التحديات تفرض على حكومات المستقبل تعزيز العمل المشترك دبي ترسخ مكانتها مركزاً عالمياً في ابتكارات الذكاء الاصطناعي الخيار المفضل للمستثمرين المحليين والدوليين والأجيال الشابة مشاريع تحولية لرفع اقتصاد دبي إلى 32 تريليون درهم في10 أعوام 7.3 مليار درهم حققتها الشركات الناشئة في دبي خلال 2023 54 % مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي قيمة المبيعات العقارية بمناطق دبي 412 مليار درهم عام 2023

دبي : الخليج

أكد مطر الطاير، المفوض العام لمسار البنية التحتية والتخطيط العمراني وجودة الحياة، المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، أن التحديات المتزايدة المصاحبة للنمو العالمي السريع، تفرض على حكومات المستقبل التركيز على تطوير المدن لتحسين جودة الحياة في مختلف المجالات، وإعداد التشريعات اللازمة للتحول إلى مدن المستقبل، ودعم وتبني التطورات التقنية، والاستشراف الاقتصادي لبناء اقتصادات قادرة على الصمود في وجه الأزمات، إلى جانب بناء الكفاءات والاستثمار في تطوير القدرات الجديدة، في مجالات التخطيط المتكامل، والمناخ، والابتكار والبحث والتطوير، والبيانات الضخمة والتقنيات الحديثة، إضافة إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك على مستوى الحكومات والشركات والأفراد لمواجهة التحديات السكانية والبيئية.

جاء ذلك في الكلمة الرئيسية التي ألقاها في القمة العالمية للحكومات 2024، بعنوان: (التخطيط العمراني ومدن المستقبل)، بحضور عدد من كبار المسؤولين ورؤساء الهيئات والمؤسسات.

التكيّف مع المتغيرات

وقال: دبي بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هي نموذج للمدينة القادرة على التكيّف والصمود في وجه المتغيرات والتحديات، وذلك من خلال وضع استراتيجيات تحوّلية برؤية متجددة للتنمية أسهمت في المحافظة على تنافسيتها العالمية، حيث أطلق سموه خطة دبي الحضرية 2040، التي تهدف إلى تحقيق تنمية عمرانية واقتصادية مستدامة من خلال التنمية والاستثمار في خمسة مراكز حضرية، كما اعتمد أجندة دبي الاقتصادية D33، التي تتضمن إطلاق مبادرات ومشاريع تحوّلية تهدف إلى مضاعفة حجم اقتصاد دبي ورفعه إلى 32 تريليون درهم خلال 10 أعوام، مشيراً إلى أن دبي نجحت في تعزيز التنوع الاقتصادي والتحول إلى اقتصاد قائم على الخدمات، حيث تبلغ مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي 54%، في حين أسهم قطاع التجارة بنحو 25% من الناتج المحلي خلال عام 2022، كما سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً سنوياً بمتوسط يتراوح بين 3.5% إلى 5%، خلال السنوات العشر الماضية.

طموحات دبي

وأضاف مطر الطاير: المدن التي تطمح لتعزيز مكانتها بين المدن العالمية يجب أن تقوم بأربعة أمور رئيسية هي: تبني تعريف أكثر شمولية للنجاح الاقتصادي يتضمن مفاهيم الرفاهية الاجتماعية، والسعادة، وجودة حياة السكان، وكذلك تعزيز قدرتها على الصمود والتعافي خلال الأزمات المالية، وإعطاء الأولوية للاستدامة والسعادة والرفاهية للسكان، ومعالجة التحديات السكانية والبيئية، مؤكداً أن طموحات دبي لا حدود لها في مجال تبني التقنيات والذكاء الاصطناعي، وترسيخ مكانتها باعتبارها مركزاً عالمياً لابتكارات الذكاء الاصطناعي، وقد حققت الإمارة خطوات كبيرة في هذا المجال. فعلى سبيل المثال استقطبت دبي نحو 49 ألف شركة جديدة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023 بنسبة نمو 43% مقارنة مع 2022، كما بلغ عدد الشركات التقنية الناشئة في الإمارة نحو 300 شركة، وجمعت هذه الشركات أكثر من 7.3 مليار درهم (ملياري دولار أمريكي) في عام 2023؛ أي أكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق له، وكذلك تهدف الإمارة إلى إصدار قرابة 40 ألف تصريح للوظائف الافتراضية حتى عام 2030.

