مع محادثات مستقبل التحالف الدولي.. ما حجم وجود داعش في العراق؟
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
تصب النقاط الثلاث التي ناقشها اجتماع اللجنة العسكرية العليا العراقية-الأميركية، الخاص بمهمة التحالف الدولي، في قضية رئيسية ترتبط بتنظيم داعش والتهديد الذي يشكله على الأرض.
وبينما تتضارب البيانات بشأن وجود طلب لإنهاء مهمة التحالف من عدمه وتأثيرات ذلك، تثار تساؤلات عن حجم وجود التنظيم في العراق، وما إذا كان قادرا على "إعادة البناء" كما حصل بعد الانسحاب الأميركي في 2011.
ووفق ما قاله الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بات رايدر فإن القوات الأميركية موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة و"ليس على علم بأي طلب رسمي محدد لمغادرة القوات الأميركية".
رايدر أوضح أن اجتماع اللجنة العسكرية العليا في بغداد، الأحد، خطوة مهمة أخرى على طريق الانتقال من مهمة التحالف العسكري إلى الشكل الذي سيبدو عليه الوجود العسكري الأميركي، والعلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق.
وأشار إلى أن اجتماعات اللجنة تناقش 3 نقاط هي: تقييم التهديد الذي يشكله داعش وقدرات القوات العراقية والظروف العملياتية على الأرض.
ورغم أن الموقف العراقي يذهب باتجاه آخر، بقي مواربا، كما بدا من تصريحات المتحدث باسم الجيش العراقي، يحيى رسول، بقوله: "طالما لم يعكر صفو المحادثات شيء فإن الاجتماعات ستتواتر لصياغة جدول زمني لخفض مدروس وتدريجي وصولا إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي".
كيف ينشط في العراق؟بالعودة إلى الوراء وبعدما صعد تنظيم داعش في العام 2014 وسيطر على نحو ثلث الأراضي العراقية كانت واشنطن أنشأت تحالفا دوليا لدعم القوات العراقية والقوات الكردية في سوريا.
ورغم هزيمته في 2017 في العراق، لا يزال التنظيم يتبنى من وقت لآخر هجمات، وفي المقابل لا يزال التحالف نشطا لمنع صعوده من جديد، مع أن بغداد أعلنت في 2021 "انتهاء المهام القتالية".
ويضمّ التحالف الدولي حاليا نحو 2500 عسكري أميركي، ونحو 1000 من الدول الأعضاء فيه، ينتشرون في قواعد عسكرية تحت قيادة القوات العراقية.
ومع أن الطلب العراقي بإنهاء مهمته على الأرض ليس جديدا، فقد بات يأخذ صدى أوسع وسط التوترات القائمة بين الولايات المتحدة والجماعات التي تدعمها إيران.
ويشير الخبير الأمني العراقي، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، فاضل أبو رغيف إلى أن "داعش لايزال فعالا ونشطا في العراق"، ويقول إنه "يضعف لكن لم يمت ويتلاشى ويأفل".
ويتواجد داعش في الوقت الحالي على الأرض على شكل "مفارز ورعائل مكونة من أعداد محدودة وصغيرة وشرسة في ذات الوقت"، تشكل خطورة كبيرة في المناطق المنحصرة بين كركوك وصلاح الدين شمالي البلاد.
ويشرح الخبير الأمني لموقع "الحرة" أن نقاط التمركز الأساسية ترتبط بثلاثة وديان "تعتبر الأخطر في العالم وليس في العراق فقط"، هي زغيتون والشاي ووادي أبو خناجر.
ويضيف أبو رغيف أن تواجد التنظيم الإرهابي ينسحب أيضا إلى "مرتفعات (ماما) من شمال غرب كركوك ومرتفعات بادوش والشيخ يونس في نينوى".
ويتواجد أيضا في مناطق شاسعة متروكة في محافظة الأنبار، التي تشكل ثلث مساحة العراق، أي أكثر من 138 ألف كيلومتر مربع.
وله كذلك نشاطات متوارية ضمن الكهوف في منطقة الحسينيات ضمن وادي حوران غربي الأنبار، وفق الباحث أبو رغيف.
ويوضح الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية، أن قيادة تنظيم داعش لا تزال عراقية وموجودة في ولايات عديدة سابقة في كركوك وصلاح الدين وديالى والأنبار.
