لجريدة عمان:
2025-05-02@10:21:23 GMT

وتمضي مسيرة التكامل العُماني الكويتي

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

يسلس الحديث عندما يكون موضوعه العلاقات العُمانية الكويتية؛ فهي علاقات وطيدة وتاريخية ومتجذرة، وتستمد زخمها من مشتركات عديدة تتجسّد في روابط الدم واللغة والتاريخ، وتضفي عليها المصالح المشتركة بُعدًا واقعيًّا، وترفدها بقوة دفع إضافية نحو مرافئ غدٍ واعد، ومستقبل أكثر إشراقًا.

ترتكز هذه العلاقات الراسخة في جانب منها على أواصر اجتماعية ووشائج أخوية متينة تربط الشعبين الشقيقين، ومشاعر محبة خالصة تجمعهما، يرشحها لأن تكون الأوثق على مستوى محيطنا العربي بل وحتى على النطاق الخليجي.

ألمحنا إلى متانة العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، ويمكننا هنا الاستدلال بما يعبّر عنه لسان حال العُمانيين الذين احتضنهم بلدهم الثاني الكويت قبل النهضة المباركة لتلقي العلم أو للعمل في التجارة، بل وفي مختلف مجالات العمل الوظيفي، يقابل ذلك في الوقت ذاته شعور من الود المتبادل من قِبل أشقائنا الكويتيين.

أما على صعيد العلاقات الثنائية على المستوى الرسمي، فحدّث ولا حرج، حيث يندر أن نجد مثيلًا لمستوى التماثل في استقلالية القرار على صعيد السياسات الخارجية كما هو الحال بالنسبة لعُمان والكويت، هذا عدا عن تطابق وجهات النظر بين قيادتي البلدين إزاء كافة القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية وهو أمر نادر الحدوث بين دول المنطقة، التي تتجاذبها صراعات القوى العظمى التي تحوّم حول المنطقة بأساطيلها وبارجاتها، وتتقاذفها الانقسامات ورياح الولاءات التي لا ينتج عنها سوى مواقف ضبابية حيال القضايا المصيرية من شاكلة ما يجري حاليًّا في قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة من إبادة جماعية لا توفر فيها آلة القتل الصهيونية طفلًا رضيعًا ولا امرأة ولا شيخًا مسنًّا!

تلتقي سياسة عمان والكويت الخارجية في وضوح المواقف حول قضايا الأمة، وصدق التوجه في تبنّي كل ما يخدم هذه القضايا والتصدي لمحاولات النيل منها أو المساس بها. وهي مواقف مسجلة ومعروفة ومشهودة ولا تحتمل المزايدة من أي كان.

وقد شهدت العلاقات العُمانية الكويتية نقلات تطويرية متتالية منذ أن أطلّ فجر النهضة المباركة على عُمان بقيادة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيّب الله ثراه- الذي ارتبط بعلاقات أخوية وثيقة مع إخوانه قادة الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ سعد العبدالله الصباح والشيخ صباح الأحمد الصباح -رحمهم الله- وكان من نتاج ذلك أن اكتسبت العلاقات بين البلدين تميزًا نوعيًّا، وارتادت آفاقًا رحبة من التعاون والتكامل. وصولًا إلى هذا العهد الزاهر، عهد النهضة المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، الذي يبدي حرصًا متزايدًا مع أخيه الشيخ مشعل الأحمد أمير دولة الكويت، على مواصلة نهج التميز في مسيرة العلاقات لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والعلمية والسياحية.

ولأننا نعيش في عصر يُعلي من قيمة الاقتصاد، ويقدم الروابط الاقتصادية عما عداها من أوجه الارتباط، ولأن الصلات بين عُمان والكويت ارتبطت في جذرها التاريخي ومنذ عهود قديمة بالعلاقات التجارية البحرية، برز الاقتصاد ليشكّل الدالة الأهم في معادلة العلاقات الثنائية، وليمثّل جسر العبور نحو مستقبل عنوانه التكامل الاقتصادي، منطلقًا من فضاءات الدقم الرحبة والواعدة، في تفعّيل للدبلوماسية الاقتصادية التي تعمل على تمتين العلاقات بين الدول على قاعدة التكامل الاقتصادي المُفضي إلى تقدمها ورفاهية شعوبها.

ويؤكد مشروع مصفاة الدقم الذي يعد أكبر استثمار من نوعه بين دولتين خليجيتين بحجم استثمارات تصل إلى تسعة مليارات دولار، على هذا التوجه البنّاء لتوظيف الدبلوماسية الاقتصادية في المزيد من الارتقاء بالعلاقات العُمانية الكويتية بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، ولإرساء نموذج يحتذى به لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء.

إن المنطقة الاقتصادية بالدقم والتي ينظر إليها بحسبانها قاطرة تقود الاقتصاد العماني نحو آفاق الاستدامة والتنويع، يمكن أن تؤدي أدوارًا متعاظمة في خدمة الاقتصادات الخليجية من خلال إنشاء مناطق تكامل اقتصادي خليجي في هذه المنطقة الواعدة والتي تتوافر على ميزات قلّ أن يوجد لها مثيل من ناحية استراتيجية الموقع المطلّ على أهم خطوط الشحن البحري الدولية في المحيط الهندي وبحر العرب، علاوة على حزمة التسهيلات والحوافز التي تقدمها في سبيل استقطاب المستثمرين وتأسيس الأعمال.

