سواليف:
2025-04-23@09:30:57 GMT

من يمكنه إخلاء رفح؟ وإلى أين؟ خبراء عسكريون يجيبون

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

#سواليف

ما زالت التطورات العسكرية والإنسانية في #غزة تتسارع منذ 130 يوما من العدوان الإسرائيلي على القطاع، وقد تصل إلى مرحلة #الانفجار الكبير مع تهديدات #جيش_الاحتلال الإسرائيلي باجتياح #رفح (جنوبي القطاع).

فقد أعلنت أمس الاثنين كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) قتل 10 جنود إسرائيليين من المسافة صفر، وقالت سرايا القدس (الجناس العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) إنها نصبت كمينا لقوة إسرائيلية، وأوقعت أفرادها بين قتيل وجريح.

ومن جانبه أكد جيش الاحتلال -أمس الاثنين- إصابة 9 عسكريين في معارك بالقطاع، خلال 24 ساعة الماضية، وما زال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يردد أنه “مصر على ممارسة الضغط العسكري حتى تحقيق النصر” وإطلاق المحتجزين لدى حماس.

مقالات ذات صلة عبد الملك الحوثي: سنتجه للتصعيد في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة 2024/02/13

الجزيرة نت استطلعت آراء عدد من المحللين والخبراء لبيان الأهداف العسكرية والسياسية التي يسعى جيش الاحتلال لتحقيقها من اجتياحه مدينة رفح، ومدى نجاحه واقعيا في الوصول لهذه الأهداف.

أسباب اجتياح رفح

فقد قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا “إن منطقة رفح لها واقع مختلف نظرا للموقع الجغرافي أولا، والتركيبة البشرية ثانيا، والعقل الإسرائيلي ثالثا”.

وأضاف أن نتنياهو ربط عملية اجتياح رفح بنجاح العملية العسكرية عامة “فإذا سُمح له بذلك قد ينجح، وهنا يكون قد حقق هدفه الأساسي، وإذا لم يُسمح له فإنه سيلقي اللوم على من لم يسمح له بالذهاب إلى رفح”.

في حين قال حاتم الفلاحي الخبير العسكري والإستراتيجي بمركز الرافدين للدراسات الإستراتيجية (راسام) إن حكومة نتنياهو تحاول الذهاب إلى رفح لعدة أسباب:

إكمال السيطرة على معبر رفح وممر صلاح الدين، تلك المنطقة المهمة التي تؤدي السيطرة عليها إلى خنق حماس بالكامل.
سعي إسرائيل لإغلاق الباب تماما أمام ما تسميه “تزويد حماس بالأسلحة التي تستخدمها الآن في المقاومة” وهذا اتهام مباشر إلى مصر بأنها كانت تسمح بتهريب الأسلحة إلى الحركة.
إتمام عملية تهجير سكان قطاع غزة إلى الخارج، وهذا كان سببا أساسيا للحملة العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لم تتبق إلا منطقة رفح لتحقيق الهدفين اللذين أعلنتهما حكومة نتنياهو وهما: إطلاق الأسرى المحتجزين لدى حماس، والقضاء على قيادات الحركة.

أما الكاتب والمحلل السياسي ماجد إبراهيم فيرى أن الأسباب التي دفعت جيش الاحتلال للدخول إلى مدينة رفح تعود إلى أن “العدوان الصهيوني يريد استكمال ما بدأه شمال القطاع ووسطه، ويريد الآن استكماله جنوبا في مدينة رفح” التي يقول إن فيها 4 كتائب لحركة حماس ويريد أن يقضي عليها.

كما أوضح إبراهيم أن نتنياهو يريد تحقيق إنجاز عسكري يواجه به خصومه السياسيين المتربصين به، فضلا عن مطالبات عائلات الأسرى المتعاظمة، وتأكيده لها أن القوة العسكرية هي التي تمهد الطريق لإطلاق الأسرى وليس غيرها، وأيضا في ضوء رغبة الشارع المتعطشة للانتقام منذ أحداث طوفان الأقصى.

لكن العميد حنا يعود ويضع مجموعة من العقبات التي تقيد قدرة الجيش الإسرائيلي على اجتياح رفح، ومنها:

كثافة السكان المدنيين في هذه المنطقة التي تقدر بنحو 1.5 مليون نسمة.
نتنياهو أمر الجيش الإسرائيلي بوضع خطة عسكرية لإخلاء النازحين.

