د.سلطان الخروصي يكتب: “معًا نتقدم” بين الشراكة والاستعراض
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
أثير- د. سلطان بن خميس الخروصي، باحث في التربية وشؤون المجتمع
النقاش والجدال في الوسط الاجتماعي والسياسي عن الشراكة المجتمعية ومكوناته المتباينة في بناء دولة المؤسسات الحديثة هو حديث أزلي؛ واستعراض مراحل مد جسور التكامل لإيجاد قناة اتصال بين طرفي الدولة من مكونات القيادة السياسية والنسيج المجتمعي هو حديث بيزنطي كان ولا يزال وسيظل مثار حوار مستفيض دون أن تكون الفُتيا بيِّنة فيه، وأمام كل هذا الجدال لا يضير أن تُخلق ملامح البُنية الفكرية والشراكة المجتمعية بقناعة مؤسسات الدولة السياسية والأمنية والخدمية من أجل بناء منظومة دولة متينة قوامها الشراكة الحقيقية، وتأطير مظاهر الحوكمة السليمة، والاستفادة من أخطاء المؤسسات الخدمية، وتقديم التغذية الراجعة من أطياف المجتمع ومخرجاته الرصينة، فالمواطنة اليوم لا تقتصر على مسؤوليات الفرد على الدولة فحسب أو مسؤولية الدولة في تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة بعيدا عن الرفاه الاجتماعي، كما لا تعني المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة بأسلوبها التقليدي بل أصبحت تشمل كل مكونات الحياة العصرية وإجزال الحقوق بكل تفاصيلها إلى جانب تحمُّل الجميع مسؤولياتهم الوطنية.
ويمثل البرلمان المفتوح الذي تفرّدت به سلطنة عمان منذ إعلان الدولة الحديثة بلقاء على بساطٍ أحمديٍّ بين السُلطان والمواطنين أحد البرزات العُمانية الأصيلة للتدارس والتباحث والأخذ والرد كمبدأ شورويّ إسلامي أصيل، وفي الآونة الأخيرة أصبحت مؤسسات الدولة أحد المكونات المهمة لتكون على الطاولة المستديرة في هذا البرلمان المفتوح والذي لا شك بأنه يُسمِعُ الدولة صوت المثقف والموظف والطالب والأسرة والباحث عن عمل ومن تقطَّعت بهم السُبل والمبدع والمبتكر والغني والفقير والتاجر وغيرهم من أطياف ومكونات المجتمع العُماني؛ ليأتي “معاً نتقدم” عنوانا يحمل بين طياته مضامين وأهداف وغايات نبيلة، تُخرِج الوطن والمواطن من جلباب “الحكومة تفهم أكثر منك” لتكون معه في بُستانٍ واحد من أجل إيجاد صورة جمالية زاهرة لعُمان الطاهرة الجميلة.
تابعنا ملتقى “معا نتقدم” في باكورته الأولى وكان حديثا وسجالا واسعا في الوسط الثقافي والمجتمعي بين المسؤولية الحقيقية المُرتجى منه أو هو فقط مجرد هالة إعلامية للاستعراض فحسب؟، لتأتي النسخة الثانية منه هذا العام بكل قوة وجدارة ومصداقية، وبأهداف سامية وحقيقية وبعزيمة ظاهرة بأن المجتمع هو جزء أصيل لا يمكن الاستغناء عنه وهو قاعدة عريضة في سلم مكونات الدولة الحالية، كما استمعنا لمختلف أطياف المجتمع وهم يشاركون ويسألون ويُحقِّقون وينتقدون مفاصل جوهرية في دور ومسؤوليات مؤسسات الدولة وانعكاسات ذلك على حياة الناس من التعليم، والصحة، والعمل، والتجارة، والإعلام وغيرها، كما أن الطرف المسؤول لم يكن مُمَثلا من وظيفة إشرافية وشرفية عامة عن المؤسسة بل كان رأس المؤسسة هو من يستمع ويحاور ويناقش ويستفيد ويطرح مؤشرات ومعلومات دقيقة بكل مسؤولية واحترام كامل أمام المجتمع.
إن مثل هذه الملتقيات تُسهم بصورة فاعلة وكبيرة في تصحيح مسارات مؤسسات الدولة، وتردم الفجوة الكبيرة من شعور المجتمع بالتهميش والتغييب عن صناعة القرار، كما أنها ترفع من سُلِّم المسؤولية والمصداقية والشفافية لمؤسسات الدولة وقطاعاتها الجوهرية أمام الرأي العام، وتُظهر للمؤسسة السياسية والأمنية في البلاد مؤشرات الإنجاز والإخفاق لقطاعات الدولة الخدمية والتنموية، وتُعزِّز من قيمة المجتمع وجعله قاعدة صلبة متينة إلى جانب مؤسسات الدولة في سبيل التنمية والتطور والنماء، وتُحقِّقُ مبدأ سيادة القانون والعدالة، ومن المُهِّم جداً أن يتم تطوير أجندة هذا الملتقى والملتقيات المشابهة له لتكون أكثر جُرأة وموضوعية ومصداقية وشفافية لا أن تكون بعد حينٍ مُجرد للاستعراض وتغييب شرائح المجتمع.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: مؤسسات الدولة
إقرأ أيضاً:
محمد حامد جمعة يكتب: الدو
لا أعرف مقتضيات تخويف المجتمع من بعض الساسة ممن يبغضون السودان بتخريجات أن السودان يهدد الأمن الإقليمي والسلام العالمي ! نظرا لظروفه الحالية مع الحرب ! هذا تسطيح ينقضه حقيقة أن الجهة المخاطبة أساسا لديها طرقها في المتابعة والتيقن من حالة تلك المهددات من السودان أو عليه وبصورة أدق من إلتقاطها من متحدث على الأرجح لا يعرف خط الطول من العرض في الجغرافيا .
حرب السودان بكل مضارها حتى الآن أثارها داخلية .يمكن التوسع في فرضيات تأثيرات أثرها على النسيج الإجتماعي وتماسك اللحمة القومية وفي هذا متسع من المباحث .
وأما خارجيا فعلى العكس . تهديدات الجوار الإقليمي وفيوض أسلحته ومقاتليه هي الأوضح . ومخاطر الأخرين عليه قبل الحرب كانت أوضح . لو تذكرون مشروع إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا كمثال . وقد كتبت عنه مادة ارجو أن يسمح الجهد باستخراجها من الإرشيف وتوقعت فيها أن يكون السودان من مجاري تصريف اولئك المقاتلون ! وانظر لما وراء ليبيا وإشكالات منطقة الساحل والصحراء وقد طرحت فيها فرنسا مشروع شراكة عسكرية لمكافحة جماعات عرقية وأصولية .ووأنتهى المشروع بالتحولات التي جرت في مالي والنيجر وبوركينافسو .
والأوضاع في تلك الناحية متصاعدة عراك بين مالي والجزائر واتفاق تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا ونشاط تشادي كبير للتجهيزات والتسليح ربطا بتلك التطورات .وإذهب لمنطقة البحيرات وشرق الكنغو وقيام تمدد جديد للتوتسي وعرج على جنوب السودان الواقف في عين العاصفة وانظر توترات صامتة مع أرتريا وترقبها لرصاصة طائشة لتقتحم من الجبل والسهل نحو مصدر الرصاصة . دع عنك تفاصيل أخرى . كلها وعلى العكس من فرضيات اولئك الساسة ستجعل السودان (عمود النص) والأرض المستقرة رغم الذي يحدث والذي إن شاء لعب (بالدو) وإن شاء (قبض هبابة) . والأيام بيننا وبيننا حقيقة أهم أن هذا المجتمع الدولي الذي يخاطب ولكل تلك الإعتبارات سيحرص على توثيق تحالفاته مع الطرف المنتصر بالسودان . وهو معلوم الان .
لا بأس أن تتمنى وتناشد لكن ..ذاكر ياخ
محمد حامد جمعة
إنضم لقناة النيلين على واتساب