الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة جدل واسع يسود الاوساط السياسية الرسمية والشعبية الاردنية وتراشق كبير بين فعاليات حزبية وقيادات في السلطتين التنفيذية والتشريعية على خلفية تقديم الحكومة لمشروع قانون جديد للجرائم الالكترونية. محور هذا الجدل يتركز على مواد القانون 25،19،17،16،15   وهي مواد تنظر لها جهات وفعاليات شعبية وحزبية على انها مقيدة لحرية التعبير بما تحتويه من تغليظ لعقوبات ما يسمى بجرائم القدح ،والذم ،والتحقير، واغتيال الشخصية، وإثارة الفتنة،وترويج اخبار كاذبة.

كل هذه التهم يصعب الوصول الى تعريف إجرائي محدد لها مما يترك الباب مفتوحا على مصرعيه لاستخدام هذه التهم من قبل الحكومة واذرعها من الاجهزة للنيل من المعارضين ،ناهيك عن كتم اصوات الناس في الرقابة على السلطات السياسية ونقدها ،وتشكيل رأي عام حول سلوكيات وقرارات يدور حولها لغط وشبهات فساد للقيادات السياسية والادارية. وفي الوقت الذي تتذرع الجهات التي تقترح وتدعم مشروع القانون الجديد بأنه يتصدى لقضايا تتعلق بالارهاب ،والدعارة ،والاتجار بالممنوعات والابتزاز، وانتهاك الخصوصيات فإن هذه الحجج لا تقنع كثيرا من الاردنيين الذين يرون ان هذه القضايا جميعها تعالجها قوانيين العقوبات وبعض القوانين الخاصة ،وان هذه المخالفات ليست هي المقصد الحقيقي للقوى التي تقف خلف هذا القانون وتؤيده. انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي اصبح صفة عالمية وكونية ولا يقتصر على الاردن او دولة بعينها، لا بل، اصبحت هذه الوسائل مستخدمة وبشكل واسع في اكثر دول العالم فقرا واستبدادا فما الذي تهدف اليه القيادات السياسية في الدولة الاردنية من وراء تجريم حريات التعبير والانتقاد ! الدستور الاردني ضمن حريات التعبير وضمن حرية مخاطبة السلطات العامة ،وضمن ايضا احترام حريات الاخرين وخصوصياتهم ،فكيف يتم تشريع قانون للجرائم الالكترونية على تهم يصعب تعريفها وتحديدها مثل القدح والذم والتحقير واغتيال الشخصية وإثارة الفتنة؟وما الذي يضمن استخدام هذه المواد للإيقاع بالمعارضين السياسيين ونشطاء التواصل الاجتماعي؟  يدعي بعض المؤيدين لتغليظ العقوبات على الجرائم الالكترونية أن ترويج او إرسال أو إعادة إرسال اخبار كاذبة يشكل جرائم بحق الاخرين سواء كانوا افراد أو مؤسسات عامة او خاصة وهنا نتسائل كيف يمكن للمواطن او حتى الصحفيين ان يصلوا الى المعلومات الحقيقية في ظل عدم تفعيل قانون الحق في الوصول الى المعلومات عن الأجهزة الرسمية ومن لديه شك في ذلك فليذهب ويحاول الحصول على معلومات من وزارة الداخلية أو من بعض الاجهزة الامنية او من الديوان الملكي او غيرها.وهنا نقول اذا كان الحصول على معلومات حقيقية من مصادرها غير متاح فإن الاحتمال بوجود مبالغات واحيانا مغالطات واشاعات في تناقل الاخبار والمعلومات يصبح واردا نتيجة لغياب المعلومة او حجبها من السلطات المعنية وليس نتيجة لنيات او مقاصد جرمية كما يشي بها القانون المقترح. من جانب آخر فإن الدفع بمشروع قانون الجرائم الالكترونية الى مجلس النواب لا يستوي ولا يتسق مع توجهات الحكومة للتحديث السياسي لا بل فإن هذه الخطوة تفرغ برامج التحديث السياسي من مضمونها وتتجهزعلى حريات التعبير والانتقاد التي كفلها الدستور.ويمكن الذهاب لأبعد من ذلك بأن هذا القانون سيكون له انعكاسات وتداعيات سلبية على عمل الأحزاب والحياة الحزبية المتعثرة أصلا بفعل العراقيل التي تضعها الحكومة في سبيل ممارسات حزبية فاعلة.لم يعد يهم الاردنيين تصريحات الحكومة والتي تدعي تشجيعها للنشاط الحزبي فالمعطيات على الارض تشي بغير ذلك وما تفعله الحكومة ببعض الاحزاب المعارضة خير ذليل على ذلك. لقد انبرى ولللأسف عدد من النواب والوزراء وبعض الشخصيات المحسوبة على الحكومة لتسويق هذا القانون والترويج له بحجة حماية الخصوصيات والذود عن الحياة الخاصة والسمعة الشخصية لبعض المسؤولين ،وقد فتحت اجهزة إعلام الدولة ومنصاتها وتلفزتها لهؤلاء الذي يستميتون في تلميع هذا القانون  وبما يشبة رشح العطور الفاخرة على روائح غير طيبة تزكم الانوف ،وهنا يسجل بعض الاردنيون اندهاشهم وهم يرون نوابا ممثلون لهم يدافعون عن قوانين تكبت حريات مواطنيهم. إن تهم القدح والذم والتحقير واغتيال الشخصية وإثارة الفتنة هي مجرد عناوين يمكن بكل سهولة استخدامها سياسيا للزج بالمعارضين والنشطاء السياسيين في السجون ،مما يسبب كبت الحريات وتكميم الافواة وانتشار رهاب العقوبات والغرامات بين الناس. نعم يحدث ارتكاب مثل هذه التهم في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصحافة وفي المجالس وغيرها ولكن مقاضاة مرتكبي هذه التهم هي حق فردي للمتأثرين بها وليست حق عام يمكن للدولة ان تستخدمه متى وكيفما شاءت. استعرضنا الخلفيات والتشريعات القانونية لتنظيم تهم الاساءة والتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في دول ديمقراطية كثيرة ولم نشهد هذا الحماس والاندفاع التي تتبناه جهات نافذه في الدولة أو محسوبة. أعتقد أن البرلمان الاردني سيمرر هذا القانون بتعديلات طفيفة لا تؤثر على محتواه مما يضيف الى شكوك الأردنيين حول مدى استقلالية السلطة التشريعية في قرارتها. المشهد السياسي الاردني يمر بمنعطف تاريخي خطير يضع مساعي التحديث السياسي بمساراته المختلفة، ولجان الاصلاح، وقوانين الانتخاب والاحزاب بمهب الريح ،ويسحب قانون الجرائم الالكترونية جذوة الاصلاح ويبطل مقاصده وغاياته التي رحب فيها كثيرا من الاردنيون. نكسة كبيرة تنتظر حريات التعبير والاصلاح السياسي في الاردن في حال إقرار هذا القانون الكاتم للحريات والمثبط للرقابة الشعبية ورقابة الرأي العام على أداء مؤسسات الدولة وقياداتها السياسية والادارية….. كاتب اردني

