جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@22:44:49 GMT

الاستكبار الأمريكي والفرعنة الحديثة!

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

الاستكبار الأمريكي والفرعنة الحديثة!

 

حمد بن سالم العلوي

الفراعنة الذين ظهروا في أرض مصر، قد طغوا وبغوا في الأرض، وذلك عندما شعروا بفائض القوة، وفي العام الذي ولد فيه رسول الله موسى عليه السلام، حذَّر السحرة والمنجمون فرعون من ولادة مولود سيكون خطرًا عليه وعلى حكمه، فكما تقول الروايات؛ أن فرعون أمر بقتل كل مولود يُولد في ذلك العام، وذلك بهدف الاستحاطة لنفسه ومنع الخطر عنه، ولكن إرادة الله كانت الأقوى والأمضى من احتياط فرعون، فأرسل إليه الطفل (موسى) عبر اليم ليُربيه هو بنفسه حتى يكبر وتتحقق المشيئة الإلهية، وذلك ليري فرعون وجنوده قدرته على نفاذ أمر الله ولو كره الكافرون، فعندما كبر موسى أصبح كمدًا وحسرةً على فرعون.

وقد بلغ الجبروت الفرعوني أن يُعلن نفسه إلهًا على الأرض والنَّاس، ويقنعهم أنَّه يحيي ويميت، وأن الأنهار تجري بأمره، وقد صدّقه الكثير من السذج، ونتيجة لتلك السذاجة والطاعة الصارمة والانقياد الأعمى والمذل، أصاب الغرور فرعون، فتمادى في تجبره وطغيانه وفساده.

ذلك كان عن الفراعنة ما قبل الميلاد؛ حيث لم يكن لهم من الوسائل ومعالم الإدراك ما يعينهم على الإدراك الصحيح، ويساعدهم على معرفة عمّا يدور حولهم من عوالم أخرى، فاكتفوا بما وجدوه أمامهم من ممكنات ووسائل، فلم يجدوا ما يوعظهم، ليهذّبوا سلوكهم مع الآخرين، فغرّهم أن يُؤمِروا فيطاعوا دون معارضة من أحد، لذلك صدّقوا أنفسهم أنهم بلغوا مرحلة الألوهية والعظمة، حتى عندما أتاه نبيّ الله موسى عليه السلام مُرسلًا خشي إن هو أستمع إليه، أن يفقد المكاسب التي ترسخت في نفوس الناس عن قدراته وربوبيته لهم، لذلك؛ كابر وعصى الرسول، وخشي على الناس أن يتأثروا بمواعظ الرسول فقال مقولته الشهيرة "لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".

وهكذا يفعل اليوم فراعنة العصر من الأمريكان، فإذا كان فرعون سيطر على الخلق وأمرهم بعبادته مستغلًا جهلهم؛ فالفرعون الأمريكي الذي يعيش في زمن العلم والمعرفة، ألغى التعريف الإلهي للخلق "الذكر والأنثى" فلم يجد من يعترض عليه؛ بل صف العالم الذي يُسمي نفسه متحضرًا في صف الفرعون الأمريكي، فهذا النمرود الذي يملك قدرًا كبيرًا من القوة، وقد استمد الكيان الصهيوني قوته منه، فصار لا يعير أي اهتمام للقوانين والأعراف الدولية، فإذا كان فرعون مصر أمر بقتل المواليد في عام واحد، فإن الكيان الصهيوني أباح قتل مواليد فلسطين وأطفالها ونسائها على مدى 75 عامًا، وما يزال مستمرًا في القتل، فهو بذلك يتبع النشأة الأمريكية؛ حيث قضت على السكان الأصليين من الهنود الحمر، وذلك لكي يستقر لها المقام؛ فإسرائيل التي أتت إلى فلسطين بمقولة أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض؛ أي كانت النية مبيتة لتصفية الشعب الفلسطيني.

وأن الفرعنة الأمريكية الضامنة لهذا الكيان الغاصب، هرعت إلى المنطقة على إثر معركة السابع من أكتوبر 2023 ليقينها أن إسرائيل التي لا تستحمل هزيمة كبيرة كهذه، تقع اليوم في دائرة الخطر الحقيقي، لذلك أحضرت أساطيلها وحاملات طائراتها واستنجدت بتوابعها من الأوروبيين للتعاون في القضاء على المقاومة الفلسطينية، والتي تجرأت بالهجوم على الدولة التي تُقهِر ولا تقهَر، وهذه المقاومة كانت في السابق في دور المدافع.