وصحيح أنه فقد السيطرة المكانية على الأرض، يقول أبو هنية لموقع "الحرة" إن نشاطه تحول إلى الشق الأمني، وكذلك الأمر فيما يتعلق بشكل "الولايات" والانتقال من "المركزية إلى اللامركزية".
"بين مقياسين"وعلى الرغم من التناقص الكبير لزعماء داعش وتقلص أنشطته في مناطق النزاع الأساسية وأبرزها العراق، لا يزال خطر عودة ظهوره قائما، كما تقول الأمم المتحدة.
وتوضح في إحاطة لأمينها العام لمجلس الأمن العام الفائت أن "الجماعة الإرهابية قامت بتكييف استراتيجيتها إذ اختلط أفرادها بالسكان المحليين، وغدت تتوخى الحذر في اختيار المعارك التي من المحتمل أن تؤدي إلى خسائر محدودة".
وفيما يتعلق بالعراق، تشير الأمم المتحدة إلى أن داعش ينقسم في البلد إلى 8 وحدات هي: الإدارة والإعلام والشريعة والمشتريات والمالية والأعمال الأساسية وتصنيع المتفجرات وإطلاق سراح السجناء، موزعة على 10 تقسيمات إقليمية عراقية.
وتضيف أن الجماعة أصبحت تعزف بشكل متزايد عن المخاطرة خشية فقدان أفرادها، بينما تخطط للإفراج عن سجنائها وتجنيد أفراد من المجتمعات الضعيفة.
ويؤكد الباحث أبو هنية أن "مقياس قوة التنظيم الآن والنظر إليه كما كان عليه في 2014 لتقييم وضعه الآن يعتبر خاطئا".
ويقول إنه "يجب التعامل معه على أنه ناشئ عن نظام واختلال في المكونات وتحديدا السنية وبروز النزعة الطائفية" والتواجد الأميركي.
ومنذ عام 2011 يستثمر داعش بالأزمات دون أن يخلقها، كما يشير أبو هنية.
ويوضح قائلا: "قبل أن يظهر بقوة بعد الانسحاب الأميركي في 2011 وبداية 2012 كان لديه في العراق حوالي 700 مقاتل. الآن يمتلك بحسب التقديرات من 3 آلاف إلى 5 آلاف ويحتفظ بتمويلات.. بالتالي قد يعود مرة أخرى ويفرض حالة سيطرة مكانية".
الباحث الأمني العراقي أبو رغيف يضيف أن "داعش في العراق نجح خلال السنوات الماضية في التكيف مع البيئة الصعبة".
ويقول إنه "لن يستطيع التحرك ما لم تتوفر له عناصر من أهمها: المناطق الأمنية الرخوة ووجود ثغرة نتيجة ضعف الترتيب الأمني".
ومع ذلك يعتقد الباحث أن "جهاز المخابرات العراقي نجح مؤخرا في اختراق التنظيم وكبح نشاطه ومعرفة أعداده وتنظيمه وهياكله"، دون أن يبعد ذلك الحاجة لطائرات التحالف والجهد الدولي.
ماذا لو انسحب التحالف؟ويجري التحالف الدولي منذ سنوات "عمليات لوجستية وتدريبات وقصف على مواقع داعش، استنادا لمعلومات تأتي من العراق أو من أجهزة الاستخبارات"، كما يقول الباحث في "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"، مجاهد الصميدعي.
ويضيف لموقع "الحرة: "إذا ما أراد العراق إنهاء التواجد عليه أن يقوم بالاستعداد لملء الفراغ، أي نشر قوات قادرة على الدعم اللوجستي والتصدي للإرهاب وقصف المواقع".
ويجب أن "يكون قادرا على جمع معلومات وجهود استخباراتية في معركة التنظيم"، حسب الباحث الذي يردف: "وإلا ستكون النتيجة مأساوية كما حصل في 2011 عندما خرجت القوات الأميركية، وانتشر الإرهاب إلى أن انهار البلد في 2013".
ويعتقد الخبير الأمني أبو رغيف أن المحادثات الجارية "قد تصل إلى نقطة تبادل المعلومات المكتنزة لدى التحالف عن تنظيم داعش".
ويستبعد أن "يدّخر التحالف معلومة لنفسه باعتبار أن التنظيمات الراديكالية تشكل خطرا على السلم الدولي وليس على العراق فقط".
