سودانايل:
2024-11-23@12:47:53 GMT

من نحن ومتى نكون؟

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

د. ليلى الضو أبو شمال تكتب

بالعودة لموضوع بدأناه في المقال السابق ، والذي تناولنا فيه السوداني والاشكاليات التي ظلت مكان نقاش دوما وجدال ، وهل هو عربي أم أفريقي ، في محاولات للإجابة على سؤال من نحن؟ ولا أدري لنصل لماذا لمعرفة كنه عروبته أو أفريقيته ؟، وقد كتب من قبل صمويل هنتنغتون عن اشكاليات الهوية الأمريكية كتاب بعنوان (من نحن؟) وهو سؤال أراد به أن يكشف عن إشكالات الهوية الأمريكية والتي أصبحت شعبا في دولة تسمى أمريكا علما بأنها مجموعة شعوب زحفت من أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية ، كان نتائجها (أمة أمريكا) ، ولا أجد أن مجتمع أمريكا الآن يعاني من قضية الانتماءات والبحث عن الأصول كما نعاني منها نحن شعوب الدول العربية والإسلامية والأفريقية، وصحيح بأنهم في بدايات حياتهم واجهوا عدة مشاكل جراء هذا التنوع الا أنهم سرعان ما عملوا على تجاوز هذه القضية والتي عرفوا أنها ستجرفهم لأمور اخرى تعطل إنتاجهم وتنميتهم ، فاهتموا ببناء الإنسان وجعله منتجا، وأرى الأمر في قضية الهوية القومية يرتبط لدينا كمسلمين بقضية مهمة مرتبطة بقيم وأخلاقيات وعادات وسلوك خاصة مع اندياح العولمة التي تعمل على ذوبان كل المجتمعات في قالب واحد ينادي بأمور كثيرة لا تصلح مع عقيدتنا ومفاهيمنا وارتباطنا بقيم السماء، ولذلك نجد أن كثيرا من العلماء يهتم بدراسات الشخصية وسلوكها وارتباطها بالبيئة ومدى تاثير المكتسبات على الفطرة عليها خاصة مع فاعلية تلك المؤثرات القوية التي باتت تحكمنا دون أن ندري .


وتعتبر دراسات الشخصية القومية نوع من الدراسات الانثروبولوجية والتي يراها فرانسيس تتعامل مع الأفكار الشعورية أو اللا شعورية التي يتشارك فيها معظم الأفراد في مجتمع معين باعتبار أن تلك الأفكار قد تتحكم في تصرفات الأفراد مجتمعين، وفي سلوكهم الجماعي ذلك السلوك الذي يعرف بسيكولوجية الجماعة أو سيكولوجية الحشد أو العقل الجمعي .
ولا شك أن البيئة لا تؤثر فقط في سلوك الإنسان ، وانما تؤثر في نموه وتكوينه وبناء شخصيته وصحته الجسمية والعقلية والنفسية، كما تؤثر في اتجاهاته وميوله وأفكاره وارائه ومعتقداته وفي سمات شخصيته، لذلك يرى العلماء أن تكوين شخصية الإنسان هي سمات معينة للشخصية يشترك فيها أفراد المجتمع الحاملين لثقافة واحدة، كما عرفوها بكونها الأدوار المتكيفة عند الأفراد ، وهي عامة عند جميع أفراد المجتمع الواحد، وهي الصيغة الكلية للشخصية العامة التي يشتركون فيها وربما لذلك ترى الشخصية السودانية ناتج من نواتج البيئة التي تربى فيها وحمل منها تكويناته لذلك اشتد قربه كل ما قربت تلك البيئة من مجتمع كلي (السودان) لمجتمع جزئي ( القبيلة) لمجتمع أقل جزئية (الأسرة) ، وفي تكوين الشخصية السودانية يرى عبد الوهاب احمد عبد الرحمن في كتابه (الشخصيتان المصرية والسودانية جذور حضارية وأبعاد تاريخية) ،أن هناك عدة عوامل تاريخية وجغرافية أسهمت في تشكيل السودانيين بوضعهم الراهن وفي تكوبن الشخصية السودانية بسماتها الحالية منها الوضع الجغرافي للسودان، طبيعة النشاط الإقتصادي الرعوي ، تاريخ الممالك والحضارات، الهجرات العربية الوافدة عليه، شيوع الطائفية والطرق الصوفية، الغزو الاستعماري والحركة الوطنية والحزبية والقبلية والعقائدية والانتماءات المتناقضة والمتصارعة والانقلابات العسكرية والأنظمة الشمولية و حلقه الحكم الدائرة بين الحكم الديمقراطي والانتفاضة الشعبية، والحكم العسكري.
ونختم الحديث بما ذكره الكاتب المصري يوسف الشريف في كتابه ( السودان وأهل السودان أسرار السياسة وخفايا المجتمع )حيث يقول يختلف أهل السودان عن أي شعب آخر وهذا أمر طبيعي لكنهم يختلفون فيما بينهم كذلك ،،، لا في السمات والملامح ودرجات سمرة البشرة فحسب، إنما أيضا في التركيبة النفسية والمزاجية والخلفيات الثقافية والمواقف السياسية والانتماءات الجهوية والقبلية والعرقية، وربما هذا التنوع ميزة لصالحهم ولكنها مشكلة كذلك حيث لا يزال المشوار طويلا وشاقا حتى ينصهر أهل السودان في بوتقة إجتماعية وسياسية واحدة لإنجاز التقدم المطلوب والوحدة الوطنية المنشودة.

