شهادة ميلاد جديدة للعلاقات المصرية التركية تسجلها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التاريخية إلى القاهرة، والتي تعكس الرغبة في فتح صفحة جديدة وإحياء أواصر الصداقة بين البلدين، كما تعد تقديرا من أنقرة لدور مصر المحوري في المنطقة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وحرصها على إحلال الأمن والاستقرار الإقليمي.

وأجمع دبلوماسيون، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء، أن توجه الرئيس التركي للقاهرة بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، يأتي في توقيت بالغ الخطورة، أي في ظل الصراعات والأزمات التي تشهدها الأمتان العربية والإسلامية، وكذا الملفات المعقدة بالمنطقة وعلى وجه الخصوص الحرب الحالية في قطاع غزة وما تشهده القضية الفلسطينية من مخططات لتصفيتها، ما يتطلب توحيد الصفوف لمجابهة تلك المخاطر.

وأضاف الدبلوماسيون أن تحسين مناخ العلاقات وتنشيط آليات التعاون الثنائي رفيعة المستوى وتحقيق التقارب بين البلدين، سيعطي للمنطقة قوة وأماناً بالنظر إلى ثقل مصر وتركيا في الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار، يؤكد نائب وزير الخارجية السابق السفير علي الحفني، أن زيارة الرئيس التركي للقاهرة تكتسب أهمية استثنائية، إذ تعد الأولى من نوعها إلى مصر منذ سنوات طويلة من الخلاف السياسي، وتبعث برسالة مفادها أن صفحات الماضي قد طويت لنبدأ مرحلة جديدة متطلعين إلى مستقبل يسوده التعاون والاحترام بما يحفظ أمن الدول واستقرارها.

وسلط الضوء على أن مجيء الرئيس أردوغان إلى القاهرة يمهد لتحالف استراتيجي جديد يرسم مستقبل الإقليم في هذا التوقيت شديد الحساسية الذي تموج فيه المنطقة بالاضطرابات والاستقطابات وإعادة ترتيب الأوراق، بجانب الأوضاع المشتعلة بالمنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتداعياتها الخطيرة على استقرار الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن تواجد الرئيس التركي اليوم في مصر يشكل فرصة ذهبية للتوصل إلى تفهمات حول عدد من القضايا العالقة، وتقريب وجهات النظر لاسيما في الملف الليبي الذي يمثل أهمية قصوى للبلدين، بالإضافة إلى تنسيق المواقف في القضايا المصيرية والعمل على وقف الحرب الإسرائيلية وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى أهل غزة ومنع تهجير الفلسطينيين وإنقاذ القضية من التصفية مع تشجيع بلدان العالم المحبة للسلام والعدل على الاعتراف المباشر بالدولة الفلسطينية.

وثمن السفير الحفني عدم تأثر ملف الاستثمارات والعلاقات التجارية بين البلدين، إذ ظل التعاون قائماً في هذا الشأن طوال العشر سنوات الماضية، معرباً عن أمله في أن تتوج زيارة أردوغان لمصر بقطع أشواط طويلة في اتجاه العودة إلى علاقات طبيعية كاملة تصب في مصلحة الشعبين وتحقق تطلع شعوب الشرق الأوسط إلى العيش بمنطقة خالية من الأزمات تنعم بالأمن والاستقرار والسلام.

من جانبه، اعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي، أن مجيء الرئيس التركي إلى مصر ولقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد سنوات من التوتر السياسي، يمثل نقطة تحول كبيرة في الشرق الأوسط، ويمهد لتحالف قوي جديد بين قوتين رئيسيتين بالإقليم، قادرتين معًا على مواجهة الأزمات الراهنة والمخططات التي تستهدف المنطقة.

ووصف السفير بيومي، تلك الزيارة "بالخطوة الإيجابية" على طريق دفع العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين، فضلاً عن كونها فرصة لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها التطورات في فلسطين وليبيا وسوريا والعراق واليمن، بجانب الأوضاع بمنطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالطاقة.

