اضطررنا للمبيت في أحد الجبال بالصحراء. نام الرجال في الأرض، بينما أنا وأطفالي قضينا ليلتنا داخل صندوق السيارة. لم ننم من شدة البرد والخوف، وعند الصباح لم نتحرك كما هو متوقع بل رجعنا إلى الخلف عدة كيلومترات

 

تقرير: التغيير

ارتفعت معدلات لجوء السودانين إلى مصر عبر التهريب من الحدود السودانية برا خاصة عقب دخول قوات الدعم السريع لمدينة ومدني حاضرة ولاية الجزيرة.

في بداية الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سمحت السلطات المصرية بعبور السودانيين الفارين إلى مصر بإجراءات بسيطة حتى لأولئك الذين لا يحملون جوازات بمنحهم فيزا وثيقة اضطرارية عبر خلالها الآلاف إلى المدن المصرية. ومع استمرار الحرب ورغبة الكثيرين في الدخول إلى مصر تعقدت الإجراءات وأصبح الحصول على التأشيرة أمرا صعبا جدا ويتطلب ما بين (4-7) أشهر مما دفع الكثيرين لاختصار الوقت والوصول إلى مبتغاهم عن طريق التهريب.

أرقام ولاجئين

بحسب كريستين بشاي المتحدثة الرسمية لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين في مصر، فإن العدد المسجل بالمفوضية نصف مليون لاجئ من 62 جنسية، وإن العدد الأكبر من السودان وسوريا.

ووفقا للمفوضية حتى 31 ديسمبر 2023، وصل عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية 207.833 ألف.

النوم في الصحراء

تقول المواطنة السودانية انتصار لـ(التغيير) إنها دخلت مصر عن طريق التهريب بعد أن عجزت عن الحصول على تأشيرة، فـ”منذ ثلاثة أشهر وأنا انتظر ولكن دون جدوى خاصة وأنني كنت علي أمل اللحاق بالعام الدراسي لذلك قررت السفر مع أطفالي إلى مصر عن طريق الصحراء”.

غادرت انتصار من نقطة خلوية بولاية نهر النيل، حيث دفعت للسائق مبلغ 900 ألف جنيه أجرة ثلاثة أشخاص بعد أن تم إعفاء الصغير 9 سنوات من التعرفة بواقع 300 ألف للشخص الواحد.

ووصفت انتصار السفرية بالأسواء في حياتها قائلة: وصلنا في ثلاثة أيام رغم تأكيد السائق أن الرحلة تستغرق يوما ونصف اليوم.

وأضافت: واجهنا الموت أنا وأطفالي ونحن نجلس في الخلف (مربطين) بالحبال وأرجلنا في اتجاه الأرض حتى لا نسقط. ورغم ذلك سقط هاتفها في الصحراء من شدة الاهتزاز والمطبات ورفض السائق التوقف لالتقاطه.

وقالت: اضطررنا للمبيت في أحد الجبال بالصحراء. نام الرجال في الأرض، بينما أنا وأطفالي قضينا ليلتنا داخل صندوق السيارة. لم ننم من شدة البرد والخوف، وعند الصباح لم نتحرك كما هو متوقع بل رجعنا إلى الخلف عدة كيلومترات، وأخبرنا السائق بأن هنالك دورية للجيش المصري ويجب أن لا نتقدم بعدها.

وتروي انتصار لـ “التتغير” قصتها وتقول: وصلنا نقطة محددة واضطررنا للمبيت لليوم الثاني لذات السبب. دخلنا أسوان في اليوم الثالث ونحن في غاية التعب، كانت أرجلي متورمة ولا أقوى علي المشي.

وتضيف: تعرضنا للنصب والسرقة من أصحاب التكاتك بالقرب من أسوان، أحدهم أخذ مني مجوهرات ذهبية ومبلغا من المال. لكن في النهاية وصلنا إلى أحد المعارف في أسوان ومنها سافرنا إلى القاهرة.

الوقوع في المحظور

حظنا العاثر أوقعنا في يد الجيش المصري هكذا يقول أمجد لـ(التغيير)، ويضيف: الكثيرون عبروا إلى مصر بالتهريب، ولكن تم القبض علينا في منطقة أرقين ووجدنا هناك حوالى 60 شخصا مقبوض عليهم.

ويقول أمجد: كانت المعاملة جيدة، إذ تم نقل المرضى للمستشفى وكبار السن إلى مكان مهيأ بينما وضع الشباب في أحد المساجد، وبعد ثلاثة أيام تم إرجاعنا للسودان وقالوا لنا إنكم محظوظين لأنكم لم يزج بكم في السجن.