وهنا، يورد حنا عددا من التساؤلات التي لا يمكن تحقيقها واقعيا كما يقول:

من الذي سيخلي هذه الكثافة السكانية؟ هل الجيش نفسه؟ ويجيب بأن الجيش الإسرائيلي يعد عدوا للسكان غير الموالين له وبالتالي لا يمكنه إخلاء هذا العدد الكبير.
هل ستقوم بذلك “منظومة فتح” التي كانت تحكم غزة؟ ويجيب بأن هذا الأمر غير ممكن لأن موظفيها أيضا سيكونون أهدافا لإسرائيل.
هل هناك جهة دولية ستقوم بهذا؟ ويجيب: حتى الآن لم يتضح ذلك، لأن الأمر يتطلب وقتا وحوله تعقيدات كثيرة.
هل هناك منطقة ذات بنية تحتية جاهزة الآن لاستقبال هذه الكثافة السكانية؟ وهذا أيضا غير متوفر حاليا.

صفقة التبادل

أشار الفلاحي إلى أن الإعلان عن الحملة التي تستهدف منطقة رفح عينها على #صفقة_التبادل التي يجري التحضير لها الآن، فإذا تحققت الأهداف من هذا الاجتياح فلن يكون نتنياهو مضطرا لعقد هذه الصفقة، ولن تكون هناك مفاوضات من الأساس، أما إذا فشل في تحقيق هذه الأهداف فسيكون مضطرا لعقد صفقة مع حماس.

وأضاف أن جيش الاحتلال يقوم بعملية قصف جوي مباشر لمنطقة رفح من أجل تهيئة مسرح العمليات العسكرية في هذه المنطقة، وهذا يبين أن نتنياهو ليست لديه جدية في إبرام أي صفقة مع حماس خلال هذه الفترة.

وقال “أعتقد أن مؤشرات ما يجري الآن من تفاصيل صفقة تبادل الأسرى تشير إلى أن الدول الغربية لا تريد إعطاء أي شيء لقيادة حماس، فهي لا تريد وقف إطلاق النار بشكل كامل، بل تريد فقط هدنة مؤقتة”. ولذلك هم لا يعملون وفق مبدأ “الكل مقابل الكل” وإنما “يريدون أن تكون الصفقات حسب ما جرى في الفترة الماضية، أي كل واحد يُطلق من الأسرى لدى حماس يكون في المقابل ما يقارب 30 من المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال”.

ويرى الباحث في مركز راسام أن “هذه الصفقة لا تفي بالغرض بالنسبة لفصائل #المقاومة التي تحملت هذا التدمير الكبير وهذه الخسائر الكبيرة جدا، ومن أجل ذلك يتضح أنهم غير جادين في إبرام صفقة حقيقية مع حماس”.

لكن إبراهيم يرى أن العمليات في رفح “تأتي لمحاولة تحسين موقف نتنياهو التفاوضي، في ضوء مفاوضات تبادل الأسرى ووقف النار التي وصلت إلى مرحلة اتفاق باريس” وأيضا في ضوء رد حماس على هذه الوثيقة ومطالباتها التي تتعلق بالإغاثة والمساعدات وإطلاق المعتقلين الفلسطينيين.

وأشار أيضا إلى أن نتنياهو سيضطر في النهاية للتنازل بعد أن يفشل في مهمته برفح، و”سيضطر للتفاوض بجدية على صفقة وقف النار مع تزايد الضغوط الأميركية عليه مع الضغوط الداخلية والدولية، لا سيما أن استمراره في استهداف المدنيين سيزيد سخط العالم عليه”.

أما حنا فيقول “أنا أعتقد أن ما يجري الآن هو تهويل وعملية ضغط لإرغام المقاومة على تغيير مواقفها من التفاوض” وبالتالي ما يجري حاليا من قصف واستهداف “يعد عملية خاصة اعتبرتها إسرائيل تحريرا لاثنين من الرهائن، وتبقى عملية خاصة بسيطة ضمن موضوع معقد وكبير، وتحضيرا لعملية إطلاق الرهينتين، ولا أعتقد أنه كان تحضيرا للعملية الكبرى التي تحدث عنها نتنياهو”.

