مسؤولة سابقة بالبنتاغون: الحوثي يشكل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد العالمي ومن غير الواضح ما الذي يمكن فعله لوقفهم (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
قالت مسؤولة أمريكية سابقة في وزارة الدفاع (البنتاغون)، إن جماعة الحوثي في اليمن تشكل الآن تهديدًا خطيرًا للاقتصاد العالمي، ومن غير الواضح ما الذي يمكن فعله لوقفهم.
وأضافت "ماري بيث لونج" والذي عملت -سكرتيرة مساعدة سابقة لشؤون الأمن الدولي ورئيسة المجموعة رفيعة المستوى التابعة لحلف الناتو، بالإضافة إلى كونها ضابطة سابقة في وكالة المخابرات المركزية- في تحليل لها نشرته مجلة "ناشيونال انترست" وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن كل شيء تغير بعد السابع من أكتوبر من العام الماضي في إشارة إلى الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة.
وتابعت "في البداية، استخدم الحوثيون رد إسرائيل على حماس والتعاطف مع الفلسطينيين كذريعة مرحب بها لشن هجمات على السفن المدنية التي تعبر البحر الأحمر، الذي يستضيف أكثر من 12% من التجارة العالمية و30% من حركة الحاويات. وقد أجبرت الهجمات المستمرة ضد السفن، والتي ليس للعديد منها صلة واضحة بإسرائيل، شركات الشحن على اتخاذ طرق بديلة، وأجبرت بعض المنتجين على تعليق الإنتاج لتجنب علق البضائع في البحر أو تكبد تكاليف إضافية باهظة للوقود والتأمين.
وأردفت "منذ فترة قصيرة، كان الجميع تقريباً يعتبرون الحوثيين في اليمن مجموعة سياسية وعسكرية عنيفة ذات أسس قبلية قوية، وتتألف في الأساس من إسلاميين شيعة معارضين للطبقة الحاكمة. ولم يكن التمرد يشكل تهديداً عسكرياً متطوراً بشكل خاص، على الرغم من أنه كان يشكل خطراً على الحكومة الشرعية في اليمن وجيرانها، وخاصة المملكة العربية السعودية".
وذكرت أن قليلين هم الذين أدرجوا الحوثيين كتهديد للمخاوف العالمية، حتى مع الأخذ في الاعتبار الأدلة المتزايدة على التعاون العسكري الإيراني مع المتمردين.
وقالت لونج ماذا حدث؟ في البداية، استخدم الحوثيون رد إسرائيل على حماس والتعاطف مع الفلسطينيين كذريعة مرحب بها لشن هجمات على السفن المدنية التي تعبر البحر الأحمر، الذي يستضيف أكثر من 12% من التجارة العالمية و30% من حركة الحاويات. وقد أجبرت الهجمات المستمرة ضد السفن، والتي ليس للعديد منها صلة واضحة بإسرائيل، شركات الشحن على اتخاذ طرق بديلة، وأجبرت بعض المنتجين على تعليق الإنتاج لتجنب علق البضائع في البحر أو تكبد تكاليف إضافية باهظة للوقود والتأمين.
وأشارت إلى أن الحوثيين يشنون الآن هجمات يومية بطائرات بدون طيار وصواريخ ضد بعض الأصول العسكرية الأكثر تطوراً التي يقدمها تحالف الدول الغربية والإقليمية. رداً على ذلك، أجرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مؤخراً جولة ثالثة من الضربات المشتركة على ستة وثلاثين هدفاً في ثلاثة عشر موقعاً، تلتها سلسلة من الضربات الأمريكية على خمسة صواريخ حوثية استهدفت حركة المرور في البحر الأحمر. وحتى الاتحاد الأوروبي أصبح متورطا. وفي الأسبوع الماضي، بدأت الفرقاطة الألمانية هيسن في التمركز للدفاع عن البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر.
وأردفت "لكن على الرغم من نشر بعض الأسلحة البحرية الأكثر تقدمًا في العالم، يبدو أنه ليس هناك الكثير مما يمكن للغرب وآخرين فعله بشأن حملة الحوثيين".
وأكدت أن البعض يخشون أن يؤدي التصعيد العسكري ضد المتمردين اليمنيين إلى توسيع نطاق الصراع في غزة أو أن يصب في مصلحة إيران، التي تستفيد بشكل كبير من استخدام الحوثيين وآخرين في حملتها لإخراج الوجود الأمريكي في المنطقة. ويأمل آخرون أن تؤدي زيادة الضربات ضد المواقع العسكرية للحوثيين واعتراض الأسلحة الواردة إلى ردع المتمردين وتمكين قوات التحالف من تأمين المياه الدولية الحيوية، وهو الأمر الذي يبدو غير مرجح، على الأقل على المدى القصير.
"كما أن الخطة الحالية ـ حتى لو نجحت ـ لا تشكل حلاً طويل الأمد. في حين أن الرد العسكري حتى الآن قد يؤدي إلى تدهور قدرات الحوثيين إلى حد ما، فإن التكلفة غير المتناسبة التي يتحملها أعضاء التحالف البحري لنشر السفن والطائرات وغيرها من الأصول المتقدمة - ناهيك عن تكلفة الذخيرة المستهلكة وتكاليف الأفراد - لا يمكن مقارنتها بالتكلفة المتواضعة نسبيًا. الاقتصادية المفروضة على الحوثيين بسبب اعتداءاتهم. ولم يعد بوسع الولايات المتحدة وغيرها أن تتجاهل الحاجة الملحة إلى تعزيز الوجود العسكري في أماكن أخرى" تقول المسؤولة الأمريكية السابقة.
تضيف "من جانبهم، لدى الحوثيين الكثير ليكسبوه ولن يخسروا الكثير من عملياتهم البحرية".
إذا ما الذي يجب فعله؟
تتابع لونج "لقد استخفت الإدارات الأمريكية المتعاقبة باستمرار عزم ملالي طهران. وبدلاً من ذلك، تعاملوا مع حرب إيران المتعددة الجبهات والمنخفضة المستوى باعتبارها سلسلة من الهجمات المنفصلة والمتزايدة التعقيد، وليس الاستخدام المتعمد لوكلاء عالميين مع ما يترتب على ذلك من عواقب مميتة".
واستدركت "نحن بحاجة إلى سياسة أكثر عدوانية وشمولية لردع إيران والتوقف عن تقديم التنازلات مقابل القليل أو لا شيء في المقابل. بالإضافة إلى ذلك، فشلت واشنطن في معالجة -ناهيك عن مواجهة- توسع النفوذ الإيراني في آسيا الوسطى وإفريقيا وأمريكا الجنوبية".
وقالت "يجب علينا أيضًا أن نتبنى رسالة واضحة مفادها أن الإجراءات لها عواقب. حتى الآن، عانت إيران من تداعيات قليلة أو معدومة على هجماتها المستمرة منذ عقود ضد الأميركيين. وينبغي أن تشمل العواقب الشاملة الضغط الكامل الذي طال انتظاره على الأنشطة الإيرانية الخبيثة في المنطقة وأماكن أخرى، مع الانتقام الفوري والحاسم عندما تحاول الضلال. ويجب أن تمتد هذه التدابير إلى ما هو أبعد من الانتقام العسكري لتشمل الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية، مثل سد الثغرات في نظام العقوبات الحالي غير الكافي على الإطلاق. إن فرض العواقب على إيران - وخاصة تلك التي قد تهدد إمداداتها من النفط إلى الصين - يمكن أن يقنعها بإعادة النظر في جهودها في اليمن".
أما بالنسبة للحوثيين، تقول لونج "فمن دون مساعدة من إيران، قد يكون النفوذ العسكري للمتمردين محدودا. ورغم أن الصراع الحالي في البحر الأحمر ربما يكون قد عزز من مكانة المتمردين الدولية وصورتهم العامة، فإنهم يظلون معرضين للخطر بشدة في الداخل".
وخلصت بالقول "ليس لدى المسلحين في اليمن ما يقدمونه لحلفاء إيران مثل روسيا وسوريا وليبيا والصين وكوريا الشمالية. وليس لدى أي من هؤلاء أي مصلحة في دفع ثمن عام مقابل دعم انهيار سلسلة التوريد العالمية بسبب استمرار إيران في عرقلة البحر الأحمر من خلال المتمردين اليمنيين.
واختتمت المسؤولة الأمريكية تحليلها بالقول "كحد أدنى، يمكن أن يكون الضغط على إيران لسحب جميع أفرادها ودعمها للمتمردين بمثابة البداية. إذا تُرك الحوثيون بمفردهم، حتى مع نقل التكنولوجيا والخبرة الفنية، فمن المرجح أن يواجهوا ضغوطًا شديدة لمواصلة وتيرة الهجمات الجوية الحالية، وقد يسمح ذلك على الأقل باستعادة قدر من الأمن".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر الحوثي الملاحة الدولية البحر الأحمر فی الیمن فی البحر
إقرأ أيضاً:
إيران التي عرفتها من كتاب “الاتحادية والباستور"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وضع الدكتور محمد محسن أبو النور بين أيدينا وثيقة فكرية مهمة تؤرخ لحقب متتابعة للحالة التي بدت عليها العلاقات المصرية الإيرانية منذ شاه إيران محمد رضا بهلوي حتى الآن، ووضع لها عنوانًا جذابًا باسم "الاتحادية والباستور" ثم عنوانًا شارحًا يقول "العلاقات المصرية – الإيرانية من عبد الناصر إلى بزشكيان". وعلى الرغم من أن بزشكيان وهو الرئيس الإيراني الحالي لم تمر على توليه المسؤولية فترة طويلة، إلا أنه بات ثاني رئيس يزور مصر بعد أحمدي نجاد، إذ حضر إلى القاهرة وشارك في قمة الدول الثماني النامية وكان في الصف الأول بجوار الرئيس السيسي في الصورة التذكارية للقمة، وهو أمر له دلالته، وله ما بعده.
لقد عرفت إيران من الدكتور أبو النور، الذي هاتفته في مساء الثامن من مايو من عام 2018 اتساءل عما يفعله الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب، وهو التوقيت الذي انسحب فيه ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم "الاتفاق النووي". كنت وقتها محررًا سياسيًا لا أعلم الكثير عن الصراع المرتقب بين واشنطن وطهران، وتساءلت عن قصة "نووي إيران" وشيعيتها وعلاقاتنا معها، ففوجئت به يدرجني ضمن مشروعه الخاص "الغرفة الإيرانية" وذراعها الإعلامي والسياسي والبحثي "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية" ومن وقتها بدأت أتحسس خطواتي تجاه ذلك الملف المعقد، حتى حصلت على درجة الماجستير في ذلك الملف وبدأت أتحسس خطواتي تجاه الدكتوراه، وأدركت مدى حساسية ما نبحث فيه وعنه.
وفي كل الأحوال فإن كتاب "الاتحادية والباستور" لا يعد مجرد تأريخ لما كانت عليه حالة العلاقات المصرية الإيرانية في السابق، سواء منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي مرورًا بفترة الخميني وما تلاه من رئاسات لإيران، بل إن الكتاب يبدو من محتواه أنه يضع أجندة لما يجب أن يكون عليه شكل العلاقات بين البلدين، مستندًا إلى تاريخ البلدين العريق وجغرافيتها الممتدة، وجيوشهما المنظمة التي تضرب بأصالتها وقدمها في عمق التاريخ.
يحفل الكتاب بالكثير من الأحاديث التي أجراها أبو النور مع المسؤولين المهمين على مستوى الملف الإيراني، ومع زوجة شاه إيران الإمبراطورة فرح ديبا، التي كنت شاهدًا على أحد لقاءاتها معه، فضلًا عن أحاديث وتحليلات عميقة وتفنيدًا كثيرًا لما ذكره الصحفي المصري الأسطورة الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتاباته عن إيران، وهو ما يؤكد على ضرورة أن يحوذ كل باحث في الشؤون الإيرانية لهذا الكتاب الذي تقع بين دفتيه إجابات مستفيضة لكثير من علامات الاستفهام التي تشغل الكثيرين من المتخصصين أو غير المتخصصين، خاصة بعدما شاهد العالم كله صواريخ إيران وهي تعبر الشرق الأوسط كله إلى عمق تل أبيب في صراع متشابك بين قوى إقليمية عقدت المشهد السياسي منذ ما بعد السابع من أكتوبر من عام 2023.
لكن أبرز ما في الكتاب أنه يجيب ضمنيًا عن سؤال طالما شغل بال الكثيرين: "ماذا يعكر صفو العلاقات بين القاهرة وطهران على مر الزمن؟ ويضعنا أمام تفاصيل لأعقد الملفات السياسية والعقائدية على الإطلاق، ويجيب عليها بكل سلاسة ووضوح كأننا نعيش مع شخصيات الحدث.