وسلط الضوء على المصالح المشتركة بين البلدين والتي سيعود تعزيزها بالنفع على الشعبين الصديقين، منوهاً بأن القيادة السياسية المصرية الحكيمة ودبلوماسيتها صاحبة الخبرة نجحتا في الحفاظ على العلاقات بين البلدين التي لم تشهد قطيعة حقيقة بالرغم من التوتر الذي شابها على مدار عقد من الزمن، إذ استمرت العلاقات الاقتصادية والاستثمارات التركية في مصر، علاوة على وجود جالية مصرية مهمة وذات تأثير بالمجتمع التركي.

وشدد على أن تركيا دولة إسلامية شقيقة وينبغي أن تربطنا بها علاقات على أفضل وجه، خاصة في ظل التهديد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط وتوسيع رقعة الصراع ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتهجير.

ورأى أننا يمكنا أن نعول على ضغط تركي على الحكومة الإسرائيلية في ضوء علاقات التعاون المهمة التي تربط أنقرة بتل أبيب، معرباً عن ثقته في أن الرئيس أردوغان من المؤكد أنه يضغط على دولة الاحتلال لوقف الحرب ضد الفلسطينيين.

وذكر بمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، وهي منظمة دولية تضم 8 دول إسلامية هي مصر، ونيجيريا وباكستان، وإيران، وإندونيسيا، وماليزيا، وتركيا، وبنجلاديش، تم تأسيسها عام 1996 لتضم أكبر دول إسلامية، حاولت القيام بمشروعات مشتركة، إلا أنها توقفت لاحقاً نتيجة التوترات، معرباً عن أمله في إحياء مثل تلك الجهود خاصة أن مصر وتركيا دولتان كبيرتان في الإقليم ولديهما الكثير لكي تقدماه لشعوب المنطقة والأمة الإسلاميّة.

من جهته، قال سفير مصر الأسبق لدى العراق السفير أحمد درويش، إن زيارة الرئيس التركى للقاهرة تمثل تأكيداً لدور مصر المحورى والفاعل، ولأهميتها الاستراتيجية والسياسية إقليمياً ودولياً، وكذلك تقديراً لشخص الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتابع أن تلك الزيارة تحمل عدداً من الملفات ذات الاهتمام المشترك وتهدف لتبادل الرؤى بشأن التطورات الخطيرة وغير المسبوقة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الاعتداءات الإسرائيلية التي ترقى لعمليات إبادة جماعية ضد أهل قطاع غزة، واستخدام مفرط وغير مبرر للقوة من قبل دولة الاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية.

وأشار إلى أن مصر وتركيا تبحثان عن أفضل السبل لإنهاء هذا العدوان الغاشم لما للدولتين الكبيرتين من تأثير في محيطهما الإقليمي والدولي، وباعتبار أن أنقرة لديها علاقات خاصة مع إسرائيل والأطراف الأخرى الفاعلة مثل الولايات المتحدة الحليف الرئيسي "لحكومة تل أبيب"، وكذلك الاتحاد الأوروبى، علاوة على ثقل تركيا كعضو مهم في حلف شمال الأطلنطي (ناتو).

ورأى السفير درويش أنه كان من الطبيعي والضروري استعادة وتطوير العلاقات في شتى المجالات بين القاهرة وأنقرة، والتنسيق بين البلدين اللتين تربطهما علاقات ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، إذ لا يكاد يخلو بيت مصري من وجود دماء أو مصاهرة تركية، مشيرا إلى أن التعاون المثمر والجاد بين الدولتين سينعكس إيجابياً وبلا أدنى شك على الشعبين الصديقين.

وشدد على أن تلك المرحلة شديدة الخطورة التي تعصف بالأمتين العربية والإسلامية تتطلب توحيد الصفوف لمواجهة التحديات ولاسيما في ضوء عضوية تركيا الفاعلة داخل منظمة التعاون الإسلامي، ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة.

