وِرث... هوية جديدة لإستراتيجية طموحة للمعهد الملكي للفنون التقليدية
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
أعلن المعهد الملكي للفنون التقليدية استراتيجيته الجديدة تحت مسمى «ورث» والتي تعمل على النهوض بمجالات الفنون التقليدية البصرية، والأدائية، لضمان استدامة واستمرار الموروث الفني الثقافي السعودي، ووصوله إلى الأجيال القادمة كاملا، ومحفوظا لتستمر الصلة الثقافية التي يمثلها الورث الإنساني باقية ممتدة، شاهدة على عمق الحضارة، وأصالة الحرفة.
تقوم إستراتيجية المعهد الملكي للفنون التقليدية على ركائز أساسية تستهدف من خلالها تنمية القدرات الوطنية الممكنة والمؤهلة بالتعليم النوعي والتدريب المهني، وتؤكد دعمها وتقديرها للكنوز الحية الوطنية التي ساهمت فالحفاظ على الورث السعودي واستمراره، والعمل على أن تكون الفنون السعودية فنوننا تقليدية راسخة موثقة بإثراء مجال الأبحاث العلمية الخاصة بالفنون التقليدية السعودية وتراثها الثقافي.
إلى جانب الاحتفاء بالفنون التقليدية الوطنية عبر التعريف بها ومضاعفة مستوى الوعي بأهميتها من خلال إشراك المؤسسات والمجتمع المحلي والدولي في هذا الدور، وسرد قصص نجاحها والترويج لها، بالإضافة إلى تعزيز ريادة الأعمال والمشاريع النوعية في مجالات الفنون التقليدية التي يقف عليها كفاءات مجهزة لسوق حيوي.
يذكر في الهوية البصرية الحديثة للمعهد الملكي للفنون التقليدية "ورث" استلهام عناصرها وتكويناتها البصرية من روح الفنون الوطنية، والتي تتصل دلالتها اللغوية بكل الموروثات الثقافية السعودية لتمثل "ورث" اليوم عنوانا للفنون التقليدية، والحرف الوطنية العريقة.
يتكون شعار الهوية من نقوش فن السدو التي ترمز إلى القيم السعودية وتمثل الصبر والتفاني في العمل، بالإضافة إلى رموز الآلات الموسيقية التقليدية الدالة على الفنون الأدائية السمعية لمختلف مناطق المملكة، ونقش الزهرة المستخدم في العمارة السعودية، وفي الأزياء والتطريز، إلى جانب استلهام قيمة الترابط والتراص الذي يتجسد بين أبناء الوطن من تراص وانتظام البناء التقليدي.
يجمع هذه العناصر ختم المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - للدلالة على تسهيل الشؤون والتمكين الذي يحظى به قطاع الفنون التقليدية ورواده، تتوسطه مفردة ورث التي تبرز الخط العربي. وتتضح بصمة الكنوز الحية على الشعار لتعكس البصمة الخاصة لكل حرفي وفنان، ويطوق هذه الفنون والتكوينات مجتمعة العقال المقصب وشعار السيفين والنخلة لتتمثل الأصالة والملكية في "ورث" الهوية التي ستجعل من المعهد الملكي الوجهة المحلية الأولى لتمثيل كل موروث أصيل. يعد المعهد الملكي للفنون التقليدية جهة رائدة لإبراز الهوية الوطنية وإثراء الفنون التقليدية السعودية، حيث يعمل على تمثيل ثقافة المملكة من خلال تعزيز الإرث الحضاري الغني والفريد للفنون التقليدية والأعمال الفنية المرتبطة بها. والمحافظة على أصالتها، ودعم القدرات والمواهب الوطنية والممارسين لها، وتشجيع المهتمين بها على تعلمها وإتقانها وتطويرها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المعهد الملكي للفنون التقليدية وورث الملکی للفنون التقلیدیة الفنون التقلیدیة المعهد الملکی
إقرأ أيضاً:
الخط العربي.. جوهر الفنون الإسلامية ومرآة حضاراتها
خولة علي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةالخط العربي فن ينبض بالجمال والأصالة، يتجاوز حدود الكلمات ليصبح لوحة تروي قصة حضارة عريقة تجمع بين الحرفية والإبداع، ويتيح الخط العربي التعبير عن المعاني بأسلوب بصري يبهج العين ويلامس الروح، فالخط العربي فن روحي يتدفق من أقلام الخطاطين العرب والمسلمين منذ ثلاثة عشر قرناً بلا انقطاع، ومازال يواصل هذا الفن انتشاره على يد كل فنان وجد فيه بريقاً سحرياً في تشكيل حروفه لبناء عمل فني بديع ينطلق من وحي الكلمة والمفردة، إلى الأمثال والحكمة وبيوت الشعر ضمن لوحة تشكيلية متماسكة من حيث المضمون والشكل، وهو جزء من الموروث والهوية العربية الإسلامية وإدراجه في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، يُعد خطوة فعالة في تعزيز الجهود للحفاظ على هذا الموروث على مر الأجيال.
قائمة اليونسكو
أشار الخطاط علي الحمادي، إلى أن إدراج الخط العربي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، يمثل إنجازاً استثنائياً للفن العربي والإسلامي، ويؤكد على مكانة هذا الفن العريق الذي يعد جوهراً للفنون الإسلامية ومرآة لحضاراتها، فالخط العربي، الذي طالما كان رمزاً للجمال والإبداع، يحتل موقعاً أساسياً في الثقافة العربية، لافتاً إلى أن وجود الخط العربي على هذه المنصة العالمية يمنحه مكانة متميزة بين الفنون الأخرى، ويسلط الضوء على قيمته التاريخية والفنية في أعين العالم، لا سيما في الغرب، كما يعزز هذا الاعتراف من أهمية الخط العربي كفن جامع للشعوب العربية، ويعبر عن هويتها المشتركة واعتزازها بتاريخها، ويشكل اعترافاً دولياً بأصالة الخط العربي، ويؤكد على مكانته كأحد أقدم الفنون التي نجحت في الحفاظ على مكانتها عبر العصور، مما يجعله عنصراً حيوياً في التراث الثقافي الإنساني.
وقال الحمادي: «عند التأمل في تاريخ نشأة الخط العربي، يتضح أن دوره لم يكن مجرد فن، بل وسيلة أساسية لنقل المعرفة وتوثيقها، فقد كان للخط العربي دور بارز في حفظ التاريخ، وتوثيق الأدب والعلوم والمعارف التي شكّلت ثقافة العرب وهويتهم، ومع مرور الزمن، تحول الخط العربي من أداة للتوثيق إلى فن يعبر عن الجمال ويجسد المعاني السامية».
سمات ومميزات
ويرى الحمادي، أن الخط العربي يمثل وسيلة لنشر رسائل مليئة بالتفاؤل والإيجابية، فقد أبدع الخطاطون في إنجاز لوحات تشكيلية تحمل في طياتها آيات قرآنية، أحاديث نبوية، أشعار، وحِكم وأقوال مأثورة تدعو إلى السعادة والخير والفرح، هذا التحول جعل من الخط العربي أكثر من مجرد لغة مكتوبة، ليصبح لغة فنية تعكس الروح الإيجابية والثقافة الإنسانية.
وعن سمات الخط العربي ومميزاته، يقول الحمادي: يتميز الخط العربي بتنوعه وتشعبه وتفرعه، حيث يخضع لقوانين دقيقة وحسابات رياضية مدروسة بدقة، مما يضفي عليه جمالاً استثنائياً، ويستمد روعته من قواعد صارمة وضعها كبار الخطاطين الأوائل، ولا تزال تُطبق حتى اليوم، وما يضفي على هذا الفن رونقه الخاص هو أن العرب والمسلمين حافظوا على هذه القواعد وتوارثوها عبر الأجيال، محافظين بذلك على أصالته وعمقه التاريخي.
قاعدة شهيرة
ويضيف الجمادي، أن الخط العربي يتميز باستخدام أدوات تقليدية عريقة، كالقلم والورق والمداد، وهي الأدوات التي لا زالت تُستخدم حتى اليوم، لتربط بين الماضي والحاضر في مسيرة هذا الفن، مستشهداً بقول الخطاطين الأوائل في تعليم الخط والتي تنص على قاعدة شهيرة، تعتمد على حفظ خمس أسس رئيسة، وهي: لمعان الأنقاس، حدة الألماس، جودة القرطاس، قوة الأخماس، وأخيراً كتم الأنفاس، هذه القواعد تعبّر عن الدقة والإتقان في رسم الحروف، وهي دليل على مدى عمق الفكر الذي أبدع هذا الفن وتفاصيله الدقيقة التي تجعله أحد أرقى الفنون في العالم.
مصدر إلهام
وللخط العربي تأثير مباشر وعميق على العمارة الإسلامية والزخرفة، حسبما أشار الحمادي، قائلاً «أصبح الخط العربي جزءاً لا يتجزأ من تجميل المساجد ودور العبادة، حيث يستخدم لتزيين الجدران والقباب بالمخطوطات القرآنية والأدعية، مما يضفي قداسة وجمالاً روحياً على هذه الأماكن، كما امتد تأثيره ليشمل العديد من البيوت والمباني الخاصة، حيث يستخدم الخط لخلق لوحات فنية تنبض بالأصالة والجمال فوق الجدران».
ولم تقتصر جمالية الخط العربي على العالم العربي فحسب، بل استلهمت منه الفنون الغربية أيضاً جمالياته وإبداعاته، فاستعانت بالحروف العربية لتجميل العديد من الأماكن والمنتجعات، فالحرف العربي، بما يحمله من سحر وجمال هندسي، يجذب الأنظار ويأسر القلوب، مما جعله مصدر إلهام للكثير من الفنون العالمية.
القصب والحبر
وأضاف الحمادي، أن الأجيال المعاصرة تفتقر لمعرفة تاريخ الخط العربي والجهود العظيمة التي بذلها الخطاطون الأوائل في تطوير هذا الفن، مما أدى إلى تهميش الخط العربي في نظر الكثيرين؛ وجعله أقل حضوراً في الحياة اليومية، موضحاً مدى أهمية التكنولوجيا لمواكبة التطور في العالم المعاصر، والتي يمكن استغلالها بطرق مبتكرة لدعم وتعزيز الخط العربي والحفاظ على تاريخه، من خلال تطوير برامج تعليمية هادفة تهتم بالخط العربي وفنونه، لتتمكن الأجيال الحالية من تعلم هذا الفن العريق بسهولة، مع التأكيد على أهمية عدم إهمال التعليم الكلاسيكي باستخدام القصب والحبر، الذي يظل هو الأساس في إتقان هذا الفن.
تحديات رقمية
يرى الخطاط علي الحمادي، أن الخط العربي يواجه الكثير من التحديات في العصر الحديث، من أبرزها هيمنة الحروف الإلكترونية وانتشار الأجهزة الرقمية التي أدت إلى تراجع استخدام القلم والحبر والورق، لافتاً إلى أن هذه التحولات التكنولوجية أثّرت بشكل ملحوظ على مستوى الكتابة اليدوية لدى الأجيال الحالية، وأدت إلى تراجع المهارات التقليدية في الكتابة.