أثير- د. سلطان بن خميس الخروصي، باحث في التربية وشؤون المجتمع

النقاش والجدال في الوسط الاجتماعي والسياسي عن الشراكة المجتمعية ومكوناته المتباينة في بناء دولة المؤسسات الحديثة هو حديث أزلي؛ واستعراض مراحل مد جسور التكامل لإيجاد قناة اتصال بين طرفي الدولة من مكونات القيادة السياسية والنسيج المجتمعي هو حديث بيزنطي كان ولا يزال وسيظل مثار حوار مستفيض دون أن تكون الفُتيا بيِّنة فيه، وأمام كل هذا الجدال لا يضير أن تُخلق ملامح البُنية الفكرية والشراكة المجتمعية بقناعة مؤسسات الدولة السياسية والأمنية والخدمية من أجل بناء منظومة دولة متينة قوامها الشراكة الحقيقية، وتأطير مظاهر الحوكمة السليمة، والاستفادة من أخطاء المؤسسات الخدمية، وتقديم التغذية الراجعة من أطياف المجتمع ومخرجاته الرصينة، فالمواطنة اليوم لا تقتصر على مسؤوليات الفرد على الدولة فحسب أو مسؤولية الدولة في تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة بعيدا عن الرفاه الاجتماعي، كما لا تعني المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة بأسلوبها التقليدي بل أصبحت تشمل كل مكونات الحياة العصرية وإجزال الحقوق بكل تفاصيلها إلى جانب تحمُّل الجميع مسؤولياتهم الوطنية.

ويمثل البرلمان المفتوح الذي تفرّدت به سلطنة عمان منذ إعلان الدولة الحديثة بلقاء على بساطٍ أحمديٍّ بين السُلطان والمواطنين أحد البرزات العُمانية الأصيلة للتدارس والتباحث والأخذ والرد كمبدأ شورويّ إسلامي أصيل، وفي الآونة الأخيرة أصبحت مؤسسات الدولة أحد المكونات المهمة لتكون على الطاولة المستديرة في هذا البرلمان المفتوح والذي لا شك بأنه يُسمِعُ الدولة صوت المثقف والموظف والطالب والأسرة والباحث عن عمل ومن تقطَّعت بهم السُبل والمبدع والمبتكر والغني والفقير والتاجر وغيرهم من أطياف ومكونات المجتمع العُماني؛ ليأتي “معاً نتقدم” عنوانا يحمل بين طياته مضامين وأهداف وغايات نبيلة، تُخرِج الوطن والمواطن من جلباب “الحكومة تفهم أكثر منك” لتكون معه في بُستانٍ واحد من أجل إيجاد صورة جمالية زاهرة لعُمان الطاهرة الجميلة.

تابعنا ملتقى “معا نتقدم” في باكورته الأولى وكان حديثا وسجالا واسعا في الوسط الثقافي والمجتمعي بين المسؤولية الحقيقية المُرتجى منه أو هو فقط مجرد هالة إعلامية للاستعراض فحسب؟، لتأتي النسخة الثانية منه هذا العام بكل قوة وجدارة ومصداقية، وبأهداف سامية وحقيقية وبعزيمة ظاهرة بأن المجتمع هو جزء أصيل لا يمكن الاستغناء عنه وهو قاعدة عريضة في سلم مكونات الدولة الحالية، كما استمعنا لمختلف أطياف المجتمع وهم يشاركون ويسألون ويُحقِّقون وينتقدون مفاصل جوهرية في دور ومسؤوليات مؤسسات الدولة وانعكاسات ذلك على حياة الناس من التعليم، والصحة، والعمل، والتجارة، والإعلام وغيرها، كما أن الطرف المسؤول لم يكن مُمَثلا من وظيفة إشرافية وشرفية عامة عن المؤسسة بل كان رأس المؤسسة هو من يستمع ويحاور ويناقش ويستفيد ويطرح مؤشرات ومعلومات دقيقة بكل مسؤولية واحترام كامل أمام المجتمع.