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الجرائم الالکترونیة التواصل الاجتماعی هذا القانون

إقرأ أيضاً:

منع ظهور دعاء سهيل على أي وسيلة إعلامية داخل مصر.. وهذه عقوبتها بالقانون

أصدر النائب الدكتور طارق سعدة، نقيب الإعلاميين وعضو مجلس الشيوخ، قرارا بمنع  ظهور دعاء سهيل على أي وسيلة إعلامية داخل جمهورية مصر العربية، وذلك لممارستها النشاط الإعلامي دون قيد أو تصريح.

وأنذر نقيب الإعلاميين جميع الوسائل الإعلامية الرسمية والخاصة، المرئية والمسموعة، بعدم السماح لأي شخص بممارسة النشاط الإعلامي بها دون قيد أو تصريح وإلا تتعرض الوسيلة للغلق وفق المادة ٨٩ من قانون النقابة.

وقال الدكتور طارق سعدة إن هناك تنسيقا مستمرا مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة الوزير المهندس خالد عبد العزيز، لاستمرار ضبط المشهد الإعلامي.

ويستعرض “صدى البلد” من خلال هذا التقرير عقوبة ممارسة النشاط الإعلامي دون الحصول على ترخيص.

 عقوبة ممارسة النشاط الإعلامي دون ترخيص

وتعرف المادة الأولى من قانون تنظيم الإعلام رقم 93 لسنة 2016، الإعلامي على نحو واضح بأنه كل من تم قيده رسميًا في النقابة، وبالتالي فإن ممارسة المهنة خارج هذا الإطار تُعد انتحالاً للصفة. 

وتنص المادة 88 من القانون على معاقبة من ينتحل صفة الإعلامي بالحبس، وهو ما ينطبق على الوضع القانوني لسارة خليفة.

