«القُفة أم ودنين يشيلوها اتنين»، يشرح المثل الشعبى نفسه، يشير إلى أن الحمل الواحد حين يتشاركه اثنان فإنه يخف عن كليهما، لكن ليس كل الحمول أثقالاً، فهناك حمول لا يزنها ميزان، حمول النفس والهم، التى تقبع فى قاع النفس البشرية وقد تتحول هذه النفس بسببها إلى جحيم مستعر، إذا استمرت الحمول ولم يزلها أحدهم أو يشارك فى حملها.

دخل «محمد» حِمل «سارة»، فقرر أن يشاركها فيه، يحول الحمل الثقيل إلى حلم جميل، كيف له بهذه القدرة وهو أيضاً لديه حِمله، الذى لا يقل فى وطأته عن حمل «سارة»، لا يقل فى صعوبته عن تحديها ومباراتها اليومية مع نفسها ومحيطها لتجاوزه.. دعونا نجرب إذن، من يحمل حمل الآخر، ومن يحقق حلم الآخر؟

الحسبة غير مستوية، «سارة» أكبر فى السن وأصغر فى الطول، و«محمد»، أصغر فى السن وأطول منها قرابة 45 سم، لكن حملهما مشترك، مجتمع لا يرحم ولا يترك شاردة أو واردة إلا وطالها بالتنمر، فهل تفتح باباً آخر لمزيد من التنمر عليها بالموافقة على الارتباط بمن يصغرها فى السن؟

دار السؤال كثيراً فى خلد «سارة»، شابة فى العقد الثالث من عمرها، عاشت طفولة محفوفة بالمخاطر، كل شىء حولها يهددها، البشر يتنمرون، الرصيف عالٍ، وسائل المواصلات تحتاج لمساعدة، كل شىء يؤدى لمزيد من العزلة، لم تجد نفسها إلا فى كلية الآداب، مروراً بفرقة الفنون الشعبية لقصار القامة، ولا مانع مع الموهبة من ممارسة رياضة، لتصبح غطاسة من قصار القامة، لتواجه سارة كل جرعة تنمر بمزيد من العمل والدأب، بلسان حال يقول: طولى 139 سم، لكن إنجازى يتجاوز الأسوياء. ظلت على الوضع نفسه، بيئة ضاغطة، ونفس واثقة ودعم أسرى، أفضى إلى مزيد من التمكين، أوصدت «سارة» خلال رحلتها باب قلبها، لا تريد مشاعر عطف، لا تروقها نظرات الشفقة أو حتى الانبهار باعتبارها نموذجاً غريباً، لذا لم تعر «محمد» أى انتباه، خلال محاولاته لفت نظرها إليه فى الإجازة الصيفية التى جمعتها به، خاصة أن «محمد» يصغرها بـ9 أعوام كاملة، ورغم أن علاقتهما بدأت قبل 20 عاماً، فإن نظرة الإعجاب فى عين «محمد» كانت مفاجأة لـ«سارة»، واعترافه لها بالحب والرغبة فى الارتباط ظل مصدر خوف لها، قرأت عليه كل مخاوفها وترددها، وأحال «محمد» بإجاباته كل المخاوف إلى أمان واطمئنان.. فبدأت هنا علاقتهما.

عثرة وراء الأخرى واجهها الثنائى، إذ قررا أن يخوضا كل التحديات معاً، وأن يصما آذانهما فى وجه أصوات التنمر، مَن يقول إنه قصير ومن يقول إنها قزمة، من يمنحهما نظرات السخرية فى كل تصرف، حتى وصلا إلى العثرة الكبرى، رفض الأهل زواجهما بسبب فارق السن، لكنها وبحسب وصف محمد «مشكلة للى حبهم مش صادق وعلاقتهم مش حقيقية.. والحمد لله قدرنا نتجاوزها»،

كان يوماً مشهوداً، حين أعلنا الخطوبة، ونشرا الصور، حينها أمسك «محمد» بيد «سارة»، وقال لها رددى معى هذا الهتاف: «إحنا متميزين.. مش خايفين ولا مختلفين» ومع صيحتهما المشتركة، ذابت مشاعر الخوف، لتحل محلها مشاعر الحب والتماسك والشعور بمزيد من الأمان معاً.

فى منزلهما قضى «محمد وسارة» «أحلى الأوقات»، حولا كل مشكلة إلى مفارقة، ووزعا مهام المنزل بينهما حسب الطول، كان لـ«محمد» الغلبة فى أمور كثيرة، وكان لـ«سارة» الأفضلية فى كل المهام التى ترتبط بالإتقان، لا تدهشهما نظرات الجيران ولا المحيطين بهما، اعتادا مواجهتها معاً. قررا أن يعكسا الوضع، أن ينظرا إلى كل شىء حولهما باعتباره هو المختلف، وضعا معايير لحياتهما تبدأ باعتراف «إحنا طبيعيين ومعندناش مشكلة»، وحولا حياتهما إلى محتوى مرئى عبر قناة على اليوتيوب، تبث الأمل لدى كل من يعانون التنمر، وتحكى حكاية أسرة بسيطة سعيدة.. حتى رزقهما الله بنبتة الحب الصافى، طفل لم يكمل بعد شهراً ونصف شهر، قررا تسميته «سليم»، اسماً وصفة، فقد خالف الطفل والديه، وخرج طبيعياً إلى الحياة، يداعب «محمد» «سارة» قائلاً: «مش عارف الواد ده طالع مختلف لمين.. بس هنحبه وبكره إحنا اللى هنتنمر عليه».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحب الزواج التنمر الإعاقة

إقرأ أيضاً:

سامسونج تعلن تدشين متجر جديد في الرياض بالتعاون مع عبداللطيف جميل.. وعروض حصرية لمن سيحضر الحفل

سامسونج تعلن تدشين متجر جديد في الرياض بالتعاون مع عبداللطيف جميل.. وعروض حصرية لمن سيحضر الحفل

مقالات مشابهة

  • طنجة: خلاف بين جارين يتحول لجريمة قتل بحي بني مكادة القديمة
  • المطوف جميل جلال في ذمة الله
  • سامسونج تعلن تدشين متجر جديد في الرياض بالتعاون مع عبداللطيف جميل.. وعروض حصرية لمن سيحضر الحفل
  • مشاعر ناحية السيد نصر الله
  • مَن هو النبي الذي سبحت معه الطير والجبال؟.. كان له صوت جميل
  • شاهد// ذعر وصراخ المستوطنين الصهاينة عند سقوط صاروخ إيراني ثقيل بالقرب منهم في تل أبيب
  • شاهد // لحظة انفجار صاروخ إيراني ثقيل داخل تل أبيب
  • بإطلالة جريئة صيفية.. سارة سلامة تخطف الأنظار من أحدث ظهور
  • بعد استجابة المتحدة لاستغاثته.. أحمد عزمي: «ابني كان بيحس بيا وأنا مش معايا فلوس»
  • عاجل- خوفًا من صواريخ حزب الله.. التعليم يتحول إلى "عن بعد" في شمال إسرائيل