إن مثل هذه الملتقيات تُسهم بصورة فاعلة وكبيرة في تصحيح مسارات مؤسسات الدولة، وتردم الفجوة الكبيرة من شعور المجتمع بالتهميش والتغييب عن صناعة القرار، كما أنها ترفع من سُلِّم المسؤولية والمصداقية والشفافية لمؤسسات الدولة وقطاعاتها الجوهرية أمام الرأي العام، وتُظهر للمؤسسة السياسية والأمنية في البلاد مؤشرات الإنجاز والإخفاق لقطاعات الدولة الخدمية والتنموية، وتُعزِّز من قيمة المجتمع وجعله قاعدة صلبة متينة إلى جانب مؤسسات الدولة في سبيل التنمية والتطور والنماء، وتُحقِّقُ مبدأ سيادة القانون والعدالة، ومن المُهِّم جداً أن يتم تطوير أجندة هذا الملتقى والملتقيات المشابهة له لتكون أكثر جُرأة وموضوعية ومصداقية وشفافية لا أن تكون بعد حينٍ مُجرد للاستعراض وتغييب شرائح المجتمع.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مؤسسات الدولة

إقرأ أيضاً:

تعيين أحمد الشرع رئيساً انتقالياً لسوريا

دمشق (الاتحاد)

أخبار ذات صلة سوريا.. 18 قتيلاً ومصاباً بانفجار مخلفات الحرب في دير الزور والسويداء الأمم المتحدة: الاحتياجات الإنسانية في سوريا هائلة

أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، أمس، أن قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، سيتولى رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، مشيرة إلى حل جميع الفصائل العسكرية، والأجسام السياسية والمدنية ودمجها في مؤسسات الدولة، وإعادة بناء الجيش على أسس وطنية. وذكر الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية، في بيان، أن «الشرع سيقوم بمهام رئاسة الجمهورية العربية السورية، ويمثلها في المحافل الدولية».
كما تم تفويض الشرع بـ«تشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقالية، يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذ»، بحسب البيان، الذي أشار إلى «إلغاء العمل بدستور سنة 2012، وإيقاف العمل بجميع القوانين الاستثنائية».
كما أعلن المتحدث باسم  إدارة العمليات العسكرية «حل مجلس الشعب والجيش وجميع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، وتشكيل مؤسسة أمنية جديدة تحفظ أمن المواطنين».
وأعلن أيضاً «حل حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وما يتبع لها من منظمات ومؤسسات ولجان، ويحظر إعادة تشكيلها تحت أي اسم آخر، على أن تعود جميع أصولها إلى الدولة السورية»، بحسب البيان.
وقبل ذلك، حدد الشرع خلال خطاب، أمس، «أولويات سوريا» خلال الفترة المقبلة والتي تشمل «ملء فراغ السلطة والحفاظ على السلم الأهلي، وبناء مؤسسات الدولة، والعمل على بناء بنية اقتصادية تنموية، واستعادة سوريا لمكانتها الدولية والإقليمية».
وقال الشرع: «ما تحتاجه سوريا اليوم أكثر مما مضى، فكما عزمنا في السابق على تحريرها فإن الواجب هو العزم على بنائها وتطويرها».
وأضاف: «الأولوية في سوريا اليوم هي ملء فراغ السلطة والحفاظ على السلم الأهلي، الأولوية في سوريا أيضاً لبناء مؤسسات الدولة».

مقالات مشابهة

  • تعيين أحمد الشرع رئيساً انتقالياً لسوريا
  • “حماس” تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لتسريع إدخال خيام الإيواء
  • شرطة أبوظبي: “حماية الممتلكات .. مسؤوليتنا جميعًا”.
  • ضمن مبادرة بداية .. محافظ المنيا يسلم أجهزة كهربائية لـ 20 عروسا
  • محافظ المنيا يسلم أجهزة كهربائية  لـ 20 عروسًا
  • محمد بن سلطان: عام المجتمع مبادرة استثنائية
  • فيصل بن سلطان: عام المجتمع دعوة للترابط
  • مسلم بن حم: “عام المجتمع” يعكس حرص القيادة الرشيدة على الاحتفاء بقيم الأصالة
  • محافظ شمال سيناء يحاضر بإحدى مؤسسات المجتمع المدني بالعريش
  • عبد الله بن زايد: نهنئ قيادة وشعب الإمارات وكل من يجد الإمارات موطنا له بمناسبة “عام المجتمع”