ويضيف: حاليا نبحث عن سائق العربة السوداني الذي تعهد لنا بإرجاع المبلغ أو توصيلنا مرة أخرى إذا تم القبض علينا، وعلمنا أن هذا جزء من الاتفاق.

وختم أمجد حديثه بأنه سيحاول مرة أخرى الوصول إلى هنالك للالتحاق ببقية أفراد الأسرة الذين سبقوه.

في ذات السياق تقول هديل أحمد: الجيش المصري طارد سيارتنا في الصحراء واضطررنا للعودة إلى حلفا وفي الطريق وجدنا مجموعة من اللاجئين على ظهور الجمال، يبدو إنهم كانوا عائدين أيضا للسودان، وربما تعطلت سيارتهم أو تم القبض علي السائق والسيارة.

المحامي مزمل عثمان أوضح لـ (التغيير) أن محاضر الشرطة المصرية تعج بالبلاغات ضد السودانيين خاصة اللاجئين الذين لم يوفقوا أوضاعهم لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هؤلاء يفقدون الكثير من حقوقهم القانونية.

وقال: هنالك أمثلة كثيرة، مثلا: جاءتنا سيدة تعرضت للسرقة وتعرف السارق لكنها لم تستطع أن تفتح بلاغا جنائيا لجهة إنها مقيمة بصفة غير شرعية، كذلك هنالك بعض المرضى لم يستطيعوا معاودة الأطباء في مناطق وسط البلد خوفا من حملات السلطات المصرية ضد المخالفين للإقامة، والبعض أيضا يتعرض للابتزاز بسوق العمل ويضطر للتنازل عن حقوقه ويعمل براتب أقل إذا وافق صاحب العمل على تشغيله.

ويضيف مزمل في حديثة لـ(التغيير): في مصر عموما إذا ما تم القبض عليك في أي بلاغ واتضح إنك لاجئ ولا تحمل بطاقة المفوضية يتم ترحيلك إلى السودان بعد قضاء فترة في السجن تتراوح ما بين ثلاثة أسابيع وشهر، وأحيانا شهر ونصف الشهر، وستفقد حتى الحق في زيارة الأهل.

منصة قانونية

تعتبر منصة اللاجئين (قانونية مصرية مستقلة) أحد الأجسام الطوعية التي تساعد اللاجئين في مصر من مختلف الجنسيات.

تقول المنصة عبر موقعها الرسمي إنها رصدت ووثقت “مشاكل متعددة ترتبط بنظام وسياسات تقديم خدمات التسجيل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر بشكل عام. فيما يخص الخدمات الأساسية للتقنين أو الاعتراف بالشخصية القانونية فإنها تؤدي بشكل مباشر إلى نتائج ترفع مستوى واحتماليات المخاطر على ملتمسي/ات اللجوء واللاجئين/ات في مصر.

وأكدت المنصة أن الصعوبات تزيد من تحديات وعوائق أمام مسائل الحماية القانونية والحماية الخاصة المرتبطة بوضع التماس اللجوء أو الحصول عليه.

وأشارت إلى أن اللاجئين محرومين من الخدمات ومعرضين للخطر،

وأن المفوضية تحدد لطالبي التسجيل مواعيد تمتد لشهور طويلة جدا لا تستقيم مع حاجتهم للتحرك بحرية.

الحريات الأربعة

وفيما يخص السودانيين اتهمت المنصة الحكومة المصرية بمخالفة اتفاقيات الحريات الأربعة بتقييد تأشيرة الدخول الأمر الذي زاد من معدلات اللجوء بشكل غير قانوني.

واكدت المنصة أيضا تلقيها بلاغات احتيال لسودانين تعرضوا لعمليات نصب من أناس استغلوا حاجتهم للتسجيل في المفوضية.

السفارة بمصر

من جانبه أقر سفير السودان بجمهورية مصر العربية محمد عبد الله التوم، خلال لقائه بعدد من الإعلاميين السودانيين، بدخول بعض المواطنين السودانيين بطريقة غير شرعية “تهريب” لجمهورية مصر. ووصف الدخول غير الشرعي بالمهدد الأمني وله مخاطر عدة. مشيرا إلى أن العمل القنصلي تضاعف جراء الوجود السوداني بأعداد كبيرة.

