المهندس سليم البطاينه لماذا تركت الحصان وحيداً؟ هو اسم لديوان شِعرٍ لمحمود درويش الذي استعرت منه بيت الشعر في مقالي هذا (البيوت تموت إذا غاب سكانها). لماذا تركت الحصان وحيداً ؟ سؤال لم يرغب محمود درويش ان يسمع إجابته من أحد، رغم أنه صرخة في فضاءاتنا لتوقظنا من كوابيس أحلامنا. ما لفت نظري في بيت الشِّعر أعلاه وما يميزه عن غيره أنه قابل للتاؤيل والإسقاط على عدة مشاهد وأحداث ، وهذه المشاهد ترسم لنا الكثير مما يمر بنا من أشياء لا ندركها بوقتها، ولا نُعيرها اهتمام رغم أهميتها وتأثيرها، فما يجري في القدس الشرقية يمكن اختصاره بكلمات محدودة وربما ثقيلة، لكن خلاصتها أننا أمام مشهدية مغرمة بالشعارات الكبيرة لكن الشيطان في التفاصيل.
فهناك من يتعمد خلط الاوراق وإذابة الالوان ببعضها بحيث تتمازج فلا نميز بين الحق والباطل والصواب والخطأ والمؤامرة وحسن النوايا. وهذا يذكرني بما قاله الممثل الأمريكي Morgan Freeman عن أهل المكر (ان الصياد هو أكثر الناس حرصاً على عدم إثارة فزع العصافير). فالواحد منا قد يعجب بأمور كثيرة رغم خداعها وزيفها ولكن عند معرفته الحقيقة ولو كانت متأخرة سيدفعه ذلك للتساؤل: كيف خُدعنا ؟ فعلى ما يبدو أننا خُدعنا وما عدنا قادرين على الرجوع الى الوراء خطوة واحدة لنعترف بذلك دون مكابرة. إنها مرحلة جديدة ومؤامرة هي الأشد والابشع من كل ما سبق تحمل تهديداً وجودياً للمقدسيين، الأرض تضيع والقدس والأقصى يهودّان ، فالحذر من سراب الأوهام ومن مزيفي الوعي ومزوري التاريخ. شُعور مؤلم ومحنة لا توصف وكأنه كابوس عبقرية المكان ولعنة الزمان ! فما بين عشق المكان في تفصيلاته وجزيئاته وبين حالة الخوف من مجهول يترصده تكمن المعادلة الصعبة، فلم يكن الشعب الفلسطيني الذي كان يهنأ في أرضه يدرك ما يخفيه القدر! فوجد نفسه مخنوقاً في زاوية الحلبة والخصم والحكم متفقان ضده ! والضربات والمكائد والمؤامرات تنهال عليه بنفس انتقامي دون توقف وكأنه قدر محتوم ان ينكل به من كل الأطراف. القدس عقدة التاريخ و جحافل الجيوش، فمنذ أكثر من خمسة آلاف عام والمدينة لم يغب ذكرها من أحداث تاريخ المشرق، فالتطورات المتلاحقة في المشهد الفلسطيني مسلسل درامي بأكثر من مخرج، وما يجري هذه الايام تحديداً ما هو الا مؤامرة أو نتاج مؤامرة (تخطيط وترتيب)، فهنيئاً لمن خطط ودبر وطور، ولا عزاء للحمقى. إذًا: لا اجتهاد صراحة مع النص، فهو نص غير قابل للترجمة ،، فالمطلوب تهجير السكان الفلسطينيين المقدسيين من بيوتهم بأي ثمن! لهذا تسعى إسرائيل لتغيير الوضع في القدس الشرقية بانتهاج سياسات وإجراءات تحول دون تمكين أي فلسطيني من ممارسة حقه في الإقامة أو العيش داخل مدينة القدس، وإلى فصل القدس الشرقية عن امتدادها الشمالي عبر حزام استيطاني من حي الشيخ جراح مروراً بكرم المفتي وفندق شبرد وصولاً الى الجامعة العبرية التي ستصبح مرتبطة بالقدس الغربية على حساب منازل العرب المقدسيين. بعد عام 1967 اقدمت اسرائيل على تنظيم سجل لسكان القدس الشرقية وادراجهم ضمن فئة المقيمين الدائمين في إسرائيل شريطة ان