leila.eldoow@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بالأمل تحيا الأمم

في عام 2020 اطلق المنتدى الاقتصادي العالمي مايسمى ب مؤشر الحراك الاجتماعي Social Mobility Index

وهو مؤشر تقوم فكرته على ترتيب الدول عالميا حسب قدرة الأفراد على الانتفال من طبقة اجتماعية لطبقة أعلى انطلاقا من مجموعة من الظروف التي إذا ما تهيأت لهم فسيكونوا قادرين على تحسين أوضاعهم الاجتماعية مما يمكنهم من الانتقال في السلم الاجتماعي وهذه الظروف لخصها المنتدى الاقتصادي العالمي في خمسة معايير هى الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والتمكين التكنولوجي وفرص عمل تتيح أجور عادلة.

وحسب منهجية التقرير فإن توافر الظروف الخمسة السابقة المواتية يساعد الأفراد على تحسين أوضاعهم الاجتماعية، ويخلق لدى الفرد حالة من الأمل المصحوب بالعمل والسعى لتحسين المهارات أملا في الحراك والصعود الاجتماعي مثل أن يحلم بوظيفة وسكن أفضل وامتلاك وسائل أكثر رفاهية مما ينعكس على تحسن الأوضاع الاجتماعية لهذا الفرد.

فمثلا في دولة مثل الدنمارك - وهى التى جاءت على رأس قائمة الدول في المؤشر من حيث القدرة على الانتقال الاجتماعي وحصلت على تقدير ٨٥، ٨ - إذا ولد الشخص فقيرا يمكنه الانتقال للطبقة متوسطة الدخل في غضون جيلين، ويستغرق ثلاثة أجيال في دول مثل السويد والنرويج ويصل إلى تسعة أجيال في دول مثل البرازيل وجنوب إفريقيا. مما يعني ان هناك دول أسرع في الحراك الاجتماعي عن غيرها بناءا على جودة المعايير الخمسة التي تصب في تكافؤ الفرص أمام الأفراد لتحسين أوضاعهم.

وعموما جاءت الدول الإسكندنافية مثل الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا وايسلندا في مقدمة الدول بمؤشر الحراك الاجتماعي.

واحتلت أوروبا ١٧ مركزا من أصل المراكز ال ٢٠ الأولى عالميا، وفقط كندا(١٤) واليابان (١٥) وأستراليا (١٦) هى الدول التى من خارج أوروبا لأفضل ٢٠ دولة في هذا المؤشر.

