صنّاع قرار يدعون للنهوض بالذكاء الاصطناعي بشكل شفاف
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
دبي: «الخليج»
أكد عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، نائب رئيس القمة العالمية للحكومات، في كلمة افتتاحية لمنتدى الذكاء الاصطناعي المسؤول، أن القمة العالمية للحكومات رسخت موقعها منصة رائدة واستثنائية، وجسراً يجمع الحكومات وقاداتها وصناع القرار لتشكيل مستقبل قائم على العمل الجماعي وتعزيز التواصل بين الحكومات والمجتمعات، بتركيزها على تصميم الجيل الجديد من الحكومات، وعلى دعم مسار التكامل والتكاتف الجماعي، وكيفية تحقيق الازدهار أولوية قصوى.
شارك في المنتدى قادة التكنولوجيا من الوزراء وصناع القرار والخبراء العالميين، ويهدف لاستشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي، وسبل تعزيز الجهود الدولية وتكامل الخبرات لصناعة مستقبل هذا القطاع الحيوي.
وقال العلماء، إن القمة تحمل أملاً متجدداً في حل التحديات التي يواجهها العالم بجهد دولي مشترك، من خلال استشراف مستقبل القطاعات الأكثر ارتباطاً بحياة المجتمعات، وتطرق إلى تطور قطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي المتسارع، وما يتوقع له من نمو عالمي كبير، حيث تشير التقديرات إلى أنه سيصل إلى 33% عام 2024، فيما سيصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي إلى نحو 20 مليار دولار بحلول عام 2025، وسيعمل نحو 97 مليون شخص في المجال، ما يؤكد أهمية إدراك الحكومات لإمكانيات هذه القوة التحولية في إحداث تغييرات جذرية.
وناقشت جلسة الموجة المقبلة من حلول الذكاء الاصطناعي، التي تحدث فيها جاك هيدراي، الرئيس التنفيذي ل«ساند بوكس آيه كيو»، آفاق الذكاء الاصطناعي وما تخلقه نماذج اللغات الكبيرة، والروبوتات البشرية، من تأثير كبير على المجتمع.
وتناولت جلسة تعزيز الثقة ببيانات الذكاء الاصطناعي التي شارك فيها اي جي العبد اللات، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «بيوند ليمتس»، وآريا بولورفروشان الرئيس التنفيذي لشركة «إبلايد أيه آي»، وغاري كازانتسيف، رئيس استراتيجية التكنولوجيا الكمية في «بلومبرج»، وأدارها غاري سورينتينو، الرئيس التنفيذي للمعلومات في شركة «زووم».
وشهد المنتدى عقد حوار مع الدكتور يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة «ميتا» العالمية، والحائز على جائزة تورنغ، أداره صقر بن غالب، المدير التنفيذي لمكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في الإمارات، وناقش فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي.
وتطرقت جلسة دور الذكاء الاصطناعي المسؤول، في تعزيز الاكتشافات العلمية التي جمعت البروفيسور سيرجي هاروشي، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء 2012، وجريج ويلسون الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في القطاع الحكومي في شركة «مايكروسوفت»، وأدارها الدكتور جيمس كانتون، الرئيس والرئيس التنفيذي لمعهد المستقبل العالمي، إلى الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي ومساره في الأعوام المقبلة.
وتطرقت جلسة تحدث فيها فيرنر فوجلز الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة «أمازون»، وأدارها طارق بن هندي الشريك الرئيسي في «جلوبال فينتشر»، إلى الرؤى التقنية وثقافة الابتكار في شركة «أمازون» العالمية، وتأثير الذكاء الاصطناعي ودوره في إحداث نقلة تاريخية فريدة.
وناقشت جلسة الهيئة الاستشارية للأمم المتحدة، المعنية بالذكاء الاصطناعي التي جمعت أمانديب جيل مبعوث الأمين العام المعني بالتكنولوجيا في الأمم المتحدة، وكارمي أرتيغاس الرئيس والمشارك في المجلس الاستشاري المعني بالذكاء الاصطناعي رفيع المستوى في الأمم المتحدة، وعمر سلطان العلماء، وفيليب ثيجو مستشار في حكومة كينيا التي أدارتها ناينا باجيكال محرر تنفيذي في «تايم».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الذكاء الاصطناعي القمة العالمية للحكومات الإمارات الذکاء الاصطناعی الرئیس التنفیذی فی شرکة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والترجمة
انتهيت في مقالي السابق إلى أن الذكاء الاصطناعي- الذي يمثل ذروة التكنولوجيا في يومنا هذا- أصبح فتنة تُبهر العامة وتشغل اهتمام المتخصصين، وهي ما يجعلنا نبالغ في أهمية هذا الذكاء وقدراته في كل مجال، بما في ذلك مجالات الترجمة والتأليف والإبداع الفني. وحيث إنني ليس في وسعي إلقاء الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في كل هذه المجالات أو بعضها في مقال واحد، فسوف اكتفي هنا بتناول دوره في مجال الترجمة.
لقد اطلعت على برامج الترجمة من خلال الذكاء الاصطناعي بهدف التحقق من قدراتها على الترجمة الدقيقة والأمينة على الأقل، أي التي ينبغي أن تتحقق فيها أبسط شروط الترجمة، وليس كل متطلباتها؛ ولكني فوجئت بأن هذه الترجمات لا تتحقق فيها هذه الشروط الأساسية: فلا هي دقيقة ولا هي أمينة، وتقع في الأخطاء نفسها التي يرتكبها المترجم الرديء. وفيما يلي أمثلة على أنماط عديدة من هذه الأخطاء:
من الأمثلة على هذه الأخطاء: ترجمة كلمة أو عبارة في نص قديم بناء على دلالتها في سياق عصر المترجم، من دون تمحيص لدلالتها في عصر المؤلف، أو- على العكس من ذلك- ترجمة كلمة ما ترجمة حَرفية أو صوتية كما هي مستخدمة في عصرها من دون ترجمة، ومن ثم من دون فهم لمعناها، وبالتالي من دون قدرة على رفع معنى الكلمة إلى حالة حضور، بحيث يبقى معناها مكافئًا لدلالتها المستخدمة في عصرنا، أعني عصر المترجم (سواء أكان هو المترجم البشري أو المترجم الآلي). والحقيقة أن هذا الشرط يعني أن الترجمة تقتضي عملية رفع النص إلى حالة حضور أو «تعاصر»، وهو ما يُعرف «بعصرنة النص».
وهناك نوع آخر من الأخطاء وهو الترجمة الحرفية لدلالات الألفاظ والعبارات وتراكيب اللغة، من دون وعي باختلاف طبيعة اللغة المنقول عنها (في كل هذه المستويات) عن طبيعة اللغة المنقول إليها. فاللفظ لا يمكن ترجمته في ذاته وبمفرده ترجمة قاموسية؛ ببساطة لأن اللفظ في أية لغة ليس له معنى واحد مستقل بذاته، وإنما يتأسس معناه على علاقته بالكلمات الأخرى في سياق النص المنقول عنه، وهي علاقات تختلف في تراكيبها عندما يُراد صياغتها في اللغة المنقول إليها. ولكن هذا النمط وغيره من الأخطاء -للأسف- هو ما نجده في كثير من الترجمات العربية الشائعة والشهيرة.
وهناك نوع ثالث من الأخطاء التي لا تتوخى الدقة حينما لا تراعي السياق المتخصص للنص (إذا كان متخصصًا)؛ وبالتالي ترتكب أخطاءً فادحة. وعلى سبيل المثال: نجد أن كلمة truth، عادةً ما تتم ترجمتها إلى كلمة «الحقيقة»، دون مراعاة للمجال التخصصي الذي ترد فيه هذه الكلمة. فلا يكفي هنا مراعاة المجال التخصصي العام الذي ترد فيه هذه الكلمة، وإنما يجب أيضًا مراعاة الجانب التخصصي الدقيق: فالكلمة يمكن ترجمتها على النحو السابق إذا كانت تقع في مجال الميتافيزيقا أو الأنطولوجيا، ولكنها تصبح غير دقيقة إذا كان النص المنقول عنه يقع في مجال المنطق أو فلسفة تحليل اللغة؛ لأنها في هذه الحالة سوف تعني «الصدق» وليس «الحقيقة»؛ تمامًا مثلما أن كلمة true في هذا السياق أو المجال لا يجب ترجمتها إلى «صحيح»، وإنما إلى كلمة «صادق»؛ لأن الصدق يختلف عن الصحة في المنطق.
ناهيك عن شرط آخر للترجمة يتمثل فيما يمكن أن نسميه «جمال الترجمة»، وهو شرط لا يتحقق إلا في قدر ضئيل للغاية من الترجمات البشرية، وتفتقر إليه تمامًا برامج الذكاء الاصطناعي في الترجمة؛ ببساطة لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأساليب شخصية وإبداعية لدى المترجم (وهذا الطابع الشخصي يغيب عن البرامج الاصطناعية للمترجم الآلي). هذا الطابع الشخصي الإبداعي في الفهم والتأويل - ومن ثم في الأسلوب- يشهد عليه المثال التالي: يمكن أن نجد ترجمتين لنص واحد، وقد تكون كلاهما دقيقة وموثوقة، ومع ذلك فإننا نفضل إحداها على الأخرى، باعتبارها أكثر جمالًا منها، للسبب سابق الذكر. فالترجمة لا تخلو من طابع إبداعي بمعنى ما.
كل هذه الأخطاء التي قد يقع فيها المترجم البشري عادةً ما تقع فيها برامج الترجمة وفقًا للذكاء الاصطناعي، الذي نسميه على سبيل التبسيط: «المترجم الاصطناعي أو الآلي»؟ لماذا؟ يمكن القول ببساطة إن هذه الأنماط من أخطاء المترجم البشري ترجع إلى نقص أو قصور في قدرات معرفية خاصة، وهو قصور لا يمكن مداواته من خلال المترجم الاصطناعي؛ لأنه يفترض نوعًا من الخبرات المعرفية الخاصة، وقدرة على الترجمة في ضوء روح العصر والسياق الثقافي والاجتماعي السائد فيه. بل إنه قد يفترض معرفة وثيقة بخصوصية تفكير كاتب ما وأسلوبه في الكتابة والتعبير عن هذا الفكر، وهو أسلوب قد يتميز بالتجهم والجدية والصرامة أو بالرشاقة واللغة الموسيقية أو بالدعابة أو بالسخرية. بل قد يفترض معرفة مؤسسة على نوع من الألفة أو «الفهم المتعاطف» (إذا استخدمنا لغة هيدجر) مع كاتب النص، بل مع شخصيته ذاتها التي تنعكس في الكتابة.