أردوغان في القاهرة.. فرصة لطي الخلافات وتوسيع آفاق التعاون
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى القاهرة، الأربعاء، في زيارة تستمر لمدة واحد واحد، في زيارة هي الأولى من نوعها، منذ ما يزيد على 11 عاماً، ويعول عليها لبداية صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد فترة من التوترات.
ومن المتوقع أن يستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، نظيره التركي في زيارة وصفت بغير المسبوقة لترسيخ المصالحة بعد قطيعة استمرت أكثر من عقد.
وتحمل الزيارة العديد من الرسائل السياسية والاقتصادية، أهمها تغيير سياسة أنقرة تجاه القاهرة، وبحث سبل التبادل التجاري بالعملات المحلية، ناهيك عن توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات عدة.
وتركز محادثات القاهرة، وفق بيان صادر عن الرئاسة التركية، على "الخطوات الممكن اتخاذها في إطار تطوير العلاقات بين تركيا ومصر، وتنشيط آليات التعاون الثنائي رفيعة المستوى".
ومن المقرر أن تتضمن أجندة أعمال الزيارة "تبادل وجهات النظر بشأن القضايا العالمية والإقليمية الراهنة، خصوصاً الهجمات الإسرائيلية على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة".
وكان أردوغان قد قال في تصريحات قبيل الزيارة، إن العملية الإسرائيلية في قطاع غزة ستتصدر جدول محادثاته مع السيسي.
اقرأ أيضاً
بلومبرج: أردوغان يزور مصر منتصف فبراير المقبل.. ويناقش هذه القضايا مع السيسي
وأضاف في كلمة بثها التلفزيون، بعد أن ترأس اجتماعا لمجلس الوزراء الإثنين: "سنناقش مختلف القضايا، منها الاقتصاد والتجارة والسياحة والطاقة والدفاع مع السيسي".
وكانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر، في عام 2012 عندما كان رئيسا للوزراء، وكان حينها الراحل محمد مرسي، حليف أنقرة، رئيسا لمصر.
كما كانت آخر زيارة لرئيس تركي إلى مصر، هي تلك التي أجراها الرئيس السابق عبدالله جول، في فبراير/شباط 2013.
وفي يوليو/تموز 2013، رفضت تركيا دعم الانقلاب على مرسي، ما أسفر عن قطيعة دبلوماسية استمرت لسنوات.
وحينها، كرر أردوغان أنه "لن يتحدث إطلاقا" مع "شخص مثله"، في إشارة إلى السيسي، الذي كان وزيرا للدفاع وقاد إطاحة الجيش لمرسي من الحكم.
وتحسنت العلاقات بين الرجلين، مع تقارب مصالحهما الآن في العديد من النزاعات الإقليمية، بما في ذلك السودان وقطاع غزة.
وتصافحا لأول مرة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 خلال كأس العالم لكرة القدم في قطر.
((2))
وتحادثا لاحقا هاتفيا، غداة وقوع زلزال 6 فبراير/شباط 2023، الذي خلف أكثر من 50 ألف قتيل في تركيا.
وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت مصر وتركيا، رفع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، وذلك بعد اتفاق البلدين على استئناف العلاقات بينهما، بعد عدة جلسات من المباحثات الاستكشافية، بدأت في 2021.
كما تحدث المسؤولان للمرة الأولى وجها لوجه، في سبتمبر/أيلول، على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.
ورغم استمرار الأزمة السياسية لفترة طويلة، بقيت العلاقات التجارية جيدة، فأنقرة هي الشريك التجاري الخامس للقاهرة.
وارتفع التبادُل التجاري بين البلدين إلى 7.7 مليارات دولار خلال عام 2022، مقابل 6.7 مليارات دولار خلال 2021، بزيادة قدرها 14%.
وتدرس مصر وتركيا تطبيق آلية التبادل التجاري بالعملتين المحليتين وفق مناقشات بين البنك المركزي المصري ونظيره التركي، وفق تقارير إعلامية محلية، وسط توقعات بتنفيذ ما يتراوح بين 20 و25% من حجم التجارة المشتركة بالعملات المحلية، قبل نهاية العام الحالي.
اقرأ أيضاً
أردوغان: اتفقت مع السيسي على مضاعفة التجارة وإحياء التعاون الاستراتيجي وتبادل الزيارات
والأسبوع الماضي، وافقت تركيا على تسليم مسيّرات قتالية إلى مصر، وفق ما أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وأكد فيدان في مقابلة تلفزيونية، أن "عملية التطبيع اكتملت بشكل كبير.. العلاقات (بين البلدين) مهمة للأمن والتجارة في المنطقة".
وأضاف: "لقد اتفقنا على تزويدهم بمسيرات"، مؤكداً أنه "يجب أن تربطنا علاقات جدية بمصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط".
كما يبحث الجانبان كذلك، عدة ملفات رئيسية، أبرزها الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق والسودان، فضلا عن ملف التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط.
من جهته، قال سفير تركيا في مصر صالح موتلو شن، إن "الزيارة ستكون فرصة للدولتين الأهم في المنطقة، المصرية والتركية، للتشاور والتنسيق حول ما يجري في غزة، لوقف سفك الدماء"، لافتا إلى أن تركيا تقف جنبا إلى جنب مع مصر فيما يتعلق بـ"المأساة الإنسانية" التي تحدث في غزة.
وأوضح أن تركيا تدعم الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وفي إقامة دولة مستقلة على حدود 67، لافتا إلى أن تركيا تعارض بشدة ما يحدث في غزة من "مأساة إنسانية".
اقرأ أيضاً
بينها "ضعف الإخوان".. تقدير إسرائيلي: 3 أسباب لتقارب السيسي وأردوغان
وشدد موتلو شن، على أن "العدوان الإسرائيلي لابد له من وقفه"، منوها بأن "تركيا تقف كتفا بكتف مع مصر التي تشاطر حدودها مع غزة".
ولفت إلى وجود تعاون كبير بين مصر وتركيا في إطار المساعدات المقدمة لأهالي غزة، إذ تمر كل المساعدات عبر مصر، مثمنا كل الجهود المصرية للتعامل مع الأزمة في غزة و"التعاون الذي نلقاه من السلطات المصرية.
من جانبه، يقول رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية محمد العرابي، إن الزيارة تأتي في توقيت مهم للمنطقة.
ويضيف: "ستتضمن عرض كل طرف مواقفه ومخاوفه أمام الطرف الآخر لوضعها في الاعتبار عند اتخاذ أي قرار أو إجراء في الملفات المشتركة"، عاداً أنها "نقطة مهمة" بمسار العلاقات بين البلدين بعد فترة التوقف الطويل.
ويؤكد العرابي أن العلاقات بين البلدين تتجه لتكون أكثر شمولاً وتغطي مجالات السياسة والاقتصاد، بما يعطي دفعة قوية للاستقرار بالمنطقة في ظل التوترات الحالية، بالإضافة إلى المناقشة المستفيضة للقضية الفلسطينية والمواقف المشتركة بين البلدين.
ويدعم هذا الرأي، الخبير بالشأن التركي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كرم سعيد، الذي يقول إن الزيارة تأتي استكمالاً لنهج التحايل على القضايا الخلافية، والتوجه نحو تحويل العلاقات لـ"مستوى استراتيجي".
اقرأ أيضاً
السيسي يهاتف أردوغان ويقرران ترفيع العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء
ويقول إن هذا الأمر لا يقتصر فقط على زيارة الرئيس التركي، ولكن على الصفقات التجارية والعسكرية والنشاطات المختلفة المتوقع تعزيز التعاون فيها بين البلدين.
ويضيف أن مصر ستدعم تعزيز الاستثمارات التركية فيها.
ويتابع: "لدى أنقرة فرصة للاستفادة من الدور المصري بمشاريع الغاز في شرق المتوسط، أو بتوسيع وجودها أفريقياً، وهو أحد الملفات المهمة في السياسة الخارجية التركية، بجانب التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية بما يخدم مصالح البلدين".
كما تتسق الزيارة من وجهة نظر المحلل السياسي التركي جواد غوك، الذي يقول إنها تأتي استكمالا للتغيرات في السياسة التركية خلال السنوات الأخيرة، بما يعزز من الشراكة التركية – العربية.
ويشير إلى أن زيارة أردوغان إلى القاهرة تحظى بدعم وتأييد من مختلف التيارات السياسية.
يقول غوك، إن وصول الرئيس التركي للقاهرة سيؤدي لـ"كسر حاجز من الجمود" تراكم في السنوات الماضية، وهو الأمر الذي سيؤدي لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة.
اقرأ أيضاً
بعد فتح صفحة جديدة.. تركيا تلمح لعقد اجتماع بين السيسي وأردوغان
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أردوغان السيسي تركيا مصر حرب غزة تعاون ثنائي خلافات مرسي العلاقات بین بین البلدین مع السیسی اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
رمضان فرصة لتجديد الروابط الأسرية
د. خالد بن علي الخوالدي
شهر رمضان المبارك ينتظره الجميع بشغف وتوق، ليس فقط لما يحمله من المعاني الروحانية والتقرب إلى الله، بل لما يتيحه من فرص لتجديد الروابط الأسرية وتعزيز العلاقات الاجتماعية. فمع الشهر الكريم تتجدد الآمال وتتفتح القلوب لاستقبال أيام مليئة بالخيرات والبركات.
إن استقبال رمضان لا يقتصر فقط على الصوم والعبادة، بل يتعدى ذلك إلى تعزيز العلاقات الأسرية والاجتماعية، حيث يعتبر الشهر الفضيل فرصة عظيمة للمسلمين لتقوية الأواصر الأسرية، ولكن لتحقيق ذلك يجب أن نكون واعين لأهمية تنظيم أوقاتنا خلال هذا الشهر، فالتخطيط الجيد لجدول الأنشطة اليومية، بما في ذلك أوقات الإفطار والسحور، يمكن أن يسهم في خلق جو من الألفة والمحبة داخل الأسرة، كما يجب أن نحرص على تخصيص أوقات للعائلة للعبادة والعبادات الروحانية، مثل قراءة القرآن معاً، أو إقامة صلاة التراويح كعائلة، مما يعزز من الروح الجماعية ويقوي العلاقات.
كما يجب علينا استغلال أيام رمضان في زيارة الأرحام والجيران؛ حيث يعتبر هذا الشهر فرصة مثالية لإعادة التواصل مع أفراد العائلة الذين قد نكون ابتعدنا عنهم، فزيارة الأرحام ليست مجرد عادة؛ بل هي واجب ديني واجتماعي يعكس القيم الإنسانية الرائعة التي يتمتع بها المجتمع المسلم، فهذه الزيارات تسهم في تقوية الروابط الأسرية وتعميق المحبة بين الأفراد، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك.
ويتمتع الجيران بمكانة خاصة في الإسلام، حيث يحث المسلمون على حسن الجوار والاعتناء بالآخرين، خاصة في رمضان، وفي عُمان كان ولا يزال تحضير الصواني وتوزيع الإفطار على الجيران من أبرز مظاهر الشهر الفضيل، حيث يعكس روح التعاون والمودة بين الناس وإن كانت هذه العادة الحميدة قد قلَّت إلا أنه من الأهمية زرعها لدى الأطفال وعودتها، فتلك اللحظات البسيطة من المشاركة تعزز من العلاقات الاجتماعية وتخلق أجواء من السعادة والسكينة.
وفي إطار العلاقات الأسرية، يجب أن نعمل على تعزيز المودة بين الأخوة والأخوات؛ حيث يعتبر رمضان فرصة رائعة لحل النزاعات أو التوترات السابقة، وإن الجلوس معاً لتناول الإفطار أو السحور، ومشاركة الأحاديث والذكريات العائلية، يمكن أن يسهم في إعادة بناء الثقة والمحبة بين أفراد الأسرة، فالتصالح والتقارب في هذا الشهر الكريم يعدان تجسيدًا ملموسًا لقيم التسامح والمحبة التي دعا إليها الدين الإسلامي.
إنَّ شهر رمضان هو وقت للتأمل والتفكر، وهو فرصة لتجديد العلاقة مع الله، ومن خلال الصلاة وقراءة القرآن والدعاء، يمكننا تعزيز روحانيتنا وتنقية قلوبنا، وإن الشعور بالسكينة والهدوء الذي يأتي مع العبادة يمكن أن ينعكس أيضا على العلاقات الأسرية، حيث يصبح الأفراد أكثر تسامحا وتفهما لبعضهم البعض.
والانغماس في الروحانيات خلال رمضان يساعدنا على رؤية الأمور من منظور أعمق، مما يمكننا من تجاوز الخلافات والنزاعات، فالأجواء الروحانية التي تسود في هذا الشهر المبارك تدعونا جميعا للعودة إلى القيم الأساسية التي تجمعنا وتوحدنا.
إنَّ شهر رمضان المبارك هو أكثر من مجرد شهر للصوم والعبادة، بل هو فرصة لتجديد الروابط الأسرية وتعزيز العلاقات الإنسانية، ومن خلال المحافظة على أوقاتنا وأيامنا في هذا الشهر، وزيارة الأرحام والجيران، وتعزيز المودة بين الأخوة والأخوات، يمكننا أن نبني مجتمعا أكثر تماسكا وقوة، فلنجعل من هذا الشهر الكريم فرصة للتصالح والتقارب، ولنتذكر دائمًا أن الروحانيات التي نعيشها في رمضان يجب أن تستمر في حياتنا اليومية، لتظل قيم المحبة والتسامح حاضرة في قلوبنا وعلاقاتنا.
رابط مختصر