الجميع يعرفون "ماثيو بيري". لا أحد ينسى ذلك الوسيم "تشاندلر بينج" صاحب الدور الشهير في المسلسل الأمريكي الأشهر "Friends"، الممثل الأمريكي الكندي، والمنتج التنفيذي، والكاتب المسرحي، الذي رحل عن عالمنا مؤخرا. لكن من يقرأ الترجمة العربية لمذكراته، والتي نقلتها إلينا مريم عاشور بعنوان "أصدقاء وعشاق والشيء الرهيب"، سوف يدرك أنه لم يقترب بأكثر من الصورة الوسيمة التي تُداري مُعاناة كبيرة.

اشتُهر بيري بشخصية "تشاندلر" الفكاهية، الذي حظي بشعبية كبيرة خلال عرض المسلسل على قناة NBC بين أعوام 1994 و2004 في مواسمه العشرة التي تضمّنت 230 حلقة. وإلى جانب "جنيفر أنستون" و"كورتني كوكس" و"ليزا كودرو" و"مات لوبلان" و"ديفيد شويمر"، صنع "ماثيو بيري" نجاح المسلسل الذي عشقه الملايين في الولايات المتحدة والعالم، خصوصًا من جيل الشباب.

عن الكتاب الذي صدرت ترجمته العربية عن "لغة للنشر والتوزيع"، تقول "مارتا كوفمان"، المؤلفة المشاركة في مسلسل Friends""، إنه "مذكرات واقعية من دون تزييف كُتبت بجرأة وشجاعة. مذكرات تظهر فيها شجاعة ماثيو بيري الكبيرة. فهو يأخذنا في رحلة حول فريندز وإدمانه ومرضه ووحدته وعجزه. لكن في النهاية، يظل هذا الكتاب مليئًا بالأمل في المستقبل. إذا كنت تريد أن تعرف من هو ماثيو بيري حقًا، انسَ مزاحه قليلًا واقرأ هذا".

يمنحك ماثيو بيري في مذكراته نظرة شاملة لحياته، بداية من مرحلة طفولته إلى نجوميته ووصوله إلى الشهرة، ثم تدهور حاله مع الإدمان. يناقش الكتاب معاناته مع الإدمان، ومراحل تعافيه وانتكاساته، ومحاولاته للوصول إلى التعافي واضطراباته ومعاناته النفسية التي لم يتعافَ منها رغم كل الأموال والشهرة التي كان مستعدًا بالتضحية بها مقابل أن يكون شخصًا غير مدمن. كذلك ناقش في مذكراته أفكاره عن الحياة والموت، وكيف نجا كثيرًا من الموت بأعجوبة. 

كما قدمت "ليزا كودرو"، التي شاركته بطولة مسلسله الأشهر المذكرات. وفيها قالت: "كيف حال ماثيو بيري؟ منذ أن سُئلت هذا السؤال لأول مرة، وفي مختلف الأوقات، كان دائمًا السؤال الأكثر طرحًا عليَّ على مر السنين، ولكنني أتفهم لماذا طرحه كثير من الناس: إنهم يحبون ماثيو، ويرغبون في رؤيته بخير، مثلي تمامًا. ولكن دائمًا ما كان يستوقفني هذا السؤال من الصحافة، لأنني لم أتمكن من الإجابة بما أردت، فكنت أجيب: "إنها قصته ليحكيها، فأنا لست مكلفة بحكايتها، أليس كذلك؟"
وأضافت: "رغبت في أن أقول: "إنها أمور شخصية وخاصة للغاية وإذا لم تعرفوها من صاحب القصة، فهي ليست إلا نميمة، بالنسبة إليَّ، وأنا لن أنم على ماثيو معكم"، علمًا أنني إذا اخترت ألا أرد مطلقًا قد أحدث جلبة أكثر، فأحيانًا كنت أرد وحسب بـ "أعتقد أنه بخير!". فبهذا لن يحظى بكثير من الضوء عليه، وسيتمتع بقليل من الخصوصية بينما يحاول التعامل مع مرضه. ولكن في الحقيقة، لم أكن على علم حقيقي بحال ماثيو، فكما سيروي لكم في هذا الكتاب، الأمر كان يبقيه سرًا، واحتاج الأمر منه وقتًا طويلًا حتى يتمكن من رواية حكايته براحة وإعلامنا بجزء مما مر به. 

خلال كل تلك السنوات لم أحاول أن أتدخل أو أن أواجهه، لأن بمعرفتي القليلة عن الإدمان، عرفت أن تعافيه أمر خارج عن إرادتي، وكم استغرقني الوقت في التساؤل إذا كنت مخطئة حيال عدم التدخل، أو التدخل قليلًا. ولكنني توصلت إلى أن أدركت أن هذا المرض يغذي نفسه بنفسه بلا هوادة، وعازم على البقاء. 

لذا ركزت على ماثيو الذي يضحكني بشدة كل يوم، أو مرة في الأسبوع، يضحكني لدرجة الدموع وعدم القدرة على التنفس. كان ماثيو بيري حاضرًا. ماثيو الذكي بشدة، الساحر، اللطيف، الحساس، والعاقل جدًا. هذا الشخص، بكل ما صارعه، كان حاضرًا. كان موجودًا من البداية لرفع معنوياتنا في ليلة تصوير مرهقة من أجل مقدمة مسلسلنا الشهير داخل النافورة، قائلًا: "لا أذكر يومًا أنني كنت في نافورة؟"، "ما هذا، هل نحن مبتلون؟"، "لا أذكر يومًا كنت جافًا!". 

وتابعت: "ماثيو كان السبب في ضحكاتنا جميعًا بالنافورة في مقدمة المسلسل مع الأسماء. وبعد مسلسل "فريندز"، لم أقابل ماثيو كل يوم، ولم يخطر في ذهني فكرة صحته. هذا الكتاب هو المرة الأولى التي أعرف فيها منه حقًا عن تعايشه مع إدمانه ونجاته منه. حكى لي ماثيو بعض الأمور، ولكن ليس بالتفصيل هكذا. يدعونا ماثيو في هذا الكتاب إلى عقله وقلبه بصدق، ويكشف كامل التفاصيل. وأخيرًا، لن يحتاج أحد لأن يسألني أو يسأل غيري مجددًا عن حال ماثيو. فسيجيبنا جميعًا عن هذا بنفسه".

"كانت فرصة عظيمة"، هكذا وصفت مترجمة الكتاب مريم عاشور مذكرات ماثيو بيري. تتحدث لـ "البوابة" قائلة إنه في البداية عرضت الدار عليها ترجمة الكتاب التي كانت أول تجربة لها في ترجمة الكتب، وقد تخصصت مسبقًا في الترجمة الصحفية في جرائد عربية ومصرية شهيرة. 

تلفت المترجمة الشابة إلى أنها أشد المعجبين بالمسلسل الشهير وبمسيرة ماثيو بيري الفنية، لذا تحمست بشدة لترجمة الكتاب وشعرت بأهمية نقله إلى العربية. وهنا كانت التحديات الكبرى التي واجهتها في أثناء عملية الترجمة هي إيصال معاناته وصعوباته في الحياة بالطريقة الساخرة نفسها التي عبر بها، كذلك نقل اللغة العامية الأمريكية التي كتب بها الكتاب ليستهدف القراء العاديين والجمهور إلى لغة عربية مبسطة. 

تقول أيضًا إن الكتاب مليء بالمصطلحات الطبية وأسماء أدوية بعضها في قائمة المخدرات المحظورة وبعضها لا وأحيانًا كان يذكرها بالاسم الدارج لديهم، ما تطلب منها بحثًا كبيرًا للتأكد من دقة الترجمة، كذلك الحال مع وصفه لإجراءات العمليات الجراحية الدقيقة التي أجراها طوال حياته.

تضيف مريم عاشور إن ماثيو بيري كتب الكتاب بالنبرة نفسها لشخصية تشاندلر بينج التي أداها، وكأنه يؤكد ما ذكره في الكتاب أنه هو تشاندلر حقًا، فركزت على أن تنقل حس السخرية لديه نفسه والحفاظ عليه في النص العربي. 

وفي بعض الأجزاء، كان ماثيو يريد التأكيد على بشاعة الإدمان والعواقب الوخيمة وهي أيضًا من أهم الفقرات التي أرادت إيصالها بالحس نفسه. فكما حرصت على إيصال الجانب الفكاهي الممزوج بالسخرية في لغة ماثيو بيري، حرصت على إيصال الجانب الحزين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحب الادمان التعافى ماثيو بيري تشاندلر بينج ماثیو بیری هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

مهرجان كان 2025.. لجنة تحكيم بنكهة عالمية بقيادة جولييت بينوش وهالي بيري

تتميّز تشكيلة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي التي أعلنها المنظمون أمس الاثنين بطابعها الدولي، إذ تضمّ إلى جانب رئيستها النجمة الفرنسية جولييت بينوش مجموعة متعددة الجنسية، من أبرز وجوهها الممثلة الحائزة جائزة الأوسكار هالي بيري، والكاتبة الفرنسية المغربية ليلى سليماني، والمخرج الكوري الجنوبي هونغ سانغ سو.

وتضم اللجنة المؤلفة من تسعة أعضاء، خمس نساء وأربعة رجال، وتشمل أيضا ممثلَين آخرين هما الإيطالية ألبا رورواشر "تري بياني" (Tre Piani) والأميركي جيريمي سترونغ "ذا أبرنتيس" (The Apprentice)، ومخرجين هم الهندية بايال كاباديا الفائزة بالجائزة الكبرى العام الفائت عن فيلم "أول وي إيمادجين آز لايت" (All We Imagine As Light)، والمكسيكي كارلوس ريغاداس، وديودو حمادي من جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وسيختار هؤلاء الفيلم الذي سيُمنح في 24 مايو/أيار المقبل السعفة الذهبية للدورة الثامنة والسبعين (13-24 مايو/أيار المقبل) خلفا لـ"أنورا"، وتلك التي ستحصل على جوائز التمثيل والإخراج والسيناريو من بين الأعمال الـ21 المدرجة في المسابقة.

