تقرير: ثروات المقيمين داعم كبير لاقتصادات منطقة الخليج على المدى الطويل
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
أشار تقرير جديد صدر اليوم عن القمة العالمية للحكومات، بالتعاون مع «ميرسر»، الشركة العالمية الرائدة في مجال الأعمال وإحدى شركات مارش ماكلينان (NYSE: MMC)، إلى أن رأس المال التقاعدي قد يوفر دفعة كبيرة للاقتصادات النامية، وأن دول مجلس التعاون الخليجي من بين أكثر 20 دولة في العالم قدرة على تحقيق الفائدة في مجال رأس المال التقاعدي.
وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن نحو 169 مليون عامل، من جميع مستويات الدخل، قد جرى توظيفهم خارج أوطانهم الأم في العام 2019. وكان أكثر من ثلثي هؤلاء (67.4%) قد انتقلوا إلى الدول مرتفعة الدخل، في حين يقطن ويعمل 19.5% في الدول ذات الدخل ما بين المتوسط والعالي. ومن المتوقع أن يواصل عدد العاملين الأجانب ارتفاعه وذلك مع تنامي قدرة القوى العاملة على التنقل، وتوافر خيارات أوسع أمامها من حيث أماكن إقامتها وعملها وتقاعدها.
ويستعرض التقرير العمل الريادي الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في تلبية الاحتياجات الاقتصادية للمقيمين. ويشير التقرير إلى أنه ومع وصول نسبة المقيمين والعمالة الأجنبية في دولة الإمارات إلى ما يقارب 90% من تعداد السكان في العام 2021، فإن الدولة ستكون قادرة على تحقيق فوائد كبيرة حال وضع استراتيجية فعالة لاستبقاء رأس المال التقاعدي.
وقال محمد يوسف الشرهان، مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات: «نعيش اليوم في عالم مترابط متداخل يستقطب أصحاب المواهب المتميزة، وتُعدّ دول الخليج وجهة مفضلة لجذب هذه المواهب والاحتفاظ بها، ولكي تستمر كذلك عليها تحفيزها للبقاء لفترات طويلة، وهو الأمر الذي يستعرضه التقرير بالتفصيل». وأضاف: «ومن خلال تعاوننا مع شركة»ميرسر«، ركزنا على دراسة مسألة استبقاء خبرات واستثمارات المقيمين، حتى يتمكن القادة وصناع السياسات من اتخاذ قرارات مبنيّة على معلومات دقيقة بشأن الحفاظ على جاذبية بيئات العمل لهم».
ويعدّ توسيع حجم شريحة العمالة المقيمة أمراً مهماً للنمو وخطط التطوير الاقتصادي في عدد من دول الشرق الأوسط؛ إذ قامت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، خلال الأعوام القليلة الماضية، بتبني معايير متعددة من أجل تسهيل انتقال الأفراد إلى هذه الدول للعمل. وتعمل هذه الحكومات على تشجيع توظيف هذه العمالة في قطاعات رئيسية، بما يتيح تعزيز الخبرات والمساهمة في تحقيق أهداف النمو.
وأظهر التقرير أن التكنولوجيا والخدمات المالية هما من القطاعات التي توفر أكبر قدر من الفرص للعمالة الأجنبية، مشيراً إلى أن بعض الدول تعمل على تشجيع شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة على نقل مقارّها إلى المجمّعات التقنية التي تم تأسيسها فيها مؤخراً، في حين تتطلع المؤسسات المالية متعددة الجنسيات إلى توظيف أو نقل الموظفين إلى مكاتب تابعة لها في المراكز المالية العالمية.
وتشتمل قائمة الفوائد الاقتصادية الناتجة عن استقطاب هذه الشريحة الماهرة، على توفير مستويات أعلى من نقل المعارف والابتكار وريادة الأعمال، إلى جانب مستويات إنفاق استهلاكي أكبر. إلى ذلك، يمكن للدول الحصول على مصدر مهم لرأس المال، من خلال تشجيع العمالة على الاستثمار مباشرة في البلد المضيف خلال فترة حياتهم المهنية، ومن ثم استبقاء تلك الاستثمارات بعد التقاعد.
