آخر تحديث: 14 فبراير 2024 - 10:36 صبقلم: سمير عادل باتت حكومة السوداني تترنح بين ضربات المليشيات وضربات القوات الامريكية. الحكومة التي شكلتها المليشيات، ورضت عنها السفيرة الامريكية في بغداد ايلينا رومانسكي، ووصفت الوضع في العراق حينها في جلسة استماع أمام الكونغرس الأمريكي في أيار من العام الماضي؛ بأن كل شيء مستتب ومستقر والأوضاع هادئة وتسير الرياح بما تشتهي السفن.

في آخر التصريحات لحكومة السوداني، أعلنت بأن لا حول لها ولا قوة امام المليشيات وامام الإدارة الامريكية، حيث لا تقدم أية ضمانات لأي من الأطراف المتصارعة على الساحة العراقية سواء أثناء عملية التفاوض لخروج القوات الامريكية او من انتقام الأخيرة من المليشيات في حال عاودت ضرب القواعد الامريكية. وهذا الاعتراف جاء، بعد اغتيال قيادين من حزب الله وسط بغداد، حيث لم يمض أكثر من أربع وعشرين ساعة لحديث محمد شياع السوداني رئيس الوزراء مع قناة (الحدث) الذي أكد بان الحشد الشعبي يملك شعبية واسعة في صفوف الشعب العراقي وهو جزء من المنظومة الأمنية والقوات المسلحة وهو قائدها، ليخبره البنتاغون بأنها اغتالت قياديين من حزب الله وهو احد الفصائل التابعة للحشد الشعبي الممول من موازنة الدولة والذي يقدر تمويله بــ ٢ مليار دولار ونصف، لتغرق بعدها صفحات التواصل الاجتماعي بالشماتة وتنفس الصعداء وانتشار أجواء الفرح والسرور في صفوف الجماهير التي قال عنها السوداني بأنها هذه المليشيات تمتلك شعبية في صفوفها، وهي المتورطة بقتل أكثر من ٨٠٠ الشباب ذكورا واناث في انتفاضة أكتوبر دون أية مساءلة ومحاسبة لا من حكومة عبد المهدي ولا مصطفى الكاظمي، ولا شياع السوداني الذي يخرج الينا ويحدثنا عن شعبية الحشد الشعبي في صفوف العراقيين. الإطار التنسيقي في حالٍ لا يحسد عليه، وهو يمثل لفيف من الأحزاب الإسلامية الشيعية والمليشيات وشخصيات لها باع طويل بالولاء لولاية الفقيه. وقد اماط اللثام عن المأزق الذي هو فيه، جلسة البرلمان المنعقدة يوم السبت المصادف ١١ شباط ٢٠٢٣ لإصدار قرار (فهو غير ملزم في جميع الحالات) حتى لو معنويا في ادانة الضربات الامريكية وعمليات الاغتيال التي تقوم بها والمطالبة بخروج القوات الامريكية، اذ غاب عن الجلسة حتى عدد من أعضاء الإطار التنسيقي، فلم يحضر سوى ٨٨ عضو من اصل ٣٢٩، وهذا يعكس حجم الخلاف بين اجنحة التحالف التنسيقي، الذي انعكس بشكل مباشر على حكومة السوداني وشخص رئيس الوزراء الذي انتهى شهر عسله، حيث لا المليشيات التي نصبته رئيسا للوزراء راضية عليه، ولا الإدارة الامريكية الممتعضة من ميوعته و انصياعه صاغرا للمليشيات، وهو يسعى أي السوداني بكل اخلاص  بالبحث عن العصا لمسكها من الوسط، في الوقت الذي ليس هناك أي عصا او في افضل الأحوال كسرت اثناء الضربات المتبادلة بين الاخوة تحت الطاولة. بشكل اخر نقول، أن السوداني يعود خطوة الى الوراء او الى حيث انتهت حكومة الكاظمي بدفع العراق للانخراط بمحيط ما يسمى بالعربي، بالرغم من تضحياته الجسام التي بدأها بإعلان براءته من حزب الدعوة وتقديم استقالته منه عندما شم رائحة تنصيبه رئيسا للوزراء عوضا من عادل عبد المهدي، وكانت استقالته الشكلية من حزب الدعوة هي غمزة لمغازلة ساحات الانتفاضة؛ التحرير والحبوبي والعروسة والثورة وغيرها من الساحات في مدن قلاع المليشيات والأحزاب الاسلامية التي خرجت فيها الملايين من الجماهير لمحاكمة الفاسدين وقامت بحرق مقرات تلك المليشيات والأحزاب التي انتمى الى واحدة منها شياع السوداني. ووقفت بصدور عارية امام قناصي وبنادق المليشيات التي يدافع اليوم السوداني عنها ويعتبرها جزء من القوات المسلحة وهو قائدها، إلى جانب تحمّله آلام تمزيق صوره أو رسم علامة الرفض () عليه من قبل تلك الساحات، وانتهاء بتجرّعه ما جاء في حملة الصحف الإيرانية عليه وتشبيهه بصدام حسين في أيام تنظيم مباراة كأس الخليج في مدينة البصرة في بداية عام ٢٠٢٣، عندما جاهر علانية بدفاعه عن عروبة العراق وفي تسمية الخليج بالخليج العربي بدل من الفارسي، وقالها دون تردد في مقابلته قبل عام مع القناة الألمانية (دي دبليو) اثناء زيارته الى اوروبا. وحيث أعاد الى الذاكرة ما حدث في الماضي، وهو الصراع بين المشروعين، مشروع “الامة العربية” الذي كان يقوده صدام حسين ومشروع “الثورة الإسلامية” الذي رفع لوائه الخميني، وعلى إثرهما نشبت حرب دموية طوال ثمان سنوات بين المشروعين، لينتصر المشروع الثاني بعد خمسة عشر عام على يد الغزو الأمريكي للعراق. ان المأزق الذي يعيشه اليوم السوداني هو نفس المأزق الذي وقع فيه مسؤوله في حزب الدعوة نوري المالكي ( ويرجح أنه هو من اقترح عليه تقديم استقالته من حزب الدعوة للالتفاف على المنتفضين في تشرين) عندما كانت بوصلته موجهة لاعادة تأسيس (دولة وطنية)، فحاول عبر قمع تظاهرات المنطقة الغربية وتشكيل قوات (دجلة) لاجتياح المناطق التي كانت تحت سيطرة الأحزاب القومية الكردية، التي عادت اليوم الى المركز بعد الحملة العسكرية في السادس عشر من أكتوبر في ٢٠١٧ على اثر الاستفتاء على استقلال كردستان في عهد حكومة العبادي، الا انه سرعان ما تغير اتجاه شراعه بسبب الرياح الطائفية القادمة من سورية بعد هبوب نسيم الثورتين المصرية والتونسية على المنطقة ليستبدل راية (الدولة الوطنية) براية الطائفية، ليطاح به بعد ذلك دون أن يسمع له صوت على اثر اجتياح داعش ثلث مساحة العراق. وها هو السوداني الاخر يطمس في نفس المستنقع الذي وقع فيه سلفه المالكي، حيث يترنح هو وحكومته على إثر الضربات الامريكية وضربات المليشيات الموالية لإيران، فمثلما استدار المالكي لنظام طهران ولقب نفسه بـ “المختار” تيمنا بالمختار بن يوسف الثقفي (٦٢٢م-٦٨٦م) الذي رفع شعار (يا لثارات الحسين) في صراعه على السلطة مع الدولة الاموية، يستدير اليوم السوداني الى المليشيات الموالية لإيران. فهو من جهة لا يملك الجرأة ليحل او يقضي على مليشيات الحشد الشعبي، فدونه ليس هناك اية فرصة للنجاح في دمج العراق بالمحيط العربي وتحقيق مشروعه، لأن حكومته أُسست على حراب المليشيات وجماجم المنتفضين، وفي نفس الوقت لا يستطيع الاستنجاد بأمريكا لأنه جزء من المنظومة المليشياتية والإسلامية ولا يمكن له كسر عصا الطاعة. وبهذا ليس امامه الا الانتظار في طابور الاستغناء عنه اسوة بالبقية التي سبقته، ويقضي أيامه الأخيرة، بَعَدِّ الضربات الأمريكية والمليشياتية، والتنديد والعويل على “السيادة الوطنية”.  العراق تنتظره أيام حالكة، وهي مرحلة جديدة من اشتداد الأزمة السياسية وانعكاسها على الأوضاع الأمنية، وستفتح الابواب من جديد على هبوب رياح رجعية والتي احدى تياراتها الطائفية، وسيؤدي الى تراجع المدنية والحريات وسيادة أجواء من الترقب والخوف واليأس من التغيير. وعليه نؤكد من جديد أن أي حديث عن الأمن والأمان والاستقرار لا يجدي نفعا دون طرد القوات الامريكية ومنظومة المليشيات السياسية والعسكرية من العراق.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: القوات الامریکیة حکومة السودانی حزب الدعوة من حزب

إقرأ أيضاً:

وماذا بعد تلك التصريحات؟

1 يوليو، 2024

بغداد/المسلة الحدث:

قاسم سلمان العبودي

يوماً بعد آخر تتعالى الأصوات النشاز لأركان الحكومة الامريكية بالنيل من سيادة العراق وقادته . وكان آخرها تصريح النائب الأمريكي مايك والتز عضو الكونغرس الأمريكي الذي وصف رئيس أكبر مؤسسة قضائية في العراق السيد فائق زيدان بأنه يتخادم مع دولة أجنبية . ففي الوقت الذي ندين بأشدّ عبارات الأدانة والرفض لتلك التصريحات الغير مسؤولة نوّد أن نشير إلى مايلي :

أولاً : أن المؤسسة القضائية تم تشكيلها وفق الدستور العراقي ، وتمت الموافقة عليها تحت قبة البرلمان العراقي الذي صوت ممثلوا الشعب عليّها بأغلبية مطلقة وعليه ، أن التطاول على شخص السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى هو تطاول على السلطة التشريعية وعلى الشعب العراقي بأكمله ، مما يستدعي تحميل السفيرة الأميركية في بغداد مذكرة أحتجاج شديدة اللهجة لتكون رادع لمن يريد الأستخفاف بالسيادة الوطنية .

ثانياً : أن العلاقات الثنائية بين العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية دائما تكون وفق رؤية مشتركة بين الجانبين لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين ، وهناك مواقف مشتركة أستثنائية في تلك العلاقة ربما من الصعب تفهمها من قبل الجانب الأميركي الذي لايؤمن ألا بالمصالح الأنانية فقط والذي هو ديدن السياسات الأميركية على مدى عقود طويلة . فذهاب السيد فائق زيدان إلى زيارة الجمهورية الإسلامية تأتي وفق تلك السياقات البروتوكولية .

ثالثاً : نرى هناك خيط يربط بين تصريحات السفيرة الأمريكية القادمة إلى العراق والتي وصفت أبطال المقاومة العراقية بأنهم مرتبطون مع إيران ، وبين تصريحات عضو الكونغرس مايك والتز الأستفزازية ، مما يشير إلى أن هناك هجمة دبلوماسية أمريكية ضد العراق وقادته ، وخصوصاً بعد الأستقرار النسبي في العملية السياسية في العراق والتي أنتجت حكومة خدمات تحاول أن تعوض العراقيين النقص الحاد في المجال الخدمي والاقتصادي .

رابعاً : نرى أن الأستهداف الممنهج لأبطال المقاومة الإسلامية العراقية للمصالح الصهيونية والأمريكية جنباً إلى جنب مع باقي الساحات المقاومة ، والذي أوجع الكيان المحتل ، وراء تلك التصريحات الغير مسبوقة ، وهي رسائل سياسية أمريكية إلى العراق وأيران في وقت واحد . فبعد الفشل الكبير للكيان الصهيوني في صد المقاومة الإسلامية في غزة وجنوب لبنان ، أبرقت تل أبيب لحليفتها التقليدية واشنطن بالضغط على الساحة العراقية من أجل تخفيف الضغط الأسلامي المقاوم علّها تلتقط أنفاساً تُعينها على مواجهة التحديات الكبيرة التي وضعتها في مأزق استراتيجي كبير في مواجهة الساحات الإقليمية المقاومة ، والتي ترى تل أبيب أن العراق بات ولاية أمريكية بحسب الرؤيا الصهيونية القاصرة .

خامساً : أذا كان هناك مواد قانونية دولية تعاقب الدول التي تتقارب فيما بينها لمصالح سياسية واقتصادية متبادلة ، فإن واشنطن أولى بأن تكون عرضة للعقوبات الدولية كوّنها ساهمت بأكبر أبادة جماعية في قطاع غزة عبر دعمها للكيان الصهيوني ، فضلاً عن دعّمها السافر للنظام الأوكراني في حربهِ مع روسيا ، وغيرها من التدخلات الخارجية الكبيرة التي تمارسها واشنطن ضد الدول التي تتقاطع معها في المصالح .

أخيراً نشير إلى أنّ مجلس القضاء الأعلى الذي يمثل أعلى سلطة قضائية هو الحامي للدستور العراقي ، وهو حامي العملية السياسية والحارس الأمين لها . لذا فإن هذا الأستهداف هو أستهداف للدولة العراقية وسيادتها ، وقد أشارت بعض التسريبات بأن هذه التصريحات الأمريكية جاءت بوشاية من أحد السياسيين الأكراد في واشنطن للنيل من شخص السيد فائق زيدان الذي وقف بالضد ( وفق القانون العراقي) من بعض الخروقات التسويقية للنفط الخام المصدر من محافظات كردستان خارج الضوابط التصديرية لشركة النفط الوطنية العراقية سومو . أن صحت هذه التسريبات المنسوبة إلى تلك الشخصية الكوردية ، فعلى الحكومة العراقية أن تكون لها وقفة قانونية ودستورية جادة بحق تلك الشخصية التي تريد التسبب بتلك الأزمة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

مقالات مشابهة

  • بعد اساءة الجمهوريين.. موقف من السفيرة الامريكية تجاه السلطة القضائية في العراق
  • لا يحق لقائد الجيش تشكيل حكومة
  • السوداني:لنْ نحيد عن مهمة استكمال السيادة العراقية
  • حزب بارزاني:حكومة السوداني واهنة في الدفاع عن سيادة العراق أمام التوغل التركي
  • السوداني يترأس الاجتماع الدوري لمشروع طريق التنمية الذي سيكمل في 2050
  • وماذا بعد تلك التصريحات؟
  • "المروج" تترنح
  • تحالف الفتح:الأحزاب الكردية والسنّية ترفض خروج القوات الأمريكية من العراق
  • السوداني:عدم وجود سجين رأي أو سجين صحفي في العراق!
  • السوداني: نفتخر اليوم بعدم وجود سجين رأي في العراق