لم يتخيل الفلسطيني نعيم أبو الشعر (58 عاما)، أن مأساة كانت تنتظره عند عودته إلى المنزل بعد شراء الخبز لإطعام أفراد عائلته، جراء قصف إسرائيلي استهدف منزله.

 

ففي ساعات الصباح الباكر، خرج أبو الشعر وحيداً، في ظل أجواء من البرد، ليحضر القليل من الخبز من أحد أفران مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ليتناول طعام الإفطار برفقة أبنائه وزوجته.

 

لكن عندما عاد إلى منزله، وجد نفسه أمام مشهد لم يكن يتخيله، فالمنزل الذي كان يعتبر ملاذاً له ولأسرته، قد تحول إلى ركام وأنقاض، وقتل وأصيب من فيه، بفعل غارة إسرائيلية عليه.

 

ومن النظرة الأولى لأبو الشعر لمنزله من بعيد، خطا بخطوات سريعة، تاركًا الخبز خلفه، وذهب ليعرف مصير أفراد عائلته بعد قصف المنزل وتدميره بشكل كامل.

 

وبينما ذهب أبو الشعر ليتفقد ما حصل بعائلته، وجد بين الركام بجانب منزله جثمان ابنته، فاهتزت كلماته بالحزن وهو يصرخ، "أمل يابا.. أمل يابا، طولها (أخرجها).. يابا، أين أولادي؟، كلهم كانوا بالدار".

 

تلك المشاهد المأساوية دفعت أهالي الحي وأقرباؤه للتوجه نحوه، وهم بحالة من الحزن العميق، بهدف تقديم الدعم له بالرغم من الألم الشديد الذي أصابهم.

 

وفوق أنقاض المنزل، يحاول عدد من الشبان إزالة الركام والبحث عن جثامين القتلى الذين سقطوا في تلك الغارة، باستخدام أدوات بسيطة.

 

وخلال عملية البحث بين الأنقاض، تمكنوا من العثور على سيدة تظهر علامات الشيخوخة على يديها، ما يشير إلى أنها مسنة.

 

وقال أحد الشبان الذين يساهمون بالبحث على الجثامين بين الأطلال "هي والدة أبو الشعر".

 

الغارة الإسرائيلية لم تنحصر في منزل أبو الشعر فحسب، بل أصابت أيضا العديد من منازل الفلسطينيين، وأسفرت عن مقتل 15 شخصا، وإصابة عشرات آخرين وفقًا لشهود عيان.

 

وبمجرد انتهاء أبو الشعر من تفقد منزله، سارع بالتوجه إلى مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، ليطمئن على أفراد عائلته ويعرف مصيرهم.

 

وعندما وصل إلى المستشفى، اكتشف أن كل من في المنزل قد لقوا حتفهم، بينهم أطفال ونساء ومسنون، حيث بلغ عددهم 15 قتيلا من عائلة أبو الشعر والعائلات التي تسكن في الأبنية الملاصقة.

 

وفي داخل المستشفى، حمل أحد الشبان طفلاً صغيراً من بين قتلى الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منزل أبو الشعر، وقال بصوت مرتفع، وعلامات الحزن والغضب تظهر عليه: "حسبي الله ونعم الوكيل".

 

وما إن حمله حتى بدأ الصحفيون في التقاط الصور ومقاطع الفيديو لتوثيق "جرائم إسرائيل ضد الأطفال".

 

وعلى مقربة من جثامين الشهداء الذين اصطفوا في ساحة المستشفى، يحتضن الفلسطيني المكلوم أبو الشعر، جثامين عائلته في وداعهم الأخير.

 

وبينما كان المسن يلقي نظرات الوداع على أفراد عائلته، قال: "ذهبت لإحضار الخبز منذ الساعة 4 صباحًا، وعدت لأجد كل من في المنزل، نساءً وأطفالًا وشيوخًا، أصبحوا شهداء".

 

وما أن انتهوا من توديعهم، بدأ الرجال بحملهم الجثامين لدفنها، في ظل امتلاء المقابر بسبب الأعداد الكبيرة من القتلى، وصعوبة الوصول إلى مقابر جديدة بسبب القصف الإسرائيلي.

 

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، انسحبت آليات عسكرية إسرائيلية، من المنطقة الجنوبية لمدينة دير البلح وسط قطاع غزة والفاصلة بينها وبين مدينة خانيونس (جنوب)، وذلك بعد مرور نحو شهر على التوغل، مخلفة دمارا هائلا في البنية التحتية.

 

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية" لأول مرة منذ تأسيسها.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: أفراد عائلته أبو الشعر

إقرأ أيضاً:

إمارة الشعر.. إلى أين ؟ وكيف ؟

ماذا لو نظرنا اليوم بين أحمد شوقي، حمزة شحاتة، بدوي الجبل، ووليد الصرَّاف لأمارة الشعر؟
إن إمارة الشعر ليست مجرد لقب، بل هي تكريم يُمنح للشاعر الذي يترك أثرًا عميقًا في الأدب العربي، ويجمع بين الموهبة والقدرة على التجديد والإبداع. عبر العصور، لمع العديد من الشعراء الذين استحقوا هذا اللقب بجدارة، ومن بينهم أحمد شوقي، وحمزة شحاتة، وبدوي الجبل، ووليد الصرَّاف، حيث اجتمعوا على امتلاك أدوات الشعر من فصاحة وجزالة وأصالة، لكن لكل منهم أسلوبه ورؤيته الخاصة.
أحمد شوقي.. أمير الشعراء الكلاسيكي
يعدّ أحمد شوقي (1868-1932) من أعظم شعراء العصر الحديث، وقد حصل على لقب “أمير الشعراء” في زمنه بسبب قدرته الفائقة على إحياء الشعر العربي الكلاسيكي، مع إضافة لمسات التجديد. كتب في مختلف الأغراض الشعرية، مثل المدح، والرثاء، والغزل، والسياسة، ولم يقتصر على القصيدة التقليدية، بل أدخل الشعر المسرحي إلى الأدب العربي، ممّا جعله رائدًا في هذا المجال. ومن أشهر أعماله مسرحياته الشعرية: مجنون ليلى وعنترة.
حمزة شحاتة.. الفيلسوف الشاعر
يعدّ حمزة شحاتة (1908-1972) أحد أعمدة الشعر السعودي، وتميز بأسلوبه العميق الذي جمع بين الفلسفة والحداثة، وكان من أكثر الشعراء تأملًا في قضايا الإنسان والمجتمع. لم يكن مجرد شاعر فحسب، بل كان ناقدًا ومفكرًا، ممّا جعل شعره مليئًا بالرؤى العميقة التي تخاطب العقل والوجدان.
بدوي الجبل.. صوت القومية والوطنية
بدوي الجبل (1903-1981) هو أحد أبرز شعراء سوريا في القرن العشرين، وقد عُرف بتمسكه بالأسلوب الكلاسيكي، حيث كانت قصائده غنية بالصور البيانية والموسيقى الشعرية. كان صوته الشعري يعبر عن القومية العربية والوطنية، وقد تأثر بالتراث العربي الأصيل، ممّا جعل شعره قريبًا من روح المتنبي وأبي تمام.
وليد الصرّاف.. شاعر العصر الحديث
أما وليد الصرّاف، فهو أحد الشعراء المعاصرين الذين أثبتوا وجودهم في الساحة الشعرية من خلال امتلاك أدوات الشعر التقليدي مع قدرة على التجديد. استطاع أن يقدم نصوصًا تجمع بين العمق الفني والبساطة، مما جعله شاعرًا قادرًا على التأثير في المتلقي بأسلوبه المميز.
خاتمة
إمارة الشعر ليست مجرد لقب يُمنح، بل هي مسؤولية أدبية تتطلب قدرة على الإبداع والتجديد والتأثير في المجتمع. هؤلاء الشعراء الأربعة استطاعوا أن يتركوا بصمة في تاريخ الشعر العربي، كلٌ بطريقته، ممّا جعلهم رموزًا للأدب والشعر في أزمنتهم المختلفة.

sal1h@

مقالات مشابهة

  • زينة في "رامز إيلون مصر": "أعدائي كلهم رجال.. ومعرفش رانيا يوسف"
  • هددها بالعقرب.. زينة لرامز جلال: أنا أعدائي كلهم رجالة
  • بغداد.. منتسب أمني يُبيد عائلته بالكامل لأسباب مجهولة
  • القبض على شخص رفع علم العراق السابق فوق منزله في بغداد
  • اعتقال شخص رفع العلم الصدّامي فوق منزله وسط بغداد
  • هل ستحبني إن تحولتُ لحشرة؟
  • العطيشان يروي تفاصيل قصف منزله واحتلال الخفجي خلال الغزو العراقي.. فيديو
  • إمارة الشعر.. إلى أين ؟ وكيف ؟
  • تفسير حلم تغير لون الشعر إلى الأشقر في المنام
  • خبز البيدا ضيف المائدة التركية في رمضان.. ماذا تعرف عنه؟