سبع ركعات في الجامعة الأمريكية
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
صليت العشاء أربع ركعات بكامل فرائضها وواجباتها وسننها وهيئاتها، وفوقها ثلاث ركعات الوتر أيضًا، فلن أترك فرصة للعفن أن ينتصر على قراري بالصلاة في الجامعة الأمريكية، ثم صدعت لأكمل المناقشات الدائرة ورأيي في المسرحية، ولكني كنت مشغولا بالمسرح أكثر من المسرحية، فقد كان الباب يغلق من الخارج وغير مسموح بالخروج من المسرح طوال مدة العرض، ولم أشأ أن أخبرهم أني طوال العرض كان يتملكني القلق بل والاختناق من جراء غلق الباب من الخارج، فقد كنا قريبي عهد من حادث فاجعة احتراق عدد كبير من الجمهور والممثلين في بني سويف عندما اندلعت النيران من جراء بعض الاستعراضات التي تشعل فيها النار التي أمسكت بالديكورات ووقعت الكارثة.
فطوال مدة العرض في مسرح الجامعة لست حرا إذا اتخذت قرار الخروج لو شعرت بالاختناق حتى ولو لم يحدث أي شيء يقلق، لكن في المسجد في أسفل المبنى كان يمكنني أن أتركه بسبب الروائح الخانقة الناتجة من عزلته وإهماله..
صدقني هذا الدرس الذي أظن أنه يختصر في سخرية نموذج الثقافة الأمريكية”
هكذا وصف الكاتب الروائي محمد شمروخ كيف صلى في الجامعة الأمريكية أثناء وجوده لحضور مسرحية، استجابة لدعوة من إحدى صديقاته.
وتعد هذه القصة الأولى ضمن مجموعته القصصية الأخيرة التى تحمل نفس العنوان (7 ركعات في الجامعة الأمريكية)، وتحتوي على 18 قصة قصيرة من بينها “كل شيء هنا جميل باستثناء وردة خليل” و”خاتمة شيرين السقراطية” و”حكاية هروب زبيدة ” و”أهي سلمى خلعت الحجاب” و”لونها بنت بواب” و”بنت لكن تعجبك” و”بنت الأستاذ يا أوغاد”…
ودعوة حضور مسرحية بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فتحت بابا للمقارنة بين فخامة قاعة العرض وزاوية الصلاة المهملة في الجراج، وهنا تذكرت رحلتي الأخيرة الى “ليتل روك” عاصمة ولاية أركنساس بالولايات المتحدة الأمريكية، حين كنت في زيارة لمريض في المستشفى وظللت أبحث عن مكان للصلاة ووجهتني كل الأصابع حينها إلى مكان واحد في الدور الأول وحين دخلت فوجئت أنه كنيسة مصغرة تصطف بها الكراسي ولوحات العذراء الساحرة على الجدران وبيانو خشبي أبانوس في أحد الزوايا، ولن أخفيك سرًا عزيزي القارئ فقد ترددت لبضع ثوان ثم دأبت وعزمت على الصلاة فجميعها بيوت الله، ثم فتحت بوصلة الصلاة على الموبايل وفردت السجادة وصليت وشعرت براحة نفسية لم أعرف سببها إلى الآن!
واللافت للقارئ أن الخيط الحرير المشترك الذي نسج به “شمروخ” مجموعته القصصية هي المرأة، في مواقف مختلفة ما بين قصص غرامية أو حكايات إنسانية أو وقائع مجتمعية، على الرغم من استقلال كل قصة منفردة بأجوائها الخاصة بها سرديًا والتى تتأرجح بين الواقعية أو الخيال البحت للمؤلف.
ومما لا شك فيه أن القصة القصيرة فرضت نفسها على الساحة الأدبية ونجحت كلون أدبي مميز، أصبح متسقًا مع منتجات العصر الراهن وإفرازات السوشيال ميديا التي يغلب عليها الاختصار والتبسيط.
وجاءت لغة المؤلف متفردة، وكأنها مزيج من العامية والفصحى حتى أصبحت عامية متأنقة أو فصحى “كاجوال”، ولكنها في كل الأحوال لغة سلسة قريبة من القارئ، وكأنها أقرب لـ “سكريبت” سيناريو مصنوع بحرفية وجاهز على التقديم.
فالحبكة الدرامية لكل قصة طرحها المؤلف تتكون من جملة مركزية تكون هي العنوان على الأرجح، ثم يأتي الفعل ورد الفعل وذروة الحدث، ومن ثم تتمة القصة، وهنا تنتقل الكتابة بتلقائية من خيال الكاتب إلى خيال القارئ.
وقد استطاع الكاتب ببراعة منح القارئ أكبر كم من المعلومات السريعة حول المكان والزمان وطبيعة الشخصيات لكل قصة بصورة مشوقة تجعله على دراية بالأحداث حتى إنه يمكنه استكمال الأحداث دون اكتمال السطور أو الصفحات وهو الأسلوب الذي استخدمه الكاتب الأمريكي كورت فونيجت جونيور الأبرز في كتابة النثر القصصي، وكانت أبرز مؤلفاته “البيانو الآلي” و”فطور الأبطال” و”حوريات تيتان”.