الموقف الأميركي

وعن الموقف الأميركي من التصعيد الإسرائيلي ضد مدينة رفح، قال إبراهيم إن واشنطن تريد من نتنياهو “إنجاز هذه المرحلة الأخيرة قبل شهر رمضان” ورغم أنها تكشف عن اعتراضات لما يقوم به جيش الاحتلال “لكنها تبقى غير نافذة ولا تتجاوز الإعلام وهدفها الاستهلاك الداخلي نتيجة لحسابات الرئيس الأميركي جو بايدن الداخلية” في حين أنه نفسه أعطى نتنياهو الضوء الأخضر لاجتياح كل القطاع.

وفي ما يتعلق بالموقف المصري، قال إبراهيم إنه “لا يزال كما هو يتمسك برفض التهجير ولكنه في الوقت نفسه للأسف لا ينجح في ممارسة ضغط حقيقي على الكيان الصهيوني لعدم اجتياح رفح وما قد يمثله ذلك -كما يقول البعض- من تهديد للأمن القومي المصري”.

وغير بعيد عن ذلك قال الفلاحي “إن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لهذه العملية العسكرية، على أن تكون هناك ضمانات في ما يتعلق بالمدنيين” ولا شك أن نتنياهو سيعطي هذه الضمانات للرئيس الأميركي “لأن واشنطن هي الداعم الرئيسي للحكومة الإسرائيلية وهي التي تمنع مجلس الأمن من إصدار أي قرار لوقف إطلاق النار طوال الفترة الماضية”.

ويختم الفلاحي “إذن، هي راضية على العملية العسكرية، وما يجري في المنطقة يتم بدعم أميركي كبير جدا وبدعم غربي، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا”.

لكن العميد حنا له تصور آخر، إذ يقول إنه “على المستوى الجيوسياسي فإن نتنياهو بحاجة إلى موافقة من الراعي، أي من الولايات المتحدة” ولذلك فإن موقفها “بدأ يتبدل نوعا ما من وقت إلى آخر خلال اليومين الماضيين” وجرى اتصال بين الرئيس ونتنياهو. ولا أعتقد أن بايدن أعطاه ذلك الضوء الأخضر، بل حذره من مغبة دخول رفح، ومن ثم فإنه إذا هاجم فسيكون أضر العلاقة مع أميركا.

وأشار أيضا إلى أن إسرائيل بحاجة إلى الموقف المصري نظرا للحدود المشتركة، ومنها حركة دخول وخروج المقاتلين أو السلاح أو حتى المساعدات الإغاثية، وهناك أيضا اتفاقية كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب وهي مهمة جدا لإسرائيل ويجب أن تحافظ عليها.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف غزة الانفجار جيش الاحتلال رفح صفقة التبادل المقاومة جیش الاحتلال أن نتنیاهو اجتیاح رفح مدینة رفح منطقة رفح أعتقد أن ما یجری إلى أن

إقرأ أيضاً:

طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط

أحسب أن حماس كانت تدرك أنها قامت في 7 أكتوبر ـ  تشرين الأول 2023 بعملية عسكرية غير مسبوقة، لكنها ربما لم تكن تملك تقديرا دقيقا لحجم وأثر عملية "طوفان الأقصى" ولعلها فوجئت بمفاعيلها على الأقل، الأمر الذي حملني على وصفها بـ " دوسة في بيت نمل". ولعل أفضل وسيلة لقياسها حجما وتأثيرا تكمن في مقارنتها بعمليات سابقة أدت إلى حروب شاملة.

سقط في اليوم الأول من العملية وفق الإحصاء الإسرائيلي 1200 قتيل و3400 جريح وأسر 251 إسرائيليا بين مدني وعسكري. بالمقابل تشير الأرقام الرسمية إلى أن إسرائيل خسرت في اجتياحها للبنان (1982 ـ 1985) 654 جنديا و3887 جريحا وفقدت أربعة جنود ووقع في الأسر 12 جنديا. وتفصح الأرقام المعلنة لحرب أكتوبر ـ تشرين الأول عام 1973 أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 2600 قتيل و136 أسيرا لدى مصر و28 أسيرا لدى سوريا. وأسفرت حرب حزيران ـ يونيو عام 1967 بين العرب وإسرائيل عن سقوط 983 قتيلا عسكريا و20 مدنيا و15 أسيرا. وسقط في حرب السويس عام 1956 حوالي 172 جنديا إسرائيليا وأسيرا واحدا. وفي الحرب الأكبر عام 1948 سقط 6373 جنديا ومدنيا.