وأضاف أن على الحكومات دوراً كبيراً في التحول نحو المدن الذكية من خلال إعداد سياسات وتشريعات مرنة تدعم التحول نحو المدن الذكية وتشجع الاستثمار فيها، والدخول في شراكات فعالة مع مراكز البحث والتطوير والشركات التقنية ودعم البحوث والابتكارات، ورعاية التحول نحو الاقتصادات المرنة القادرة على التكيف مع التحديات المستقبلية، إضافة إلى ترسيخ التكامل والتعاون ما بين جميع القطاعات الخدمية، مشيراً إلى أن دبي قامت بإطلاق عدة مبادرات لدعم مسيرة التحول لمدينة ذكية شاملة، منها مبادرة دبي للبيانات، وخارطة طريق الذكاء الاصطناعي في دبي، واستراتيجية دبي للبلوك تشين (Blockchain).

وتحدث مطر الطاير عن قطاع الخدمات اللوجستية ودوره في دعم اقتصاد دبي، حيث أوضح أن حجم قطاع النقل التجاري البري في دبي يبلغ 8.4 مليار درهم، ويتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030.

البنية التحتية الذكية

وأشار مطر الطاير إلى أن البنية التحتية الذكية تعد عنصراً رئيسياً في تطوير مدن المستقبل نظراً لدورها الحيوي في تطوير مناطق عمرانية أكثر أمناً وصحة وقابلية للعيش، وأنه في هذا الصدد استثمرت حكومة دبي في تطوير البنية التحتية، وركزت على الأنظمة الذكية، وأسهمت هذه الاستثمارات في تحقيق وفورات اقتصادية وتحسن في الكفاءة التشغيلية لشبكة الطرق ومنظومة المواصلات المختلفة، حيث بلغ إجمالي القيمة التراكمية للتوفير في الوقت والوقود للحركة على شبكة الطرق 290 مليار درهم خلال الفترة من 2006 حتى يناير 2024، مقابل 140 مليار درهم أنفقتها الحكومة في تطوير شبكة الطرق ومنظومة النقل الجماعي خلال نفس الفترة، ونجح مترو دبي في تحقيق نقطة التعادل بين المنافع والتكاليف عام 2016، بعد سبع سنوات من تشغيله، ويُتوقع أن تصل الفوائد عام 2030 إلى (4) دراهم مقابل كل درهم من التكاليف، مؤكداً حرص حكومة دبي على الاستثمار في تطوير البنية التحتية لشبكات الطرق والمواصلات العامة لتعزيز الريادة العالمية لدبي في مجال التنقل، حيث أطلقت مؤخراً، مشروع الخط الأزرق لمترو دبي، الذي يبلغ طوله 30 كيلومتراً، ويضم 14 محطة، وسيخدم مليون نسمة في 2040، ويسهم في تقليل الازدحام المروري على بعض المحاور بنسبة 20%.

التخطيط العمراني

وتطرق مطر الطاير، في كلمته، إلى دور التخطيط العمراني والبنية التحتية الذكية في دعم مدن المستقبل، وقال: إن سياسات استخدامات الأراضي، وتحديداً سياسات التطوير العمراني متعدد الاستخدامات، تعد عاملاً مؤثراً في تشكيل مجتمعات ديناميكية تتسم بالشمولية، وتسهم في تعظيم الاستفادة من المساحات المتوفرة لرفع إنتاجية وكفاءة القوى العاملة، وتحسين جودة الحياة، من خلال سهولة وسرعة الوصول للخدمات المختلفة، فعلى سبيل المثال، نجاح التخطيط الحضري في سنغافورة يتمثل في الاستخدام الفعّال للأراضي والبنية التحتية المستدامة، في المقابل، تعد مدينة برشلونة نموذجاً في دقة التخطيط العمراني الذي يعطي الأولوية في توفير مساحات كافية للمشاة.

المدن التخصصية

وقال: تعد المدن التخصصية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، مثل مدينة دبي للإنترنت، ومدينة دبي للإعلام ومدينة دبي الصناعية، ومدينة دبي الطبية، من الممارسات المتميزة في التخطيط الحضري التي استطاعت دبي من خلالها استقطاب نحو 7000 شركة عالمية، وأسهمت في تعزيز التنمية الشاملة والنمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن إطلاق خطة دبي الحضرية 2040 جاء ليعزز استدامة النتائج الاقتصادية التي حققتها الإمارة، حيث شملت الخطة تخصيص 168 كيلومتراً مربعاً للأنشطة الاقتصادية والصناعية، وزيادة المساحة المخصصة للمنشآت التعليمية والصحية بنسبة 25%، وزيادة المساحة المخصصة للضيافة (الفنادق) والأنشطة السياحية بنسبة 134%.

القطاع العقاري

وأوضح مطر الطاير أن نجاح قطاع العقارات في المدن يعد من ملامح فاعلية التخطيط الحضري، وفي دبي، حقق القطاع العقاري نجاحاً كبيراً، واحتل مركزاً متقدماً بين الأسواق العالمية الرائدة، وأصبحت الإمارة من الخيارات المفضلة للمستثمرين المحليين والدوليين، وسجل القطاع العقاري نمواً سنوياً مستمراً بعد جائحة كورونا، وبلغت قيمة المبيعات العقارية في جميع مناطق دبي 412 مليار درهم في عام 2023، بنسبة زيادة 55% مقارنة بعام 2022، فيما سجل عدد التصرفات العقارية، نمواً بنسبة 36% مقارنة بعام 2022، مشيراً إلى أن نجاح القطاع العقاري، يرجع لعدة أسباب أهمها الشفافية والمصداقية، وسهولة الاستثمار وحركة رؤوس المال، إلى جانب توفير الخدمات المتميزة للمستثمرين، وكذلك المستويات العالية للأمن والسلامة في الدولة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات مطر الطاير الإمارات التخطیط العمرانی البنیة التحتیة القطاع العقاری الناتج المحلی ملیار درهم مطر الطایر فی تطویر من خلال فی دبی إلى أن

إقرأ أيضاً:

20 فبراير خلال 9 أعوام.. 18شهيدًا وجريحاً وتدمير للبنى التحتية في جرائم للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن

يمانيون../
تعمد العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يومَ العشرين من فبراير خلال الأعوام: 2016م، و2017 م، و2018م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، بغاراتِه الوحشية، على المنازل والممتلكات والمحلات التجارية، والطرقات العامة والسيارات والشاحنات، وشبكة اتصالات، في محافظات، تعز، وصعدة، ومأرب، وحجة، وعمران.

أسفرت عن 9 شهداء، و9 جرحى، بينهم نساء وأطفال، وتهجير عشرات الأسر من منازلها، وترويع الآمنين، وقطع الطرقات، وتوقف حركة التنقل، وعرقلة اسعاف المرضى، والجرحى، واستهداف معايش المواطنين، وحرمانهم من خدمة الاتصال والتواصل، وتشديد الحصار، ومضاعفة المعاناة، في ظل صمت أممي ودولي، يشكل وصمة عار في جبين التاريخ.

وفيما يلي أبرز التفاصيل:

20 فبراير 2016.. 5 جرحى وتدمير 7 منازل وعدداً من محلات وممتلكات المواطنين بغارات العدوان على صرواح مأرب:

في العشرين من فبراير 2016م، استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي، مديرية صرواح محافظة مأرب بعدداً من الغارات الهستيرية، أسفرت عن، 5 جرحى،و تدمير 7 منازل وعدداً من محلات وممتلكات المواطنين، في جريمة حرب تضاف ، في جريمة حرب تضاف إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني.

مشاهد الدماء، والدمار والخراب، ورعب الأطفال والنساء، ونزوح عشرات الأسر من ماويها، وفقدانها للأمن والأمن ومضاعفة المعاناة، خطوة على درب مشوار التشرد والحرمان، والغارات التي استهدفت 7 منازل لم تترك حجراً على حجر، بل تركت عشرات الأسر تبحث عن ظلٍّ يُغطي رؤوس أطفالها.