أبو رغيف يرى أن "داعش لا يمكنه العودة إلى سابق عهده أي دولة التمكين"، ويضيف أنه "سيبقى انتهازيا ويستغل أي ثغرة لتنفيذ عمليات فقط".
لكن الباحث أبو هنية يرى أن "العودة ممكنة"، و"أكبر دليل على ذلك ما حصل بعد الانسحاب الأميركي في 2011".
ويقول: "بمجرد انسحاب واشنطن وخلال فترة وجيزة تمكن التنظيم من إعادة بناء نفسه والسيطرة على الأرض".
وفي الوقت الحالي ورغم أن "جهاز مكافحة الإرهاب" العراقي ينفذ عمليات على الأرض لا يعتقد الباحث أنه "يمتلك القدرات والتقنيات الموجودة لدى التحالف الدولي والولايات المتحدة من طائرات مسيرة وتدريب ومعلومات استخباراتية".
ويؤكد أبو هنية أن "التنظيم قادر على إعادة البناء ويجب أن يقارن الآن بما كان عليه في 2011 عند الانسحاب الأميركي"، مرجحا أن يكون نشاطه في حال عاد بقوة من سوريا إلى العراق وليس بالعكس كما حصل عندما أعلن ما يسمى بـ"الخلافة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الانسحاب الأمیرکی التحالف الدولی فی العراق على الأرض أبو رغیف أبو هنیة داعش فی ما حصل إلى أن
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية (14)
المرحلة الثالثة - الفلسفة الوضعية
الشيخ: بيت آبائي وأجدادي مذ أقامه القطب الأول..
- أقيم بأموال المريدين كسائر العمارات الشاهقة في وسط المدينة.
- قاتل الله الحقد والحسد.
- انهما وقود الحق إذا اختل الميزان.
- وقودنا الحب وحده.
- ذلك يا سيدي أنك لم تذق عض الجوع ولا ضراوة الكدح ولا رهبة القوة الغشوم.
- اذن فهذه هي المسألة!
- المسألة؟!
- انكم تريدون نقوداً؟!
- بمعنى ما، ولكننا لا نريد رشوة.
- ماذا تريدون؟ صارحوني كما وعدتم.
- ليس في عقولنا مطالب أوضح مما نطقت به شكاوانا...
يريحنا أحياناً أن نطالب بنقيض ما هو قائم!
- لا يخلو كلامكم من خدر هو التمويه نفسه. حسن، إني أشم رائحة فوضوية!
- لا تهمنا الأسماء، وفي الوقت نفسه فهي لن تخيفنا.
- لعلكم تحلمون بالقتل؟
- القتل؟!
- بدأتم بالسخرية وستنتهون بالدم.
- أحلامنا تحوم حول هدف واحد هو التقدم...
الأسس الوجودية والمعرفية
تعتبر الواقعية بمثابة الأساس الأنطولوجي للفلسفة الوضعية. والواقعية تنظر إلى الواقع أو الي الوجود على أنه مستقل بذاته وخارجي عنا أو عننا هناك أي أنه موضوعي وجودياً. واستخدام مبادئ العلوم الطبيعية في دراسة الواقع الاجتماعي يعني، ضمنياً، الايمان بأن الحقيقة أيضاً قابلة للقياس. وتأثير هذا الجانب من الحقيقة على دور الباحث هو تأثير المراقب والمشاهد.
الباحث والوجود الذي يسعى الباحث إلى دراسته، كلاهما مستقلان عن بعضهما البعض. والحقيقة دائماً "موجودة"، ولكنها منفصلة عنه أي عن الباحث، ولذلك نقول عنها موضوعية، بعيدة عن ذات الباحث عنها أو الدارس لها، ويمكن لهذا الباحث اكتشافها باستخدام المنهج العلمي دون ربط كيانه بكيانها أو ذاته بذاتها أو يتوحدان في بعضهما البعض أي لا يكون هناك حلوليه في بعضهما البعض.
وقد وجد كروتي Crotty (1998) وفي الوقت المناسب تماماً، هذه الرابطة التي تربط الباحث بالواقع أو بالوجود في هذه الحروف التاليات:
"الشجرة في الغابة هي شجرة، بغض النظر عما إذا كان أي كائن آخر مدرك لها أو مدرك لوجودها أو على علم بوجودها أم لا. ككائن من هذا النوع، فإنه يحمل المعنى الجوهري للشجرة، تلك النبات في نوعها. وعندما يتعرف عليها البشر على أنها شجرة، فإنهم ببساطة يكتشفون معنىً كان موجوداً، وكان في انتظارهم طوال الوقت."
