موقع النيلين:
2025-04-02@12:21:41 GMT

لماذا تموت الدول؟

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT


سنعرض هنا وباختصار بعض المفاهيم عن الدول، وسنعرض دورة حياة الدول، وأسباب ضعفها، وانهيارها كدول فاشلة (مارقة)، ثم سنلقي نظرة على إعادة بناء الدولة الفاشلة، وسنطرح بعض الاقتراحات لديمومة الدول، وتقهقرها نحو الضعف ثم الفشل.

إن الدول تحاكي دورة حياة الإنسان، فهو يولد ليموت، ويبدأ بمرحلة الولادة، ثم مرحلة الطفولة، تليها مرحلة الشباب والنضج، وبعدها مرحلة الشيخوخة، حتى تنتهي رحلة الحياة بالوفاة.

وكل ما يصنعه الإنسان يحاكي دورة حياته، فتصيبها الأمراض، ولكنها تختلف عن أمراض صانعها.

وبالاطلاع على نظرية الدولة/الحكومة، وهما كلمتان مترادفتان، وقد كتب عنها ابن خلدون «كل دولة تنتقل بين خمسة أطوار هي: الظفر، والانفراد بالمجد، ثم الفراغ والدعة، ثم طور القنوع والمسالمة، ثم الإسراف والتبذير». وتختلف الدول عن الإنسان في الأمراض والموت، فهناك أشكال وأنواع عدة، من موت الدول، منها التحول من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري، أو من النظام المدني إلى النظام العسكري وغيرها.. وهكذا تموت نظم الدول، ويعتبر تغيّر النظم ترتيباً داخلياً جديداً مع الاحتفاظ بسيادتها. وهناك موت كامل للدول، مثل الإمبراطورية الرومانية، إلا أن ما ينقص سيادة الدول هو تمدد الدول الأخرى بالاستحواذ علي جزء منها، والتمدد على جميع أجزائها، ما يفقدها سيادتها. ويتحقق هذا إما باستخدام القوة الخشنة، وإما القوة الناعمة. وقام ابن خلدون بتفسير سبب انهيار الدول مع الترف، بكونه السبب الأبرز في سقوط الدول عن طريق النخبة الحاكمة التي ترفل في النعيم، ناسية، أو متناسية، آلام شعوبها، وتقوم الدول هنا بفرض القوة المسلحة كلما دعت الضرورة لإسكاتها، ويؤكد أن الاستبداد و«الانفراد بالمجد» هو السبب الثاني الذي يؤدي لسقوط الدول. هنا تتعدد النظريات والأسباب التي تحاول تفسير سقوط الدول، وهنا برزت مؤخراً، نظرية تماسك المجتمع كمحدد لسقوط الدول، مهما كانت قوتها، وهذه النظرية هي الآن تحت المحك في الحرب القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين. الطرفان في تناقض في تناسب القوة وتماسك المجتمع. وأذا تحققت هذه النظرية فإنها ستقلب النظريات التي سبقتها.

وهناك شبه إجماع على أن أسباب سقوط الدول واحد، وهو فشل مؤسساتها، أو الفشل في تقديم الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، وعدم فعالية الحكومات.

وتعددت الأسباب والسقوط واحد، أما الموضوع هنا فليس أسباب سقوط الدول، بل ما هي العوامل التي أدت إلى هذه الأسباب، ومنها:

1- ارتفاع أعداد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر والبطالة.

2- اللجوء إلى المساعدات الخارجية والقروض من دون أن يكون هناك أي تطوير حقيقي ملموس، الأمر الذي يترتب عليه مديونية متصاعدة ترهق كاهل الموازنة العامة.

3- التدهور الاقتصادي الكبير في غياب التنمية الاقتصادية العادلة في التعليم والوظائف والدخل ومستويات الفقر، وتزايد النزعات الإثنية لهذه الدول.

4- غياب القدرة على تطوير وسائل الإنتاج والموارد الاقتصادية.

5- وصول الفساد إلى مستويات تدميرية.

6- تفاوت كبير في مداخيل الطبقات الاجتماعية لتنحصر في طبقتين، إحداهما فاحشة الثراء، وأخرى مسحوقة. وهناك أسباب أخرى، منها نضوب خزائن الدول والاعتماد على حليف واحد، وتوالي الحكومات الضعيفة بما يؤدي في النهاية إلى ضعف الدول، وتناحر الطبقة الحاكمة والتخبط في استراتيجياتها في علاقاتها الدولية، وانقلاب الرأي العام الدولي عليها.

أما الدول الفاشلة فهي الانزلاق إلى مستوى الدول الضعيفة التي تحتاج إلى إعادة بناء الدولة، وتعاني نقاط ضعف البنية الداخلية، وتتميز بأنظمة سياسية هشة، وعندها تدخل في الصراعات والاضطرابات الداخلية، والحروب الأهلية والإرهاب. وهذه جميعاً نتيجة ضعف الدول، بما يؤدي إلى انهيارها، لتصبح دولة فاشلة، وحكومتها ضعيفة، هشة ليس لديها القدرة على النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية، وهي مهددة بالانزلاق إلى دولة فاشلة.

ان إعادة بناء الدول يتطلب إعادة بناء المؤسسات الحكومية والاجتماعية، وهذا لا يتحقق الا بمساعدات خارجية. ومن أهم العوامل لإعادة بناء الدولة الفاشلة: المركزية الحكومية القوية التي تتمتع بالتأييد الواسع بين مواطنيها، وإعادة بناء المنظومة الأمنية، ومنها القوات الخاصة لحماية المراكز العليا للحكومة، والاستثمار في البنية التحتية التي تخلق فرص عمل، وتطوير المنظومة التعليمية والطبية، وإنشاء الأجهزة الاجتماعية الحكومية وغير الحكومية، وضخ المعونات الاجتماعية، بحيث يشعر المواطنون بأن الحالة أفضل من السابق، وهنا تعتبر الاستدامة خير علاج لديمومة الدول، وقد عرفت الأمم المتحدة الاستدامة بها «تعني تلبية حاجات الحاضر، من دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة».

إن الاستدامة تتطلب التركيز على الاستثمار المستمر في بناء البنية التحتية، وهي أحدى عناصر قوة الدول، وكذلك العلم والتعليم وتطوير المدن الصناعية المتخصصة، والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد القوي المتميز، والقوة العسكرية، والأمن والأمان.

عبدالله محمد سعيد الملا – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: سقوط الدول

إقرأ أيضاً:

حجم سوق السندات والصكوك الحكومية والخاصة يقترب من 4.7 مليار ريال

يقترب حجم سوق السندات والصكوك الحكومية والخاصة في سلطنة عُمان من 4.7 مليار ريال عماني، ويتضمن إصدارات من الشركات الخاصة والبنوك العُمانية المدرجة في بورصة مسقط بقيمة نحو 1.1 مليار ريال عُماني، إضافة إلى إصدارات سندات التنمية الحكومية والصكوك السيادية التي يبلغ إجماليها نحو 3.6 مليار ريال عُماني.

ويمثل سوق السندات والصكوك مصدرًا لتمويل القطاع الخاص وتعزيز المركز المالي للبنوك وللشركات الخاصة، كما تعد من مصادر التمويل المهمة لاحتياجات الميزانية العامة والمشاريع التنموية وهي أيضًا من خيارات الاستثمار المجدية والآمنة للمستثمرين التي توفر عائدًا ثابتًا ومضمونًا على الاستثمار، ولذلك تجد الإصدارات الحكومية إقبالًا كبيرًا من قبل المستثمرين، حيث شهد الإصدار 73 من سندات التنمية الحكومية تقديم اكتتابات بقيمة 244 مليون ريال عُماني، وهو ما يتخطى حجم الإصدار بشكل كبير، وقد بلغ العائد على هذا الإصدار الأخير من سندات التنمية الحكومية 4.60 بالمائة وهو ما يمثل تمويلًا بكلفة مناسبة للحكومة، وعائدًا على استثمار مجدٍ للاستثمار المؤسسي من صناديق الاستثمار والبنوك، وتضمن حكومة سلطنة عُمان ممثلة بوزارة المالية هذه السندات ضمانًا مباشرًا وغير مشروط، ويمكن الاقتراض بضمان هذه السندات من البنوك المحلية المرخصة، بالإضافة إلى إمكان التعامل فيها (بيعًا وشراءً) من خلال بورصة مسقط.

وتشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي العُماني إلى أن إجمالي استثمارات البنوك التجارية التقليدية في الأوراق المالية ارتفعت بنسبة 20.5 بالمائة ليصل إلى حوالي 6 مليارات ريال عُماني بنهاية ديسمبر 2024 مقارنة مع الشهر نفسه من عام 2023، وضمن هذا البند، سجل الاستثمار في سندات التنمية الحكومية ارتفاعًا بنسبة 7.3 بالمائة ليبلغ ملياري ريال عُماني، أما بالنسبة لاستثمارات البنوك التجارية في الأوراق المالية الأجنبية، فقد شهدت ارتفاعًا بمعدل 30 بالمائة لتصل إلى 3.2 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2024.

وفي بداية العام الجاري، انتهت حكومة سلطنة عُمان من الاكتتاب الخاص بالإصدار 73 من سندات التنمية الحكومية ضمن خطة طرح السندات والصكوك السيادية المحلية بقيمة 750 مليون ريال عُماني على مدار عام 2025 التي تأتي في إطار التوجه نحو تعزيز الإصدارات المحلية وزيادة الاعتماد على الاقتراض المحلي وخفض محفظة القروض الخارجية، ومن المتوقع أن يظل سوق السندات الحكومية والصكوك السيادية مستقرًا قرب حجمه الحالي حتى نهاية العام الجاري، حيث تحل الإصدارات الجديدة المقررة هذا العام محل عدد من إصدارات الدين الحكومية المحلية التي يحل موعد إطفائها خلال عام 2025، أي استردادها من قبل المستثمرين المكتتبين في هذه الإصدارات، وتتضمن الإصدار 46 من سندات التنمية الحكومية بقيمة 200 مليون ريال عُماني والذي حل موعد إطفائه في فبراير الماضي، والإصدار 64 من سندات التنمية بقيمة 200 مليون ريال عُماني وموعد إطفائه في مايو المقبل، والإصدار 58 بقيمة 150 مليون ريال عُماني ويحل موعد إطفائه في سبتمبر المقبل، إضافة للإصدار الرابع من الصكوك السيادية بقيمة 208 ملايين ريال عُماني والذي يحل موعد إطفائه في نوفمبر المقبل.

وكان العام الماضي قد شهد حجمًا من إصدارات سندات التنمية الحكومية وصكوك الإجارة بقيمة إجمالية تبلغ 705 ملايين ريال عُماني، وحسب ما أشار إليه بيان الميزانية العامة للعام المالي الجاري، من المخطط أن تشمل خطة الاقتراض المحلي طرح إصدارات من سندات التنمية والصكوك السيادية خلال العام الجاري بقيمة إجمالية تبلغ نحو 750 مليون ريال عُماني، مع إمكانية تعديل خطة الاقتراض وفق الاحتياجات التمويلية الفعلية للميزانية العامة وظروف السوق.

مقالات مشابهة

  • بتوجيهات سلطان.. 67 مليون درهم تعويضات لملاك الأراضي المتأثرة بالمشاريع الحكومية في كلباء
  • دبا الحصن يعزّز «القوة الهجومية» للقاء خورفكان
  • متى تنتهي إجازة عيد الفطر في القطاع العام والخاص والمصالح الحكومية؟
  • أتلتيكو مدريد بـ"القوة الضاربة" أمام برشلونة
  • اندلاع مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية ومليشيا الحوثي في جبهة كرش بلحج
  • كليمنتاين سلامي: يجب الوقوف مع السودانيين في إعادة بناء وطنهم
  • غرينلاند وغطرسة القوة
  • الآلاف يحتشدون في الجوامع والساحات العامة التي حددتها وزارة الأوقاف في مختلف المدن السورية لأداء صلاة عيد الفطر المبارك، وذلك في أول عيد بعد تحرير البلاد وإسقاط النظام البائد.
  • رائحة الهزيمة كريهة !!
  • حجم سوق السندات والصكوك الحكومية والخاصة يقترب من 4.7 مليار ريال