النداءات الحركية الجهادية القرآنية والتفسير الميداني.. قاموس المقاومة (13)
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
إن الرؤية التوحيدية المؤسسة للحرية وفعل المقاومة الرافض لكل ظلم وهوان ويقف في وجه الاغتصاب والعدوان ويحرك كل الطاقات لمواجهة الظلم والطغيان؛ لا تقوم فقط على حالة سلوكية ولكنها مسبوقة برؤية معرفية وطاقة فكرية وحضارية ضمن مقاصد النهوض والعمران.. ومن هنا يمكننا أن نتفهم ما يمكن تسميته بجملة النداءات الحركية في القراءان الكريم، فكان هناك مثلث من تلك النداءات يقوم على اقرأ ثم أعدوا ثم سيروا في الأرض.
يترتب على هذه الثلاثية حركة ونظر "قل سيروا في الأرض فانظروا"، إنها الحقيقة الكبرى التي تتأكد فيها هذه النداءات الحركية في علاقتها ببيانات كلية. وتلك الأفعال الحضارية تشير إلى أوامر قرآنية تشير بشكل مباشر إلى ضرورة التوجه للفعل الناجز الواجب والعمل الفعال اللازم لتحقيق مقتضيات هذا النداء القرآني قدرة وفاعلية؛ إعدادا واستمدادا؛ جهدا واجتهادا وجهادا. وقد لفتنا إلى تلك الفكرة أستاذنا "الدكتور حامد ربيع" رحمة الله عليه.
حتى يشرع الإنسان في حركة النهوض والعمران كان عليه أن ينتقل من معاني البيان إلى فعل العمران، فيتحرك من بيانات أساسية وتأسيسية إلى نداءات حركية، إنها فاعلية الإنسان في مسيرة العمران لمواجهة كل ظلم أو طغيان. مفهوم النداء الحركي ينصرف إلى مجموعة من الوثائق والنصوص المركزية نحددها في تنظيرنا للوجود الحضاري على أنها أداة المفكر للحركة في عالم الناس والمجتمع الجماهيري؛ كل كلمة في تلك الآثار ذات الطبيعة الحركية لا بد وأن يكون لها مدلولها؛ ليس فقط لأنها تقوم على الشعارات؛ وإنما لأنها وهي تتجه إلى عموم الناس والجماهير لا بد وأن تكتل العواطف المستقبلة لتلك الآثار حول تعامل نفسي معين يقوم على ترشيد الوعي وتسديد السعي، والانطلاق إلى عالم الفعل والتفعيل والفاعليةحيث أضحى الفكر أحد أدوات الحركة، وحيث ظهر القائد الحامل للفكرة والداعي إلى ظهير يدعمه ويسانده لتصير وظيفته تغيير الوضع القائم، والدفع به إلى النموذج الحق من خلال استخدام التأمل الفكري أداة للحركة، إنه أسلوب الدعوة العقائدية بلغة التعامل الحضاري. لقد أضحت أحد أدوات التدافع الحضاري الشامل؛ هي عملية تطعيم الإدراك بمفاهيم الرفض والثورة؛ الاحتجاج والمقاومة، الانتفاضة والمواجهة عناصر جميعها هيأت لمفهوم النداء الحركي.
وهذا يفسر أن كل كلمة في تلك الآثار ذات الطبيعة الحركية لا بد وأن يكون لها مدلولها؛ ليس فقط لأنها تقوم على الشعارات؛ وإنما لأنها وهي تتجه إلى عموم الناس والجماهير لا بد وأن تكتل العواطف المستقبلة لتلك الآثار حول تعامل نفسي معين يقوم على ترشيد الوعي وتسديد السعي، والانطلاق إلى عالم الفعل والتفعيل والفاعلية.