أما في إفريقيا والدول النامية فإن المؤشرات تراجعت لمراكز متأخرة حيث احتلت مصر المركز ال ٧١ عالميا من أصل ٨٢ دولة شملها المؤشر وحصلت على تقدير ٤٤، ٨. والدول العشر الأدنى في المؤشر كان منهم خمسة من إفريقيا بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى، واقلهم على الترتيب هى دول ساحل العاج والكاميرون والسنغال.

وعند تحليل أسباب تقدم واحتلال الدول الأولى الأعلى في المؤشر وجدوا أن هذه الدول تطبق مفهوم رأس المال الذي يأخذ في الاعتبار جميع أصحاب المصلحة وليس فقط فئة معينة من أصحاب الأعمال والأسهم في الشركات، وأن اقتصادات هذه الدول تحقق حراكا اجتماعيا أفضل من اقتصادات الدول التي تهتم برأسمالية المساهمين أو رأسمالية الدولة فقط.

ويركز نموذج ومؤشر الحراك الاجتماعي على أنه لتحقيق أداء افضل فإن الأمر يتطلب تبني سياسات تهدف لنمو الاقتصاد والنمو الاجتماعي معا.

كما يدعو التقرير حكومات الدول لبذل مزيد من الجهود لتوفير مناخ من تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وليس فقط الانحياز للأفراد الأمهر.

على سبيل المثال الذين يحققون مزيدا من الثراء بينما يظل الأقل مهارة أو الأفراد الذين تلقوا تعليما عاديا على حالتهم أو يهبطوا في السلم الاجتماعي نتيجة عدم تمكنهم من اكتساب المهارات.

وهنا نود أن نشير إلى قضية وظاهرة اجتماعية في غاية الأهمية وهى لماذا ينصرف الخريجون من التعليم والتعليم العالي تحديدا إلى أعمال لاتليق بما تلقوه من مستوى تعليمي مثل عملهم بمهن عادية لاتحتاج لأي مهارات نوعية بعيدة عن تخصصهم وتهدر ما أمضوه من سنوات العمر في التعليم؟

وما أثر ذلك في نظرة أقرانهم الذين يتحسسون مشوارهم التعليمي؟؟

وعلى مستوى المؤسسات والشركات متى نهتم بضرورة قياس الحراك الاجتماعي الداخلي للعاملين بحيث يشعر جميع العاملين بتكافؤ الفرص في الترقي الوظيقي داخل المؤسسة دون أن يسود مناخ الإحباط واليأس داخل المؤسسة فقط لأن طرق الترقي الوظيقي مسدودة إلا لأصحاب الواسطة والمحسوبية والشللية.

وهل تهتم مبادرة "بداية" والتي اطلقتها الدولة المصرية مؤخرا بقضية فتح باب الأمل أمام الشباب في كافة المؤسسات من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية وإزالة الحواجز الطبقية والبيروقراطية والأمراض التنظيمية المؤسسية؟؟

مقالات مشابهة

  • الآثار النفسية والاجتماعية للحرب في السودان.. قضايا منسية
  • شاهد بالفيديو.. الكابتن التاريخي لنادي الزمالك يتغزل في المنتخب السوداني بعد تأهله للنهائيات: (السودان التي كتب فيها شوقي وتغنت لها الست أم كلثوم في القلب دائماً وسعادتنا كبيرة بتأهله)
  • ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟
  • ما الدول التي يواجه فيها نتنياهو وغالانت خطر الاعتقال وما تبعات القرار الأخرى؟
  • مذاهب الفقهاء في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة بالبلدة الواحدة
  • الخير: الاستقلال مسؤولية ولا خيار لنا إلا أن نكون على قدرها
  • ‏حزب الله يعلن شن هجوم بسرب من المسيرات على قاعدة حيفا البحرية والتي تبعد 35 كم عن شمال مدينة حيفا
  • هل يجوز الجمع بين الأجور والنفقات ومتى تستطيع الزوجة المطالبة بها؟.. تفاصيل
  • بالأمل تحيا الأمم
  • أنواع المشقة التي أباح الإسلام الرخصة فيها أثناء الصلاة