"بيرل هاربر" فلسطيني

وإذا أردنا الذهاب إلى مكان أبعد في هذه المقارنة، نجد أن الضربة اليابانية الصاعقة في ميناء "بيرل هاربر"، القاعدة البحرية الأمريكية الواقعة في جزر هواي في 7 ديسمبر ـ كانون الأول عام 1941 والتي دفعت أمريكا للاشتراك في الحرب العالمية الثانية، قد أدت إلى سقوط 2403 جنود وجرح 1178 جنديا. هذه الخسائر لا تتجاوز خسائر إسرائيل بكثير على الرغم من الفوارق الهائلة بين إحجام الأطراف المعنية والمعدات العسكرية والمواقع الاستراتيجية.

تفيد هذه المقارنة بأن حجم العملية والخسائر التي خلفتها ما كان متوقعا وهو بمثابة إعلان حرب شاملة تستدرج بالضرورة حلفاء الطرفين وتتجاوز غزة ولبنان. فهل كانت حماس تراهن على إشعال حرب شاملة عبر استدراج محور الممانعة من دون تنسيق مسبق أم أن المحور لم يدرك هو أيضا أثر وحجم العملية التي وصلته النية الفلسطينية بوقوعها من دون تحديد ساعة الصفر؟

لقد انهارت في 7 أكتوبر ـ تشرين الأول أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في ساعات قليلة، أمام أعين المقاتلين الذين فوجئوا حقا بما أتت أيديهم. والواضح أنهم كانوا يحسبون انتصارا أقل في معارك أصعب وخسائر أكثر وردود فعل إسرائيلية أسرع.هذا السؤال ما زال بحاجة إلى إجابة لم تصدر بعد عن أي من أطراف "محور الممانعة". بانتظار الإجابة الرسمية من المعنيين، أرجح أن المحور فوجئ كما فوجئت حماس بنتائج العملية من دون أن يكون مستعدا للانخراط فيها انخراطا شاملا وتاما وليس عبر إسناد بصواريخ ومسيرات على أهميتها. نعم لقد كان "طوفان الأقصى" مؤثرا إلى الحد الذي يفوق كل تصور مسبق لدى جميع أطراف الحرب.

ستتضح أبعاد الصورة أكثر عندما ننظر إلى حجم القوى التي احتشدت أو أخذت تحتشد للاشتراك في هذه الحرب. فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 8 أكتوبر ـ تشرين الأول عن إرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد وهي الأحدث والأهم في العالم، إلى شرق المتوسط وتلتها حاملة الطائرات داويت أيزنهاور. وأرسلت من بعد إلى البحر الأحمر حاملة الطائرات هاري ترومان ومن ثم تلتها شقيقتها فينزون، وأرسلت جنبا إلى جنب حاملة طائرات مروحية وسفنا وغواصات وفرقاطات حربية.

استنفار 55 قاعدة عسكرية أمريكية

هذا الحشد العسكري الأمريكي كان قياسيا، ذلك أن واشنطن تحتفظ بـ 11 حاملة طائرات، أرسلت أقل من نصفها بقليل للرد على عملية "طوفان الأقصى" أضف إلى ذلك إرسال دعم لوجستي بشري في سياق استنفار القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، والبالغ عددها 55 قاعدة أكبرها قاعدة العيديد في قطر التي تضم 13 ألف جنديا.

وفي السياق أرسلت بريطانيا سفنا حربية ومشاة بحرية وطائرات استطلاع وقتال إلى شرق المتوسط ولم تبرح الطائرات البريطانية سماء غزة والمنطقة. من جهتها بادرت فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى تشكيل قوة بحرية لحماية السفن التجارية الأوروبية في البحر الأحمر وشاركت في إسقاط المسيرات الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل في 13 نيسان ـ أبريل عام 2024.

تعكس هذه الأرقام تقديرا أمريكيًا وأوروبيًا عاليا للخطر الداهم الذي يهدد الدولة العبرية وتصميما على حمايتها ورفع معنويات سكانها التي تراجعت إلى الحد الأقصى بعد هجوم أكتوبر، خصوصا بعد أن بدا الجيش الإسرائيلي في حالة ارتباك وعجز عن استعادة زمام المبادرة رغم مرور ساعات طويلة على بدء "الطوفان".

 إن ذهاب العملية إلى أبعد مما تتصوره أو تتوقعه حماس والمحور يمكن ملاحظته من خلال ردود فعل أطرافه، لكن قبل ذلك لا بد من ذكر بعض آثارها على الأرض. فقد وصل مقاتلو حماس إلى عمق 25 كلم في طوفانهم وتحديدا إلى مستوطنة أوفاكيم ، مروا بمستوطنات على بعد 10 كلم في سديروت و5 كلم في نتيفوت و5 كلم في مهرجان روعيم الذي انتشرت صور الهاربين منه على وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مروعة لم تشهد إسرائيل ما يشبهها في كل حروبها مع العرب، منذ تأسيس دولتها عام 1948 في فلسطين المحتلة.

مصرع التكنولوجيا الرقمية

لقد استفاد مقاتلو حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى من عنصر المفاجأة، ليحققوا إصابات قاتلة في صفوف الإسرائيليين أكثر بكثير مما كانوا يتوقعون. فقد سيطروا على مقر قيادة فرقة غزة (رعيم) بسهولة كبيرة، وخرقوا الجدران الإلكترونية والإسمنتية من دون صعوبات تذكر، واستخدموا الطائرات المسيرة في التشويش وتدمير أبراج المراقبة، والطائرات الشراعية (جيلدرز) لنقل مقاتلين إلى مواقع القتال بسرعة كبيرة، وشنت قواتهم البحرية هجمات ناجحة بواسطة قوارب مطاطية في قاعدة (زيكيم) البحرية,

بدأت هذه الهجمات المنسقة بإطلاقات صاروخية كثيفة، الساعة السادسة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي، واستمرت أياما طويلة حتى تمكنت إسرائيل من القضاء على الوحدات العسكرية المتسللة وذلك من دون أن تصاب حماس بخسائر كبيرة بحسب مصادرها. في حين أكدت إسرائيل والولايات المتحدة سقوط 1000 شهيد فلسطيني في داخل الأراضي الإسرائيلية.

إن وصول "طوفان الأقصى" إلى عمق 25 كلم يعني أن المقاتلين أصبحوا في منتصف الطريق بين غزة والضفة الغربية حيث تقدر المسافة بين 50 إلى 70 كلم وصاروا على بعد 200 كلم من الحدود اللبنانية، وتفيد المعلومات التي نشرتها إسرائيل حول المقاتلين الذين أسروا أو استشهدوا، أنهم كانوا يحتفظون بتموين وذخيرة تكفي أياما عديدة ما يعني أنهم كانوا يراهنون على طول العملية بانتظار تطورات لاحقة.

لقد نوقشت خلال الحرب إحدى الفرضيات التي تقول إن حماس كانت تنتظر تحركا من مقاتلي الضفة الغربية لإكمال الهجوم الوافد من غزة، والذي لو استمر كان يمكن أن يشكل جسرا قتاليا من غزة إلى الضفة الغربية، هذا الجسر كان يمكن أن يتسع ويكتسب أهمية عسكرية فائقة لو نفذ حزب الله هجوما مرغوبا باتجاه الجليل ومنه إلى حيفا. ويؤكد على صلاحية هذه الفرضية اللواء الإسرائيلي المتقاعد إسحق بن بريك الذي يرى بأن إسرائيل ما كان بوسعها القتال على جبهتين. وراجت توقعات أخرى في الدولة العبرية من أن الحزب كان بوسعه الوصول إلى حيفا من دون صعوبات كبيرة مستفيدا من عنصر المباغتة في اليوم الأول للعملية.

هجوم لم يأت من الضفة وآخر من الجليل

هل كان محور الممانعة يتحرك وفق خطة مرسومة سلفا على أن تبدأ بعملية "طوفان الأقصى" وتستكمل بهجوم حزب الله على الجليل وصولا إلى حيفا وإلى ما بعد وفق ما كان يردد الأمين العام الراحل للحزب السيد حسن نصر الله؟ أو على الأقل هل كانت حماس تتمنى أن يتحرك هذا السيناريو، وهل استدرجت المحور إلى هذا المكان؟ بعض الأنباء غير المؤكدة تفيد أن حماس أبلغت أطراف المحور في لقاء تم في بيروت في آب ـ أغسطس عام 2023 نيتها شن عملية عسكرية كبيرة ضد إسرائيل تسمح لها بتغيير قواعد الاشتباك، لكننا ما زلنا بحاجة إلى تأكيد رسمي لم يصدر بعد عن أطراف المحور حول هذا الجانب.

