لأول مرة منذ 150 عاما.. النواب الأميركي يصوت لعزل وزير
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
صوّت مجلس النواب الأميركي في المجلس الذي يهيمن عليه الجمهوريون لصالح بدء إجراءات عزل وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس من منصبه على خلفية أزمة تدفق اللاجئين على الحدود مع المكسيك، في خطوة ندد بها الديمقراطيون واعتبروها غير دستورية.
ونجح التصويت الذي تم مساء أمس الثلاثاء لصالح إجراء محاكمة برلمانية لمايوركاس بفارق صوت واحد بواقع 214 مقابل 213، وذلك بعد أن فشلت المحاولة الأولى للجمهوريين قبل أيام.
ووجّه مجلس النواب للوزير الديمقراطي تهمتين هما "الرفض المتعمد والمنهجي" لتطبيق قانون الهجرة، و"انتهاك ثقة الرأي العام"، وأحاله النواب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ.
وهذه المرة الأولى منذ حوالي 150 عاما يتخذ فيها المشرعون الأميركيون قرارا من هذا القبيل بحق وزير، ولكن عزله يبقى غير مرجح نظرا إلى الغالبية التي يتمتع بها الديمقراطيون في مجلس الشيوخ.
وكان وزير الأمن الداخلي الأميركي رفض مرارا الاتهامات الجمهورية له، معتبرا أن محاولة إقالته تشكل مضيعة للوقت ولأموال دافعي الضرائب.
يذكر أن مايوركاس مهاجر جاء إلى الولايات المتحدة مع أسرته لاجئين سياسيين كوبيين، وتنقل في وظائف عدة قبل أن يسميه الرئيس جو بايدن أول وزير للأمن الداخلي من أصول مهاجرة.
ويتهم الجمهوريون بايدن بالسماح بحصول "اجتياح" للبلاد، وذلك بعد توقيف عدد قياسي من المهاجرين عند الحدود بلغ 302 ألف في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وفي أول تعليق له على التصويت، وصف الرئيس الأميركي قرار مجلس النواب بأنه مجرد لعبة سياسية رخيصة.
كما اعتبر بايدن أن هذه الخطوة "عمل حزبي استهدف خادما أمينا للدولة"، ووصف محاولة عزل مايوركاس بأنها غير دستورية.
وقال إنه بدلا من التصويت على إقالة وزير الأمن الداخلي كان يجدر بالجمهوريين أن يطلبوا من الكونغرس مزيدا من الموارد وتعزيز أمن الحدود بمواجهة تدفق المهاجرين.
وفي المحاولة السابقة التي جرت قبل أيام، فشل الجمهوريون في جمع الأصوات الكافية للتصويت على بدء إجراءات عزل وزير الأمن الداخلي، إذ أتى آل غرين النائب الديمقراطي عن ولاية أريزونا إلى قاعة التصويت على كرسي متحرك حافي القدمين وبلباس المستشفى، مما رجح كفة الديمقراطيين.
ويمكن عزل مايوركاس من منصبه إذا صوت ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 بنعم في نهاية المحاكمة.
وكان الرئيس السابق دونالد ترامب توعد بترحيل جماعي للمهاجرين إذا انتخب رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
يذكر أن آخر إدانة لوزير من قبل الكونغرس تعود إلى العام 1876، وقد استقال حينها وزير الحرب وليام بلكناب المتهم بالفساد من منصبه قبل انتهاء عملية العزل.
وينص الدستور على أن الكونغرس يمكنه عزل وزير أو قضاة فدراليين بتهمة الخيانة والفساد وجرائم أخرى رئيسية، وتتم هذه الإجراءات على مرحلتين.
ومنتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، وافق مجلس النواب الأميركي على فتح تحقيق رسمي لعزل الرئيس جو بايدن على خلفية الأنشطة التجارية الخارجية "المثيرة للجدل" لابنه هانتر، واعتبر بايدن فتح التحقيق "حيلة سياسية لا أساس لها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وزیر الأمن الداخلی مجلس النواب عزل وزیر
إقرأ أيضاً:
ليث نصراوين .. مشاجرة عنيفة بين نائبين بسلاح محرّم اجتماعيا
#سواليف
كتب .. أستاذ القانون الدستوري عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة أ. د. #ليث_كمال_نصراوين:
حادثة غريبة شهدتها أروقة #مجلس_النواب قبل أيام؛ فقد وقعت #مشاجرة_عنيفة بين #نائبين اثنين استُخدم فيها #الحذاء سلاحا تقليديا محرما اجتماعيا، لتبدأ بعدها عملية إصدار البيانات والتصريحات النارية التي تهدد باللجوء إلى القضاء وتقديم شكاوى جزائية.
إن هذه المعركة النيابية وإن لم تكن الأولى من نوعها، إلا أن ما يميزها عن سابقاتها طبيعة الأطراف المتورطين فيها والسلاح المستخدم فيها. فقد وقع شجار بين نائبين حزبيين خاضا #الانتخابات_النيابية الأخيرة معا ضمن #قائمة_حزبية واحدة، وذلك بعد أن نجحا في كسب ثقة الحزب السياسي الذي ينتميان إليه. فما هي سوى أشهر قليلة من فوزهما بالانتخابات حتى ثبت أن الرابطة الحزبية التي كانت تجمعهما لم تكن سوى وسيلة لتحقيق مآرب شخصية تتمثل بالترشح للانتخابات والفوز بعضوية مجلس النواب.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الأسباب التي أدت إلى ايجاد هذه الحالة العدائية بين عضوين يُفترض أنهما قد عملا معا لانجاح قائمتهما الانتخابية الحزبية، وأنهما قد أمضيا الأيام والأسابيع في التخطيط لخوض غمار التنافس الحزبي ومن ثم النيابي لكسب ثقة الناخبين الأردنيين، وذلك طمعا منهم في الفوز بتمثيل مؤازريهم في المجلس النيابي.
إن التعامل مع هذه السلوكيات النيابية الفردية قضائيا سيصطدم بفكرة الحصانة النيابية التي يتمتع بها كلا النائبين كون المجلس في حالة انعقاد. فالمادة (86) من الدستور لا تجيز توقيف أي من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ومحاكمتهم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر عن المجلس الذي هو منتسب إليه قرارا برفع الحصانة عنه.
كما أن نطاق الحصانة النيابية قد توسعت المحكمة الدستورية في تفسيره في قرارها الصادر عنها رقم (7) لسنة 2013 بالقول “إن الحصانة التي منحها المشرع الدستوري للعين أو النائب قد جاءت مطلقة من حيث زمان وقوع الفعل المرتكب؛ ولا يمكن الاستثناء منها سوى حالة القبض على أحد أعضاء المجلسين متلبسا بجريمة جنائية”.
أما الخيار الثاني للتعامل مع هذه الواقعة، فيتمثل بتحويل الأعضاء المعنيين إلى اللجنة القانونية صاحبة الولاية العامة بالنظر في أي تصرف يسيء إلى سمعة المجلس وهيبته.
إلا أن ما سيصدر عن هذه اللجنة من توصيات بعقوبات نيابية لن تكون كافية لمواجهة تبعات العنف النيابي الحزبي الذي حصل مؤخرا. فأي عقوبة ستصدر بفصل النائب أو تجميد عضويته ستتعارض مع أبرز مخرجات التحديث السياسي المتمثلة بإيجاد تمثيل نيابي للأحزاب السياسية المرخصة والفائزة في الانتخابات. فالنائبان المتورطان في المشاجرة هما الممثلان الوحيدان للحزب الذي ينتميان إليه، بالتالي فإن أي عقوبة برلمانية تتضمن تغييبهما عن جلسات المجلس، بشكل دائم أو مؤقت، يعني غياب أي تمثيل لهذا الحزب الفائز في الانتخابات.
إلا أن الدبلوماسية الاجتماعية وكالعادة كانت هي الأسرع لتطويق الخلاف الحاصل، فقد تم إجبار النائب المعتدي على أن يقوم بتقديم اعتذار علني خلال الجلسة القادمة لمجلس النواب. فإن كان النائب المعتدى عليه سيكتفي بهذا الاجراء، فإن “الحق العام” يجب ألا يسقط بسقوط الحق الشخصي للنائب المضروب. فهيبة مجلس النواب ورمزية أعضائه قد تضررت بسبب هذا الخلاف وطبيعة الأسلحة “الثقيلة” التي جرى استخدامها في ساحة المعركة. لذا، يجب التفكير في ايجاد حلول تشريعية مناسبة للحيلولة دون تكرار هذه الواقعة مرة أخرى.
فمن الأفكار المقترحة في هذا السياق ربط بقاء الحزب السياسي من عدمه بسلوك أفراده وممثليه في مجلس النواب، بحيث يترتب على أي سلوك أو تصرف من قبل عضو الحزب فيه مساس بهيبة المجلس وكرامة أعضائه أن يصدر القرار القضائي بحل الحزب وإلغاء وجوده القانوني.
ويبقى اللافت للأمر أن المعركة النيابية الأخيرة قد تصادفت مع تصاعد العنف الطلابي في المدارس والاعتداءات الجسيمة التي وقعت من الطلبة بحق زملائهم على مقاعد الدراسة، والتي لاقت استهجانا ورفضا شعبيا كبيرا، ليكتمل المشهد العام بانتقال حمى المعارك إلى مجلس النواب.
إلا أنه وكما أن الحوادث الطلابية لن تغير من الواقع المجتمعي بأن التعليم هو أمر أساسي لا مفر منه وبأن الجناة المتورطين من داخل الجسم التعليمي سيلقون جزاءهم المناسب، فإن “المعركة العمالية” الأخيرة لن يتسع نطاقها وآثارها لأكثر من أطرافها والكيان السياسي الذين ينتمون اليه، فالقضاء الأردني لم يقل كلمته بعد في مشروعية قرار فصل أحد المتورطين في الشجار العمالي.