حتى اللحظة لم يرد "حزب الله" بعد على استهداف السيارة التابعة لأحد قياديي "كتائب القسام" في منطقة جدرا، وقد يكون تأخير الردّ ضمن استراتيجية الحزب وقد يكون راغباً بعدم الردّ على الاستهدافات الاسرائيلية التي تصيب عناصر فلسطينية خصوصاً أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قد أعلن أن المعادلات التي فرضت ايام السلم تتعدل وفق الظروف، وهذا قد يفتح المجال، بغض النظر عن التهديدات والتصريحات الاعلامية.
بات واضحاً أن "حزب الله" يتعامل بدقة عالية جداً مع المعركة الحالية، وهو غير مستعجل للقيام بأي خطوات تصعيدية بالرغم من استعداده الدائم لها، اذ انه يدير عملياته وفق خطين متوازين، الاول ان المقاومة الفلسطينية لا تزال سليمة نسبياً بعيدا عن كل الاضرار والضحايا المدنيين والثاني محاولة تجنب الانزلاق الى ما يريده رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهة، خصوصاً ان الخسائر التي تتسببها تل ابيب للحزب لا تزال محمولة.
امس، وجه "حزب الله" ضربة صاروخية شبه دقيقة لمركز الشرطة في كريات شمونة وتسبب بوقوع قتلى وجرحى وذلك في اطار رده على استهداف طلوسة واستشهاد ثلاثة من عناصره، وهذا يوحي بأن الحزب ليس في وارد التهدئة بالرغم من كل الوساطات الديبلوماسية التي تتواصل معه وتوحي بأنها مستعدة لرعاية اتفاق يضمن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ويعيد الاراضي التي تحتلها اسرائيل.
الأهم أن "حزب الله" لم يسر وفق التوجه الايراني الذي اعلن عنه وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان خلال تصريحاته من بيروت، وقيل أنه أبلغه لحلفائه السياسيين، اذ ان طهران لا تريد التصعيد في المنطقة وهذا واضح من ادائها الميداني اولاً حيث تتجنب الرد على استهداف عناصر وقيادات الحرس الثوري في سوريا، ومن التصريحات والمفاوضات السياسية التي تحصل بينها وبين الاوروبيين والاميركيين عبر عمان ودول اخرى.
لكن هناك نظرية تقول بأن "حزب الله" لا يتجاوز الخطوط الحمراء الايرانية، بل ان طهران تعمل ضمن الاستراتيجية التي تعمل بها واشنطن، التي تصرح أنها ضدّ التصعيد الاسرائيلي لكنها تغض النظر عنه، وهذا ما بدأت ايران تقوم به لتظهر انها تتلاقى مع واشنطن على عدم الانزلاق الى حرب كبرى لكنه في الواقع لا تريد وقف اطلاق النار من دون ان يحقق حلفاؤها نتيجة مرضية لهم.
حتى ان حديث الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله امس راعى امرين، الاول عدم افتعال التصعيد الكبير والتعامل بردة الفعل على التصعيد الاسرائيل، وثانياً بوضع سقف للشروط والمكاسب والتنازلات التي يمكن ان يقدمها او يقبل بها "حزب الله" في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
المدينة التي تبكي بأكملها.! (2)
صادق سريع
هذه الرواية تصف الحال بدقة: “تسقط قطرات المطر كدموع أهل غزة، الأطفال تصرخ من شدة البرد، والبطون تتألم من الجوع، والخيام تتطاير من عواصف الريح، وهكذا وضع كل من في غزة خائفا، جائعا، بردانا، متعبا، ومنهكا”.
ما يريد القائل قوله: “إن غزة تقاتل المستعمرين القدامى والجدد نيابة عن العرب والمسلمين المتفرجين، بينما عجز العالم عن تدفئة طفل رضيع يرتجف من البرد تحت خيام غزة!”.
وهكذا قالت نازحة – في حالة غضب: “إن رجفة الطفل برداً في غــزّة، أشرف وأكرم من رجفة عبداً متخاذل أمام سيّده!”.
في الخيمة المقابلة، لم تتمكن طفلة من إيجاد رغيف تسد به رمق الجوع، فرسمت قرص الخبز، لكن هل الرسم يُشبع!؟ يا الله ما هذا البلاء.
طفلة أخرى طلبت من أمها حبة فاكهة تأكلها، فردت الأم بحسرة – حاولت أن تخفي ملامحها عن الأبنة الصغيرة: “سنأكلها فى الجنة”، فأخرجت طفلتها قلما مكسورا، وقالت لأمها بلهجة براءة الطفولة: “بدي أكتب على الورقة كل الفواكه، وأطلبها من ربنا لمن نروح الجنة”، لا حول ولا قوة إلا بالله..
في غزة فقط، الناس تنصح أولادها: “يا بابا متلعبوش، وتجروا كثير، عشان ما تجوعوا”.. وتباع وتشترى الخضروات والطحين بالجرام، وينام الناس بالشوارع في برد الشتاء، وتحت سعير نيران القذائف التي تسقط في كل مكان، وتقام ولائم العزاء بلا توقف بكل الأوقات في كل البيوت المدمرة والخيام الممزقة ونحيب بكاء المدينة بأكملها، كأنها تعيش أكبر مآتم التاريخ.
كل شيء في غزة يدعوك للبكاء، نازحة في شمال غزة حصلت على كيس خبز ؛ يا الله ما هذه الفرحة التي غيرت ملامح وجهها العابس مُنذ سنة !؟ كأنها حصلت على كنز ثمين بعد عام كامل!!
يقول قائل من غزة، عن قول أمه (وأمه امرأة لا تكذب) إنها قالت له: “ستفرج ذات يوم”.
وهكذا يستغيث أهل غزة، أيها العالم الأصم : “تجمدنا في الخيام؛ هل تسمعون صرخات الأطفال والنساء؟”.
ويخاطبون أمة محمد – عليه الصلاة والسلام: “من يحمل الهم عنا، ومن يقاسمنا الثِقل؟ سامحونا -يا معشر المسلمين- فلن نسامحكم ولن نغفر خذلناك وخيانتكم وصمتكم يوم الحساب”.
وأنا أقول: “تحدثوا – يا أمة الإسلام – أن غزْة تُباد، تحدثوا ليكون كلامكم شاهداً لكم لا عليكم يوم الحساب”.
سلاماً على غزة حتى يطمئن أهلها، وتبرد نارها، ويدفأ بردها، وتطيب جراحها، وينتصر رجالها، ويخرج غزاتها.
* المقال يعبِّر عن رأي الكاتب