لذا، فإن الواقع أو الحقيقة موجودة بالفعل هناك، هناك في الخارج، ويتطلب من الباحثين اكتشافها "هذه الحقيقة" كما تبدو، وكما تعرض هي نفسها، وأيضاً لابد أن نعرف بأن الباحثين ليسوا مُنشئين للمعني أو لمعناها كشيء أو ككائن موجود، ولكنهم فقط مكتشفون لمعنى موجود بالفعل.
تم تطبيق كلمة الموضوعانية أو الموضوعية لشرح وتفسير هذه العلاقة المحايدة الموضوعية والمنفصلة وذاك الجوهر المستقل والخارجي للواقع أو للحقيقة أو للوجود. وتشكل هذه الموضوعية أيضاً الأساس المعرفي لهذه الفلسفة الوضعية.
الوضعية من حيث المكونات الأساسية الأربعة للنموذج
وهكذا، من حيث المكونات الأساسية الأربعة للنموذج، لنموذج الفلسفة الوضعية،
• يقال إن نظريتها المعرفية موضوعية،
• ويقال بأن واقعها الأنطولوجي "بسيط"،
• وعن منهجيتها بأنها تجريبية،
• وبديهياتها خيرية أو منفعية.
مرة أخرى، يجب أن يساعد تفريغ كل عنصر من هذه العناصر الباحث أو الدارس على فهم هذا النموذج بشكل أفضل وبشكل أمثل وبشكل أكثر من رائع.
وتؤمن نظرية المعرفة الموضوعية أن الفهم البشري يمكن الوصول إليه من خلال تطبيق واستعمال المنطق والعقل. ويظهر جلياً بأنه من خلال الدرس والدراسة، يمكننا الحصول على المعرفة، والتي تقترب تدريجياً من الطبيعة الحقيقية لما نفحصه ولما ندرسه. بمعنى آخر، يمكن أن يساعد البحث في اكتساب الفهم وفي زيادته كذلك، ويجعلنا أكثر موضوعية وحيادية في فهم العالم الذي نعيش فيه ونلهو ونلعب بين ذراعيه وفي أحضانه.
يفترض علم الوجود الملاحي الواقعي بقبول المعتقدات الخمسة التالية:
• وجود عالم مادي.
• يمكن معرفة بعض العبارات والتفسيرات المتعلقة بهذه الأشياء بأنها حقيقية من خلال التجربة الحسية.
• هذه الأشياء موجودة، سواء تم إدراكها أم لم يتم إدراكها. ويُفترض أن تكون كائنات الإدراك أو الكائنات المدركة مستقلة في الغالب عن الإدراك نفسه.
• يمكن أن تحتفظ هذه الكائنات بخصائص الأنواع التي نراها تتمتع بها، حتى عندما لا يتم ملاحظتها أو مشاهدتها. بمعني أن ميزاتها مستقلة عن الإدراك.
• من خلال الحواس، نفهم العالم بشكل مباشر، وكما هو بالضبط إلى حد كبير جداً. وفي الأساس، رغباتنا في الحصول على المعرفة مبررة ولها ما يبررها.
يعني مكون المنهجية التجريبية أن البحث سيشمل استخدام متغير واحد لتحديد ما إذا كانت التغييرات في هذا المتغير تؤدي إلى تغييرات في متغير آخر. المتغير السابق يسمى المتغير التوضيحي أو المتنبئ، والمتغير الأخير يسمى المتغير الموضح أو المتغير التابع.
ولا يمكن تطبيق هذه المنهجية إلا إذا استطعنا التحكم فيما سيحدث للمتغيرات أو المشكلات التي نتحرى عنها أو تلك التي ندرسها. ويتسلح الدارسين بهذا الضبط او بهذا التحكم ويساعدهم في عملية اختبار الفرضيات ومن ثم قبولها أو رفضها. تنسب المنفعة البديهية (The beneficence axiology) إلى الشرط الأساسي الذي يجب أن تهدف جميع الدراسات إلى تحقيقه من نتائج غنية وجيدة له:
• مشروع البحث،
• الإنسانية بشكل عام،
• المشاركون في البحث
كما يتضمن أيضاً حرص البحث على تجنب أو على الأقل تقليل أي خطر أو ضرر أو خطأ قد يحدث أثناء البحث وخلال الدراسة.
كيف يمكن تعريف الفلسفة الوضعية؟
تعتبر الفلسفة الوضعية بمثابة مفهوم يشكل اتجاهاً فلسفياً موجهاً نحو العلوم الطبيعية. وهي تحاول الحصول على نظرة مشتركة للكون أو للوجود (الأحداث المادية والبشرية)، من خلال استخدامات التقنيات وتوسيع النتائج التي اكتسبت من خلالها العلوم الطبيعية مكانتها المثالية في دنيانا المعاصرة.
منهجياً، يُفهم المفهوم الإيجابي أو الوضعي كمفهوم معارض جدلياً للتجريدات الميتافيزيقية للفلسفة التقليدية التي سبقته في المراحل.
فالوضعية هي فلسفة العلم أو فلسفة العلوم. إنها طريقة فلسفية أكثر منها مجرد نظرية. إنها تلك الفلسفة التي تؤمن بأن تناول تفسير الكون يعتمد على التجربة الإنسانية المحضة. وتؤكد على استخدام المنهج العلمي للعلوم الطبيعية في دراسة العالم الاجتماعي.
وتهتم الفلسفة الوضعية باستخدام المنهج العلمي المستخدم من قبل علماء الطبيعة وعلماء الاجتماع في معرفة السلوك البشري. ويمكن أن تعود فكرة الفلسفة الوضعية إلى بيكون (Bacon) وبيركلي (Berkeley) ولوك (Locke) وهيوم (Hume).
قبل "كونت"، أوصى القديس سيمون (Simon) أيضاً بهذه الفلسفة الوضعية. واقترح إعادة الهيكلة العلمية للمجتمع وتعزيز العلم، حيث كان يعتقد أن النمو او التنمية مبنية عليها. إن فكرة الوضعية المقدمة في شكل جنيني في ذهن القديس سيمون ومن بعده كونت وسعت هذه الفكرة وأغنتها.
لقد جلبت لنا الفلسفة الوضعية ثورة عظيمة أو نهضة مشهودة في مجال العلوم الاجتماعية. لقد وحدت الإيمان بالتقدم، والشغف بمساعدة ولمساعدة الإنسانية. إنها تعتمد على فكرة أن البحث العلمي للتاريخ من شأنه أن يُظهر طريقة علاج أمراض المجتمع وتمضيض وتطبيب جراحه المثخنة. لقد حدد أو عرف العديد من الأفراد ومن الأشخاص الفلسفة الوضعية على مر السنين وعلى مر الدهور، فعلى سبيل المثال، هم يشيرون إلى أن الوضعية تتضمن عقيدة أو مذهب من أربع قواعد:
1. قاعدة الظواهر التي تؤكد وجود التجربة الوحيدة؛ ويجب رفض كل التجريدات سواء كانت "جوهرية" أو كانت "روحية".
2. قانون الاسمية - الذي يؤكد أن الكلمات والتعميمات والأفكار هي ظواهر لغوية ولا تمنح مقاربة جديدة للعالم؛
3. فصل الحقائق عن القيم.
4. وحدة التقنية العلمية.
ويُعرّفها كل من بوريل ومورجان (Burrell and Morgan) (1979) على أنها نظرية المعرفة "التي تسعى إلى توضيح وتخمين ما يحدث في العالم الاجتماعي من خلال البحث عن الانتظام (تكرار حدوث الظاهرة) وعن العلاقات السببية بين العناصر المكونة له أي لهذا العالم الاجتماعي."
وتسمح لنا الأنماط المتباينة للدراسة بإدراك ظواهر متعددة ولأسباب متنوعة. وتعتمد المنهجية المختارة على ما يحاول ويجتهد المرء في القيام به، بدلاً من الالتزام بنموذج صارم محدد لا حياد عنه. لذلك، يجب أن تتماشى المنهجية المستخدمة مع الظاهرة الصارمة قيد الدراسة. قد تنطوي الظواهر المختلفة على استخدام منهجيات فريدة مميزة. ومن خلال التركيز على ظاهرة الاهتمام، بدلاً من المنهجية، والباحثين يمكنهم اختيار المنهجيات المناسبة لاستفساراتهم بأنفسهم.
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
bakoor501@yahoo.com