“لم نخرج بأكثر من ثيابنا التي على ظهورنا”، بهذه الكلمات تصف “إحدى النساء” لحظة هروبها مع أطفالها الستة من تحت الأنقاض. العائلات النازحة لم تجد مأوى سوى كهوف الجبال أو خيامٍ مُستعارة من أقاربهم، الأمر الأقسى هو فقدانهم لمصادر رزقهم؛ فمحل بيع المواد الغذائية، الذي كان يعيل 10 أطفالٍ يتيمين صار رماداً، ومخبز المدينة الوحيد تحوّل إلى حفرةٍ سوداء. تقول منظمة “مراقبة حقوق الإنسان”: *”80% من النازحين فقدوا مصدر دخلهم الوحيد… العدوان لا يقتل الأجساد فقط، بل يقتل أحلام الفقراء”*.

القانون الدولي تحت أنقاض صرواح

بحسب القانون الإنساني الدولي، خصوصاً المادة (25) من اتفاقية لاهاي 1907، يُحظّر تدمير الممتلكات الخاصة إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى، الخبير القانوني “عبد الوهاب الخيل ” يوضح: *”استهداف منازل مدنية ومحلات تجارية دون وجود هدف عسكري هو جريمة حرب، لكن من يحاكم قوةً عظمى؟”*. الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة أدرجت صرواح ، مدينة منكوبة ، في تقريرها السنوي (A/HRC/42/CRP.3)، لكن دون أي خطوات عملية لمحاسبة مجرمي الحرب.

بين الأنقاض، يحاول الأطفال استعادة طفولتهم المسلوبة، الطفلة “مرام” (9 سنوات) تبنيت بيتاً من صفائح معدنية محترقة، وتقول: *”هذا غرفتي الجديدة، لكنني أخاف إذا عاد الطيران”*. الصدمات النفسية ظهرت بوضوح في رسومات تلاميذ مدرسة صرواح؛ فمعظمها يحوي طائراتٍ سوداء ترمي نيراناً على بيوتٍ بلا أبواب، الأخصائية النفسية تقول: *”أطفال صرواح يعانون من قلقٍ مزمن… البعض يبلل فراشه عند سماع أي صوت مرتفع”*.

السياسة الدولية: صمتٌ يُغذّي الإبادة

هذه الجريمة لم يكن حدثاً معزولاً، بل حلقةً في حربٍ دمّرت اليمن منذ 2015م، بدعمٍ غربي مباشر، المحلل السياسي “علي الديليمي ” يرى أن: *”صرواح رسالةٌ لإجبار المدنيين على النزح، تعرضت لألاف الغارات على منطقة محدودة ، وأحدثت تغيير ديموغرافية للمنطقة استراتيجية مُتعمّدة”*، ورغم مرور 9 أعوام، لم تُقدّم أي جهةٍ دولية مساعداتٍ لإعادة إعمار صرواح ، بل تُواصل دولٌ كبرى توريد أسلحة للتحالف، مُحوّلةً المدنيين إلى وقودٍ لحربٍ لا تُبقي ولا تَذر.

صرواح تُنادي… فهل من مُجيب؟

ما حدث في صرواح ليس مجرد تدميرٍ لمنازل، بل إبادةٌ لنسيجٍ اجتماعي كامل، اليوم، بينما تجلس أم ياسر على أنقاض بيتها، تُحاول جمع بقايا صور أطفالها من تحت الركام. تقول: *”أبحث عن وجه ابنتي في هذه القطعة… ربما تذكرني أنها استشهدت لأن العالم نامَ طويلاً”*. العدوان يسكت الأصوات، بأمواله ، ونفطه، وهيمنته، في المحافل الدولية، ويشتري كل القرارات، ويدفن كل القوانين ، والمعاهدات الإنسانية، لكن ذاكرة الأجيال التي نزحت من مأويها ستظلّ تُنادي: كفى!