وأبرز تطابق الرؤى بين مصر وتركيا فيما يتعلق برفض تهجير الفلسطينيين بأي شكل من الأشكال من أرضهم التاريخية، وعرقلة دخول المساعدات لقطاع غزة، بجانب مطالبتهما الجادة لإيقاف العدوان الغاشم على أهل غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة من أجل إحلال الاستقرار والسلام المنشود بالمنطقة.

اقرأ أيضاًسفير مصر السابق بتركيا: زيارة أردوغان للقاهرة فرصة لخلق تحالف لمواجهة مشاكل المنطقة

مستشار أردوغان: مصر هى القائد الحالي للعرب والتطبيع الكامل بيننا سيفتح آفاقًا جديدة بالشرق الأوسط

وزير الخارجية التركي: أردوغان وبوتين سيبحثان الحرب في أوكرانيا واتفاق الحبوب

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي الحرب الحالية في قطاع غزة الرئيس عبد الفتاح السيسي العلاقات المصرية التركية القضية الفلسطينية زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئیس عبد الفتاح السیسی الرئیس الترکی الشرق الأوسط بین البلدین مصر وترکیا

إقرأ أيضاً:

العراق وعُمان يؤكدان على تعزيز التعاون بين البلدين

آخر تحديث: 22 دجنبر 2024 - 8:44 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- بحث وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ونظيره العُماني بدر البوسعيدي تعزيز التعاون بين البلدين بمواجهة التحديات المشتركة.وقالت الخارجية العراقية في بيان،  أن “نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، استقبل، وزير خارجية سلطنة عُمان الشقيقة بدر البوسعيدي، والوفد المرافق له، في مبنى وزارة الخارجية بالعاصمة بغداد“.وأشاد حسين بـ”عمق العلاقات التاريخية التي تجمع العراق وسلطنة عُمان”، مؤكداً “أهمية تعزيز التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والأمنية، بما يحقق تطلعات البلدين الشقيقين“.من جانبه، أكد الوزير العُماني “انفتاح سلطنة عُمان الكامل على تعزيز علاقاتها مع العراق”، مشيراً إلى “أهمية تفعيل مذكرات التفاهم بين البلدين، وتعزيز التعاون مع رجال الأعمال وتنظيم المعارض التجارية لتوسيع آفاق الشراكة الاقتصادية“.وبحث الجانبان “سبل تعزيز العلاقات الثنائية بما يحقق المصالح المشتركة، مع التأكيد على أهمية التنسيق والتشاور المستمر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك“.وشدد الوزيران على “أهمية توحيد الرؤى والمواقف في المحافل الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون بين العراق وسلطنة عُمان في مواجهة التحديات المشتركة“.وتأتي هذه الزيارة بحسب البيان “في إطار انعقاد اجتماعات اللجنة المشتركة العراقية-العُمانية، التي ستبدأ أعمالها يوم غد الأحد برئاسة وزيري خارجية البلدين، بهدف تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية”.

مقالات مشابهة

  • وفد حركة الجهاد الاسلامي يختتم زيارة للقاهرة بحث فيها صفقة تبادل أسرى
  • هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟
  • مستشار الرئيس التركي يقترح اسم جديد للشرق الأوسط
  • العراق وعُمان يؤكدان على تعزيز التعاون بين البلدين
  • السفارة التركية بدمشق تعلق على زيارة أردوغان المرتقبة إلى سوريا
  • القائم بالأعمال المؤقت في السفارة التركية بدمشق يعلق على زيارة أردوغان المرتقبة إلى سوريا
  • سوريا.. بين الأطماع التركية والطموحات الكردية
  • دبلوماسيون أمريكيون في زيارة مفاجئة إلى دمشق.. كواليس ما يدور بالغرف المغلقة
  • المنتدى الاستراتيجي للفكر ينظم ندوة عن مستقبل الشرق الأوسط بعد أحداث سوريا
  • أردوغان: نأمل في نقل العلاقات التركية السورية إلى مستوى جديد