د. حامد أبو العز يعاني لبنان من أزمة سياسية منذ أكثر من عام، حيث لم يتم انتخاب رئيس جديد بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر 2022. وقد أدى هذا الشغور إلى شلل المؤسسات الحكومية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ سنوات. وينتظر أن تنتقل أزمة الفراغ الدستورية هذه إلى مستويات أخرى في مؤسسات الدولة كمصرف لبنان المركزي أو قيادة الجيش أو بعض المؤسسات الدستورية الأخرى.
يشهد لبنان الممزق سياسياً والفاقد للأمل على المستوى الاقتصادي، تحركات على المستوى الداخلي والخارجي لحل أزمة الفراغ الرئاسي ولكن جميع هذه الجهود تواجه بتعنت الفرقاء السياسيين ودخولهم في مرحلة من يصرخ أولاً في معركة عض الأصابع التي انخرطوا فيها جميعا. حراك ومواقف داخلية على الرغم من توجه الأنظار إلى الاجتماع الخماسي الذي عقد في الدوحة، إلا أن تصلب المواقف هو العنوان السائد في المعادلة السياسية في لبنان. ولكن يبدو بأنّ بعض الأطراف بدأت تتجه إلى إدراك أهمية إجراء عملية حوار داخلي لفهم مواقف الفرقاء والأحزاب الفاعلين في هذا الملف. المسار المهم في الحراك الداخلي هو لقاءات أو مبادرات بين بكركي وعين التينة تتحدث عن محاولات لحلحلة الملف ضمن سياق مفاوضات ربح-ربح. خصوصا بأن الزيارة الأخيرة التي قام بها البطريرك الراعي إلى فرنسا لم ينتج عنها أي شيء سوى تشديد مستوى الخلاف مع
المبادرة الفرنسية. وبحسب ماكرون فهذه هي المرة الأولى التي تتجه فيها سياسة بكركي إلى معارضة المبادرة الفرنسية وعدم تعديل الموقف تجاهها، وهذا ما نتج عنه زيادة في الهوة بين المبادرة الفرنسية وموقف بكركي من الشغور الرئاسي. واللافت بشكل أكثر أهمية ومحورية في المسار الداخلي هو تصريحات رئيس تيار المردة ومرشح الثنائي الشيعي “سليمان فرنجية”، الذي قال: “لا تطورات قريبة أو سريعة، لكن الأمور تسير كما هو مرسوم لها. المسيرة طويلة ونحن غير مستعجلين”. هذا التصريح يؤكد بشكل قاطع على أن معركة الفراغ الرئاسي هي معركة كسر عظم وبأن الوصول إلى بعبدا لن يأتي عبر حوار وتوافق بين الأحزاب السياسي بل سيأتي عبر تفاهمات وعهود جديدة، أي أن المعادلة لن تقوم على أساس “لا غالب ولا مغلوب” بل ستقوم على إمكانية تحقيق اختراقات في المواقف المتشددة. الاجتماع الخماسي ومخرجاته في السابع عشر من يوليو، عُقد اجتماع خماسي في قطر بين القوى الفاعلة في الملف اللبناني كقطر والسعودية والولايات المتحدة ومصر وفرنسا، ناقش الاجتماع الأزمة السياسية في لبنان، وضرورة إجراء انتخابات رئاسية سريعة، وحث الفرقاء اللبنانيين على انتخاب رئيس للبلاد والدخول في عملية إصلاح سياسي جوهرية. الرؤية المتفائلة تنظر إلى هذا اللقاء من منظور النجاح ولكن الواقع يكشف حقيقة بأن اللقاء لم يحقق أي خطوة إيجابية نحو حل للأزمة السياسية في لبنان خصوصاً إذا ما قمنا بتحليل مخرجات اللقاء بحيادية ودون نظرة تفاؤلية غير واقعية. المخرج الأول هو عرض خارطة طريق مبدئية تتيح الذهاب نحو حل سياسي للبنان. بصراحة الترجمة العملية لهذا المخرج هي الدعوة لعملية حوار سياسي بين الفرقاء للوصول إلى نتيجة. ولكن الواقع يشير إلى أن العديد من القوى السياسية اللبنانية رفضت هذا المخرج حتى قبل بداية الاجتماع الخماسي، كما رفضت بعض هذه القوى دعوة ومبادرة المبعوث الفرنسي “لودريان” كذلك. وأما عن المخرج الثاني وهو دعم المبادرة الفرنسية تجاه لبنان، بصراحة لا بد من إلقاء نظرة إلى المبادرة الفرنسية وتفاصيلها ومضمونها ومن ثم النظر إلى تأييد هذه المبادرة من القوى الخمسة الداعمة لها. في الزيارة الأولى للبعوث الفرنسي إلى لبنان لم يطرح لودريان أي مبادرة ولم يطرح أي تفصيل يذكر حول ماهية الجهود التي تعتزم فرنسا بذلها للخروج من النفق الضيق. وكذلك كرر المبعوث الفرنسي تصريحاته حول الجولة الثانية إلى لبنان في 24 تموز/يوليو بالقول بأنها جولة استكشافية فقط. أي أن المبعوث الفرنسي لا يحمل أي مبادرة للحل السياسي في لبنان. المخرج الثالث والمهم هو فرض العقوبات على السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون الحل السياسي في البلاد. على الرغم من التأييد السعودي والأمريكي والفرنسي، إلا أن هناك رفض ليّن لهذا الموقف من قبل القطريين والمصريين، والحجة تبدو منطقية بأن فرض العقوبات على الفرقاء السياسيين سوف يدفع إلى تشدد موقفهم تجاه الحل السياسي سواء في قضية رئاسة الجمهورية أو فيما يتعلق بالملفات التي تتفرع عن هذه الأزمة الدستورية في البلاد. ختاماً، على الرغم من تعهدات الدول المشاركة في الاجتماع الخماسي، إلا أن الوضع السياسي في لبنان لا يزال صعباً. يواجه لبنان تحديات كبيرة، أبرزها الأزمة الاقتصادية والأزمة السياسية والأزمة الصحية. ومن غير الواضح متى سيتم انتخاب رئيس جديد، وما إذا كان سيتمكن من حل هذه التحديات. وأما على المستوى الداخلي فرفض عملية الحوار من الفرقاء السياسيين تؤكد على أن الحل سيأتي عبر اختراق سياسي أو عهد جديد بين بعض الأطراف السياسية. باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الداخلية اللبنانية: علي مملوك لم يدخل إلى لبنان
أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بسام مولوي، أمس الأربعاء، أن مستشار الرئيس السوري المخلوع، لشؤون الأمن الوطني، علي مملوك، غير موجود في لبنان ولم يدخل البلاد.
وأفاد وزير الداخلية اللبناني، في حديث مع قناة "Mtv" اللبنانية، بأنه في حال دخل علي مملوك البلاد سيتم توقيفه. قائلاً: "لقد عممت صوره في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، في حال حاول المرور بأوراق مزورة"، حسب ما ذكر موقع "روسيا اليوم" الإخباري.
وأشار الوزير إلى أن زوجة ماهر الأسد، ونجله دخلا لبنان وغادرا عبر المطار. وذكر أن كل شخصية غير مطلوبة تدخل إلى لبنان، بطريقة شرعية يسمح لها بالمغادرة.
وزير الداخلية بسام مولوي للـmtv: علي مملوك غير موجود في لبنان ولم يدخل لبنان وفي حال دخوله سيتم توقيفه وقد عممت صوره في المطار في حال حاول المرور بأوراق مزورة
— MTV Lebanon News (@MTVLebanonNews) December 18, 2024
وفي سياق متصل، كشفت مصادر سورية مطلعة، لصحيفة "عكاظ" السعودية، أن مدير الأمن القومي السوري السابق اللواء علي مملوك، توجه بعد ساعة من هروب بشار الأسد إلى دولة إقليمية.
وأفادت المصادر، بأن مدير الأمن القومي السوري السابق لم يصطحب معه أي شخص من مكتبه الخاص، سوى عائلته وبعض المقربين عائلياً. وقالت المصادر إن "مملوك الذي يوصف بأنه الصندوق الأسود للنظام السابق، تربطه علاقات طيبة بهذه الدولة وفضل التوجه إليها".
هل دخلت زوجة ماهر الأسد إلى لبنان؟https://t.co/HQoCrjeB6h
— MTV Lebanon News (@MTVLebanonNews) December 18, 2024 من هو الصندوق الأسود؟
ويعتبر مملوك ضابط استخبارات سوري ومقرب من الأسد، ويطلق عليه "الصندوق الأسود" للنظام السابق ،وهو من مواليد دمشق 1949 من عائلة ذات جذور إقليمية عميقة.
وعين عام 2005 رئيساً للمخابرات العامة، وكلف بقمع الاحتجاجات عام 2011، ويواجه عقوبات غربية صارمة، حيث وجهت إليه باريس اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كما يحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي، في دوره في تعذيب وقتل ناشط أمريكي سوري.
وأما ماهر الأسد الشقيق الأصغر لبشار الأسد، فلم يتم معرفة وجهته الأكيدة حتى الآن، إلا أن مصادر مطلعة تابعة للفصائل المسلحة تقول إنه "غادر فجأة وعلى عجل بعد معرفته بهروب بشار". وذكرت المصادر أن ماهر الأسد ترك العديد من الوثائق الخاصة بالفرقة الرابعة، وسيتم الكشف قريباً عن وثائق تتعلق بعلاقات تلك الفرقة بميليشيا حزب الله الإرهابية.