كما تنص المادة 89 من قانون نقابة الإعلاميين تنصعلى فرض عقوبات واضحة على الوسائل الإعلامية التي تخالف هذا التوجيه، تصل إلى حد الغرامة أو الإغلاق، ما يستدعي التزامًا صارمًا من المؤسسات الإعلامية بتطبيق القانون بشكل كامل.

ويستأنف مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي  جلساته العامة الأسبوع  الحالي بمناقشة مشروع قانون بتعديل قانون الثروة المعدنية، لدعم تطوير قطاع التعدين وتعظيم عوائده الاقتصادية.

كما يناقش المجلس  مشروع قانون لتعديل قانون إنشاء الهيئة القومية للأنفاق، لإعادة تخصيص واستغلال أصول وأراضي الهيئة غير المستغلة لزيادة عوائدها وتخفيف العبء عن الخزانة العامة للدولة.

مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي الموحد للعقارات

يهدف مشروع القانون إلى إنشاء قاعدة بيانات قومية موحدة ومركزية لجميع أنواع العقارات، حيث يُتاح من خلال مكونات هذا الرقم القومي الموحد تحديد تصنيف دقيق للملكية العقارية، وتحديد اشتراطات البناء والترخيص، ورصد المخالفات الخاصة بكل عقار، وتحديد الضريبة العقارية واجبة التحصيل، والوقوف على بيانات الاستهلاك من المرافق الأساسية كالمياه والغاز والكهرباء، وضبط التقسيم الإداري لكل جهة ولاية، حيث سيتم إعداد منصة معلوماتية تشمل كل التفاصيل الفنية والقانونية والإدارية المتعلقة بالعقار وأي تصرفات تتم عليه.

ومشروع القانون المقدم من النائب محمد إسماعيل (وأكثر من عشر عدد الأعضاء)، بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١٩٨ لسنة ٢٠١٤ بإصدار قانون الثروة المعدنية.

يهدف مشروع القانون إلى تحويل الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية إلى هيئة عامة اقتصادية وذلك لاستقلالية القرار المالي والإداري للهيئة مما يدعم عمليات تطوير قطاع التعدين، وتعظيم العوائد الاقتصادية لقطاع التعدين، ووضع نظام قانوني متكامل على غرار التنظيم القانوني للهيئة العامة للبترول، مما يحقق الاستغلال الأمثل لقطاع التعدين في مصر.

ومشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١١٣ لسنة ١٩٨٣ بإنشاء الهيئة القومية للأنفاق.

يهدف مشروع القانون إلى إنهاء التخصيص المقرر للمنفعة العامة عن كافة أملاك الهيئة غير التشغيلية وإعادة تخصيص هذه الأصول والأراضي للهيئة القومية للأنفاق لاستغلالها بذاتها أو عن طريق أي من شركاتها في المشروعات الاستثمارية، التي تستهدف تنمية مواردها وزيادتها وإدراج العائد الناتج عن هذا الاستغلال ضمن إيرادات الهيئة، بما يمكن الهيئة من سداد مديونياتها وتطوير مرفقها التشغيلي الحيوي الذي يخدم الوطن والمواطن، ورفع العبء الذي تتحمله الخزانة العامة للدولة عن هذا المرفق والنهوض به إلى المستوى الذي يمكنه من صب عوائده بخزانة الدولة.

وخمسة مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع بعض الشركات المصرية والأجنبية، للبحث عن الغاز والزيت الخام والبترول واستغلالها في بعض المناطق بجمهورية مصر العربية.

طباعة شارك دعاء سهيل منع ظهور دعاء سهيل وسيلة إعلامية النشاط الإعلامي تصريح

مقالات مشابهة

  • 6 شهور لتركيب لوحات الرقم القومي للعقارات.. تفاصيل
  • منع ظهور دعاء سهيل على أي وسيلة إعلامية داخل مصر.. وهذه عقوبتها بالقانون
  • مجلس النواب يناقش مشروع قانون الثروة المعدنية.. غدا
  • المجلس الدستوري السنغالي يرفض تعديل قانون العفو
  • تفاصيل تطبيق العقوبات البديلة للمحكومين
  • النواب يصوت على قانون الإجراءات الجنائية الأسبوع المقبل
  • احذر.. الحبس مع الشغل عقوبة جريمة قـ.ـتل الحيوانات طبقا للقانون
  • البرلمان المصري ينتظر تعديلات الحكومة على قانون الإيجار القديم .. ونواب يعلقون
  • جدول أعمال مكثف لمجلس النواب الأسبوع المقبل
  • الموافقة النهائية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد .. الثلاثاء المقبل