وأكد السفير استمرار السفارة في تنسيق الجهود لمنح الإقامة للسودانيين،

كاشفا عن اقتراح السفارة لحلول بهذا الشأن بغرض زيادة مدة التأشيرة سيجري التنسيق لها مع وزارة الخارجية المصرية، لافتا إلى أن عدد المعاملات اليومية بالقنصليات يتجاوز (600) إجراء يوميا.

وأشاد السفير بالحكومة المصرية التي سهلت إجراءات الدخول للسودانيين المتأثرين بالحرب منذ شهر أبريل من العام الماضي.

 

الوسومأسوان التهريب اللاجئين السودانيين حرب السودان صحراء مصر مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أسوان التهريب اللاجئين السودانيين حرب السودان صحراء مصر مصر

إقرأ أيضاً:

جمارك.. تسجيل 73 قضية في إطار مكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية

سجلت مصالح الجمارك خلال الفترة الممتدة من 20 إلى 26 سبتمبر الجاري، 73 قضية متعلقة بمكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية العابرة للحدود، تم خلالها ضبط 98 مخالفا.

وحسبما أفاد به بيان للمديرية العامة للجمارك، فإنه وفي إطار مكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية العابرة للحدود. سجلت الفرق الجمركية العملياتية الناشطة عبر كامل الإقليم الجمركي. بما يشمله من منافذ حدودية برية وبحرية وجوية. بالتنسيق الوثيق والمحكم مع مختلف الشركاء الأمنيين، حصيلة حجز معتبرة خلال الفترة الممتدة من 20 إلى 26 سبتمبر الجاري.

وأظهرت هذه الحصيلة حجز 197.649 وحدة من الأقراص المهلوسة، و 52,74 كلغ من الاكستازي، و 218.200 علبة سجائر. بالإضافة كذلك إلى 81.600 لتر من الوقود وأكثر من 160 وحدة من المحركات وقطع غيار المركبات. و309 وحدة من ذخيرة الصيد و 240 هاتف نقال.

كما يتعلق الأمر بحجز 24.500 يورو، و 5.500 دينار تونسي، و 2.056 وحدة من مختلف المشروبات الكحولية. وما يفوق 2.500 وحدة من مواد التجميل ومستحضرات العناية الجسدية. بالإضافة كذلك إلى 268.280 كلغ من المواد الغذائية المدعمة وذات الاستهلاك الواسع. ناهيك عن و88.970 لتر من زيت المائدة، بالإضافة إلى محجوزات أخرى من الخضر الفواكه والمواد الغذائية المختلفة والمكملات الغذائية والتجهيزات الحساسة. والأواني المنزلية والألبسة والأحذية والخيوط والأقمشة والاسمنت وألعاب الأطفال والدراجات الهوائية.

وبلغ عدد المخالفين المعنيين في هذه القضايا 98 مخالفا، بينما يقدر عدد وسائل النقل المستعملة في التهريب 54 مركبة “سيارات سياحية ونفعية، شاحنات وجرارات ومقطورات وحاويات. في حين بلغ إجمالي  الغرامات المفروضة نحو 3 مليارات دج.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • سليمان: تدفق اللاجئين السودانيين إلى الكفرة مازال مستمراً
  • المفوضية الأممية للاجئين: أكثر من 70 ألفا فروا من لبنان
  • جمارك.. تسجيل 73 قضية في إطار مكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية
  • الناطق باسم بلدية الكفرة: المدينة تمر بمأزق حقيقي سببه استمرار تدفق اللاجئين السودانيين نحوها
  • نوستالجيا... أجر حسن يوسف في مسلسل "أمير الدعاة": رحلة فنية تسجل تاريخ الدراما المصرية
  • انجلينا جولي مع اللاجئين السودانيين في تشاد
  • شاهد بالفيديو.. فتاة سودانية تتحدث مع سائق “تاكسي” مصري باللهجة المصرية بعد استلامها الإقامة: (خلاص ما بقتش لاجئة) والسائق يرد عليها: (انتو على دماغنا وعاشرت السودانيين أكثر من المصريين)
  • الداخلية تُشدد قبضتها لضبط جرائم التهريب
  • الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعلن عن تقديم خمسة ملايين دولار لدعم اللاجئين السودانيين في ليبيا
  • شاهد بالصورة والفيديو.. مقطع مؤثر.. سودانيون في مصر يحملون حقائبهم ويتابعون التلفاز في انتظار تحرير الجيش للخرطوم ليعودوا لمنازلهم