يثبتوا فعلاً أنهم يقيمون في المدينة ، وأنهم كانوا موجودين فيها أثناء عملية التسجيل ،، وبموجب ذلك تم استثناء من كان يقيم في الخارج! حتى الذين يقيمون داخل مدن الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين بات كل مقدسي يغادر القدس ويقيم في مكان آخر (خارج حدود المدينة أو في غزة أو أي دولة عربية يواجه فقدان حقه في الإقامة الدائمة في مدينة القدس طبقاً لقانون تم إصداره لهذه الغاية عام 1974الذي خول لوزير الداخلية حسب المادة ( 11أ ) إلغاء حق الاقامةً والى فقدان الهوية بسحبها منه إذا ما تم تجنيسه في أي بلد كان. وهنا أستعيد هذا البيت من الشِّعر للشاعر محمود درويش مرة اخرى عنوانًا لمقالي (البيوت تموت اذا مات سكانها) وأنا أستحضر حياة الناس الذين هجروا اشيائهم وتركوا الحصان وحيداً كي يؤنسها، فماتت مثلما تموت البيوت التي غادرها أهلها تاركينها لوحشة الغياب والفراغ ونوستالجيا المكان. صدّقوني، هذا هو زمن إبادة العرب ! والأفضل ان ينهض كل العرب للدفاع عن القدس لأنها هي التي توحدهم. نائب اردني سابق
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
القدس الشرقیة
إقرأ أيضاً:
القوات البحرية المشتركة تضبط أكثر من 400 كيلوغرام من المخدرات في بحر العرب
أعلنت القوات البحرية المشتركة (CMF) ضبط أكثر من 400 كيلوغرام من المخدرات في بحر العرب، في ثاني عملية لها منذ بداية العام الجاري 2025.
وقالت القوات المشتركة، في بيان صحفي، الخميس، إن الفرقاطة البحرية البريطانية (HMS Lancaster)، تعمل ضمن قوة المهام (CTF 150) تمكنت من ضبط 402 كيلوغرام من المخدرات على متن سفينة في بحر العرب.
وأضاف البيان، إن العملية التي جرت في 8 مارس الجاري، تم خلالها ضبط 319 كيلوغراماً من الهيروين، و83 كيلوغراماً من الميثامفيتامين، وهي ثاني عملية تقوم بها (قوة المهام 150) منذ تولي نيوزيلندا قيادتها في 15 يناير/كانون الثاني الماضي.
وأشارت القوات البحرية إلى أن أنظمة المراقبة الجوية التابعة للفرقاطة "إتش إم إس لانكستر"، رصدت نشاطاً مشبوهاً، "فأطلقت مروحيتها للتأكد منه، وبعد أن أكد طاقم المروحية هذا النشاط، جرى إبلاغ فريق التفتيش للصعود على متن السفينة المشبوهة، واكتشف شحنة المخدرات، وعقب ضبط وتوثيق ووزن الحمولة غير المشروعة، قام أفراد الطاقم بالتخلص من المخدرات بشكل سليم".
وكانت "البحرية المشتركة" قد نفذت العملية الأولى هذا العام في 7 فبراير، وضبطت خلالها 2,357 كيلوغراماً من الحشيش المخدر على متن سفينة في بحر العرب.
وتُعد (قوة المهام 150) واحدة من خمس فرق عمل تابعة للقوات البحرية المشتركة، وتتمثل مهمتها في ردع وتعطيل قدرة الجهات الفاعلة غير الحكومية على نقل الأسلحة أو المخدرات وغيرها من المواد غير المشروعة في خليج عُمان وبحر العرب والمحيط الهندي.
يُذكر أن القوات البحرية المشتركة هي أكبر شراكة بحرية في العالم تضم 46 دولة تدعم النظام الدولي القائم على القواعد من خلال تعزيز الأمن والاستقرار عبر 3.2 مليون ميل مربع من المياه التي تضم بعض أهم ممرات الشحن في العالم.