الطبيعة الجماهيرية للنداءات الحركية تفسر من جانب آخر تلك البساطة الظاهرية، فضلا عن عملية الشحن الوجداني والعاطفي والحفز المعنوي والقيمي؛ التي لا بد أن تغلف تلك الآثار الحضارية، أضف إلى ذلك أن التناسق العقدي وفاعلياته الذي في أغلب الأحيان يسيطر على الحامل لهذه الأمانة الحضارية، ليعطي لتلك النداءات تلك الفاعلية من حيث التفاعل، بما يضفي على النص دلالة معينة.
ومن منطلق الخبرة الإسلامية، فإن المحلل لا يستطيع إلا أن يقف متسائلا عن موضع الدعوة القرآنية من مفهوم النداء الحركي. ومما لا شك فيه أن حقيقة الآيات القرآنية في دلالتها الخفية، في أسلوب نزولها، في التطورات المتعاقبة لتعاليمها خلال فترة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إنما تعلن بصراحة ووضوح عن أن تلك الآيات ما هي إلا نداء حركي في أنقى ما تعنيه هذه الكلمة من خصائص، وليس علينا لنفهم هذه الملاحظة إلا أن نعود إلى خصائص التعاليم القرآنية كعملية اتصالية:
حقيقة الآيات القرآنية في دلالتها الخفية، في أسلوب نزولها، في التطورات المتعاقبة لتعاليمها خلال فترة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إنما تعلن بصراحة ووضوح عن أن تلك الآيات ما هي إلا نداء حركي في أنقى ما تعنيه هذه الكلمة من خصائص
* هي دعوة للحركة، بمعنى أنها خطاب يتجه لمن هو صالح لأن تنبت في نفسه بذرة الإيمان لتتقابل مع تلك المفاهيم الجديدة، في سبيل تغيير النظام الاجتماعي القائم والشروع في مقاومة كل عدوان أو طغيان.
* هي دعوة تتجه إلى المجتمع الكلي، إنها خطاب جماعي لا يعرف استثناء ولا يقبل تقييدا، فهو خطاب لا يتجه إلى قوم معين، ولا إلى فئة محددة، ولا إلى طبقة متميزة؛ لأنه خطاب إلى الإنسانية، إلى كل من ينتمي إلى المجتمع الإنساني، وقد حمل بذور الصلاحية للإيمان والارتقاء.
* دعوة كلية، ولكنها تخاطب الرجل العادي، تخاطب رجل الشارع وعموم الناس للفرد وللمجتمع (الشعب)، إنها لغة عقائدية تتجه إلى ذلك القسط من الحد الأدنى للفهم والإدراك، الذي يتميز به كل من ينتمي إلى المجتمع الإنساني، مهما تحدد مستواه من حيث القدرات الذهنية.
* ثم هي تقدم تصورا معينا لحلول المشاكل المختلفة المرتبطة بالوجود الإنساني: اجتماعي، وأخلاقي، وسياسي وحضاري في آن واحد.
رغم ذلك فإن إضفاء النداء الحركي على التعاليم القرآنية لا يمنع أن هذه التعاليم تملك طابعها المستقل ومذاقها الخاص، تحليل هذه الناحية يفرض علينا المتابعة التاريخية لتقييم حقيقة الحركة السياسية الإسلامية خلال فترة حكم الرسول من منطلق الدعوة الدينية، ومتابعة السيرة النبوية؛ رغم ذلك فإن تحليلا موجزا لخصائص التعاليم القرآنية كنداء حركي يفصح بوضوح عن مدى التميز والأصالة التي تملكها تلك الدعوة التي تتخذ شكل النداءات الحركية.
النداءات الحركية هي ليست فقط سياسية، فالدعوة القرآنية تملك جميع عناصر التعامل الفكري: الأخلاقي، والاجتماعي، والسياسي، والحضاري؛ بل هي تجمع بين الناحيتين الدينية والمدنية في إطار متكامل من المبادئ والمثاليات؛ ثم هي ترتفع إلى مرتبة المبادئ المطلقة العامة الكلية الشاملة، وترفض أن تنزل إلى مستوى الجزئيات والتفاصيل، لا تقدم أحكاما وإنما تصور الرجل الكامل والفاعل، لا تضع قواعد للممارسة وإنما تخطط معالم التنظيم وتلفت لحقائق الفعل الناهض للقيام بمعنى المقاومة ومتطلبات ومقدمات التغيير؛ وهي تخاطب الفرد من منطلق الإيمان العقائدي، الذي يعني ويفترض التسليم بضعف الإنسان في قدراته وملكاته مهما كان قويا واستعداده لتقبل التوجيه الإلهي وسمو ذلك التوجيه مهما كان قاسيا.
جميع هذه العناصر تضفي على طبيعة التعاليم القرآنية كمصدر لنداء حركي؛ ذلك المذاق الذي لا يقتصر على أن يميز بين جوهر تلك الدعوة والحركات السياسية والأيديولوجية التي غمرت القرن التاسع عشر، وبصفة خاصة الماركسية، بل وتجعل من الدعوة الإسلامية نموذجا متميزا إزاء الأديان الأخرى.
النداء الحركي مقيد من حيث تقييمه وفاعليته بتلك الجماهير المتلقية التي اتجه إليها، لا يعنينا من مضمونه أن يكون تأصيلا أو تجريدا لنظام فكري، ولكن الذي يعنينا هو أن تكون هناك الفكرة الدافعة والدافعة والفاعلة له تلك الفاعلية حيث تكتل القوى وتمكن التماسك. ومن ثم كان استلهام فكرة النداءات الحركية وتطبيقاتها القرآنية إنما يشكل طاقة كبرى في تحقيق المهمة والرسالة العمرانية، ويؤسس لعمليات الوعي والسعي الحضاريين، ويحفز الحركة بكلمات مفتاحية تفتح آفاق النظر والتفكير وتطلق طرائق التدبير ومسالك التسيير وتستلهم كل آفاق النهوض استشرافا لعمليات الثورة والتغيير.
إنها كلمات أشبه بالشعارات التي تحرك مكامن الوجدان والنشاط بلوغا للفعل القادر والتفعيل المؤثر والتأثير الواضح والفاعلية، عمليات بعضها من بعض.. الكلمة أمر ونهي، والكلمة اختيار ومسار، والكلمة فعل وقرار لا تحتمل التأجيل أو الانتظار، حينما تنطلق فإنما تشير إلى عملية الوصل بين العلم النافع والعمل الصالح، فتجعل النداء الحركي مهمة واجبة النفاذ والتنفيذ وتقتضي القيام والنهوض وطرق أبواب كل مساحات وساحات الفعل والفاعلية.
هنا يكون الحضور الفاعل للمقاومة في الأمة فتتقدم الصفوف لكل نداء قرآني للحركة الناشطة والناجزة والفاعلة؛ إنها تشرع في تنفيذ النداءات الحركية القرآنية على الفور ومن دون تراخٍ؛ بهمّة ومن دون تباطؤ؛ بعزم وإصرار من دون نظر لأي تكلفة أو تضحية
إنها الكلمات الطيبات في مواجهة الكلمات الخبيثات، موصولة بالمنهج وأصول الحركة المترتبة على البيان التوحيدي والبيانات والبينات الأخرى، لتحمل الإنسان فردا أو في جماعة على استشراف طاقات النظر والعمل.. هذه النداءات والكلمات والشعارات غير مقطوعة ولا ممنوعة، غير ممنوعة عن الحركة والنشاط وغير مقطوعة عن وسطها وسياقات الفعل والتفعيل والفاعلية، مثل هذه الكلمات القرآنية (اقرأ، قل سيروا في الأرض وانظروا، وأعدوا لهم ما استطعتم، ولتنظر نفس ما قدمت لغد، واستقم كما أمرت، وأوفوا بالعهود، وأقيموا الوزن بالقسط، قولوا لله حسنا، وقل اعملوا، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وتعاونوا على البر والتقوى، لتعارفوا، فلا اقتحم العقبة، وشاورهم في الأمر.. الخ)، وغير ذلك من كلمات ومفردات قرآنية مفتاحية تشكل في حقيقة الأمر منظومة من النداءات الحركية. وهي بذلك تعبر مع البيانات التأسيسية من تلك الصبغة التوحيدية؛ عن شعارات للحركة والفعل والتفعيل والفاعلية.
وهنا يكون الحضور الفاعل للمقاومة في الأمة فتتقدم الصفوف لكل نداء قرآني للحركة الناشطة والناجزة والفاعلة؛ إنها تشرع في تنفيذ النداءات الحركية القرآنية على الفور ومن دون تراخٍ؛ بهمّة ومن دون تباطؤ؛ بعزم وإصرار من دون نظر لأي تكلفة أو تضحية. إنها تشكل طليعة الفعل الجهادي؛ متمثلة ذلك النداء القرآني "فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة"، فأما الاقتحام فقد تدربت عليه؛ أما العقبات فإنها تعمل وتسعى في كل مسلك للانتصار عليها مهما عظمت.
twitter.com/Saif_abdelfatah
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة القرآني الوعي المفاهيم المقاومة القرآن الوعي الخطاب مفاهيم مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تلک الآثار لا بد وأن تتجه إلى ومن دون من دون
إقرأ أيضاً:
عبد الصادق يعلن تدشين جامعة القاهرة "قاموس القاهرة العصري للشباب العربي"
أعلن الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، تدشين " قاموس القاهرة العصري للشباب العربي"، وذلك ضمن فعاليات مشاركة الجامعة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال 56 بقاعة المؤسسات بلازا( ١) وتحت إشراف الدكتورة غادة عبد الباري القائم بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وبالتعاون بين كليتى الحاسبات والذكاء الإصطناعي ودار العلوم.
حضر فعاليات التدشين، الدكتور أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم، والدكتور رضا عبد الوهاب الخريبي عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي، والدكتور صفوت علي صالح وكيل كلية دار العلوم لشئون الدراسات العليا والبحوث، والمدير العلمي للمشروع، والدكتور حافظ شمس الدين عضو مجمع اللغة العربية، والدكتورة أسماء أحمد عثمان المدرس بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي،والمدير التقنى للمشروع، والدكتور أحمد الشيمي المدرس بكلية دار العلوم، والمدير التنفيذى للمشروع،والذى أداراللقاء باقتدار، لإعلان تدشين المشروع، فى حضور لفيف من قامات اساتذة جامعة القاهرة وكلية دار العلوم والطلاب المتميزين المشاركين في تنفيذه.
وفى كلمته عبر الدكتور محمد سامي عبد الصادق، عن بالغ سعادته بمشاركته في تدشين مشروع قاموس "القاهرة العصري للشباب العربي" والذي يأتى فى إطار المبادرات التى اطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تولي اهتماما بالغا بتطوير التعليم والتكنولوجيا، كما يعكس رؤية جامعة القاهرة التي تقوم علي الدمج بين التراث اللغوي العربي والمستجدات وتطورات التكنولوجيا الحديثة ويُلبي استراتيجية الجامعة للذكاء الاصطناعي، كما يتوافق مع المبادرات الرئاسية التي أُطلقت لتحفيز الإبتكار والإبداع وتعزيز الهوية والثقافة العربية بوجه عام، مؤكًدا أن القاموس يُلبي إستراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي التي أطلقها الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي في مارس ٢٠٢٣ وتقوم على محاور عدة من بينها التكامل والتعاون.
وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى أن القاموس يعكس تعاونًا بين كليتي دار العلوم والحاسبات والذكاء الاصطناعي ويؤكد التكامل بين اللغة العربية والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، مؤكدًا أن جامعة القاهرة لها السبق والريادة في تدشين أول قاموس بهذا المحتوى المتفرد يصدر من مؤسسة تعليمية مصرية وعربية، لافتًا إلى أن القاموس الجديد يساعد علي تسهيل تعلم اللغة واستخدام أدواتها ويؤكد أن للجامعة دور بارز في إعلاء قيمة اللغة العربية والاهتمام بها في العصر الرقمي الذي نعيشه، موجهًا الشكر لفريق العمل الذي ساهم بفضل جهوده في إخراج هذا القاموس الذكي التفاعلي.
وقال الدكتور محمد سامي عبد الصادق، إن القاموس يُعد مصنفا جماعيا محميا وفق قواعد الملكية الفكرية ويتمتع بالحماية لما له من ابتكار، مشيرًا إلي ضرورة الإستفادة من هذا القاموس من خلال التعاقد مع "شركة جامعة القاهرة لإدارة واستثمار الأصول المعنوية" التي تم انشاؤها مؤخرًا، وبين القائمين علي إعداد هذا القاموس من كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي وكلية دار العلوم والطلاب الذين شاركوا في صناعته ليصبح هذا القاموس هو أول نشاط تقوم به شركة جامعة القاهرة لإدارة واستثمار الأصول المعنوية.
وأكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، أن تدشين مشروع القاموس يتواكب مع إستراتيجية الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها الجامعة، مؤكدًا حرص الجامعة على إطلاق مشروعات قومية تدعم الهوية وتنشر الوعي الثقافي وتُظهر ثراءها بالكفاءات القادرة على استثمار مقومات العصر في التخطيط اللغوي والتطور التكنولوجي في صناعة المعاجم الحديثة.
وأضاف رئيس جامعة القاهرة، أن القاموس هو مشروع تتبناه الجامعة لرفع الكفاءة اللغوية لدي الشباب سواء في المرحلة الجامعية أو ما قبلها، لافتًا إلي سهولة استخدام القاموس لكونه قاموسًا ذكيًا تفاعليًا يسهل تداوله.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد الوهاب الخريبي عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي، إن حضور اللغة العربية وتواجدها في محافل العلم والثقافة ليس بالأمر الجديد، مشيرًا إلى أن لوائح الكلية اشتملت علي مجموعة من المقررات الدراسية في اللغة العربية مثل مقرر معالجة اللغات الطبيعية، ومعالجة الأنماط العلمية الذي يمنح التعرف علي الكتابة بالخط العربي، مؤكدًا أن القاموس هو باكورة لدعم اللغة العربية بتقنيات الذكاء الاصطناعي بإعتبار أن اللغة العربية على رأس أولويات العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي.
و قال عميد كلية الحاسبات والذكاء الإصطناعي: إن القاموس سيكون متاحًا على شبكة الانترنت ومن خلال تطبيق سهل الاستخدام من كافة الأعمار، مؤكدًا أن القاموس قادر على التكيف وفق مستوى المستخدم سواء كان طفلًا أو متخصصًا في أعلى درجات التخصص في اللغة العربية.
وأوضح الدكتور أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم، أن الصناعة المعجمية نشأت مصرية، وأن هذا القاموس قام بتنفيذه طلاب الجامعة وهو منبثق من المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان" التي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وشاركت فيها جامعة القاهرة على مدار ١٠٠ يوم بمجهودات جادة ومثمرة لتفعيل هذه المبادرة، مشيرًا إلي أن فكرة هذا القاموس جاءت لسد الفجوة الثقافية إدراكًا لأهميتها بإعتبارها البوصلة التي توجه الإنسان لكافة الأشياء.
وأضاف عميد كلية دار العلوم، أن مدخل القاموس هو مدخل ثقافي يُعيد الشباب للثقافة وهو منصة تدعم فكرة الهوية، ويسهم في تعزيز قوة مصر الناعمة، لافتًا إلى أن القاموس يحتوي على ١٠ آلاف مصطلح جديد يدور حول الجمهورية الجديدة تأكيدًا لضرورة أن تكون الدولة حاضرة في المتن الثقافي المصري، وأن ينقل المصطلحات السائدة في العالم والقيام بتعريبها، موجهًا الشكر للدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة لدعمه لفكرة هذا المشروع.
