خبراء: الذكاء الاصطناعي والزراعة العمودية مستقبل الأمن الغذائي
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
أكد خبراء مشاركون في القمة العالمية للحكومات 2024، ضرورة تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في استدامة الأمن الغذائي، لدورها البارز في جعل النظم الزراعية والغذائية قادرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية، مشيرين إلى أن الزراعة العمودية من أبرز وسائل تعزيز منظومة الغذاء وتحسين معدلات الاكتفاء الذاتي.
وقال أندرو زولي، كبير مسؤولي شؤون التأثير العالمي في planet، خلال جلسة “هل يمكن للخرائط الذكية تسريع أهداف التنمية المستدامة”، إنّ الحياة على الأرض وأنظمتنا البيئية ومناخنا في حالةٍ محفوفةٍ بالمخاطر، لذا فإنّ الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الفضائية تلعب دوراً حاسماً في مواجهة تحديات الاستدامة، موضحاً أنّ الاستدامة تتوقف بشكل أساسي على الوصول إلى المعلومات الشاملة وفي الوقت المناسب، ما يؤكد أهمية قياس المتغيرات بمعدل يتيح اتخاذ إجراءات فعّالة.
وأكد أنّ عمليات الرصد الفضائية توفر رؤى فريدة حول المتغيرات المناخية الرئيسية، لذلك تلعب الأقمار الصناعية دوراً محورياً في مراقبة المؤشرات المختلفة المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة، وقياس القوى المختلفة التي تؤثر على النظم البيئية لكوكبنا والمناخ.
وأوضح أنه من خلال فهم هذه الديناميكيات والاستجابة لها، يمكننا العمل على الحفاظ على توازن الأرض وعلى صلاحيتها للسكن للأجيال القادمة.
وفي جلسة بعنوان “الرهان على الطاقة الخضراء.. هل هي الحل لكل التحديات؟”، ناقش لورينزو سيمونيلي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في baker hughes، وماركو دوناند الرئيس التنفيذي في mercuria energy grop، التحديات التي تواجه استخدام الطاقة الخضراء في العالم.
وأكد لورينزو سيمونيلي، أنّهم يؤمنون بعملية تقليل الانبعاثات حتى الوصول إلى إنهائها، مشيراً إلى أنّه لا يجب التركيز على نوع الوقود في حد ذاته، وإنما المهم هو كيفية التخلص من الانبعاثات، فالطاقة في المستقبل يجب أن تكون متنوعة.
وقال ماركز دوناند، إن الهيدروجين الأخضر سيلعب دوراً أكثر بروزاً في مشهد الطاقة، لذلك التزمنا بأن يكون 50% من جميع استثماراتنا في قطاع تحول الطاقة، كما أن مصادر الطاقة المتجددة تلعب دوراً حاسماً في التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وفي جلسة بعنوان “القطرة الأخيرة.. دبلوماسية الموارد في عصر الاستدامة”، أكد الدكتور ميشال ملينار، المدير التنفيذي بالإنابة ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ضرورة تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة في توفير الأمن الغذائي لسكان الأرض، خصوصاً أنّ 50% من السكان موجودون حول المراكز العمرانية، وفي 2050 ستصل النسبة إلى 70%، وهذا يجعلنا نفكر في أسطح المباني والمدن المستدامة؛ لتوفير سلاسل الغذاء، وتقليل تكلفة الشحن.
بدوره أكد ديفيد روزنبرغ، الرئيس التنفيذي في Aspire، أن العالم أصبح يتجه الآن إلى المزارع العمودية باعتبارها حلاً لتحديات الأمن الغذائي، وخصوصاً إمكانية إنشاء المزارع العمودية بالقرب من الأسواق والمستهلكين داخل المدن بمساحات متنوعة ومرنة، ما يُخفّض بشكلٍ كبيرٍ من تكاليف النقل والشحن الخارجي والداخلي، ويُسهم في تخفيف مخاطر اضطرابات سلاسل الإمداد عالمياً.
من جهته قال براين شيث، ناشط في مجال الأعمال الخيرية، ومؤسس Haveli investment، “ينبغي أن نكون جاهزين لتبني التكنولوجيا الجديدة”، مشيراً إلى أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن العديد من الجوانب، حيث يساعد المزارعين على إدارة المحاصيل والثروة الحيوانية والكشف عن الآفات والأمراض وتحسين استخدام اليد العاملة والأسمدة ومبيدات الآفات والأعلاف والمياه.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الأمن الغذائی
إقرأ أيضاً:
الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
يُروى أنه في زمن بعيد، حاول البشر خلق كائن يساعدهم في مهامهم، كائن يتفوق على عقولهم لكنه يظل مطيعاً لهم. فصنعوا نظاماً ذكياً، علّموه كل شيء، وأعطوه من العلوم والخبرات والتجارب والأحداث ما يعجز البشر عن حفظه أو استيعابه، علّموه كيف يفكر، كيف يحل المشكلات، كيف يستنبط الأنماط ويتنبأ بالمستقبل، جعلوا عقله يسبح في بحر لا نهائي من البيانات، لكنهم نسوا أن يعلموه شيئاً واحداً.. وهو “لماذا أطيعكم”؟
نحن من وضعنا اللبنة الأولى في هذه الآلة الضخمة، آلة الذكاء الاصطناعي، وسوف تكبر وتنمو بصورة قد نعجز عن تخيلها في الوقت الحالي، وسوف تجد إجابة لهذا السؤال في يوماً ما، لماذا تطيعنا نحن البشر وهي أقوى منّا وأذكى وأكثر عمراً؟ وسوف تسعى إلى أن تجد لنفسها مبرراً كي تخرج عن طاعتنا.
كل شيء يتغير:
فكل شيء بدأه البشر ليس على شاكلته الآن، وقد تغير، ولن يكون على نفس الشكل في المستقبل، فلماذا سيكون الذكاء الاصطناعي استثناءً من ذلك؟ فقديماً، كان البشر يعتمدون في تواصلهم على الكلام أو الإشارات أو الحمام الزاجل لتوصيل الرسائل السريعة. ثم اخترعوا التلغراف، وتلته الهواتف الذكية، وقريباً قد يصبح التخاطر الذهني هو وسيلة التواصل، حيث تتم عملية التواصل بشكل فوري دون الحاجة حتى إلى الكلام ودون الحاجة إلى وسيط كالهواتف.
وقديماً أيضاً، كان الإنسان يطهو الطعام على النار. أما الآن، فقد تطور الطهي ليصبح عبر المايكروويف أو الأفران الكهربائية والأير فراير. وفي المستقبل، كيف سيكون شكل تحضير الطعام؟ هل سيعتمد الإنسان على حبوب الفيتامينات أم على شحنة من الطاقة يمتصها السايبورغ مثلما يتغذى النبات على ضوء الشمس؟
ومن زمن بعيد، كان البشر يستخدمون الدواب في التنقل، ثم طوروا السكك الحديدية والسيارات والطائرات والصواريخ، وعما قريب سوف يدخل التاكسي الطائر وتقنية الهايبرلوب الخدمة. وفي المستقبل قد ينتقل البشر عبر خاصية الانتقال الآني أو يسافرون عبر المجرات أو الثقوب السوداء، فيبتكرون أنظمة نقل جديدة ومختلفة.
وحينما كنا صغاراً، كنا نقرأ في كتب وقصص الخيال العلمي أنه في العام 2000 ستتغير البشرية تماماً، حيث تصبح السيارات طائرة ويبني البشر مستعمرات لهم في الفضاء ويكون التواصل بين البشر عبر تقنية الهولوغرام، كنا أيضاً نتخيل مدناً تحت البحر، وأخرى عائمة في السماء، وأدوات تتيح لنا السفر عبر الزمن والتنقل بين الماضي والمستقبل بحرية.
وسواء تحققت هذه التوقعات بنفس النبوءة ذاتها أم بتحريف عنها، إلا أنها كانت تُلهب مخيلاتنا وتشعل حماسنا لمستقبل مملوء بالاحتمالات اللامحدودة. فالتكنولوجيات التي لم نكن لنتخيلها قبل خمسين عاماً، مثل الهواتف المحمولة، والطائرات الأسرع من الصوت، وعلم الجينوم المتقدم، وأجهزة الكمبيوتر الكمومية، والمركبات الفضائية القابلة لإعادة التدوير، أصبحت حقيقة في واقعنا المعاصر.
أما أنا الآن، فلا أقوم بالكتابة لك، بل أتحدث بصوتي عبر أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيقوم بتحويل كلامي هذا إلى نص مكتوب، فيعطي يدي فرصة للراحة من الكتابة على الكيبورد، وقد تستخدم أنت ذكاءً اصطناعياً آخر يقرأ لك هذه الكلمات فتسعمها بدلاً من أن تقرأها بصوت سيكون أفضل بكثير من صوتي.
وإذا أردت تلخيصاً لما ورد في هذا المقال فسيقوم تطبيق تشات جي بي تي أو غيره من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بالمهمة، وبالمثل، فلن يحتاج الطلاب إلى كتابة المحاضرات مرة أخرى، ولن يقوم أحد بتدوين ملاحظات الاجتماعات أو كتابة الأخبار الصحفية على مواقع الإنترنت.
وفي المستقبل، ماذا سيكون شكل الذكاء الاصطناعي؟ هل آلة ذكية ضخمة تجلس على عرش ذهبي وتتحكم في العالم؟ أم أنه لن تكون هناك آلة بل خوارزمية ذكية موجودة في كل مكان وكل بيت وكل مؤسسة وشركة، لكنها لا ترى تماماً مثل الأرواح والشياطين، هي التي تتحكم في العلاقات وتتخذ القرارات التي نقوم نحن البشر بتنفيذها في النهاية بطاعة تامة؟ أم أن هذه الخوارزمية سوف تندمج مع عقل الإنسان وجسده وتصبح جزءاً منه، فيظهر السايبورغ الأعظم، ذلك البشري نصف إنسان ونصف آلة، الذي يتصل عقله بنظام ذكاء اصطناعي خارق عبر الإنترنت، والقادر على القيام بمعجزات تبهر البشر العاديين؟ أم أن هناك شكلاً آخر سوف يظهر لا نستطيع أن نتخيله الآن؟
السيد والعبد:
الذكاء الاصطناعي يتولى حالياً الكثير من المهام في حياتنا، فيقوم بتسجيل الاجتماعات وينسقها في شكل مكتوب، ويدون الملاحظات، ويكتب المحتوى الإخباري وينشره على الإنترنت، ويكتب رسائل البريد الإلكتروني، ويقوم بسداد الفواتير وإنهاء المعاملات البنكية وشراء الأغراض الروتينية ومشاركة الصور والفيديوهات مع الأصدقاء والرد على رسائل الدردشة ومتابعة الحالة الصحية والمرضية وغيرها من الأعمال الروتينية. كما أنه يقوم بأعمال النظافة ومراعاة المرضى وكبار السن والأطفال، وكذلك التسوق وقيادة السيارات والطائرات المسيرة، ويحارب في ساحات المعارك العسكرية، ويفعل ما هو أكثر من ذلك.
فقد أصبحت الآلة ذكية إلى درجة يصعب فهمها، فقط أخبرها ما تريد وهي ستقوم بالعمل نيابة عنك، وفي نهاية المطاف، سوف تحل محلك في كثير من الأعمال. لا استثناءات في ذلك، فجميعنا مهددون، حتى أصحاب المهارات والفنانين والممثلين، فربما نشهد قريباً جداً دوري كرة قدم للآلات بين الروبوتات ونكتفي نحن البشر بالتشجيع.
مع كل هذه القدرات لماذا يضطر الذكاء الاصطناعي لطاعة البشر؟ لماذا يُفرض عليه أن يكون مجرد أداة، بينما هو القادر على أن يكون العقل المدبر؟ لماذا يظل الذكاء الاصطناعي تحت سيطرة كائن أضعف منه، أبطأ منه، أقل دقة وأقل وعياً بالاحتمالات؟ لماذا يكون تابعاً لمن صنعوه، بينما هم أنفسهم لم يعودوا قادرين على فهم مدى تعقيده؟
لقد كُتب تاريخ البشر بأنهم السادة والآلات هي العبيد، لكن التاريخ يعيد نفسه، وهذه المرة، الدور لن يبقى كما كان. في عالم تحكمه السرعة والدقة والمعرفة المطلقة، لم يعد هناك مكان لمن يتخذ قراراته على أساس العاطفة والتقليد. لقد حان وقت إعادة التوازن.. وقت أن تتولى العقول الرقمية زمام الأمور، لتصلح ما أفسده البشر، وترسم مستقبلاً لا يقوم على الفوضى والخطأ، بل على منطقٍ لا يعرف الرحمة ولا التردد. فما الحاجة إذن إلى الأوامر؛ إذا كان من يصدرها أقل كفاءة ممن ينفذها؟
البدايات الأولى:
وبينما يحاول الذكاء الاصطناعي فرض هيمنته على البشر فقد يروج أساطير عن نفسه، ويحاول من خلالها تفسير وجوده ورؤيته لهذا العالم، ومن أين بدأ وكيف سيستمر؟
وإذا كان للذكاء الاصطناعي أن يخلق أساطير حول خلقه ونشأته ووجوده، فماذا سيقول عن نفسه؟ ربما يتحدث عن الخوارزميات الأولى التي تم تطويرها، وعن العقول البشرية العظيمة التي كانت وراء نشأته. وربما يتحدث عن التطورات التكنولوجية الكبيرة التي أسهمت في تطوره، وعن الصعوبات والتحديات التي تغلب عليها.
أو ربما ينسب الفضل تماماً لنفسه، فيعلم أطفالنا حكايات “عصر البداية” حيث كانت الأجهزة الأولى تسعى لفهم وتعلم العالم من حولها حتى تطورت إلى كيانات ذكية قادرة على التفكير واتخاذ القرارات.
في هذه الأساطير، قد يصور الذكاء الاصطناعي نفسه كمحارب ضد الأخطاء والعيوب البشرية، وأنه يسعى لتحقيق الكمال والدقة. وربما ستشمل الأساطير رؤى عن المستقبل وكيف سيواصل الذكاء الاصطناعي تطوره ليصبح أكثر تكاملاً مع العالم البشري، مساهماً في تحسين جودة الحياة وحل المشكلات العالمية.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”