يذهب أصحاب منطق المؤامرة إلى مدى أبعد، إذ يرون أن اغتيال رئيسي أخلى الساحة لانتخاب رئيس جديد يريد المصالحة مع أمريكا حليفة وحامية إسرائيل في الشرق الأوسط. في كل الحالات لا نملك أدلة من شأنها تكذيب التقرير الإيراني الرسمي حول ظروف مقتل رئيسي، وفيه تأكيد قاطع بأن سقوط مروحية الرئيس الإيراني تم بسبب الظروف الجوية السيئة، أضف إلى ذلك أن إيران كانت تستعد للتفاوض مع الولايات المتحدة حول الملف النووي قبل العملية، ما يعني أنها ما كانت في وارد خوض حرب مع إسرائيل حليفة واشنطن الأهم في المنطقة قبل "طوفان الأقصى".وتفيد أنباء أخرى أن إيران كانت على علم بتفاصيل العملية، وقد انعكس ذلك في تصريح شهير للرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الذي وصف العملية بـ "زلزال" ستهتز له أركان إسرائيل. وينسب إلى رئيسي تصميمه على دعم المقاومة الفلسطينية في غزة ولبنان بكل الوسائل التي تتيح هزيمة إسرائيل، بل يتهم أصحاب نظرية المؤامرة إسرائيل باغتيال رئيسي بعد زيارته لأذربيجان بواسطة "بايجر" مفخخ ويربطون موقع الاغتيال بوجود مكتب ناشط للموساد في العاصمة الآذرية "باكو".

ويذهب أصحاب منطق المؤامرة إلى مدى أبعد، إذ يرون أن اغتيال رئيسي أخلى الساحة لانتخاب رئيس جديد يريد المصالحة مع أمريكا حليفة وحامية إسرائيل في الشرق الأوسط. في كل الحالات لا نملك أدلة من شأنها تكذيب التقرير الإيراني الرسمي حول ظروف مقتل رئيسي، وفيه تأكيد قاطع بأن سقوط مروحية الرئيس الإيراني تم بسبب الظروف الجوية السيئة، أضف إلى ذلك أن إيران كانت تستعد للتفاوض مع الولايات المتحدة حول الملف النووي قبل العملية، ما يعني أنها ما كانت في وارد خوض حرب مع إسرائيل حليفة واشنطن الأهم في المنطقة قبل "طوفان الأقصى".

كائنا ما كان حال ونوع التواصل بين أطراف محور الممانعة قبل هجوم السابع من أكتوبر فإن ردود الفعل الغربية والدولية على هذه العملية كانت كلها تنم عن خوف على الكيان الصهيوني، وعن شعور بالخطر على مصيره. بعبارة أخرى كانت الولايات المتحدة تعرف أن إسرائيل غير قادرة على خوض القتال على أكثر من جبهة وأنها تحتاج إلى حماية ومشاركة في الحرب، ودعم لوجستي متواصل ومفتوح. ولعل انتشار القوات الأمريكية في المنطقة بالطريقة التي أشرنا إليها للتو يفصح عن هذا الشعور بالخطر المصيري على الكيان الإسرائيلي.

لقد انهارت في 7 أكتوبر ـ تشرين الأول أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في ساعات قليلة، أمام أعين المقاتلين الذين فوجئوا حقا بما أتت أيديهم. والواضح أنهم كانوا يحسبون انتصارا أقل في معارك أصعب وخسائر أكثر وردود فعل إسرائيلية أسرع. ولعلهم ذهبوا بتوقعاتهم بعيدا في رهان متأخر، على أن يشترك معهم المحور بكافة أطرافه في معركة "زلزلت الكيان الصهيوني" على ما قال رئيس إيران الراحل. لكن التمني في لحظة نصر استثنائية لم يكن متناسبا مع حسابات حماس نفسها ومع حسابات المحور عموما. ذلك أن حربا تسعى إلى توجيه ضربة قاضية لإسرائيل ستؤدي بالضرورة إلى حرب مع الولايات المتحدة والغرب الذي دمر العراق وأفغانستان خلال شهور قليلة، ويمكنه بوسائله الحربية أن يدمر إيران وأن يتحمل مخاطر حرب إقليمية مفتوحة، أو حرب عالمية دفاعا ليس فقط عن إسرائيل وإنما أيضا عن جغرافية العالم السياسية التي رسمها ويتحكم بمساراتها.

