أكد الدكتور ثاني الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية أن علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الإمارات والهند، نموذج يحتذى لما يجب أن تكون عليه العلاقات البنّاءة بين الدول.

وقال إن هذه الشراكة في مجالات متعددة، ومن بينها الشراكة الاقتصادية الشاملة، لم تكن لتحدث لولا الإرادة المشتركة والدعم غير المحدود من قيادتي البلدين الصديقين.

وأضاف في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام»، بمناسبة زيارة ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند إلى الدولة، أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة إذ تتزامن مع احتفال الدولتين بمرور عامين على توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما يوم 18 فبراير 2022، ودخلت حيّز التنفيذ في الأول من مايو من العام ذاته، وأسهمت في تسهيل تدفق التجارة والاستثمار بين الجانبين. كما ساعدت على الارتقاء بعلاقات التعاون والشراكة إلى مستويات أرحب تحقق النمو المشترك وتخلق الفرص لمجتمعات الأعمال وتحفز ريادة الأعمال وتدعم التنمية المستدامة.

وأشار إلى أن الهند ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات عالمياً، وفقاً لبيانات 2022 بتجارة بينية غير نفطية بلغت 51.4 مليار دولار بنمو بنسبة 15% مقارنة مع 2021 وأكثر من 24% مقارنة مع 2019، وبحصة 8.3% من إجمالي تجارة الإمارات غير النفطية مع العالم. كما أن الهند الدولة الأولى عالمياً في استقبال الصادرات الإماراتية غير النفطية بحصة 11% من إجمالي صادرات الدولة.

وأوضح أن 7.4% من واردات الهند من العالم مصدرها دولة الإمارات التي تتصدّر المركز الثاني عالمياً بعد الصين. كما أن 6.9% من صادرات الهند إلى العالم تستقبله الإمارات التي تتبوّأ المرتبة الثانية للصادرات الهندية بعد الولايات المتحدة. كما تعد الإمارات ثالث أكبر الشركاء التجاريين للهند عالمياً بحصة 7.2% من تجارتها الخارجية غير النفطية، والأولى عربياً بحصة تتجاوز ثلث تجارة الهند مع الدول العربية.

وأكد أن الدولتين نجحتا خلال السنوات الماضية في تأسيس قاعدة صلبة للارتقاء بالعلاقات الإستراتيجية إلى مستويات أرحب من النمو الاقتصادي المشترك، وتأسيس الشراكات بين مجتمعي الأعمال، وتحفيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال بما يعود بالنفع على الشعبين الصديقين، وهو ما يستهدفه كبار المسؤولين في الجانبين الذين يعملون معاً بروح الفريق الواحد لتحقيق هذه الغاية. (وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الهند ثاني الزيودي

إقرأ أيضاً:

لأجل التنمية المستدامة إنجاز الوظائف الاجتماعية للثقافة والفنون

«الفن هو الاختبار الأكثر انفتاحا لتصور العالم»..

أندريه مالرو

لا تستطيع المجتمعات أن تنهض اقتصاديا إلا عبر تحصيل نقاط قوتها الثقافية من داخل سياق اجتماع أفرادها لإنجاز عمليات البناء والتطوير اعتمادا على الفاعلين الذين يوفرون بإسهاماتهم الإبداعية رؤى وأفكارا لصالح تطوير الوعي العام وتثبيت الهوية الجمعية، والمجتمعات التي حققت قدرا من التقدم والرفاه وعت أهمية دور الثقافة والفنون كتجلٍ يكشف عن طبيعة الذات الاجتماعية محل العمل والإصلاح، فاللحظات الكبرى في تاريخ البشرية كانت في جوهرها انتفاضة معرفية أفسحت المجال للهوية الثقافية أن تتنفس وتثمر، وقد كانت الفنون الجسر الذي عبرت عليه الأشكال الكبرى الصانعة للمعرفة المشتركة بين أفراد المجتمع وربطهم بالذاكرة المحتشدة بـ«اللغة والتاريخ والأساطير ومفهوم العالم والقيم وقواعد السلوك ومعاني الوجود» وبذا تمتّنت الصلة بين الإبداع والوعي وانفتحت آفاق التمدن.

وفي الأنثروبولوجيا الثقافية الحديثة اُتخِذ من مفهومي (الحضارة «Civilization» – الثقافة «Culture») القاعدة الأساسية لفهم حَراك المجتمع وتطور بنياته الثقافية، فعبر 3 قواعد بات من الممكن إمساك لحظات الترقي الاجتماعي، فالثقافة مبدأ رئيسي لتنظيم العلاقات الاجتماعية بل وتبريرها، وما أنظمة التفكير التي يحشدها الأفراد لصالح فهم ذواتهم والعالم الذي ينتمون إليه، وبالتالي يحققون وجودهم عبره إلا نتيجة من نتائج عمليات ربط الاجتماعي بالثقافي وصولا إلى تأسيسات إيميل دوركايم حول «المؤسسات الاجتماعية» كونها التعبير الأشمل على هوية وطبيعة المجتمعات. والحقيقة أنه ولغياب الدرس الاجتماعي العربي فإنه سيظل من العصي علينا أن نفهم العلاقات بين مجمل البنى الاجتماعية، وهذا ما سيعيق عمليات البناء ويقعدنا عن تفعيل الثقافي لأجل الإصلاح والتطوير والإعمار.

والفن هو المقاربة الأكثر حساسية للحقائق التي تحيط بنا، فإنه حاجتنا للتأمل كمحرك للوعي، محاولتنا لتفعيل الخيال وترويضه وصولا إلى تجسيد أحلام اليقظة كلحظة جمال أكمل، والفنون هي الميادين الأوسع لتحقيق الحوار الاجتماعي كونها تقوم على عمليات تشاركية، حيث يجتمع أشخاص من مشارب ثقافية متنوعة للتعاون بشكل سلمي لأجل تطوير مجتمعهم والتعبير عنه بمختلف الأدوات؛ بـ«اللون والصورة والكلمة واللحن والنحت...إلخ». وعلاوة على ذلك، تعمل الأنشطة الفنية والثقافية على تعزيز تبادل الأفكار والنقاش المفتوح حول الاختلافات وتذيب الفوارق وتحقق الهدف الأسمى من الاجتماع الإنساني وهو التعايش، والذي بدوره يسهم بشكل كبير في تحقيق التفاهم المتبادل وبناء ثقافة التسامح، وبالتالي في بناء الثقة والتماسك الاجتماعي.

إن العلاقة بين الإبداع الثقافي والتنمية الاجتماعية تمر عبر 3 محاور هي: «السياق المجتمعي، والعمل الإبداعي الجماعي، والمحور الشخصي التكويني» وهذه هي أبعاد مفهوم الإبداع، وهو المفهوم المعروف في سياق العلوم الاجتماعية بـ«المفهوم/الشجرة» وذلك للدلالة على ارتباطه بكل الفاعليات الاجتماعية مهما بدا صَغُرْ حجمها لكنها تظل تمارس تأثيرا في جملة السياق الاجتماعي، فأفعال «النجارة، الحدادة، الزراعة...إلخ»، هي أعمال إبداعية بامتياز رغم أن هؤلاء يغيبون عن تصورنا للفعل الفني في المجتمع إلا أنهم يمارسون أعمالا إبداعية مدعومة بقيم وأشكال تغذي الوعي، وكذلك الألوان والأصوات والأشكال تؤثر مباشرة في سلوكنا ومزاجنا ووعينا النفسي، ذلك أن إيقاعا لحنيا قد يدفعنا إلى حالات من الإنتاج والصحة الجمالية، أو صوت يتفارع فيوقظ منمنمات في الذاكرة الوجدانية ما يسمح لنا بتحسين حالات الاتصال بالآخر، ويزرع فينا عمليات التكيِّف والانسجام، وكل هذا يحقق وظيفة الفن، فللفن وظائفه الداخلية والخارجية، وكل فعل اجتماعي أيا كانت تجلياته ومظاهره يصنع فينا صدى لحياتنا ويطور حساسيتنا تجاه ذواتنا ومجتمعاتنا.

كما أن عملية الإبداع عملية اجتماعية شاملة، والعناصر التي تشكل عملية الإبداع هي: «الأصالة، والإنتاجية، والخيال» كون الإبداع مفهوم معقد ومتعدد الأبعاد يجمع بين الجوانب والعمليات المعرفية، وكذلك الجوانب العلائقية مثل العلاقات مع المجموعات، والسياقات، والمحيط الاجتماعي والثقافي. والمؤثرات التي ينغمس فيها الإنسان ويتفاعل معها، وأي نشاط ثقافي هو مظهر حيوي لوجودنا، مظهر مرتبط ببناء أشكال جديدة للحياة، ويظهر الإبداع الثقافي ويتجلى في كل ممارسات الحياة اليومية، ومن هنا تنبع أهمية العمل الإبداعي كونه يشكل رافدا أساسيا من روافد التعبير عن الهوية الثقافية للمجتمع، وبالضرورة أن تستند عمليات التطوير والتنمية في الواقع على أسس من أصول معرفية تكون بمثابة التجلي الأكبر لما يحمله المجتمع من معتقدات وأفكار وعقائد ثقافية .

ومن الأشغال الرئيسة التي يجب أن يضعها من يقومون على إدارة الفعل الثقافي ألا يغيب عندهم أهمية الأبعاد الاجتماعية لأي نشاط ثقافي، ولفعل ذلك فإنه ينبغي أن تضع المؤسسات الثقافية على عاقتها تثوير الطاقات والعمل على صقلها بالتدريب المستمر، وربطها بشبكة من العلاقات بينها وبين الفضاء العام، فالدور الذي تلعبه الفنون والثقافة يعد الدور الأكبر والأهم في عمليات التنمية المستدامة بسبب أن أي عملية إبداعية أصيلة وصادرة عن الوعي الذاتي للفرد الاجتماعي، وعيه بموقعه، بهويته، بتمثيله للمجتمع، أي عملية كهذه تشكل هدفا مركزيا في الفعل الثقافي كونها تعزز وتقوي من العلاقات بين البنى والتكوينات المؤسسة للواقع وهذا هو الهدف العزيز.

إن دعوتنا لوزارات الثقافة العربية أن تعمل على تجسير الصلة بين الإبداع والمجتمع، وذلك هو الدور الذي ينتظرها بجعل الثقافة والفنون روافع للبناء، ولتفعل ذلك فإن أولى مهامها الاشتغال على بناء الفاعل الثقافي؛ فاعل واعٍ بدوره تجاه مجتمعه، ومؤمن بأصالة دوره التنويري.

غسان علي عثمان كاتب سوداني

مقالات مشابهة

  • لأجل التنمية المستدامة إنجاز الوظائف الاجتماعية للثقافة والفنون
  • “فرقاطة توشيل” الهندية ترسو في الدار البيضاء: تعزيز الشراكة البحرية بين الهند والمغرب
  • وزير قطاع الأعمال: نستهدف خلق فرص عمل جديدة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة
  • شراكة استراتيجية بين الإمارات وإيطاليا لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب
  • شراكة استراتيجية بين الإمارات وإيطاليا لمكافحة الجرائم المالية
  • شراكة إستراتيجية بين الإمارات وإيطاليا لمكافحة الجرائم المالية
  • حماية التنوع البيولوجي.. دعم أهداف التنمية المستدامة يعزز مكانة مصر في حماية البيئة عالميا
  • نيفين مسعد: الراحلة أنيسة حسونة نموذج يحتذى به في مواجهة مرض السرطان
  • الإمارات.. الأولى عالمياً في 11 مؤشراً صحياً
  • مبادرات تعزيز التنمية واستشراف المستقبل