وقد أتى فراعنة العصر لنجدة إسرائيل، وفي حسبانهم منع الدول العربية وهي مردوعة من الأصل؛ بل وفي ذهنها محور المقاومة لترهبه وتمنعه من إسناد المقاومة الفلسطينية، فكان رد حزب الله، أننا لا نخاف أساطيلكم، وأننا أعددنا العدة لها، إن هي تجرأت علينا، فأخذ الأمريكان كلام المقاومة اللبنانية على مأخذ الجد، فابتعدوا عن المنطقة، وليس ذلك وحسب وإنما نصحوا إسرائيل بعدم شن حرب على لبنان حتى لا يقع ما هو في الحسبان.

ولكن الذي ليس في الحسبان، هو الدور اليمني الذي فاجأ العالم أجمع، وقد كان يظن الفرعون الأمريكي، أنه مجرد أن تقترب الأساطيل الأمريكية من اليمن، سيرفع اليمنيون الراية البيضاء، خاصة وأنهم كانوا قد خاضوا حربًا ضروسًا استمرت تسع سنوات مع تحالف قوي بقيادة السعودية، وهي أغنى دولة في المنطقة، فيفترض أنَّ اليمن أصبحت بلدا منهكا من الحروب والحصار، فلا يقوى على الوقوف في وجه أمريكا وبريطانيا العظمى، وربما كان ذلك بناءً على مشورة من وزير الدفاع الأمريكي آخذًا بحكمة أطلقها ابن جلدته عنترة ابن شداد الذي قال: أضرب الضعيف ضربة يطير لها قلب الشجاع، فخابت نصيحته فوقع مع الشجاع نفسه دون مُقدمات.

لكن اليمن خالف التوقع وتصدّى للقوة الفرعونية، وكان هدف فراعنة العصر، أن يخلقوا فجوة بين القيادة المتمثلة في أنصار الله والشعب اليمني، ولكن حصل العكس، حتى أن بعض القبائل التي كانت على خلاف مع أنصار الله، وجدت نفسها في حرج من خلافها البسيط مقابل مناصرة الشعب الفلسطيني، فأعلنت عن طي صفحة الخلافات، والوقوف مع الأنصار دعمًا للقضية العربية الأولى، ألا وهي: قضية فلسطين الكبرى، فنزل الناس في مظاهرات مليونية إلى الشوارع والميادين اليمانية.

وهنا أضاف اليمن إلى قائمة السفن المتوجهة إلى أم الرشراش (إيلات) السفن التجارية الأمريكية والبريطانية، إضافة إلى السفن الحربية المعادية، فكما يقول المثل: أتوا لتكحيلها فعموها؛ فصاروا الأمريكي اليوم يبحث عن مخرج من اليمن ينقذ هيبتهم التي مرغها اليمنيون الشجعان بالتراب.

فلا نقول إلا صبرًا أهل غزة العزة إن النصر آتٍ، وأن لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية.. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هذا دورنا الذي يجب أن نفعله لمن حُرموا فرحة العيد

كانت أعياد جيلنا في الطفولة جميلة للغاية. ربما تسترجعون أنتم أيضًا ذكرياتكم قائلين: "أين تلك الفرحة؟"، وتشعرون بالحنين إلى تلك الأيام. قد يكون السبب أننا كنا ننظر إلى الأشياء بإيجابية في طفولتنا، ونفرح بأقل الأمور، ولهذا كانت تلك الأيام تبدو أجمل.

لكن مع تقدّمنا في العمر، بدأ طعم الأعياد يتلاشى؛ بسبب الحروب الكبرى، والاضطرابات، والمآسي التي تعصف ببلداننا، والعالم الإسلامي، ودول الجوار والعالم بأسره. ففي سوريا وحدها، على مدار أربعة عشر عامًا من الحرب الأهلية، قُتل الآلاف وهُجّر الملايين، وتحوَّلت الأعياد إلى كوابيس.

أما الفلسطينيون، فقد عانوا من القمع لعقود طويلة، حتى إن أحدًا لم يعد يحصي عدد الأعياد التي مرت عليهم وهم تحت الاحتلال والاضطهاد. كم من جيل أمضى العيد في المنفى، أو تحت القصف، أو بين جدران السجون! المجازر الأخيرة حصدت وحدها أرواح خمسين ألفًا، لم تتح لهم الفرصة ليفرحوا بالعيد.

هذا ليس سوى مثال واحد من عشرات الأمثلة.. ففي عشرات الدول، رحل آلاف الناس عن هذه الدنيا قبل أن يحظوا بفرحة العيد.

أتصدقون أن هذا المقال يتحدث عن العيد! كان يجدر بي أن أكتب شيئًا مفعمًا بالأمل والفرح والسعادة للشباب، لكنني أجد نفسي مرة أخرى أكتب عن الأحزان في يوم العيد.