وأشار الدكتور أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم، إلى أن القاموس يستهدف سد الفجوة الثقافية لدى الشباب والتي تُعد حائط صد أمام تشوهات الفكر المنتشرة عبر الوسائط المتعددة، مضيفًا أن الكلية تعي مسؤليتها في انقاذ المجتمع من الضرر اللغوي، وتعزيز أهمية الكلمة في البناء وليس الهدم.
وقال الدكتور صفوت علي صالح وكيل كلية دار العلوم والمدير العلمي للمشروع، إن العالم يتوجه في الوقت الحالي نحو الإستثمار المعرفي والثقافي، وأن أساتذة اللغة من مصر وعلماء جامعة القاهرة وأساتذتها يقفون وراء صناعة القواميس العربية المختلفة، مشيرًا إلي أن القاموس صنعه الشباب وهو موجه للشباب ويقدم رسالة هامة لهم لإدراك أهمية اللغة العربية.
وأكد الدكتور صفوت علي صالح، أن فكرة القاموس جاءت من خلال التفكير في كيفية استثمار الطاقات الشابة في صناعة المستقبل، مشيرًا إلي أن القاموس يُعد نموذجًا فريدًا للتكامل بين العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية، وأن طلاب كليتي دار العلوم والحاسبات والذكاء الإصطناعي سوف يعملون على انجازه من خلال خضوعهم للتدريب المتبادل بين الكليتين.
وقدمت د.اسماء أحمد عثمان بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي، والمدير التقنى للمشروع عرضا تفصيليا للجوانب التقنية للقاموس، موضحة إمكانياته وأوجه استخدامه، والاستفادة منه، بما يحتويه بحيث تستفيد منه كافة الفئات العمرية، والمستويات العلمية والثقافية، من الجمهور العام إلى كافة التخصصات فى العلوم النظرية والتطبيقية، مؤكدة أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية فى التكامل بين العلوم، ويعكس نمطا متميزا بين كليات جامعة القاهرة في ضوء استراتيجيتها التعليمية والبحثية.
ومن جهته، عبر الدكتور حافظ شمس الدين عضو مجمع اللغة العربية، عن سعادته لمشاركته في فعاليات تدشين القاموس الذي تصدره جامعة القاهرة العريقة والتي تُعد الواحة التي يفر إليها الجميع للفصل في المعلومات الصحيحة والمؤكدة التي تصلح لليوم وللأجيال القادمة، موضحًا أن هذا القاموس يعكس إرادة وعزيمة جامعة القاهرة لتكون اللغة العربية في دائرة الضوء بشكل دائم، مشيرًا إلى أن اللغة العربية تشهد حالة من الجفاء بينها وبين الشباب ونأمل أن يسهم هذا القاموس في القضاء عليها وعدم تحويلها إلى فجوة كبرى، موجهًا الشكر للقائمين على هذا المشروع الذي يمثل حجر الأساس لعودة أهمية اللغة العربية.
وشهدت فعاليات التدشين، تقديم عرض للمشروع يتضمن نموذجا تطبيقيا يوضح كيفية استخدام القاموس ومحتوياته، وقدم خلاله الأساتذة والطلاب المشاركون في المشروع عرضا تفصيليا لمحتويات هذا القاموس والمميزات المختلفة التي يوفرها لمستخدميه، وإنه يتوفر منه اصدار ورقي وآخر الكتروني.
وفي ختام فعاليات التدشين، تم فتح باب المداخلات ومشاركات الأساتذة حول قاموس القاهرة العصري للشباب العربي، وأعقب ذلك زيارة رئيس الجامعة وضيوف حفل التدشين لجناح جامعة القاهرة بالمعرض.