وتدشين مصفاة الدقم بشراكة عُمانية كويتية، دليل على انفتاح عُمان وحرصها على توطيد ركائز العمل الخليجي المشترك خاصة في الجوانب الاقتصادية، كما أن افتتاح هذا المشروع الضخم والريادي على مستوى المنطقة والعالم، يعد أبلغ رد على الأصوات النشاز في محيطنا الخليجي والتي تنشط هذه الأيام في وسائط التواصل الاجتماعي سعيًا للنيل من عُمان بمحاولة تصويرها على أنها تغرد خارج سرب منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وهي ادعاءات جوفاء ولا تستند إلى دليل، وتدل على خواء مطلقيها، وتكشف عن أجندتهم المستترة خلف الأقنعة الزائفة.

فعُمان ومنذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية عملت ولا تزال تعمل جاهدة على دعمه وتوطيد أركانه حرصًا على تحقيق أهدافه المأمولة، وإسهامها في سبيل ذلك لا يقل عن إسهام أي من الدول الأخرى المنضوية تحت لواء المجلس.

ولأن الزبد يذهب جفاء ويمكث في الأرض ما ينفع الناس، ولأن الأفعال أعظم وقعًا من الأقوال، وأشد تأثيرًا من الخطب الرنانة، ها هو مشروع مصفاة الدقم يكتمل مجسّدًا نموذجًا فريدًا للتكامل الاقتصادي بين دولتين من دول المجلس وفي إطار البيت الخليجي الواحد.

ستمضي عُمان في مسيرتها النهضوية النابعة من قناعات راسخة، والهادفة إلى تقدمها وازدهارها، وتعزيز رفاه شعبها، وستسلك كل السبل المُفضية إلى تحقيق هذه الأهداف النبيلة وفي مقدمتها التعاون والتكامل مع محيطها الخليجي.

سالم العمري كاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ع مانیة

إقرأ أيضاً:

الوزير الشيباني: إن أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أ

2025-05-01najwaسابق الوزير الشيباني: إننا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا نؤكد أن الوحدة الوطنية هي الأساس المتين لأي عملية استقرار أو نهوض، وأن نبذ الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال ليس خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة وطنية ومجتمعية لحماية نسيجنا الاجتماعي والتاريخي المتنوع انظر ايضاًالوزير الشيباني: إننا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا نؤكد أن الوحدة الوطنية هي الأساس المتين لأي عملية استقرار أو نهوض، وأن نبذ الطائفية والفتنة ودعوات الانفصال ليس خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة وطنية ومجتمعية لحماية نسيجنا الاجتماعي والتاريخي المتنوع

آخر الأخبار 2025-05-01وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني: أشكر الإدارة الأمريكية على تسهيل إجراءات زيارة الوفد السوري إلى واشنطن ونيويورك. كما نشكر وفد الإدارة الأمريكية على نقاشاتهم البناءة حول مستقبل سوريا، حيث شددنا على ضرورة رفع العقوبات كاملاً وفتح المجال أمام الشعب السوري للعيش بكرامة وحرية 2025-05-01تطوير المساحات الخضراء في المدينة الصناعية بحسياء 2025-05-01وزير النقل يبحث مع وفد صيني التعاون في مجال النقل ‏ 2025-05-01حملة لإزالة اللوحات الإعلانية المخالفة في حمص 2025-05-01الجهاز المركزي للرقابة المالية يبحث مع البنك الدولي التعاون في مجال ‏الحوكمة والاستقلالية المؤسسية 2025-04-30بمناسبة عيد العمال العالمي… لقاء نقابي حاشد في دمشق ‏ 2025-04-30الوزيرة قبوات تلتقي وفداً من مركز الملك سلمان السعودي للإغاثة والأعمال ‏الإنسانية‏ ‏ 2025-04-30الهيئة العامة للنفط والثروة المعدنية تعلن قبول طلبات إعادة عامليها ‏المفصولين بفعل النظام البائد 2025-04-30وزير الطاقة يبحث مع رئيس شركة “غولف ساند” البريطانية إعادة تفعيل ‏استثمار قطاع النفط في سوريا 2025-04-30حالة الطقس: الحرارة أدنى من معدلاتها.. وأجواء ماطرة وسديمية مغبرة

صور من سورية منوعات تطبيق موبايل يوصل صوت الصم للحصول على خدمات الإسعاف 2025-04-27 صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • “بلومبيرغ “: شركات صهيونية تحقق نجاحاً ملموساً في بيع سلعها في المنطقة الخليجية
  • اتفاقية خورعبدالله تؤثر على الحضور الخليجي بالقمة
  • مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة ثانية في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان
  • الوزير الشيباني: إن أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أ
  • استعرض الفرص التنموية التي تم إطلاقها.. نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية بالمنطقة
  • مصدر أمني بدمشق لـ سانا: قواتنا بدأت عملية تمشيط واسعة في منطقة أشرفية صحنايا، بهدف إلقاء القبض على العصابات الخارجة عن القانون التي اتخذت هذه المنطقة منطلقاً لعملياتها الإرهابية ضد الأهالي وقوات الأمن
  • المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • ابو الغيط في المعهد الدبلوماسي الكويتي: الصراع، لا السلم، هو الأصل في العلاقات الدولية
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة