موقع بريطاني يكشف كيف يرصد الحوثيون السفن التي يستهدفونها في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
ذكر موقع Middle East Eye في تقرير، أن الحوثيين يستغلون الكمية الكبيرة من المعلومات الاستخباراتية البحرية المتاحة لأغراض تجارية، من أجل تحديد مواقع الحاويات وشن هجمات ضدها في البحر الأحمر، وذلك حسبما قال مسؤولو دفاع غربيون حاليون وسابقون وخبراء بحريون.
يجسد استخدام الحوثيين بيانات الملاحة الخاصة بالسفن التجارية والمتاحة للجمهور، والمعلومات الأخرى التي يستطيعون الحصول عليها عبر الاشتراكات المدفوعة في مواقع الاستخبارات البحرية، حالةً غير مسبوقة بالنسبة لإحدى الجماعات المدعومة من إيران التي تستغل المعلومات مفتوحة المصدر، المتاحة على نطاق واسع في الغرب، ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
يتواصلون مباشرة مع السفن!
قال كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة Dryad Global المتخصصة في استشارات المخاطر البحرية والأمن: "أظهر الحوثيون أنه من خلال استخدام حاسوب، مع إمكانيةٍ للوصول إلى شبكة الإنترنت، وربما بمساعدة شبكة خاصة افتراضية (VPN) وحسب، ما هو كم البيانات المتاحة في المجال البحري"، وذلك خلال حديثه مع موقع Middle East Eye.
في حديثهم مع موقع Middle East Eye، يقول مسؤولو الدفاع الغربيون وخبراء الاستخبارات البحرية، إن نقطة البداية في هجمات الحوثيين تتمثل في تحديد الهوية الأساسية للسفن وبيانات الملاحة التي يستطيع أي شخص بدءاً من مبتدئي مواقع التواصل الاجتماعي المتطفلين، وصحافيي التحقيقات، والقوات البحرية القوية، استخدامها لتتبع مسار السفن.
تبث الحاويات مواقعها عبر أجهزة إرسال واستقبال ساتلية، تعرف بـ"أنظمة تحديد الهوية الآلية (AIS). ومن خلال إشارة عبر أنظمة AIS، يمكن التقاط موقع أي سفينة ومسارها. يقول رانسلم إن مواقع إلكترونية مثل MarineTraffic توفر بيانات متعلقة بأنظمة AIS، ولكن يمكن الحصول عليها أيضاً عن طريق هوائي استقبال وجهاز استقبال منزلي.
ومن ثم فإن السفن التي تسافر عبر البحر الأحمر تتواصل مباشرة مع الحوثيين عبر أنظمة AIS. إذ تستخدم هذه السفن الأنظمة المذكورة لإرسال إشارة بأنها تسافر وعلى متنها طاقم صيني أو تركي؛ كي تثني الحوثيين عن مهاجمتها. وتقول سفن أخرى إنها ليس لديها صلة بإسرائيل، أملاً في تجنب استهدافها.
صحيحٌ أن بيانات أنظمة AIS تمثل نقطة البداية بالنسبة للحوثيين، لكن المواقع المجانية التي على شاكلة Marine Traffic لا تتيح التتبع عبر الأقمار الصناعية، وهو ما سيحتاج الحوثيون إليه لاستهداف الحاويات بنجاعة، وذلك حسبما قالت ميشيل ويزه بوكمان، المحللة البارزة في مجال الشحن لدى شركة Lloyd's List Intelligence خلال حديثها مع موقع Middle East Eye.
فضلاً عن إمداد الحوثيين بالصواريخ الباليستية المتطورة ومكونات صواريخ كروز، تقول الولايات المتحدة إن طهران تزوّد الحوثيين بمعلومات استخباراتية في الوقت الفعلي وخبراتها من أجل شن هجماتها.
لكن الطريقة التي من خلالها قد تجد إحدى السفن نفسها على قائمة الاستهدافات الخاصة بالحوثيين، لا تزال أمراً غامضاً ونقطة جدال داخل دوائر الدفاع.
قال مسؤول دفاعي غربي إنه حتى وكالات الاستخبارات الغربية غير متأكدة تماماً من هوية الشخص الذي يختار السفن المستهدفة. ويعتقد هذا المسؤول أن الحوثيين يجمعون معلوماتهم بأنفسهم حول الأهداف؛ عن طريق البيانات مفتوحة المصدر والرادار، لكن الإيرانيين "يضعون الضوابط على كل عملية".
جدار الحماية
يملك الحوثيون تقليداً بحرياً يمتد منذ قرون ويمكنهم الاعتماد عليه، ويقول رانسلم إن شركته اكتشفت نماذج من الاقتراب المثير للشكوك من الحاويات عن طريق قوارب "الداو" الشراعية" وأوضح أنها "بعد ساعات قليلة، تتعرض نفس هذه الحاويات للهجوم".