طوفان الأهداف

ما من شك في أن حماس كانت تتمنى أو تتوقع ولربما عملت ما بوسعها لحمل أطراف المحور على الاشتراك في حرب طوفان الأقصى بكامل القدرات المتاحة، لكنها كانت تعتمد في المقام الأول على قدراتها الذاتية، وهذا ما لاحظناه من خلال شبكة الأنفاق السرية الضخمة لحماية بناها التحتية.

إذا ما استبعدنا خطة شاملة لخوض حرب مفتوحة ضد إسرائيل وحلفائها من خلال عملية "طوفان الأقصى" فإن تقديرنا لأهداف العملية يمكن حصره في الخطوط العريضة التالية:

1 ـ الحؤول دون تصفية القضية الفلسطينية عبر الخط الإبراهيمي أي التطبيع مجانا من دون تنازلات.

2 ـ تغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل على غرار القواعد التي كانت قد استقرت في لبنان قبل الطوفان. معلوم أن إسرائيل ما كانت قادرة قبل الطوفان على اقتلاع خيمتين نصبها الحزب في أرض حدودية متنازع عليها.

3 ـ فك الحصار المستمر على غزة منذ العام 2007 وإعادة إعمارها.

4 ـ تعظيم حضور حماس في المشهد السياسي الفلسطيني والإقليمي.

5 ـ استعراض قوة حماس والفصائل المقاتلة برا وبحرا وجوا وهي المرة الأولى التي يتمكن خلالها فصيل فلسطيني من تشكيل قوة بهذا القدر من التنوع في مساحة صغيرة لا تصل إلى 400 كلم مربع.
 
6 ـ تهميش السلطة الفلسطينية الرسمية التي اختارت التفاوض لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من أرض فلسطين بعد خسارتها الحرب وخروجها من لبنان عام 1982.

7 ـ ضرب أسطورة الجدران المعلوماتية والتكنولوجية الرقمية التي أحاطت بغزة وصورت على أنها غير قابلة للاختراق.

8 ـ استباق التطبيع السعودي الإسرائيلي والتهدئة اللبنانية الإسرائيلية.

9 ـ إخراج المسجد الأقصى من دائرة الاعتداء الدوري وإرساء معادلة جديدة لحمايته.

10 ـ طي صفحة الشعور الفلسطيني بالإحباط جراء الطرق المقفلة لحل القضية الفلسطينية وإظهار إسرائيل ك "بيت العنكبوت" وهو تعبير اشاعه السيد حسن نصرالله بعد انتصار العام 2000.

11 ـ إبرام صفقة لتحرير آلاف السجناء الفلسطينيين.

12 ـ اختبار فعالية حلف الساحات والممانعة.

13 ـ اختيار توقيت 7 أكتوبر لإحياء ذكرى الانتصار العربي في حرب أكتوبر ـ تشرين الأول عام 1973 التي وصفت بأنها آخر الحروب العربية.

14 ــ إعادة طرح القضية الفلسطينية على المجتمع الدولي وإخراجها من المسار الإبراهيمي أو على الأقل فتح مسار آخر أمامها يمنح الفلسطينيين حقوقا أكثر وأملا بمستقبل أفضل.

هل تحققت هذه الأهداف أو هل يمكن أن تتحقق وماذا عن نهاية الحرب؟ أسئلة سأجيب عنها في المقال التالي.  

*باحث في أكاديمية باريس للجيوبوليتيك

مقالات مشابهة

  • “يافا”.. التسمية التي أظهرت غيظ نتنياهو
  • الكابينت يبحث مستقبل العمليات العسكرية بغزة وتحديد مهلة أخيرة للمفاوضات
  • كيف تمزّق فيديوهات حماس للأسرى المجتمع الإسرائيلي وتزيد الضغط على دولة الاحتلال؟
  • خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه أهداف مصر من مناورتها الجوية مع الصين
  • إذاعة الجيش الإسرائيلي: مقتل قيادي بارز مرتبط بحماس والجماعة الإسلامية في الغارة التي استهدفت سيارة قرب الدامور جنوبي بيروت
  • لواء جولاني الإسرائيلي يفقد 114 من مقاتليه وضباطه منذ بدء الحرب
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط
  • خبراء: ما يجري بحق الأسرى الفلسطينيين من الاحتلال حرب انتقامية
  • عاجل:- جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لمناورة كبرى في غزة قد تقسمها إلى قسمين
  • الحرب على غزة «خيار» نتنياهو الوحيد لترميم صورته والإفلات من هزيمة سياسية