من جانبه قال روب أنصاري، رئيس إدارة الثروة في الهند والشرق الأوسط وأفريقيا لدى «ميرسر»، وأحد مُعدِّي التقرير: «نشهد في الوقت الحالي منافسة عالمية على مدخرات واستثمارات العاملين الأجانب، لا سيما وأنهم باتوا يعيشون لفترة أطول ويتقاعدون في وقت مبكر. ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها الإمارات العربية المتحدة، الاستفادة من بقاء المزيد من المغتربين فيها بعد التقاعد، بسبب النسبة الكبيرة من المغتربين من ذوي الثروات العالية. ويجسد هذا المجتمع المتنقل والثري فرصة اقتصادية مهمة للدول، مثل الإمارات، وخصوصاً من خلال قيامها بإصلاحات مالية، حتى تسهّل على هؤلاء العاملين الأجانب إمكانية الوصول إلى أموالهم وادخارها ونقلها».
وسلط التقرير الضوء على مثال «مركز دبي المالي العالمي»، الذي قام بتعديل برنامج مكافآت نهاية الخدمة الخاص به في العام 2020، كما أطلق خطة مدخرات الموظفين في مكان العمل لمركز دبي المالي العالمي، والتي تعتبر خطة تقاعدية بمساهمات محددة تقوم من خلالها جهات التوظيف بدفع مبالغ شهرية، لتوفر للموظفين سلة ادخارية. وتبدأ الدفعات المقدمة من جهات العمل من نسبة محددة من راتب الموظف، والتي تزيد بعد خمسة أعوام من الخدمة، وتشارك في هذه الخطة جميع الشركات المسجلة في «مركز دبي المالي العالمي».
ويمكن للاقتصادات المحلية أن تجني فوائد محتملة كبيرة، من خلال توفير وسيلة ادخار للوافدين، وذلك لتلبية احتياجات الادخار لهؤلاء السكان، مع الأخذ بعين الاعتبار أن على الحكومات وضع سياسات جديدة بالتزامن مع ذلك؛ بهدف ضمان عدم تأثر المواطنين في هذه الدول بتدفق المهاجرين.
وأضاف أنصاري: «للمقيمين دور حيوي في ضمان النمو الاقتصادي المستدام، بدءاً من زيادة الإنفاق ضمن المجتمع المحلي، وصولاً إلى المساعدة في إيجاد حلول للتحديات السكانية والتنافسية. ونشهد اليوم زيادة في عدد مؤسسات المنطقة التي تتطلع إلى تطوير أدوات ادخار طويلة الأمد من أجل تلبية احتياجات هذا السوق، الأمر الذي سيعود بفائدة كبيرة على الدول في المستقبل».
يُذكر أن القمة العالمية للحكومات 2024 تشهد في نسختها الحالية؛ حضور أكثر من 4000 متخصص من 140 حكومة و85 منظمة دولية و700 شركة عالمية، لبحث التوجهات المستقبلية العالمية الكبرى، خلال أكثر من 110 جلسات رئيسية حوارية وتفاعلية، يتحدث فيها 200 شخصية عالمية، إضافة إلى عقد أكثر من 23 اجتماعاً وزارياً وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من 300 وزير.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات القمة العالمية للحكومات الإمارات من خلال أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: التصعيد بين واشنطن وطهران يلوح في الأفق.. وأوروبا مطالبة بإيجاد مخرج
حذرت تقرير أعدته باحثتان ونشر في موقع معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، من أن الولايات المتحدة وإيران تسيران نحو تصعيد خطير، مشددتين على أن أوروبا "بإمكانها، بل ينبغي عليها، أن توجد مخرجا".
وقالت الدكتورة سانام وكيل، نائبة مدير "برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في معهد "تشاتام هاوس"، والدكتورة أنيسة بصيري تبريزي، الزميلة المشاركة في البرنامج، إن أمام الدول الأوروبية الثلاث وهي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وطهران خيارا واحدا فقط، وهو إعادة التواصل.
وأشارت الباحثتان في التقرير أن عدم القيام بإعادة التواصل بين الدول الأوروبية الثلاث وإيران "يُهدد بالتوجه نحو برنامج نووي مُسلّح، أو تصعيد عسكري، أو كليهما".
وأوضحت الباحثتان أن العام 2025 سيشهد انتهاء صلاحية الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" الموقع عام 2015، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان أدوات الضغط القليلة المتبقية على طهران، مثل إعادة فرض العقوبات.
وأضاف التقرير أنه "في غياب الاتفاق أو بديل له، قد تقرر طهران المضي قدمًا في برنامجها النووي، خاصة بعد تراجع قدراتها الرادعة خلال العام الماضي".
وأشارت إلى أن "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، بما في ذلك حماس وحزب الله، تعرض لانتكاسات كبيرة في صراعه مع "إسرائيل"، كما أن نظام الأسد في سوريا، الحليف التقليدي لطهران، قد انهار، ما يجعل إيران أكثر عرضة للضغوط.
من جانب آخر، لفتت الباحثتان إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "رفعت مستوى المخاطر، حيث فرضت عقوبات اقتصادية صارمة في أسابيعها الأولى"، مشيرتين إلى أن "إسرائيل تضغط بشدة على واشنطن لدعم ضربات عسكرية مباشرة ضد البرنامج النووي الإيراني".
وفي ظل هذه التطورات، أشارت الباحثتان إلى أن صانعي القرار الإيرانيين يناقشون الآن "ضرورة تسليح البرنامج النووي"، رغم تأكيدات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن "البرنامج سيظل سلميا".
وبحسب التقرير، فإن عام 2025 سيكون عاما مفصليا، حيث قد تجد إيران نفسها أمام خيارين: تسريع عملية التسلح النووي، أو مواجهة هجمات عسكرية ضد منشآتها، ما سيؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المنطقة.
وقالت الباحثتان إن "هذه السيناريوهات هي ما سعت الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي إلى تجنبه منذ عام 2003، عندما بدأوا في لعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران"، موضحتان أن "الدول الأوروبية ظلت ملتزمة بالاتفاق النووي حتى بعد انسحاب ترامب منه عام 2018، لكنها لم تتمكن من الحفاظ على امتثال إيران له بعد عام 2019".
وأشارت الباحثتان إلى أن العلاقات الأوروبية-الإيرانية تدهورت بشكل كبير، خاصة بعد دعم طهران للحرب الروسية في أوكرانيا، مما زاد من حدة التوترات بين الطرفين.
وفي ظل هذه التطورات، شدد التقرير على أن "إعادة التواصل بين إيران وأوروبا هو الخيار الأفضل المتاح"، معتبرا أن طهران ترى في المفاوضات المباشرة مع واشنطن "استسلاما لسياسة الضغط الأقصى"، لكنها في الوقت ذاته لا ترغب في التصعيد العسكري، وتسعى لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وأشارت الباحثتان إلى أن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث عقدت بالفعل اجتماعات عدة مع مسؤولين إيرانيين لمناقشة إمكانية استئناف المفاوضات، مشددتين على أن "على أوروبا التحرك بسرعة لوضع جدول زمني واضح للتوصل إلى اتفاق جديد قبل انتهاء المهلة النهائية لإعادة فرض العقوبات".
واختتم التقرير بتحذير صريح، حيث أكدت الباحثتان أن "التقاعس الأوروبي قد يؤدي إلى وضع كارثي، يتمثل في تصعيد نووي أو عسكري من شأنه أن يجعل البيئة الأمنية العالمية أكثر هشاشة واضطرابا".