وأوضح: "إنها حالة نموذجية من الاستطلاع البصري على الطراز القديم"
يحاط مجال الشحن بالسرية؛ إذ إن البضائع التي تبحر في أعالي البحار تعد بطبيعتها من الأعمال التجارية العالمية. فربما يكون مُلَّاك سفينة ما ومشغلوها وعقود امتيازها، ينتمون إلى بلاد مختلفة. وفي غضون ذلك، قد يتغير مالك حاوية ما عدة مرات في عام واحد، وتكون هويته غامضة خلف طبقات من الشركات الوهمية.
ويقول الخبراء البحريون إنه بالإضافة إلى اسم السفينة، قد يرغب ضباط الحوثيين في مراتب القيادة في معرفة رقم تسجيل السفينة (IMO).
وهذه الأرقام السبعة تكون مميزة وتُكتب على الجزء الخارجي من الحاويات وتوفر أثراً ورقياً حول أنشطتها. ولكن حتى مع معرفة رقم تسجيل السفينة، يحتاج تعقب ملاك السفينة المستفيدين مستوى محدداً من المهارة.
في الغرب، يستخدم المحققون وشركات التأمين قواعد بيانات مثل قاعدة بيانات Lloyd's List، التي تتطلب اشتراكاً مدفوعاً يبلغ آلاف الدولارات سنوياً.
لدى موقع Marine Traffic وقاعدة بيانات Lloyd's list عملية تدقيق لمعرفة مستخدميها، ويصعب دخول هذه المواقع من اليمن وإيران. لكن الخبراء يقولون إن الاستخبارات الإيرانية واستخبارات الحوثيين، يستطيعون تجاوز ذلك بسهولة.
قالت ميشيل، من Lloyd's List Intelligence: "إذا كان الحوثيون وإيران لديهم قدرة على الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية من الأشخاص الذين لديهم خلفية تتعلق بالشحن التجاري، سيكون من السهل نسبياً تحديد الملاك المستفيدين بدون الاعتماد على المعلومات التي يجري الحصول عليها عن طريق الاشتراكات المدفوعة".
قالت الولايات المتحدة إن الحوثيين يستهدفون السفن في البحر الأحمر بدون تمييز، لكن ديرك سيبلز، خبير الأمن البحري لدى شركة Risk Intelligence، وهي شركة تقييم مخاطر دنماركية، قال إن تلك كانت "حجة سياسية، غير مدعومة بالأدلة المتاحة"
وأوضح في حديثه مع موقع Middle East Eye: "تعرَّض الحوثيون لأضرار جانبية، لكنهم بشكل عام كانوا دقيقين بدرجة كبيرة".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
روسيا تتجه إلى إنشاء قاعدة بحرية لها على ساحل البحر الأحمر
تتجه روسيا إلى المضي قدمًا في خطتها لإنشاء أول قاعدة بحرية لها في أفريقيا على البحر الأحمر بعد سنوات من الانتظار، وهو ما قد يجعل موسكو مثل الولايات المتحدة والصين في المنطقة، اللواتي يمتلكن قواعد في جيبوتي.
وجاء في تقرير لموقع "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات" أن البحر الأحمر يعد أحد الممرات المائية في العالم الذي يحظى بأهمية إستراتيجية؛ حيث يربط قناة السويس بالمحيط الهندي ويؤمن عبور حوالي 12 بالمئة من التجارة العالمية.
وفي شباط/ فبراير 2024، قام وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف بزيارة إلى موسكو، حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، وعقب الاجتماع قال إن البلدين توصلا إلى "اتفاق كامل" بشأن القاعدة الروسية، وهو ما عزز مبادرة من شأنها أن تسمح بتمركز ما يصل إلى أربع سفن حربية ونحو 300 جندي هناك على مدى 25 عاما.
وأشار التقرير الذي ترجمع "عربي21" إلى أنه خلال الفترة الاستعمارية، تم رسم حدود السودان بشكل مصطنع دون مراعاة الاختلافات العرقية والدينية، مما أدى إلى حرب أهلية شبه دائمة لا تزال آثارها مستمرة إلى حدود الساعة.
وفي سنة 2011، انقسمت البلاد إلى جزأين، حيث أجرى جنوب السودان استفتاءً وأعلن نفسه دولة مستقلة، وعليه، تتسم العلاقات بين الدولتين بالتوتر، وتصل أحيانًا إلى مواجهات مسلحة.
في الوقت نفسه، يشهد السودان حربًا أهلية شرسة في السنوات الأخيرة، ففي 15 نيسان/ أبريل 2023، اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها نائبه السابق محمد حمدان دقلو.
وتعليقًا على الاتفاق بشأن القاعدة البحرية الروسية كتبت صحيفة "خبر7" التركية أنه خلال الحرب الأهلية المستمرة في السودان، تحافظ روسيا على اتصالات وثيقة مع كل من الجيش والجماعات المسلحة الأخرى.
وفي هذا السياق، تلتقي وفود روسية رفيعة المستوى مع مسؤولين سودانيين في بورتسودان وتحاول تعزيز التعاون العسكري مع المنطقة.
ويرى الخبراء أن الوجود الروسي في السودان أمر بالغ الأهمية بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بمستقبل القواعد الروسية في سوريا، معتبرين أن القاعدة العسكرية الجديدة في السودان ستمنح موسكو ميزة استراتيجية كبيرة في البحر الأحمر.
وفي مؤتمر صحفي مشترك، صرّح سيرغي لافروف بأن المحادثات ركّزت بشكل خاص على الحرب المستمرة في السودان بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع، مؤكدًا أن موسكو مهتمة بتطبيع الوضع في السودان وتلتزم بوقف الأعمال القتالية في أسرع وقت ممكن من خلال إطلاق حوار وطني ينبغي أن يشمل جميع القوى السياسية والإثنية والدينية في البلاد.
وأضاف لافروف أنه بعد استقرار الأوضاع في السودان، ستتهيأ الظروف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث سيكون أحد الأولويات مساعدة السودان في استغلال موارده المعدنية، مقابل قيام روسيا بتزويد السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية. بموجب الاتفاق، يجب ألا يتجاوز الحد الأقصى لعدد الأفراد العسكريين في القاعدة الروسية في بورتسودان 300 فرد، كما لن يُسمح بوجود أكثر من أربعة سفن روسية في الميناء في نفس الوقت.
وأشار موقع "يورآسيان تايمز" الهندي الكندي إلى أن روسيا تواصل توسيع وجودها العسكري في النقاط الإستراتيجية حول العالم، مما يمنحها إمكانية الوصول إلى طرق بحرية حيوية. كما أوضح الموقع أن القاعدة البحرية في السودان ستكون أول منشأة عسكرية بحرية دائمة لروسيا في إفريقيا، مما يجعلها تحظى بنفوذ مماثل للولايات المتحدة والصين في المنطقة.
ولفت موقع "يورآسيان تايمز" الانتباه إلى أن القاعدة البحرية على ساحل السودان من شأنها أيضاً أن تساعد روسيا على تعويض الخسارة المحتملة لقاعدة ميناء طرطوس في سوريا. في ظل عدم الاستقرار في سوريا والهجمات المنتظمة على البنية التحتية قد تصبح القاعدة السودانية جزءًا من إستراتيجية روسية واسعة النطاق لتوسيع نفوذها العسكري في أفريقيا. كما أن إنشاء مركز دائم للدعم اللوجستي في السودان سيمنح روسيا القدرة على الاستجابة السريعة للتغيرات في الوضع الإقليمي، بالإضافة إلى ضمان تنفيذ العمليات البحرية في المحيط الهندي.
وذكر الموقع أن المفاوضات حول إنشاء قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر قائمة منذ سنة 2017، عندما اقترح الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير على روسيا إقامة مركز للدعم اللوجستي للبحرية الروسية خلال زيارته إلى سوتشي. ومع ذلك، حالت الأحداث اللاحقة، بما في ذلك الانقلاب العسكري سنة 2019، دون تنفيذ المشروع.
وفي سنة 2020، تم التوصل إلى اتفاق يمنح روسيا الحق في نشر ما يصل إلى أربعة سفن حربية، بما في ذلك السفن النووية، في السودان لمدة 25 عامًا. وكان المشروع يهدف إلى إنشاء قاعدة ذات وظيفة دفاعية، تركز على دعم الاستقرار والسلام في المنطقة.
وأردف الموقع أن خطط موسكو واجهت تهديدًا جديدًا مع اندلاع الحرب الأهلية في السودان في نيسان/ أبريل 2023، بحيث عطل الصراع بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية خطط بناء القاعدة. ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن روسيا توفر حوالي 87 بالمئة من إجمالي واردات السودان من الأسلحة، مما يعكس الدور المحوري لموسكو في تقديم الدعم العسكري لهذا البلد.
ونقل الموقع عن المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني: "الجيش السوداني في أمسّ الحاجة إلى الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار لطائراته الحربية المصنّعة في روسيا. تقديم قاعدة بحرية لروسيا مقابل ذلك هو الخيار الأفضل".
وفي محاولاتها لمنع تعزيز نفوذ روسيا في أفريقيا ومن أجل الفوز بالموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان، بما في ذلك مناجم الذهب، تسعى الولايات المتحدة بأي ثمن إلى منع إنشاء قاعدة بحرية روسية في ميناء بورتسودان. وفي سبيل ذلك، تحاول تحقيق هذا الهدف بأيدي أطراف أخرى.
وعليه، في 24 أيلول/ سبتمبر 2023، وفي مطار شانون الأيرلندي، جرى "اجتماع غير مقرر" بين فولوديمير زيلينسكي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان. وقد أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية هذه الرواية، مشيرة إلى أن خط المواجهة بين أوكرانيا وروسيا يمتد الآن إلى أفريقيا.
وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن مشاركة كييف في نزاع داخلي في دولة أخرى تنطوي على مخاطر سياسية كبيرة، خاصة في ظل تردد الغرب في تقديم دعم إضافي لأوكرانيا.
وفي ختام التقرير نوه الموقع بأن الوضع الجيوسياسي العالمي تغير بعد وصول ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، ومن غير المعروف كيفية رد فعل واشنطن على تصرفات كييف في إفريقيا خاصة في ظل وضوح طموحات الرئيس الأمريكي الحالي تجاه الدول الغنية بالموارد الطبيعية.