ولم يتبق إلا أن ندعو الله بقراءة شهية لكم وصلاة مقبولة للأستاذ محمد شمروخ.
د. هبة عبدالعزيز – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الجامعة الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
فرنسا تصعّد اللهجة بشأن اعتقال الكاتب صنصال في الجزائر
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء، أن اعتقال الجزائر لمواطنها الذي يحمل الجنسية الفرنسية، الكاتب بوعلام صنصال، "غير مبرر وغير مقبول".
وقال بارو في تصريحات لقناة "فرانس إنفو تي في" الإخبارية: "لا شيء في أنشطة بوعلام صنصال يعطي صدقية للاتهامات التي أدت إلى سجنه" في الجزائر، إثر توقيفه في مطار العاصمة في وقت سابق من نوفمبر الجاري.
وأضاف أن "اعتقال كاتب فرنسي بشكل غير مبرر.. أمر غير مقبول".
وكان متحدث باسم الإليزيه قد تحدث قبل أيام عن "قلق" الرئيس الفنسي إيمانويل ماكرون بشأن مصير صنصال.
وصنصال (75 سنة)، كاتب جزائري يحمل الجنسية الفرنسية، اتخذ مواقف معارضة وناقدة للنظام في الجزائر، كما عرف بمواقفه المناهضة للإسلاميين المتشددين، وحصل على الجائزة الكبرى للرواية مناصفة مع الكاتب الفرنسي التونسي، الهادي قدور، في 29 أكتوبر 2015.
كلام عن المغرب.. ما الذي قاله صنصال وأغضب الجزائر؟ مرت 10 أيام على اعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال دون تقديم السلطات الجزائرية توضيحات بشأن أسباب توقيفه والتهم التي يواجهها، باستثناء تأكيد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية الخبر، الجمعة.وأثار خبر الاعتقال ردودا واسعة النطاق من قبل الطبقة السياسية في فرنسا، كما طالب فائزون بجائزة نوبل للآداب، وهم آنّي إرنو وجان ماري لو كليزيو وأورهان باموك ووول سوينكا، وكتاب آخرون بينهم سلمان رشدي، الكاتب البريطاني المعروف برواية "آيات شيطانية"، السبت، بالإفراج عن صنصال.
كما دعت زعيمة حزب "التجمع الوطني اليميني" بفرنسا، مارين لوبان، الحكومة الفرنسية إلى "التحرك من أجل الإفراج الفوري عن بوعلام صنصال"، وحيّت في تدوينة لها على حسابها بمنصة إكس صنصال "المناضل من أجل الحرية والمعارض الشجاع للإسلاميين".
ويناقش البرلمان الأوروبي، الأربعاء، وضع صنصال في جلسة من المقرر أن تتم فيها "الدعوة إلى إطلاق سراحه فورا ودون قيد أو شرط".
وسيناقش نواب البرلمان القضية بطلب من النائبة عن اليمين الفرنسي سارة كنافو، إلى جانب ملف سماه بـ"قمع حرية التعبير في الجزائر"، وفق ما جاء في برنامج محاور الجلسة.
البرلمان الأوروبي يدخل على خط قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال يناقش البرلمان الأوروبي، الأربعاء، وضع الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، المعتقل في الجزائر، في جلسة من المقررة أن تتم فيها "الدعوة إلى إطلاق سراحه فورا ودون قيد أو شرط".وتختلف طبيعة القرارات والتشريعات والإجراءات القانونية الصادرة عن البرلمان الأوروبي، إذ أن بعضها ملزم والبعض الآخر ليس كذلك.
وكان محامي الكاتب الفرنسي الجزائري، قد أفاد بأن موكله مثل، الثلاثاء، أمام قسم مكافحة الإرهاب بالنيابة العامة في الجزائر العاصمة، وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي.
وأكد المحامي فرانسوا زيميراي أن صلصال سيتابع بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي تعاقب على "الأفعال التي تهدد أمن الدولة" وتعتبرها "أعمالا إرهابية"، واصفا في بيان له نشرته وكالة الأنباء الفرنسية قرار حبس الكاتب بـ"العمل الخطير".
واعتبر المحامي أن "سلب الحرية من كاتب بسبب كتاباته يمثل انتهاكًا بالغًا"، مشددا على أن "الحرية يجب أن تكون مكفولة، خاصة للكتاب الذين يعبرون عن أفكارهم بحرية".
والمادة 87 مكرر من القانون الجزائري هي من النصوص القانونية التي أُدخلت عليها تعديلات مثيرة للجدل عام 2021.
وتعتبر المادة الأفعال التي تشكل "تهديدًا لأمن الدولة" بمثابة أفعال إرهابية، وتشمل "كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي".