شن التحالف العربي الذي تقوده السعودية آلاف الغارات الجوية على مدى تسع سنوات على مواقع وأهداف عسكرية لمليشيا الحوثي (المصنفة على قائمة الإرهاب)، فلماذا تكرر الولايات المتحدة ذات السيناريو، بدلاً من تركيزها على استهداف كبار قادة الحوثيين بدلاً من ذلك؟

تساؤل يكرر طرحه الملايين داخل وخارج اليمن، وقبلهم المراقبون للمشهد اليمني، في ظل قيادة الحرس الثوري الإيراني للهجمات العسكرية التي تتبنى مليشيا الحوثي تنفيذها في عرض البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، أو في أراض اسرائيلية تحت مسمى "نصرة أبناء غزة"، يواجهها عمليات ردع تقودها واشنطن (الحليف الإسرائيلي) تحت شعار "حماية الملاحة والدفاع عن النفس"، وهما شعاران اجوفان من حيث المضمون.

سفينة تجسس

الخبير الإيراني جيسون برودسكي، وهو مدير السياسات في منظمة متحدون ضد إيران النووية، وباحث غير مقيم في برنامج إيران التابع لمعهد الشرق الأوسط، كان واحدا ضمن عديد خبراء طرحت عليهم وكالة "خبر" هذا التساؤل، بحثا عن إجابة أكثر عمقاً في مضامينها.

يقول جيسون برودسكي، إن "فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ينشر عناصره في اليمن، وعلى رأسهم عبد الرضا شهلائي، قائد كبير مقيم في صنعاء. وتوقعت قوة القدس اتخاذ إجراءات غربية، وقامت أيضا بنقل سفينة التجسس "بهشاد" التي كانت تنقل معلومات استخباراتية للحوثيين لتوجيههم في استهداف السفن في المياه الدولية. وقد أضعف هذا الأمر الأمن التشغيلي.

وأشار خلال حديثه لوكالة خبر، إلى أن هذا التحرك الأمريكي-البريطاني "يثير تساؤلات حول مدى فعالية الحملة العسكرية الأمريكية".

ويؤكد أن "الأمر لا يتعلق بالكمية، بل بنوعية الأهداف، وبالتحديد أهميتها بالنسبة للحوثيين والقيادة الإيرانية". في حين "تعتمد استراتيجية الدفاع الإيرانية على استخدام وكلاء وشركاء يمكن الاستغناء عنهم لردع أي هجوم على الأراضي الإيرانية من قبل الولايات المتحدة".

ويجزم أن "خامنئي سوف يقاتل حتى آخر حوثي" من أجل الحفاظ على بقاء نظامه قائما في طهران "لكنه يتجنب المخاطرة في استخدام قواته بشكل علني لأنه يعلم أن مثل هذا الصراع مع القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها من شأنه أن يخاطر بزعزعة استقرار نظامه".

كما أن سيل التسريبات -وخاصة من وسائل الإعلام البريطانية في الأيام الأخيرة- في الفترة التي سبقت الضربات، شجع الحوثيين والحرس الثوري الإيراني على نقل ترسانتهم من الأسلحة والأفراد الرئيسيين بعيدا.

ويؤكد برودسكي، أنه "من أجل ردع القيادة الإيرانية بشكل فعال، سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها ضرب أهداف لها قيمة بالنسبة للحكم الديني. وتشمل هذه قواعد الحرس الثوري الإيراني في إيران وقادة الحرس الثوري الإيراني في اليمن والمنطقة، وفقا لبرودسكي".

أما بالنسبة لليمن فيرى برودسكي أنه "يتوجب عليهم (الولايات المتحدة وحلفائها في التحالف الدولي) القضاء على أهداف حوثية عالية القيمة بدلا من استهداف مواقع استهدفها التحالف العربي مئات المرات على مدى اكثر من ثماني سنوات".

الضربات الجوية الأمريكية- البريطانية، والهجمات الصاروخية والمسيراتية للحوثيين، جميعها لم تسفر عن مصرع قيادي عسكري هنا او هناك. ومثل هكذا عمليات تثير الشكوك.

الخبير في الشؤون العسكرية والدفاعية، والضابط الإيراني المنشق، بابك تقوايي، يكشف عن اهم هذه الاسباب قائلاً: "أحد الأسباب الرئيسية هو أنهم لا يفعلون ذلك فقط لأنه لم يفقد أي من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية حياته في هجوم الحوثيين.

ويؤكد خلال حديث لوكالة خبر، أنه "إذا حدث ذلك (استهدفت مليشيا الحوثي قيادات عسكرية أمريكية في السفن والفرقاطات المنتشرة في البحر الأحمر) فمن المؤكد أنهم سيلاحقون بعض قادة الحوثيين".

لا حرب إقليمية

المخاوف الأمريكية من التصعيد العسكري في منطقة الشرق الأوسط تظهر جلياً لدى إدارة بايدن الذي يخشى انعكاسات آثاره على سير حملته الانتخابية، ولكن ما مدى الرغبة في الرد بالمثل بالنسبة لطهران التي خسرت عددا من أبرز قياداتها في ضربات بالعراق وسوريا وغيرها.

بروس ريدل، مستشار سابق لأربعة رؤساء أمريكيين ومدير معهد (بروكينغز) الاستخباراتي الأمريكي، يجيب على ذلك مؤكداً: "الولايات المتحدة متخوفة من التصعيد في المنطقة".

ويضيف المستشار الرئاسي الأمريكي لوكالة خبر، "لكن في الحقيقة لن تجرؤ إيران على التصعيد. فلن تكون هناك حرب إقليمية حتى بعد القضاء على قاسم سليماني، الذي كان يحمل أهمية كبيرة للنظام الايراني".

مواجهة مباشرة

الجميع اتفق على أهمية التساؤل الذي يبحث عن إجابته الملايين داخل وخارج اليمن، بشأن سر عدم استهداف الولايات المتحدة قيادات عسكرية حوثية رفيعة في ضرباتها الجوية. والمصالح المشتركة بين واشنطن وطهران وحلفائها في المنطقة هي القاسم الأكبر في هذا التخادم غير الخفي، وإن دثرته جميع الأطراف بدوي الضربات لغير جدواها.

وتقول المحامية والخبيرة الأمريكية المتخصصة في شؤون الأمن القومي إيرينا تسوكرمان لوكالة خبر: "هذا سؤال رائع! للأسف، لا تزال الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعتقدان أن تحقيق اختراق دبلوماسي مع إيران أمر ممكن إذا استمرت واشنطن في الحد من هجماتها، ومن ناحية أخرى، إذا هاجمت الولايات المتحدة حلفاء إيران القريبين أو مصالح أخرى، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع إيران وحرب إقليمية أكبر مع وكلائها".

للأسف، تواصل إدارة بايدن تجاهل الحقائق الأساسية للمنطقة والسياسة الإيرانية الخبيثة. وبالتالي لن تتأثر طهران بالدبلوماسية أو الضغط المحدود.

ثانياً، الولايات المتحدة لا تدرك أن إيران تعتبر استعداد واشنطن للتوصل إلى تسويات وتجنب المواجهات على أنه ضعف، وليس حكمة أو لطفاً.

وتشير إلى أن "الولايات المتحدة نسيت المبدأ المكيافيلي الذي يؤكد أنه من الأفضل أن تكون مهاباً بدلاً من أن تكون محبوباً".

ومع ذلك، تواجه الولايات المتحدة صعوبة حتى في تعريف وتمييز بين الحلفاء والأصدقاء والأعداء بوضوح. فلديها نهج غامض وغير مترابط فيما يتعلق بالعلاقات، بحسب تسوكرمان.

وترى أنه "لضرب كبار قادة الحوثيين، ستحتاج الولايات المتحدة أولاً أن تقبل استخدام القوة المنظمة والردع الاستراتيجي كوسيلة لمنع الصراعات الكبيرة وإنقاذ الأرواح".

وسيتعين عليها أيضا أن تفهم أن إيران قوة أضعف بكثير ومن المهم السيطرة على التصعيد واستخدام الضغط حتى تخشى طهران العواقب وتتراجع.

وتؤكد في نهاية حديثها أنه "يجب على واشنطن أن تقبل أن إيران تقوم بالتصعيد من جانب واحد منذ أكثر من 40 عاماً، وأنها لن تتوقف من تلقاء نفسها".

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 12 يناير الماضي، بدء عملياتها الجوية ضد أهداف عسكرية تابعة لمليشيا الحوثي في عدد من المناطق الخاضعة لسيطرتها في اليمن، رداً على هجمات نفذتها الأخيرة ضد السفن التجارية التي تعبر البحرين الأحمر والعربي عبر مضيق باب المندب بمزاعم "نصرة غزة".

وفي 17 يناير الماضي، أعلنت واشنطن تصنيف مليشيا (جماعة إرهابية عالمية)، وتوعدت بإعلان تصنيف المليشيا (منظمة إرهابية) في 16 فبرير الجاري حال استمرت بمهاجمة السفن في عرض البحر، في وقت تتواتر الأنباء عن وساطة تقودها سلطنة عمان بإيقاف الحوثيين المدعومين من إيران، هجماتهم مقابل رفع واشنطن التصنيف.

وأظهر الصراع الدائر بين البحر الأحمر حقيقة الصراع على المصالح الخاصة بهما، بعيداً عن ما يرفعانه من شعارات لم تعد تأتي أُكلها.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الثوری الإیرانی قادة الحوثیین

إقرأ أيضاً:

کبیر مستشاري المرشد الإيراني: للتوصل إلى اتفاق نووي جديد يجب تعويض خسائر إيران

صرح کبیر مستشاري المرشد الإيراني، علي لاریجاني، بأن كلا من إيران والولايات المتحدة أمام وضع جديد فيما يخص الاتفاق النووي، داعيا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تعویض إيران عن خسائرها لیتم التوصل إلی اتفاق جديد.

ونقلت وكالة «إسنا» الإيرانية، عن لاريجاني قوله إن الولايات المتحدة انتهكت الاتفاق النووي السابق وانسحبت منه مما ألحق الضرر بإيران، فيما بدأت إيران بتخصيب اليورانيوم ورفعت درجة النقاء إلى أكثر من 60%.

وأوضح المسؤول الإيراني، أن الجانبين الآن أمام وضع جديد، فإذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة ترفض فقط السلاح النووي في الملف النووي الإيراني، فعليهم أن يقبلوا شروط إيران مقابل ذلك، وأن يقبلوا التنازلات اللازمة، من بینها التعويض عن خسائر إيران من أجل التوصل إلى اتفاق جديد، ولیس إصدار أمر من جانب واحد مثل قرارهم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأشارت وسائل إعلام أمريكية، في وقت سابق، إلى أنها اطلعت على تقرير سري صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة حول برنامج إيران النووي.

ويقول التقرير إن مخزونات اليورانيوم المخصب، التي تملكها إيران حاليا أصبحت قريبة من الدرجة، التي تسمح لها بإنتاج أسلحة نووية، حسبما ذكرت وسائل إعلام غربية.

مقالات مشابهة

  • واشنطن: الولايات المتحدة تضغط بكل ما بوسعها للتوصل لحل في لبنان
  • أمير منطقة حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة
  • ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على مدينة سنجة؟.. خبراء يجيبون
  • تحذيرات من عواصف شتوية شديدة في أنحاء الولايات المتحدة
  • تحذيرات من عواصف شتوية تجتاح أنحاء الولايات المتحدة
  • صحفية أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب
  • الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.. لماذا تخشى أميركا "تحالف الرعب"؟
  • هل تساعد قاذفة بي 2 في تعزيز الرسائل الأمريكية إلى إيران؟
  • کبیر مستشاري المرشد الإيراني: للتوصل إلى اتفاق نووي جديد يجب تعويض خسائر إيران
  • كيف يمكن لنتنياهو الالتفاف على قرار “الجنائية الدولية”؟ خبراء يجيبون