موقع النيلين:
2025-01-31@07:03:48 GMT

أزمات الجشع الذاتي!

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT


ما زلت أتذكر جيداً هذا الحوار الذى دار بينى وبين أحد سائقى سيارات النقل الجماعى الخاصة -التى يطلقون عليها «سيرفيس»- أيام حكم الإخوان.. كان ذلك فى الوقت الذى اشتدت فيه أزمة نقص الوقود.. كان السائق يدعو الله جهراً أمام الركاب جميعاً ألا تنتهى تلك الأزمة أبداً..!

فى البداية ظننت أنه يكره الإخوان مثلى ومثل الكثيرين من الشعب ويتمنى سقوط حكمهم سريعاً.

. ولهذا يتمنى أن تزداد فى عهدهم الأزمات.. وهممت أن أتحفظ على رأيه النفعى الذى يرغب فى استمرار أزمة خانقة لجموع الشعب لمجرد صراع سياسى.. ولكننى تعجبت كثيراً حين شرح لى وجهة نظره.. والتى أثبتت لى كم كنت أحسن الظن به.. ربما أكثر من اللازم!!

لقد فسر لى رغبته بأنه يحصل على وقود لسيارته من السوق السوداء بضعف الثمن.. ولكنه فى المقابل يحصل على أجر أعلى بثلاثة أضعاف من كل راكب معه!!

إنه يتكسب من الأزمة أكثر بكثير مما يخسر بسببها.. ولذا فهو لا يتمنى أن تزول.. فمكسبه يعتمد على استمرارها!!

ما زلت أتذكر ذلك السائق الجشع كلما ازدادت موجة الغلاء الحالية، فالأمر لا يتعلق بزيادة سعر السلع فحسب.. وإنما يتجاوزه إلى زيادة مكسب التاجر.. أى تاجر.. بل كل تاجر!!

الكل يعانى من الأزمة الاقتصادية.. هى حقيقة لا يمكن إنكارها.. حتى المستويات الاجتماعية المرتفعة والذين لم يتخيلوا أن يتأثروا بها قد نالهم الكثير من الضرر.. ولكننى أتعجب حين أحاول مراقبة ما يحدث من زيادة مطردة على أسعار السلع والخدمات والمواصلات.. بل وحتى أسعار الخضار والفاكهة -والتى لا تتعلق قطعاً من قريب أو بعيد بسعر صرف الدولار أمام الجنيه.. لأجد نفسى أمام حقيقة مؤسفة..!

إننا شعب يعانى من جشعه الذاتى.. فلا نحتاج لمن يسرقنا.. فنحن نفعل ذلك ببعضنا بكفاءة رائعة!

الأمر لا يتوقف عند سائق أعماه الطمع.. فالصورة تتكرر فى كل المستويات الاجتماعية..

أعرف صديقاً يعمل جراحاً قد صرح لى بأنه قد رفع من أجره بسبب ارتفاع أسعار المستهلكات الطبية والمحاليل.. ولكنه اعترف أن الزيادة فى ثمن كل ما يتكلفه لمريض واحد أقل من نصف المبلغ الذى رفعه!

وهناك مهندس ديكور من الأصدقاء قد اعترف أمام جمع غير قليل بأنه قد رفع من أجره بنسبة تتجاوز بكثير قيمة الزيادة فى الخامات التى يستعملها!!

حتى الميكانيكى صاحب ورشة صيانة السيارات التى بجوار منزلنا قد رفع أجره للضعف تقريباً دون أن يتكلف شيئاً من جراء ارتفاع سعر الدولار.. «ما هو كل حاجة غليت».. هكذا كان رده..!!

المشكلة أنه فى ظل اقتصاد حر يخضع لقواعد العرض والطلب.. وفى ظل أزمات خارجية متتالية، مرت بنا بداية من أزمة كوفيد ثم الحرب الروسية – الأوكرانية وحتى أزمة حرب غزة.. لا يمكن لحكومة -أى حكومة- أن تمتلك آليات واضحة لضبط الأسعار.. ربما كان لزاماً عليها تحديد تعريفة الركوب للمواصلات العامة.. وربما تحكمت بصعوبة فى أسعار السلع الأساسية.. بل وربما ينبغى الاعتراف بتقصيرها الواضح فى الرقابة على الأسواق.. كل هذا حقيقى ومقبول.. ولكنها لن تتمكن بأى حال من ضبط أسعار الحرف والأعمال اليدوية التى يستغل أصحابها الموقف ليزيدوا من نسب الربح دون داعٍ.. وبحجة أن «كل شىء زاد يا بيه»..!

الطريف أن المستهلك الذى يتحمل الزيادة النهائية فى الأسعار هو طرف منتج فى مكان آخر.. وبغض النظر عن نوع المنتج الذى يقدمه للمجتمع.. فهو يقوم بدوره برفع سعره على غيره ليتمكن من الوفاء بما يحتاج من مال.. وبزيادة أعلى مما يحتاج أيضاً.. لتتسع الدائرة.. وتصبح دوامة تلتهم الجميع داخلها!

إننا نعانى من أنفسنا قبل الآخرين.. نعانى من جشع وطمع أصبح متأصلاً فى نفوس هذا الشعب.. إنها الأزمة الحقيقية التى ينبغى أن نبحث عن علاج لها.. ربما قبل البحث عن حلول لأزمات الغلاء!

حذارِ.. فالوطن لم يعد يحتمل جشع أولاده.. لم يعد يحتمل أبداً!!

محمد صلاح البدري – الوطن نيوز

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!

من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • أزمة أخلاق «2»
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!