدة، توثق هذه التقارير حقيقة أن جريمة تُرتكب. لئن ‏تحولت حقوق الذين يعيشون في غزة إلى غبار على سطح الأرض، إلا أنها ‏تظل محفوظة في السجل العام. وحينما تنتهي الحرب، سوف تمنع هذه التقارير، ‏أو على الأقل تسوي، محاولات إعادة كتابة التاريخ ونفي الفظاعات. ‏

وبينما تستمر عملية القتل، إن الذي يحول دون تحولها إلى الجريمة المثالية هو ‏أن الناس باقون في المشهد، يقولون بأعلى صوت لديهم إنها جريمة قتل، ‏ويشيرون بأصابعهم إلى المجرم، ثم يتلون أسماء الموتى، ويرثونهم، وينظمون ‏اللقاءات لإحياء ذكراهم، ويحمون بكل قوة حقهم في التعويض عما نالهم. حينما ‏يحين الوقت، سوف يستحق للفلسطينيين سداد دين هائل من التعويضات. يجب ‏الاحتفاظ بدفتر حسابات فيه تفاصيل كل ما تعرضوا له. ‏

كتب الشاعر الفلسطيني رفعت العرير، الذي قتل في وقت مبكر من الحرب على ‏غزة: "إن كتب علي الموت، فليجلب موتي الأمل، وليكن موتي حكاية." إنه ‏أيضاً الأمل في عدم السماح للموت بأن يمر مرور الكرام. إذا كان لابد من أن ‏يموتوا، فلتكن تلك جريمة.‏

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الإسرائيلي السابق: يجب أن تعمل إسرائيل وأمريكا معا ضد الحوثيين
  • حلم بوتين الذي تحول إلى كابوس
  • من حفل عيد ميلاد إلى كابوس صحي.. بريطانية تتعرض للتسمم بسبب تسخين الطعام
  • واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتجبر آلاف الفلسطينيين على الفرار
  • تمديد حالة الطوارئ في إسرائيل.. لماذا وافق الكنيست الإسرائيلي عليه؟
  • الجيش الإسرائيلي: دوي صفارات الإنذار في عدة مناطق بوسط إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن
  • تقرير أمريكي: الحوثيون عدو إسرائيل في اليمن من الصعب على واشنطن ردعهم (ترجمة خاصة)
  • نسرين مالك: إجماع متزايد على ارتكاب إبادة جماعية في غزة.. ماذا بعد؟
  • واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتعزز مواقعها العسكرية
  • السيناتور فان هولين: الشراكة الوثيقة مع إسرائيل يجب ألا تكون شيكا على بياض