20 فبراير 2016.. طيران العدوان يقصف شبكة الاتصالات بعمران:

وفي جريمة حرب أخرى، لغارات العدوان السعودي الأمريكي، يوم العشرين من فبراير عام 2016م، استهدفت شبكة الاتصالات بمديرية السواد محافظة عمران، أسفرت عن تدميرها بالكامل، وحرمان عشرات العزل والمناطق المجاورة من حق الاتصال والتواصل، وعزلهم عن العالم الخارجي، ومفاقمة المعاناة، والقلق وتأخر الحوالات المالية ، وصعوبة الحياة وتفقد الأهالي.

يقول أحد الأهالي ” ما كان باقي معنا في هذه المنطقة غير الاتصالات استهدفها طيران العدوان، اذا اشتي اتفقد عيالي في صنعاء، ارسل لهم رسالة مكتوبة على ورق، آل سعود دمروا كل شيء له قيمة، مصنع الأسمنت والطرقات والجسور، والمنازل، والأسواق، وقتلوا النساء، والأطفال، والكبار والصغار، حقدهم على اليمن لا يمكن وصفة، هؤلاء ليسوا مسلمين، وادعوا شعبنا اليمن إلى النفير العام، ورفد الجبهات”.

تدمير البنى التحتية والمنشآت الخدمية جريمة حرب، وانتهاك لكل القوانين والمواثيق الدولية، تتطلب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سرعة وقف العدوان ورفع الحصار، وإعادة الاعمار، ومحاسبة قيادات دول العدوان على جرائهم، وتقديمهم للمحاكمة.

20 فبراير 2017.. شهيدان في جريمة حرب لغارات العدوان على سيارتين تقلا مسافرين ومواد غذائية على الطريق العام بصعدة:

أما في العام 2017م، ومن اليوم ذاته، سجل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب جديدة، مستهدفاً بغاراته الوحشية، سيارتين على الطريق العام بمديرية باقم، محافظة صعدة، أسفرت عن شهيدين وقطع الطريق الرابط بين عدد من المناطق وخروجها عن الخدمة، واحتراق السيارتين وما عليها من المواد الغذائية.

لم تكن السيارتين، تحملان مسافرين فحسب، بل كانتا شريانَ حياةٍ لنحو 20 قريةً معزولةً في صعدة، الأولى تقلُّ كيسين من القمح المُتبرَّع به لمدرسة أيتام، والثانية تحمل أحد المواطنين عائدَ من السوق بعلبة أدوية لابنته المُصابة بالربو، في اللحظة التي التقط فيها سائق السيارة الثانية سيجارته الأخيرة، اخترقت طائرات العدوان السعودي الأمريكي، صمتَ الجبال، والقت غاراتها التي حوَّلَت السيارتين إلى كرات نارٍ تلفظُ أشلاءً بشريةً بين حبوب القمح المحترقة، والمواد الغذائية المتنوعة، يقول أحد الناجين: *”رأيتُ الغارة مباشرة على السيارة، وانا أعمل في الحقل المجاور، فهرعت لإسعاف السائق ، وما أن اقتربت شممتُ رائحة الجسد المحترق”*.

حصارٌ فوق الجرح

لم تكن الجريمةُ مقتصرةً على سلب الأرواح، بل امتدت إلى سرقة الأمل، الطريقُ الرابطُ بين قرى مديرية باقم صار حطاما مُلوّثاً بزيت المحركات والدماء، مما عزل آلاف المدنيين عن المستشفيات والأسواق، “أم محمد”، التي كانت تنتظر وصول الأدوية لابنها المريض بالسرطان، تقول بصوتٍ مكسور: *”مات ابني لأن الطريق صار جحيماً… العدوان قتلَه مرتين”*. أما المواد الغذائية المحترقة، فقد حولت أزمة الفقر إلى مجاعةٍ مفتوحة، حيث يعتمد 80% من السكان على المساعدات العابرة لهذا الطريق.

بحسب مراقبين حقوقيين، الجريمة تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، خاصةً المادة (3) المشتركة في اتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المدنيين أو تدمير المواد الغذائية، القاضي عبد الوهاب الخيل “” يوضح: *”حرقُ قوافل الإغاثة جريمة حرب مكتملة الأركان… لكن الأرشيف العالمي يصمُتُ حين يكون الضحايا يمنيين”*. رغم إدراج الجريمة في تقارير الأمم المتحدة (وثيقة A/HRC/39/43)، إلا أن الضحايا ما زالوا ينتظرون تحقيقاً دولياً يُعيد كتابةَ العدالة.

يقول أحد الأهالي: “نحن في هذه المنطقة لا تتوفر لدينا أي خدمات صحية، ولا مياه، كان باقي معنا الطريق الرملية، دمروها، ومن معه اليوم مريض، او جريح، يعجز عن اسعافه، ويخاف أن ينقله على وسائل المواصلات، ممكن نتعرض للغارات، هذا عدوان أمريكي إسرائيلي سعودي، كانوا هؤلاء الشهداء مسافرين على سيارتهم ، يقصدوا الله بعد معايشهم، جمعناهم لحم، أشلاء، أنا لله وأنا إليه راجعون “.

أطفالٌ يلعَبون بين الشظايا.. ذاكرة العدوان لا تموت

بعد سبع سنوات، ما زال أهالي باقم يحفرون في ذاكرتهم عن تفاصيل اليوم الأسود، الطفل “مهدي”، الذي كان يبلغ 10 أعوام وقتها، يُظهر مكاناً محترقاً في ساقه: *”هذه ندبة لجرح بشظية غارة على منزلنا قبل النزوح، أبي كان يقول: الجوع قاتل، لكن غارات العدوان أسرع بالفتك “، أما الطريق المُدمَّر، فصار “مَعلَماً” للموت؛ فكلما حاول الأهالي إصلاحه، تعرّض لقصفٍ جديد، وكأن الحربَ تُصرُّ على أن تدفنهم أحياءً في جبالهم.

في التقويم العالمي، يُختزل فبراير/شباط بـ “الحب”، أما في صعدة، فهو شهرُ المذابح المتكررة، جريمة باقم لم تكن الأخيرة، بل حلقةٌ في مسلسل إفلاتٍ من العقاب، اليوم، بينما يُعيد الناجون بناءَ منازلهم الطينية، ويبقى العدوان والحصار يطل عليهم من الأفق، وكأنها تذكرهم: *”استهدافكم باقاً على طاولة المفاوضات، وإبادتكم أيها اليمانيون، موسمٌ مفتوح ، وان تعلق بعض الأعوام”*.

20 فبراير 2017..6شهداء وجرحى في جريمة حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على منزل مواطن بحجة:

في فجر يومٍ كئيب من أيام فبراير عام 2017م، استيقظت منطقة الشعاب بمديرية حرض في محافظة حجة على صوتٍ مدوٍّ هزّ أرجاء المكان، صوتٌ لم يكن سوى صدىً لقصفٍ غادرٍ شنّه طيران العدوان السعودي الأمريكي على منزل المواطن علي أحمد ذيب.

لم يكن المنزل سوى مأوىً بسيطًا لعائلةٍ يمنيةٍ كادحة، تحاول جاهدةً أن تعيش بسلامٍ وأمانٍ في ظلّ ظروفٍ قاسيةٍ فرضتها الحرب، ولكن، يبدو أن السلام كان حلمًا بعيد المنال في ذلك اليوم المشؤوم.

تحوّل المنزل في لحظاتٍ إلى ركامٍ متناثر، وتناثرت معه أحلامٌ وطموحاتٌ بريئة، تحت الأنقاض، وُجدت جثتا شهيدين، ارتقت روحهما إلى بارئها، وأربعة جرحى يئنون من شدة الألم.

كانت المشاهد مروعةً ومفجعة، فالأطفال يبكون بحرقة، والنساء يصرخنَ بألمٍ، والرجال يحاولون جاهدين إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وسط هذا المشهد المأساوي، كانت هناك قصصٌ إنسانيةٌ مؤلمةٌ، قصصٌ عن أناسٍ فقدوا أحباءهم، وعن عائلاتٍ تمزقت، وعن أحلامٍ تبخرت.

يقول أحد المسعفين: “هذه جثة مواطن معه ماطور ، ومزرعة، وغنم ، ماله علاقة بالحرب، من بيته إلى مزرعته، عمره عشرين سنه، فقد حياته، وجه ما عاد له ملامح، جمعناه أشلاء، نطالب العالم ومجلس الأمن وكل أحرار العالم أن ينظروا إلى هذه الجرائم، التي لا ترضى ، الله ولا رسولة ولا ضمير العام ، خسر حياته واغنامه ومزرعته كل شيء تدمر ، وهذه أمه شهيده، وباقي الأسرة أطفال وزوجته كلهم جرحى”

كانت قصة علي أحمد ذيب وعائلته مجرد مثالٍ واحدٍ على مئات الجرائم المماثلة التي حدثت في اليمن خلال سنوات العدوان التسع، قصصٌ عن معاناةٍ لا تنتهي، وعن ألمٍ لا يزول، وعن أملٍ يتلاشى يومًا بعد يوم.

لقد كانت هذه الجريمة بمثابة صرخةٍ مدويةٍ في وجه العالم، صرخةٌ تطالب بوقف العدوان، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، وتحقيق السلام العادل والشامل، صرخة تدعو العالم لمحاسبة مجرمي الحرب.

20 فبراير 2018..5 شهداء في جريمة إبادة جماعية بقصف سعودي أمريكي شاحنة مواطن بتعز:

كان الصباح الباكر ليوم 20 فبراير من العام 2018م، في مديرية مقبنة يحمل ذلك الهدوءَ الذي يسبق عاصفةً لا تُنبئُ بها السماء، أبو أحمد، سائق الشاحنة الخمسيني، يُعدّ حبال التثبيت حول الأحجار التي كان يحملها، على شاحنته التي هي “شريان الحياة” الوحيد لأطفاله ، وسكان القرية، قبيل خروج الشمس، كان متحركاً مع بعض أطفاله، وعمال ،

انطلقت الشاحنة ببطء، تحمل بين ثناياها أحلام عائلةٍ كاملة، وأُجَرَ أسر يعمل معيليها ، عمال ، فجأةً، اخترق صفيرٌ جهنميٌّ السكون، تلاه دويٌّ يُزلزل الجبال. من بعيد، شاهَدَ الأطفالُ كرةَ نارٍ تبتلع الشاحنة، وتنثر جثثاً مُشوّهة كدمى محترقة.،”أمي! أبي!” صرخ عبدالله (12 عاماً) وهو يجري نحو الحطام، قبل أن تسحبه جدته التي رأت أشلاء أبيه متناثرةً بين أشجار السدر والطلح على قارعة الطريق.

لم تكن جثث الضحايا الخمسة سوى فصولٍ من مأساةٍ طويلة، في منزل آل أحمد، صارت الزوجة الخمسينية تُنادي باسم زوجها بينما تحضن قميصه المُلوّث بدماءٍ متجمّدة، في الزاوية، رضيع يبكي دون أن تعرف أمه أنّ اللبن قد جفّ في ثدييها من الصدمة، خارجاً، تحوّلت ساحة القرية إلى محرقةٍ مفتوحة؛ جثةٌ مُفحّمة ملتصقة بمقعد الشاحنة، ويدٌ صغيرة ممسكة بدميةٍ بلا رأس.

يقول أحد شهود العيان: “هذا مواطن سواق بابور يحمل حجار، استشهدوا 5 مواطنين أبرياء، يحملوا حجار، ما ذنبهم؟ يقتلون المواطنين، وشردوا بالشعب، في أي مكان يتواجد،

بحلول الظهر، اجتمع أهل القرى المجاورة، يحملون نعوشاً من خشبٍ رخيص، لم تُبقِ النيرانُ من الجثث إلا ما يُملأ كفّاً، نساءٌ يلطمنَ وجوهَهنّ بينما تُطلِقُ إحداهنّ زغرودةً وداعيّةً غريبة، كأنها تودّع زمنَ السلام. الشاب حسن، ابن الشهيد الثالث، يقسم بين الجموع: “سأزرع في قلب الأجيال حب الجهاد في سبيل الله، ليتحرك الرجال كبار وصغار لرفد الجبهات والذود عن الوطن، يجب على الشعب اليمني التحرك الفوري لتصدي للغزاة والمحتلين، من سيدفع عنا شر الطيران سوى النفير العام ، وعلى العالم ان يتذكر هذه المحرقة ، سيتذكر الأهالي والأجيال أن هذه المنطقة قدمت قربان إلى الله ، وأن العدوان يشتهي أجساد اليمنيين.

اليوم، ما زال حطام الشاحنة يُشير إلى السماء كشاهدٍ أعمى، فيما تحوّل مكان الغارات إلى “مقبرةٍ عابرة” يزورها الأهالي كلّ فجر، أبو أحمد صار اسماً على لوحةٍ صدئة، لكنّ زوجته الثكلى توصي أطفالها بان يكبروا ويأخذا بثأر والدهم من الغزاة المحتلين، وان يكون حلمهم الالتحاق بالجيش اليمني، للدفاع عن شعبهم.

20 فبراير 2018..3 غارات لطيران العدوان السعودي الأمريكي تستهدف الطريق العام بساقين صعدة:

في صباح يومٍ العشرين من فبراير عام 2018م، استيقظت مديرية ساقين بمحافظة صعدة على وقع ثلاث غاراتٍ جويةٍ شنّها طيران العدوان السعودي، الأمريكي، استهدفت الطريق العام الذي يربط المديرية ببقية مناطق المحافظة.

لم يكن الطريق مجرد ممرٍّ للسيارات، بل كان شريان حياةٍ للمديرية، حيث كان يستخدم لنقل البضائع والمواد الغذائية والإمدادات الطبية، وكان يستخدمه السكان للتنقل بين القرى والمدن.

تسبّبت الغارات في تدمير أجزاءٍ كبيرةٍ من الطريق، مما أدى إلى قطع حركة المرور، وعزل المديرية عن العالم الخارجي، تخيّلوا معي، كيف سيكون حال قريةٍ تعتمد على هذا الطريق في الحصول على الغذاء والدواء؟ كيف سيكون حال مريضٍ يحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى؟ كيف سيكون حال طالبٍ يريد الذهاب إلى المدرسة؟

يقول أحد مالكي السيارات: “عرقلونا، والأهالي يعملون لإعادة ترميم جزء من الطريق، وتأخر المرضى، عن الإسعاف، وتوقفت الحياة، استهداف الطرقات، يمهد لخلق نقطة ضعف لقتل وإبادة المواطنين ، في هذا المكان ، حين تهدى سرعة سياراتهم ، ويكون ضربهم أسهل”.

تسبّبت هذه الغارات في معاناةٍ كبيرةٍ للسكان، فالمواد الغذائية بدأت تنفد، والإمدادات الطبية أصبحت شحيحة، والناس أصبحوا يعيشون في عزلةٍ تامة، فلم تكن هذه الغارات مجرد عملٍ عسكريٍّ، بل كانت جريمةً إنسانيةً، جريمةٌ استهدفت حياة المدنيين الأبرياء، وحرمتهم من أبسط حقوقهم في الحياة، فهي جريمة حرب مكتملة الأركان، وتعمد لقطع الطرقات والحرابة المعلنة.

مقالات مشابهة

  • طرق دبي ترسي عقد تطوير تقاطعات شارع القدرة بتكلفة 798 مليون درهم
  • محافظ الأقصر يتفقد مشروعات تطوير البنية التحتية بمركز القرنة
  • وزيرة التخطيط: حريصون على تطوير العلاقات مع البحرين في كل المجالات
  • طرق دبي تعلن تطوير تقاطعات على شارع القدرة بـ798 مليون درهم
  • بالفيديو | «طرق دبي» ترسي عقد مشروع تطوير تقاطعات على شارع القدرة بكلفة 798 مليون درهم
  • «طرق دبي» ترسي عقد مشروع تطوير تقاطعات على شارع القدرة بكلفة 798 مليون درهم
  • طارق الطاير يبحث التعاون البرلماني مع أذربيجان
  • «المشاط»: تطوير العنصر البشري وتنمية المهارات ضرورة لمواكبة المتغيرات
  • ربط المدن الجديدة بمنظومة المتغيرات المكانية لمكافحة التعديات على الأراضي الزراعية
  • 20 فبراير خلال 9 أعوام.. 18شهيدًا وجريحاً وتدمير للبنى التحتية في جرائم للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن