رصد علماء الفلك في عدة مؤسسات أوروبية وبقيادة جامعة "نورثمبريا" (Northumbria University) كرات نارية تشبه الشهب تُمطر الغلاف الجوي للشمس على شكل زخات من النجوم المتساقطة.

وقد أودعت الدراسة في موقع "أركايف" المعني بنشر نسخ الأبحاث غير المحكمة، وستنشر في وقت لاحق في دورية "أسترونومي آند أستروفيزيكس" (Astronomy & Astrophysics).

المطر التاجي

وطبقا للبيان الصحفي الذي نشرته الجمعية الملكية الفلكية (Royal Astronomical Society) في 5 يوليو/تموز الجاري، فقد لاحظ العلماء زخات النجوم المتساقطة تلك خلال رصدهم لظاهرة تعرف باسم المطر التاجي (Coronal rain).

وظاهرة المطر التاجي هي ظاهرة تحدث في الشمس، وتتمثل في تكاثف المادة البلازمية في الغلاف الخارجي للشمس المعروف بالتاج الشمسي.

ويحدث المطر التاجي نتيجة لانخفاض مفاجئ في درجة الحرارة المحلية في التاج الشمسي، يؤدي إلى تجمع الغاز والبلازما في تجمعات شديدة الكثافة تشبه الكرات وذات عرض يصل إلى 250 كيلومترا.

وعندما تصل تلك الكرات البلازمية إلى حجم ملحوظ، تبدأ في السقوط مرة أخرى نحو سطح الشمس بفعل جاذبيتها، إذ تتعرض للسحب نحو الشمس بسرعات هائلة. ولأن التاج الشمسي رقيق ومنخفض الكثافة، فإن الكرات النارية تمر عبره دون أن تتفتت أو تتبدد.

وتعد ظاهرة المطر التاجي من المظاهر البصرية الساحرة التي يمكن رصدها خلال المراقبة الفلكية للشمس، وتوفر هذه الظاهرة أدلة مهمة للفلكيين لفهم التركيب والديناميكية الداخلية للشمس وكيفية تسخينها إلى ملايين الدرجات المئوية.

رصد التاج الشمسي بدقة عالية

ووفقا لذلك، فإن الكرات النارية المرصودة حديثا ليست كويكبات أو شهبا عابرة لسطح الشمس، بل هي كرات من البلازما تعمل على تسخين الغلاف الجوي المحيط بها أثناء سقوطها على سطح الشمس بسرعة تصل إلى 150 كيلومترا في الثانية.

الارتفاع المفاجئ في الكثافة يشير إلى أن الغاز المحيط بالكتل الشمسية يسخن إلى مليون درجة (الجمعية الفلكية الملكية)

وقد ساعدت المركبة "سولو" (SolO) على اكتشاف هذه الكتل الشمسية، وسمح ذلك بتصوير التاج الشمسي بأفضل دقة ممكنة حتى الآن. و"سولو" متتبّع شمسي طورته وكالة الفضاء الأوروبية ليبحر في ربيع عام 2022 على مسافة قريبة نسبيا من الشمس تبلغ 49 مليون كيلومتر (ثلث المسافة بين الأرض والشمس).

وفي هذا السياق، يشير باتريك أنتولين قائد المشروع إلى أن "التاج الشمسي الداخلي يكون ساخنا جدا، وربما لن نتمكن من استكشافه في الموقع ذاته بواسطة مركبة فضائية".

ومع ذلك، تدور مركبة "سولو" على مسافة قريبة جدا من الشمس، وذلك يتيح لها استكشاف الظواهر الصغيرة المحدودة التي تحدث داخل التاج الشمسي، مثل تأثير المطر على التاج.

وبالإضافة إلى الصور العالية الدقة التي وفرتها مركبة "سولو" لكتل المطر التاجي، تمكن العلماء أيضا من رصد سخونة وضغط الغاز تحت هذه الكتل.

ويشير الارتفاع المفاجئ في الكثافة تحت هذه الكتل إلى أن الغاز المحيط يسخن إلى مليون درجة، ويستمر هذا بضع دقائق أثناء سقوطها.

اختلاف الكتل الشمسية عن الأجسام الساقطة الأخرى

وعلى النقيض من أغلب الشهب والأجسام الفضائية الأخرى كالكويكبات الصغيرة التي تتفتّت بوصولها إلى الغلاف الجوي للأرض، يعتقد العلماء أن هذه الكرات الشمسية المتساقطة تصل إلى سطح الشمس سليمة، نظرا لرقة التاج الشمسي.

اقتراب الكتل الشمسية من سطح الشمس يمكنه أن ينتج توهجا قصيرا وقويا (الجمعية الفلكية الملكية)

وعلى عكس الشهب المتساقطة على الأرض والتي تخلّف ورائها مسارا يشبه الذيول ناتجا عن احتراق المواد من حولها (وهو ما يحدث أيضا في الكويكبات التي تدور حول الشمس)، لا تُحدث الكتل الشمسية احتراقا في التاج الشمسي بسبب حقله المغناطيسي.

وعوضا عن ذلك، يتأيّن الغاز الساقط جزئيا، كما يمنع التكثيف والحرارة من حولها من تكون هذه الذيول، وذلك يصعّب من رصدها.

وقد كشفت الملاحظات التي أمدّتنا بها المركبة "سولو" أن اقتراب هذه الكتل الشمسية من سطح الشمس يمكنه أن ينتج توهجا قصيرا وقويا، مع اندفاع للمادة نحو الأعلى وموجات صدمة تعيد تسخين الغاز من حولها.

ويشدد أنتولين على الأهمية الكبيرة لعمليات الرصد هذه، إذ توفر "فرصة ثمينة وغير مباشرة لاستكشاف البيئة التاجية الأساسية والحاسمة لفهم تركيبها وديناميكيتها.

ويمثل استكشاف المطر التاجي قفزة كبيرة نحو الأمام في مجال علم الفيزياء الشمسية، حيث يمنحنا دلائل مهمة حول أسرار الشمس الرئيسة، مثل طرق تسخينها إلى ملايين الدرجات".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

زيادة قدرة تصنيع الطاقة الشمسية تهدد السوق العالمية (تقرير)

مقالات مشابهة رصد الإصدارات العالمية لـ Oppo Reno 13 و Reno 13 Pro مع الإطار الزمني المتوقع للإطلاق

‏33 دقيقة مضت

أكبر 5 صفقات نفطية في أكتوبر 2024.. 3 دول عربية بالصدارة

‏ساعة واحدة مضت

تطبيق خرائط جوجل يُحدّث عرض الطقس لتحسين وضوح الخريطة

‏ساعتين مضت

السعودية تطلق منصة تداول أرصدة الكربون بالتزامن مع كوب 29

‏ساعتين مضت

يوتيوب يختبر إيماءة التمرير لأعلى في مقاطع الفيديو

‏3 ساعات مضت

ميناء صحار العماني ينضم إلى تحالف عالمي للتخلص من انبعاثات الكربون

‏3 ساعات مضت

تستمر قدرة تصنيع الطاقة الشمسية في تحقيق تقدم كبير، مع تحول العالم إلى المصادر المتجددة، لكن نمو الطلب لا يزال متخلفًا بفارق كبير عن المعروض.

وبحلول نهاية عام 2024، من المتوقع أن تتجاوز القدرة العالمية على تصنيع الطاقة الشمسية 1100 غيغاواط؛ ما يزيد على ضعف الطلب المتوقع، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وبناءً على ذلك، لجأ المصنعون إلى إعادة تقييم إستراتيجياتهم الاستثمارية في هذا القطاع؛ حيث أدى تزايد المعروض من قدرة تصنيع الطاقة الشمسية إلى انخفاض حاد في أسعار الوحدات الشمسية، بلغ 50% منذ أوائل عام 2023؛ ما تسبب في خسائر كبيرة للشركات المصنعة.

وأدت التحديات السائدة في السوق إلى إلغاء 300 غيغاواط، و200 غيغاواط، من مشروعات البولي سيليكون، وإنتاج الرقائق، على الترتيب، والتي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 25 مليار دولار.

تداعيات زيادة المعروض من قدرة تصنيع الطاقة الشمسية

تؤثر معضلة زيادة المعروض من تصنيع الطاقة الشمسية مقارنة بالطلب، في صغار المصنعين بصفة خاصة، مع تعرضهم للخسائر، بسبب اختلال التوازن بين قدرات الإنتاج المتزايدة بسرعة وتباطؤ الطلب في السوق.

وتشير التقديرات إلى أن 17% من قدرة تصنيع البولي سيليكون العالمي و10% من قدرة تصنيع الرقائق، معرّضة لخطر عدم القدرة على المنافسة بسبب التقنيات القديمة وعدم كفاءة أساليب التصنيع الحالية، بحسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية.

وحتى مع تباطؤ نمو سعة سلسلة التوريد، تشير التوقعات إلى أن قدرة تصنيع الطاقة الشمسية؛ ستظل تفوق معدلات تركيب الألواح الشمسية بصورة كبيرة بحلول عام 2030.

الصين تهيمن على قطاع الطاقة الشمسية

تشير التقديرات إلى أن أغلب قدرة تصنيع الطاقة الشمسية العالمية ستظل في الصين؛ حيث ستحافظ بكين على أكثر من 80% من الإنتاج العالمي بحلول 2030، مدعومةً بسياسات صناعية وتدابير تجارية مختلفة.

ويتزامن مع ذلك، تضاعف قدرات تصنيع الخلايا والوحدات الشمسية في الولايات المتحدة والهند 3 مرات تقريبًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وعلى الرغم من هذا النمو؛ فإن تكاليف الإنتاج في أميركا والهند حاليًا أعلى بنحو مرتين إلى 3 مرات من نظيرتها في الصين، وهو تفاوت من المرجح أن يستمر في المستقبل القريب.

إحدى مراحل تصنيع الألواح الشمسية – الصورة من Wall Street Journal

ويشير تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى ضرورة أن يُقَيِّم صناع السياسة التوازن بعناية بين التكاليف المتزايدة المرتبطة بالتصنيع المحلي، ومزاياه المحتملة، مثل خلق فرص العمل وتعزيز أمن الطاقة.

وقد تنطوي الإستراتيجيات الفعّالة على منح وحوافز ودعم للبحث والتطوير، وتعزيز قدرة تصنيع الطاقة الشمسية محليًا لجعلها أكثر تنافسية.

كما تزداد الحاجة إلى تقييم قدرة تصنيع الطاقة الشمسية في العالم، من خلال معايير تتجاوز مجرد التسعير، لتجنب التدابير التجارية المباشرة مع مواءمة هذه المشروعات بصورة أكبر مع أهداف السياسات الأوسع نطاقًا.

وفي النصف الأول من عام 2024، تضمّنت ما يقرب من 60% من سعة تصنيع الطاقة الشمسية التي مُنحت في المزادات العالمية معايير غير سعرية؛ بما في ذلك الاستدامة وأمن سلسلة التوريد وتكامل نظام الطاقة؛ ما يمثل زيادة بمقدار الضعف مقارنةً بـ5 سنوات سابقة.

صناعة الرياح تأخذ اتجاهًا معاكسًا

في مقابل زيادة قدرة تصنيع الطاقة الشمسية، يأتي اتجاه الصناعة في قطاع الرياح معاكسًا؛ حيث يحتاج إلى زيادة الاستثمار لمنع تعطل سلسلة التوريد بحلول عام 2030.

وعلى الرغم من أن القدرة العالمية لتصنيع الرياح البرية قد ترتفع إلى 145 غيغاواط بحلول 2030؛ فإن هذا الرقم أعلى بهامش طفيف من التركيبات المتوقعة لذلك العام، على الرغم من الحوافز المقدمة في مناطق مثل أوروبا والولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا.

والتحديات أكبر بالنسبة للرياح البحرية؛ فإذا لم تُطلق مشروعات تصنيع جديدة، فإن مشكلات سلسلة التوريد يمكن أن تعوق نمو السعة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي تسعى جاهدة لتحقيق أهدافها الطموحة لهذا القطاع لعام 2030.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • للحد من استهلاك الكهرباء.. متحف شرم الشيخ يستخدم محطات الطاقة الشمسية
  • ضبط 258 دراجة نارية مخالفة خلال 24 ساعة
  • زيادة قدرة تصنيع الطاقة الشمسية تهدد السوق العالمية (تقرير)
  • محمد التاجي: عادل إمام طلب مني المشاركة في «النوم في العسل» واعتذرت لهذا السبب
  • محمد التاجي يكشف دوره الرئيسي في مسلسل أبو العروسة ورسالة نارية لأحمد صيام
  • سؤال برلماني لوزير التعليم عن خطة مواجهة ظاهرة تسريب الامتحانات
  • نصائح للوقاية من البرد والانفلونزا خلال الشتاء
  • تفسير رؤيا «الشتاء» في المنام لابن سيرين
  • “ترشيد” تطلق أعمال مشروع تركيب ألواح الطاقة الشمسية في مدينة الملك فهد الطبية
  • فجر اليوم.. أمطار خفيفة تتساقط على الإسكندرية