يُريدُ بعض المجرمين الصهاينة الاستيطان فى قطاع غزة مرةً أخري. ويقودُ بعضُهم حملاتٍ للتعبئة فى أوساط جمهور اليمين، ويُنظمون نشاطاتٍ متنوعةً كان آخرها المؤتمر الذى عُقد فى القدس المحتلة قبل ايام. ويصعب الآن توقع هل سيجرؤ قادة العصابات الصهيونية الحاكمة على هذه المغامرة، أم أن بعضهم قد يكون مدركًا أخطارها.
فُككت تلك المستوطنات بسرعةٍ شديدة، وتم إخلاء المستوطنين جميعهم (نحو 8600) خلال ثمانية أيام, فى أغسطس 2005، وجرى توطينهم فى عكا ويافا واللد، وغيرها من مناطق فلسطين المحتلة 1948. وحدث ذلك الانكفاء فى إطار خطة فك الارتباط التى ناقضت كل ما تعهد به شارون فى حملته الانتخابية التى فاز على أساسها. ومما لا يخلو من دلالةٍ أن تلك الخطة شملت فى نسختها الأولى تفكيك 17 مستوطنة فقط، وأبقت على أربع، تصور شارون أن فى إمكانه حمايتها. ولكن لم تمض أسابيعُ قليلة على إعلان تلك النسخة فى فبراير 2005 حتى أعلن شارون عزمه فك الارتباط مع قطاع غزة بشكلٍ كامل، وإخلاء المستوطنات كلها. والمهمُ أن ذلك الانكفاء حدث عقب فشل عدوانٍ شنه الصهاينة على قطاع غزة تحت شعار أيام الغضب أملاً فى القضاء على المقاومة ومنع الصواريخ التى كان قد بُدئ فى إطلاقها منه. فهل تُشبهُ الليلةُ البارحة، رغم الاختلاف فى كثيرٍ من التفاصيل بعد أن وصل إجرامُ الصهاينة إلى ذروةٍ غير مسبوقة، وبلغت همجيتهُم مستوى لا سابق له فى التاريخ الحديث على الأقل؟ ربما. فليُجرب الصهاينةُ ما سبق تجريبه، ليُرغموا على الفرار مُجددًا. فأيًا تكن قدرتهُم على إضعاف المقاومة الباسلة فى العدوان الراهن، سيبقى لديها أكثر مما كان موجودًا قبل نحو عقدين.
وحيد عبدالمجيد – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
دبابات البابا
من جديد عاد البابا فرنسيس الأول، بابا الڤاتيكان، إلى إدانة الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، ولكنه هذه المرة وصفها بأنها ليست حربًا، لأنها تتجاوز الحرب التقليدية التى تعرفها الدول، إلى حرب الإبادة التى تترصد شعبًا بكامله.
فمن قبل لم يُفوّت البابا أى فرصة وجدها مناسبة، إلا ودعا فيها إلى وقف الحرب على القطاع، ولكنه فى هذه الإدانة الأخيرة يحرج حكومة التطرف فى تل أبيب بشدة، لأن هناك فرقًا بين أن يُدين أى مسئول دولى هذه الحرب، وبين أن يكون الذى يفعل ذلك هو بابا الڤاتيكان الذى يجلس على رأس الكنيسة الكاثوليكية، وبكل ما يمثله من ثقل ومن مكانة لدى عواصم الغرب.
وهذا هو ما دفع اسرائيل إلى شن هجوم عنيف عليه، ثم إلى أن تصفه بأنه يمارس ازدواجية المعايير، لأنه يبادر إلى إدانة أى إرهاب حول العالم، فإذا قاومت هى الإرهاب الجهادى فى القطاع كما تقول، فإنه يعترض ويدين ويحتج!
وهذا طبعًا نوع عجيب من خلط الأوراق من جانب حكومة التطرف فى تل أبيب، لأن البابا عندما أدان واعترض على مسمع من العالم، أعاد تذكير الإسرائيليين ومعهم الدنيا كلها بأن عدد القتلى والجرحى فى غزة منذ بدء الحرب فى السابع من أكتوبر قبل الماضى وصل ١٥٣ ألفًا!.. وهذا عدد مخيف كما نرى، بل إنه عدد لضحايا حروب بين دول، لا مجرد حرب من جانب دولة معتدية على شعب فى أرض محتلة.
وإذا كانت الدولة العبرية قد فقدت صوابها عندما سمعت بإدانة البابا، فلأنه صاحب نفوذ روحى ضخم لدى عواصم الغرب.. فهو لا يملك سلطة سياسية يستطيع بها التأثير على إسرائيل أو منعها من مواصلة المقتلة التى تمارسها مع الأطفال والنساء والشيوخ فى غزة، ولكن كل ما يملكه أن يعلن بأعلى صوت أن البابوية ضد ما ترتكبه حكومة نتنياهو على طول الخط.
ونحن نذكر أن الزعيم السوفيتى جوزيف ستالين كان فى أثناء الحرب العالمية الثانية قد سمع أن البابا يقول كذا وكذا، فتساءل بسخرية عما إذا كان لدى البابا دبابات يترجم بها ما يعلنه من آراء إلى مواقف عملية على الأرض؟
ولم يكن البابا يملك شيئًا من هذا طبعًا.. صحيح أنه كان يملك رأيه أو صوته فقط، وصحيح أن صوته كان أقوى من الدبابات والمدافع من حيث مدى تأثيره ووصوله إلى الناس فى أنحاء الأرض، ولكن الأمر يظل فى حالة مثل حالة اسرائيل إلى قوة توقفها عند حدودها وتمنعها من المضى فى هذه العربدة التى طالت لأكثر من السنة.