إعلان

يتردد بين أبناء جيلي في تركيا مؤخرًا سؤال واحد: "في أي زمن نعيش؟"

إنه زمن مليء بالأزمات والصراعات والمآسي، حتى إننا لا نتوقف عن طرح هذا السؤال على أنفسنا. خلال السنوات الخمس الماضية، شهدنا كل أنواع المصائب، من الكوارث الطبيعية إلى الحروب الكبرى، ومن الأوبئة إلى موجات الهجرة الجماعية، ومن الأزمات الاقتصادية إلى الصراعات السياسية.

لقد استُنزفت فرحتنا بالحياة..

لكننا لم نفقد الأمل في الله، ولم يعد لدينا ملجأ سوى التضرع إليه. هو الباب الوحيد المفتوح أمامنا، فلنلجأ إليه قائلين: "اللهم كن لنا عونًا".

كثيرًا ما نشعر بالعجز، وربما في لحظات العجز هذه تحديدًا يكون اللجوء إلى الله والابتهال إليه هو الحل الوحيد.

عندما كنت أتجول في شوارع دمشق بعد الثورة، كنت أفكر: قبل عشرة أيام فقط، كانت هذه الشوارع تعيش تحت قمع نظام الأسد. أما الآن، فقد استعاد الشعب السوري حريته، وبدأ بإعادة بناء وطنه بأمل جديد. ومع كل يوم يمر، تثبت سوريا قدرتها على الوقوف على قدميها، مثل طفل صغير بدأ لتوّه بالمشي، وكنت أشعر بسعادة غامرة وأنا أشاهد هذا التحول.

امتلأ قلبي بالأمل في دمشق.. فإذا كان نظام الأسد قد سقط بعد 61 عامًا، فلماذا لا يسقط الاستبداد الصهيوني أيضًا؟

ولماذا لا تنهار أنظمة الطغيان والقمع التي تحكم شعوبها بالحديد والنار؟

إن كان الله قد منح الشعب السوري النصر في غضون عشرة أيام، فلا شك أنه قادر على منح النصر لشعوب أخرى أيضًا.

لكنْ هناك شيئان أساسيان لا بد من التمسك بهما لتحقيق ذلك:

أولًا: الثقة بالله.

ثانيًا: العمل بجد للقضاء على الظلم.

أنا مؤمن بأن الله لا يخذل المؤمنين الذين يتمسكون به ويعملون بلا كلل لنصرة الحق.

ربما علينا أن نغرس هذا المفهوم في نفوس شبابنا: ثقوا بالله واعملوا جاهدين لتصبحوا أقوياء. ومهما كان المجال الذي تعملون فيه، فلتقدموا فيه أفضل ما لديكم، لأن كل جهد صادق يسهم في إنهاء الظلم.

إعلان

أما أن نبقى مكتوفي الأيدي، نذرف الدموع، ونتحسر على واقعنا، ونتحدث عن مآسينا دون أن نبذل جهدًا، فهذا لا معنى له. المسلم لا بد أن يكون صامدًا، مجتهدًا، متفائلًا.

في هذا العصر الذي يطغى فيه الظلم، علينا أن نكون أقوياء. علينا أن ننظر إلى أهل غزة الذين يواجهون آلة القتل الصهيونية بصدورهم العارية، ونستلهم منهم القوة لاستعادة توازننا. علينا أن ننهض، ونستعيد عزيمتنا على حماية أوطاننا، وشعوبنا، وأمتنا الإسلامية.

هذا النظام الإمبريالي سيجلب للعالم مزيدًا من الكوارث في المستقبل، لذا يجب أن نستعد منذ الآن للنضال من أجل عالم أفضل.

فلنفكر في أولئك الذين لم يشهدوا العيد. نحن وإن كنا نعاني، ما زلنا نشهد فرحة العيد، لكن إذا أردنا لأطفالنا أن يعيشوا أعيادًا جميلة كما عشناها في طفولتنا، فعلينا أن ننهض، ونجاهد، ونصبح أقوى.

دعنا نجدد تلك الآمال مرة أخرى بمناسبة هذا العيد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • التصعيد الأمريكي في اليمن يهدّد الأمن الإقليمي ويزعزع استقرار المنطقة
  • صور| جانب من الدمار الذي لحق بمشروع ومبنى مؤسسة المياه في مديرية المنصورية جراء العدوان الأمريكي
  • استشهاد وإصابة 200 مدني جراء العدوان الأمريكي السافر على اليمن
  • استشهاد وإصابة 200 مدني جراء العدوان الأمريكي على اليمن
  • هذا دورنا الذي يجب أن نفعله لمن حُرموا فرحة العيد
  • ‌غارات مكثّـفة للطيران الأمريكي على اليمن (المواقع المقصوفة)
  • الجالية اليمنية في برلين تندد بالعدوان الأمريكي على اليمن
  • سحرة حميدتي
  • العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله
  • اليمن وغزة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني