يشكل التحول الرقمي ركيزة أساسية في استراتيجيات الدول العربية التي تم إطلاقها للتوجه نحو المستقبل لتحقيق التنمية المستدامة، ارتكازاً على اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي ووطن طموح، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، «السعودية 2030»، و«مصر 2030»، و«الأردن 2025»، و«عمان 2040»، و«المغرب 2035 و» الكويت «2035».

وتمثل هذه الرؤى، خارطة طريق طموحة وواضحة لإنجاز عدد من المشروعات في مختلف القطاعات لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، كما تشهد هذه الاستراتيجيات تحديثات مستمرة في الأهداف والآليات وتتسم بالمرونة والقابلية للتغير.

ويعرف التحول الرقمي بأنه عملية دمج وتبني التقنيات الرقمية في جميع مجالات العمل، ما يغير بشكل أساسي كيفية عمل القطاعات بمختلف مجالاتها وكيفية تقديمها للقيمة المضافة.

وكشف تقرير «حالة الحكومات العربية والذكاء الاصطناعي» الذي تم الإعلان عن بياناته اليوم في القمة العالمية للحكومات، أن المهارات أحد أكبر تحدي لموظفي القطاع الحكومي، وشكلت الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي والتي تم إطلاقها في ديسمبر 2018 بأبوظبي، دعماً كبيراً لتلك التوجهات.

كما تم إطلاق الجامعة العربية الرقمية وهي منصة رقمية متكاملة للتعليم والتدريب المهني، وستعمل كأداة هامة وجديدة لنشر العلم والمعرفة بربوع الاقتصادات الناشئة لتغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول غرب إفريقيا، وتؤمن الجامعة الرقمية العربية بأن التعليم هو الركن الأول الذي يجب أن تنطلق منه الحكومات لبناء مستقبل أفضل لشعوبها.

وتركز رؤية المملكة العربية السعودية 2030، بشكل كبير على قطاع التكنولوجيا والابتكار، الذي يعد أحد أبرز العوامل الأساسية لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التقدم في مختلف المجالات، وتتطلب تحقيق رؤية 2030 الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار لتعزيز التنافسية وتحقيق التطور الاقتصادي المستدام. وجاء برنامج التحول الوطني في صدارة رؤية السعودية 2030، والذي يستهدف تطوير البنية التحتية اللازمة، وتهيئة البيئة الممكنة للقطاعين العام والخاص والقطاع غير الربحي لتحقيق رؤية المملكة 2030 بالتركيز على التميز في الأداء الحكومي ودع التحول الرقمي.

أما مصر، أطلقت في العام 2018 استراتيجية رقيمة، وقامت بإعداد منصة «مصر الخدمية» عبر بيانات موحدة لأكثر من 100 قاعدة للبيانات في الجهات الحكومية، وتقدم المنصة 170خدمة مؤتمتة كليا، كما أطلقت رؤية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022-2026 للدفع بالقطاع في مسار نمو أعلى.

فيما وضعت رؤية عمان 2040، تقنية المعلومات والاتصالات أحد القطاعات الممكنة والمحفزة للقطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، كما اعتمدت حكومة سلطنة عمان البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي يمثل التوجه الاستراتيجي لبناء اقتصاد رقمي مزدهر يساهم بفعالية في الناتج المحلي الإجمالي.

كما ضعت المملكة الأردنية الهاشمية استراتيجية خاصة بالتحول الرقمي حتى عام 2025، وتم رقمنة أكثر من 50% من الخدمات الحكومية، ويستهدف الأردن زيادة مساهمة القطاع الرقمي للناتج المحلي الإجمالي إلى 15% من 9.5% حالياً.

بينما تستند رؤية الكويت 2035 بصورة رئيسة إلى التحول الرقمي، واعتماد تقنيات ذكية ورقمية للارتقاء بخدماتها والدفع بعجلة الاقتصاد وتحسين جودة الحياة فضلاً عن تعزيز الكفاءة التشغيلية، ودعم أداء القطاعات الرئيسية، كما أطلقت الكويت مبادرة «مسار» لتسريع عجلة التحول الرقمي في القطاع الحكومي.

(وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات القمة العالمية للحكومات التحول الرقمی

إقرأ أيضاً:

الصناعة في عُمان.. ركيزة للتنويع الاقتصادي

 

 

د. هلال بن عبدالله الهنائي **

 

يشهد القطاع الصناعي في سلطنة عُمان تطورًا مُتسارعًا في ظل الجهود الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، انسجامًا مع رؤية "عُمان 2040". وتلعب الصناعة دورًا محوريًا في تحقيق هذه الرؤية من خلال توفير فرص عمل، وتعزيز القيمة المضافة، ودعم الصادرات العُمانية.

وتعمل الهيئة العامة للمناطق الصناعية على توفير بيئة استثمارية جاذبة عبر تطوير المناطق الصناعية والمناطق الحرة، مثل مدائن، خزائن، والمناطق الحرة في صلالة وصحار والمزيونة. وتُوفر هذه المناطق بنية تحتية حديثة، وخدمات لوجستية متقدمة، ومزايا استثمارية تنافسية، مما يجعلها محركًا رئيسيًا لنمو القطاع الصناعي في السلطنة.

 

موقع استراتيجي يعزز الاستثمار

 

تمتلك عُمان موقعًا جغرافيًا فريدًا يربط بين الأسواق الآسيوية والإفريقية والأوروبية، مما يمنحها ميزة تنافسية في مجالي التصنيع والخدمات اللوجستية. ويعزز هذا الموقع من دور السلطنة كمركز تجاري إقليمي، خصوصًا مع وجود موانئ بحرية عالمية مثل ميناء صحار، ميناء الدقم، وميناء صلالة.

 

وتدعم شبكة الموانئ هذه الصناعات التحويلية والصناعات الثقيلة، حيث يتم استيراد المواد الخام بسهولة، وتصنيعها، ثم إعادة تصديرها للأسواق العالمية. ومن خلال مبادرات تطوير البنية التحتية، تسعى الحكومة إلى تحسين الربط بين المناطق الصناعية والموانئ، مما يسهم في خفض تكاليف الإنتاج وتعزيز تنافسية الصناعات العُمانية.

 

المناطق الصناعية في عُمان: محركات التنمية الاقتصادية

 

تُشرف الهيئة العامة للمناطق الصناعية على عدد من المناطق الصناعية والمناطق الحرة، والتي تتميز بتخصصها في قطاعات صناعية محددة وفقًا لمزايا كل منطقة.

• مدينة خزائن الاقتصادية: تُعد واحدة من أهم المشاريع المستقبلية في السلطنة، حيث توفر بنية تحتية متكاملة للصناعات الخفيفة والمتوسطة، بالإضافة إلى منطقة لوجستية متطورة تدعم حركة التجارة الداخلية والخارجية.

• المنطقة الحرة في صحار: تُركز على الصناعات الثقيلة مثل الصناعات المعدنية والبتروكيماوية، مستفيدةً من قربها من ميناء صحار الصناعي.

• المنطقة الحرة في صلالة: تشتهر بصناعات التعبئة والتغليف والصناعات الغذائية، إضافة إلى استثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة.

• مدائن: تضم العديد من المناطق الصناعية مثل الرسيل، صحار، ريسوت، نزوى، وسمائل، وتدعم الصناعات التحويلية، والتقنية، والغذائية، إضافةً إلى الصناعات الصغيرة والمتوسطة.

 

دور الصناعة في تعزيز الاقتصاد الوطني

 

شهد القطاع الصناعي نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع الناتج الإجمالي للصناعات التحويلية بنسبة 10.1% في النصف الأول من عام 2024، ليصل إلى 1.868 مليار ريال عُماني.

 

ومن أبرز القطاعات الصناعية التي حققت تقدمًا كبيرًا:

• الصناعات البتروكيماوية والمعدنية: شهدت زيادة في الإنتاج نتيجة ارتفاع الطلب العالمي على المعادن والمواد الخام المكررة.

• الصناعات الغذائية والدوائية: توسعت بشكل ملحوظ لتلبية الطلب المحلي والعالمي، خصوصًا بعد الجائحة التي سلطت الضوء على أهمية تحقيق الأمن الغذائي والدوائي.

• الصناعات التقنية والإلكترونية: بدأت بعض الشركات العُمانية بالدخول في مجال تصنيع الإلكترونيات والمعدات الذكية، وهو توجه جديد يعزز من مكانة السلطنة في الاقتصاد الرقمي.

 

التحديات التي تواجه الصناعة العُمانية

 

على الرغم من التطورات الكبيرة التي يشهدها القطاع الصناعي، إلا أن هناك تحديات لا تزال بحاجة إلى حلول لضمان تحقيق نمو مستدام وزيادة القدرة التنافسية، ومن أبرزها:

1. ارتفاع تكاليف الإنتاج: تحتاج السلطنة إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل تكلفة الطاقة المستخدمة في المصانع.

2. التكامل بين الصناعات المحلية وسلاسل التوريد العالمية: حيث لا تزال بعض المصانع تعتمد على استيراد المواد الخام، مما يزيد من تكاليف التشغيل.

3. الحاجة إلى المزيد من الابتكار والتكنولوجيا: تعزيز الاستثمار في البحث والتطوير، واستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في عمليات التصنيع، سيعزز من تنافسية القطاع.

4. تطوير القدرات البشرية: على الرغم من وجود كوادر عمانية مؤهلة، إلا أن الحاجة إلى مزيد من التدريب والتأهيل المتخصص لا تزال قائمة لمواكبة التطورات الصناعية.

 

الحلول والمبادرات الحكومية لدعم القطاع الصناعي

 

تعمل الحكومة العُمانية على تنفيذ مجموعة من المبادرات لتحفيز القطاع الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي. ومن بين هذه المبادرات:

• الإعفاءات الضريبية والحوافز الاستثمارية: تقدم الحكومة مزايا مثل إعفاءات ضريبية على الشركات الصناعية لفترات تصل إلى 10 سنوات، وتسهيلات تمويلية لدعم المشاريع الناشئة.

• التحول نحو التصنيع الذكي: يتم تشجيع المصانع على تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد.

• برنامج "صُنع في عُمان": الذي يهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية دعم المنتجات الوطنية، والترويج لها في الأسواق المحلية والعالمية.

• الاستثمار في الطاقة المتجددة: تعمل الحكومة على إطلاق مشاريع جديدة للطاقة النظيفة، بهدف تزويد المصانع بالكهرباء بأسعار تنافسية، وتقليل الانبعاثات الكربونية.

 

دور الهيئة العامة للمناطق الصناعية في تعزيز النمو الصناعي

 

تضطلع الهيئة العامة للمناطق الصناعية بدور حيوي في دعم الصناعات العُمانية، من خلال توفير بيئة استثمارية متكاملة للمصانع، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل عمليات الإنتاج والتصدير. ومن بين إنجازاتها:

• إطلاق مبادرات لدعم رواد الأعمال: تقديم حوافز مالية وإدارية لرواد الأعمال والشركات الناشئة في القطاع الصناعي.

• تطوير البنية التحتية الصناعية: من خلال إنشاء مجمعات صناعية حديثة، وتحسين شبكات النقل والاتصالات داخل المناطق الصناعية.

• تعزيز الاستدامة البيئية: عبر تشجيع المصانع على استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وتحفيز الشركات على تبني ممارسات صديقة للبيئة.

 

نحو مستقبل صناعي أكثر تنافسية

 

تمثل المناطق الصناعية والموقع الاستراتيجي لعُمان عاملين أساسيين في تعزيز مكانتها كوجهة استثمارية إقليمية، لكن هناك حاجة إلى مزيد من التطوير في مجالات البنية التحتية، والاستدامة، والتكنولوجيا، لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه المزايا التنافسية.

 

ومع تنفيذ رؤية “عُمان 2040”، يُتوقع أن يشهد القطاع الصناعي نموًا متسارعًا، مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية، والاستثمارات الأجنبية، والتوجه نحو الصناعات المتقدمة، مما سيُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص عمل جديدة للعُمانيين.

** رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعيين العُمانية

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يُتابع مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جهود تعزيز التحول الرقمي
  • خطوات الاشتراك بمنصة مودة الرقمية على بوابة خدمات جامعة عين شمس
  • «إس آند بي» ترفع تصنيف السعودية إلى «A+»
  • «الشارقة الرقمية» تستهدف تعزيز الشراكة المجتمعية
  • التحول الديموغرافي وتوجيه مجتمعات المستقبل
  • تعليم عين شمس يطلق منصة مودة الرقمية على بوابة الجامعة الإلكترونية
  • الصناعة في عُمان.. ركيزة للتنويع الاقتصادي
  • "عُمان داتا بارك" تُبرم شراكات استراتيجية لتعزيز المستقبل الرقمي في عُمان
  • S&P ترفع تصنيف السعودية الائتماني إلى A+وسط الإصلاحات المستدامة
  • نظرة مستقبلية مستقرة.. ستاندرد آند بورز ترفع تصنيف السعودية إلى A+