ومن بين الأفلام المتنافسة أعمال مخرجين يشاركون بانتظام في مهرجان كان كالبلجيكيين جان بيار ولوك داردين اللذين يسعيان من خلال فيلمهما "جون مير" (Jeunes meres) إلى الفوز بالسعفة الذهبية للمرة الثالثة، والإيراني جعفر بناهي، والفرنسية جوليا دوكورناو التي تعود بفيلم "ألفا" (Alpha) بعد أربع سنوات من تتويجها عن "تيتان" (Titane).

إعلان

ويخوض السباق إلى لقب مهرجان كان أيضا فيلم "نوفيل فاغ" (Nouvelle Vague) الذي أخرجه ريتشارد لينكليتر ويتناول عملية إنتاج فيلم "آ بو دو سوفل" (A bout de souffle) للمخرج الراحل جان لوك غودار، والسويدي المصري طارق صالح الذي تترقب الأوساط السينمائية جديده بعد نجاح فيلمه "ولد من الجنة".

تكريم نيكول كيدمان

وتضمّ لجنة التحكيم أسماء كبيرة، إذ في رصيد رئيستها بينوش جوائز أوسكار وسيزار وأفضل ممثلة في مهرجان كان وغيرها، في حين أن هالي بيري التي ستكون إلى جانبها كانت أول ممثلة أميركية سوداء تفوز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن دورها في فيلم "مناسترز بول" (Monster’s Ball) عام 2002.

وانتقلت الممثلة التي اشتهرت بأدوارها في الأفلام الجماهيرية ذات الموازنات الكبيرة على غرار "إكس-من" (X-Men) و"كات وومان" (Catwoman)، إلى الإخراج عام 2020 بفيلمها الأول "بروزد" (Bruised).

أما المخرج هونغ سانغ سو، فسبق أن أُدرجت أربعة من أفلامه في مسابقة مهرجان كان، بما في ذلك "وومان إز ذا فيوتشر أوف مان" (Woman Is the Future of Man) عام 2004 و"ذا داي آفتر" (The Day After) عام 2017.

وتُعدّ الروائية ليلى سليماني التي تحقق كتبها مبيعات عالية، العضوة الوحيدة في لجنة التحكيم والتي لا ترتبط بشكل مباشر بالفن السابع، رغم أن فيلما سينمائيا اقتُبِس من روايتها "شانسون دوس" (Chanson douce) الفائزة بجائزة غونكور العريقة في فرنسا عام 2016.

وترأست لجنة التحكيم في العام الماضي مخرجة فيلم "باربي" (Barbie) الأميركية غريتا غيرويغ، وضمت اللجنة الممثل الفرنسي عمر سي والمخرج الياباني هيروكازو كوريدا.

بالإضافة إلى جائزة السعفة الذهبية والجوائز المقدمة في الأقسام الرسمية الأخرى مثل "نظرة ما" و"الكاميرا الذهبية"، سيكرم مهرجان كان السينمائي هذه السنة مجددا أسماء كبيرة في الفن السابع.

إعلان

وستحصل الممثلة والمنتجة نيكول كيدمان لفيلمي "آيز وايد شات" (Eyes Wide Shut) و"دوغفيل" (Dogville) وسواهما، على جائزة "ويمان إن موشن" (Women in Motion) المخصصة لشخصيات "تُعزز مكانة المرأة في السينما والمجتمع"، وفقما أعلن المنظمون أمس الاثنين.

ولاحظ المفوض العام للمهرجان تييري فريمو في بيان أن كيدمان "جسّدت دورا بعد دور، نساء يتحررن من قيودهن".

وفي مطلع أبريل/نيسان الجاري، أعلن مهرجان كان منح الممثل الأميركي الكبير روبرت دي نيرو سعفة ذهبية فخرية خلال مراسم افتتاح دورته الـ78.

مقالات مشابهة

  • شراكة استراتيجية للارتقاء بالعمل الأسري في الشارقة
  • “أبوظبي للتراث” تثري أمسيات معرض الكتاب بمشاركات نوعية
  • شكوكو.. الفنان ذو القبعة والجلباب الذي حظي باحترام الكتاب والمثقفين
  • ماذا بعد معرض الكتاب؟!
  • مدير معرض أبو ظبي لصدى البلد: مصر شريك ثقافي دائم.. ولا نخشى التكنولوجيا بل نطوعها لخدمة الكتاب
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • معرض الكتاب العربي العاشر في صور.. ثقافة تقاوم الدمار الإسرائيلي
  • ليلي ألين تعتذرعن معاملتها القاسية لكيتي بيري بسبب رحلة بلو أوريجين
  • مهرجان كان 2025.. لجنة تحكيم بنكهة عالمية بقيادة جولييت بينوش وهالي بيري
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية