هند رجب.. حكاية إبادة لشعب أعزل
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
محمد بن رامس الرواس
"عمو قاعدين بيطُخُو فينا، الدبابة جنبنا، إحنا بالسيارة والدبابة جنبنا"، ثم صرخات طفلة... كان هذا صوت الطفلة هند الذي تم تسجيله وإذاعته عبر بعض قنوات التلفزة العالمية، ولقد سمع بعدها صوت إطلاق النار، بينما ابنة عم هند تصرخ، لقد تم توثيق هذه المكالمة وتسجيلها لتكون شاهدًا على حكاية شعب يتم اغتياله دون شفقة أو رحمة.
تشبه حكاية الطفلة هند رجب ذات 6 سنوات الكثير من حكايات الأسر الفلسطينية وأطفالها بغزة الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة والتهجير والقصف، ويفرون من الموت الى الموت في أماكن أخرى بحثًا عن الأمل في النجاة، الوقت يوم الجمعة الساعة الثانية والنصف بعد الظهر والتاريخ 2 فبراير 2024م، كانت هند وأمها وأخوها الأكبر ينزحون مع باقي الأسر من غرب مدينة غزة، تحت وابل من القصف بعد أن تم تهديدهم من قبل جيش الاحتلال لهم بتهجيرهم قسرًا، لقد قررت أسرة هند الصغيرة التوجه إلى المستشفى الأهلي شرق المدينة بحثًا عن المكان الأمن من قنابل ورصاص الجيش المحتل، كان الجو في ذلك اليوم ممطرا شديد البرودة، اشتد فيه القصف الإسرائيلي بدرجة مهولة، تحركت الأسرة هاربة مع باقي جيرانهم، ولقد كان من حسن حظ هند أو قل بعد ذلك من سوء حظها أنه كانت هناك مساحة لطفلة صغيرة في سيارة يقودها عمها وأسرته المكونة من خمسة أشخاص، فقامت أم هند مشفقة على طفلتها من مُعاناة السير تحت المطر والبرد فأركبتها بعد أن ودعتها مع عمها وأسرته الذين كانوا يتزاحمون بالسيارة بينما تابعت الأم وابنها السير على الأقدام، لقد اتجهت السيارة الى شارع جامعة الأزهر في غزة، بينما أصوات إطلاق النار تسمع بكل مكان حولهم.
ولسوء حظ راكبي السيارة واجههم رتل من الدبابات الإسرائيلية أحاط بهم بعد أن أصبحوا قريبين من إحدى محطات الوقود، وهناك تعرض راكبو السيارة لإطلاق نار شرس مباشرة عليهم دون توقف، ومن داخل السيارة أُجريت الاتصالات من راكبيها طلبًا للنجدة، واتصلوا بأقاربهم يسألونهم المساعدة وإنقاذهم من الخطر الذي داهمهم، بينما وابل الرصاص غير المنقطع يمر بجانبهم وتحت أرجلهم ومن فوق روسهم فأصيب معظمهم إصابات قاتلة. بعض أقرباء صاحب السيارة اتصلوا بقسم الطوارئ التابع للهلال الأحمر الفلسطيني والذي يبعد 80 كيلومترًا في الضفة الغربية المحتلة، وأعطوهم رقم هاتف صاحب السيارة، طالبين العون منهم ويخبرونهم عن وضع السيارة، وما جرى لها فتحرك فريق إسعاف ومعه كافة التصاريح اللازمة لنجدتهم.
ظل التواصل الهاتفي بين الهلال الأحمر وراكبي السيارة يجري بتقطُّع، فلقد ردت في إحدى المرات ابنة صاحب السيارة ليان وأفادتهم بأن والدها وإخوتها قد استشهدوا جميعًا، وأن هناك دبابة تواصل إطلاق النار على السيارة دون توقف أو إعطائهم فرصة للخروج منها. كان فريق الإسعاف مكونًا من مُسعفيْن اثنين، تحركا وهما يتواصلان مع نفس رقم الهاتف، لكن هذه المرة أجابتهم هند رجب بذعر وخوف شديدين "عمو قاعدين بيطُخُو علينا، الدبابة جنبنا، إحنا بالسيارة والدبابة جنبنا" استمع إليها الهلال الأحمر، وقام بتسجيل المكالمة وأعطوها بعض التعليمات ومنها الاختباء تحت المقاعد، وبقي هذا التواصل لساعات، فلقد اتضح للفريق أنها الناجية الوحيدة وأنها لا تزال في مرمى الخطر، وظلت تطلب النجدة، بينما فريق الهلال الأحمر يناشد الجنود الإسرائيليين السماح لسيارة الإسعاف بالوصول للمكان بسرعة لإنقاذ هند، فلا تزال صيحاتها تطلب النجدة وإنقاذها، بعد مشقة ومعاناة لفريق الإسعاف ومكابدته الطريق نحو تل الهوى والتوقفات المتتالية لجيش الاحتلال لهم لإظهار بطاقاتهم، وبعد فترة الاتصال انقطع بالجميع؛ الطفلة والمسعفون.
في يوم السبت العاشر من فبراير تم العثور على السيارة التي تستقلها هند ومن معها مُهشّمة بالكامل وجميع من فيها قتلى، ولا أثر لسيارة الإسعاف وركابها الاثنين، حتى أعلن بعد ذلك الهلال الأحمر العثور مركبة الإسعاف في منطقة تل الهوى وجميع ركابها شهداء، بعد تتبع آثارهم ولم يتمكن من الوصول إليهم. إعلان الهلال الأحمر الفلسطيني، اتهم جيش الاحتلال بتعمُّد قصف سيارة الأسرة وقتلهم جميعًا، كما تعمَّد قتل المُسعفين برغم أن طاقمها يحمل كافة التصاريح اللازمة، ولم يبق من هذه الحادثة الأليمة إلّا المكالمة الهاتفية تحمل صرخات هند ومن معها تتناقلتها وسائل الإعلام العالمية.
الحكاية لم تنتهِ، وسرد مثل هذه الحادثة وغيرها مستمر، والظلم وجرائم الإبادة لم تتوقف، بينما أم هند تنعي ابنتها الصغيرة أمام المستشفى الأهلي.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حمدان بن زايد يطلع على سير عمليات إغاثة المتأثرين من إعصار «كريستين» في الفلبين
أجرى سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، اتصالاً هاتفياً بوفد الهلال الأحمر الإماراتي، في العاصمة مانيلا، واطلع سموه من رئيس الوفد على سير العمليات الإغاثية للمتأثرين من إعصار «كريستين» الذي ضرب الفلبين مؤخراً.
وقال سموه إن هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تسخر جميع إمكانياتها لتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله في دعم الدول ومساندتها في جميع الظروف بإنسانية مطلقة دون النظر إلى العرق أو الدين.
وانتهى وفد الهلال الأحمر من تنفيذ المرحلة الأولى من المساعدات الإماراتية للمتأثرين من الإعصار، في مقاطعة سورسوغون أكثر المناطق تضرراً من الإعصار، وشمل توزيع المساعدات الإنسانية بلديات بولان وإيروسين وكوبان وكاسي غوران ومدينة سورسوغون. وهذا هو الوفد الثاني لمتابعة عمليات الإغاثة.
وقد أكد محمد عبيد الزعابي، على متانة العلاقات الثنائية بين الإمارات والفلبين، وعمق الصلات بين الشعبين، وقال إن وقوف الإمارات بجانب المتأثرين من الإعصار في الفلبين واجب أملته أواصر الأخوة الإنسانية الممتدة بين البلدين، مشيرا إلى أن الدولة ظلت على الدوام داعمة ومساندة للأوضاع الإنسانية والتنموية في الفلبين.
وأشاد معالي ريكس غاتشاليان بمبادرة دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة في التجاوب السريع مع الأوضاع الإنسانية للمتأثرين في بلاده، والوصول المبكر إلى المناطق المتضررة وتقديم الدعم والمساندة والوقوف بجانب المتأثرين، كما أثنى على جهود وفد الهلال الأحمر الإماراتي، في التواجد الميداني السريع في مناطق الكارثة وتوفير الاحتياجات العاجلة للمتضررين.
من جانبه، أكد السناتور أكيلينو على القواسم المشتركة التي تجمع بين الشعبين الإماراتي والفلبيني، وقال إن امتداد جسور التواصل بين البلدين عمقت الصلات وعززت العلاقات بين الجانبين، وأكد على الدور الإماراتي الحيوي في المجال الإنساني، ووقوفها بجانب الشعب الفلبيني في كل الأزمات التي مرت بها بلاده، خاصة أثناء الكوارث الطبيعية التي تشهدها الفلبين بين الحين والآخر.