قال باحثون ألمان إن جدارا تم اكتشافه تحت الأمواج قبالة ساحل بحر البلطيق في ألمانيا قد يكون أقدم هياكل الصيد المعروفة التي بناها البشر في أوروبا والمستخدمة في العصر الحجري.

جاء ذلك في دراسة نشرها معهد ليبنيز لأبحاث بحر البلطيق في ألمانيا، أمس الاثنين 12 فبراير/شباط 2024 بمجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم".

وحسب الدراسة، "كشف الفحص الدقيق للهيكل، المسمى "جدار وامض"، عن حوالي 1400 حجر صغير يبدو أنه تم وضعها لربط ما يقرب من 300 صخرة أكبر، وكان الكثير منها ثقيلا جدا بحيث لا يمكن لمجموعات من البشر تحريكها".

وكان باحثون وطلاب من جامعة كيل في ألمانيا قد عثروا لأول مرة عام 2021، على صف مذهل من الحجارة يقع على عمق حوالي 69 قدما (21 مترا) تحت الماء أثناء مسح جيوفيزيائي بحري على طول قاع البحر في خليج مكلنبورغ، على بعد حوالي 6 أميال (9.7 كيلومترات) قبالة ساحل ألمانيا.

وحسب ما أفادت صحيفة الغارديان البريطانية، "يغطي الجدار المغمور بالمياه، والذي يوصف بأنه اكتشاف مثير، 21 مترا من المياه، لكن الباحثين يعتقدون أنه تم بناؤه من قبل الصيادين وجامعي الثمار على أرض بجوار بحيرة أو مستنقع منذ أكثر من 11 ألف عام".

وفي حين أنه من الصعب إثبات الغرض من الجدار، فإن العلماء يشتبهون في أنه كان بمثابة ممر قيادة للصيادين الذين يطاردون قطعان غزال الرنة.

وقال الدكتور جاكوب جيرسن، كبير العلماء في معهد ليبنيز لأبحاث بحر البلطيق في ألمانيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة، "عندما تطارد الحيوانات، فإنها تتبع هذه الهياكل، ولا تحاول القفز فوقها. الفكرة ستكون إنشاء عنق زجاجة اصطناعي بجدار ثانٍ أو بشاطئ البحيرة".

وكتب الباحثون أن الجدار الثاني الذي كان يمتد بجانب "الجدار الوامض" قد يكون مدفونا في رواسب قاع البحر، وربما أجبر الجدار الحيوانات على النزول إلى البحيرة القريبة، وهو ما أدى إلى إبطائها وجعلها فريسة سهلة للبشر الذين يتربصون بها في زوارق مسلحة بالرماح أو الأقواس والسهام.

واستنادا إلى حجم وشكل الجدار الذي يبلغ طوله 971 مترا، يرى جيرسن وزملاؤه أنه من غير المرجح أن يكون قد تشكل من خلال عمليات طبيعية، مثل تسونامي ضخم أدى إلى تحريك الحجارة إلى مكانها، أو ترك الحجارة خلفها نهر جليدي متحرك.

وتغير زاوية الجدار، التي يبلغ ارتفاعها في الغالب أقل من متر واحد، اتجاهها عندما تلتقي بالصخور الأكبر حجما، وهو ما يشير إلى أن أكوام الحجارة الصغيرة تم وضعها عمدا لربطها ببعضها البعض.

وفي المجمل، يُعتقد أن حجارة الجدار تزن أكثر من 142 طنا، وإذا كان الجدار ممرا قديما للصيد، فمن المحتمل أنه تم بناؤه منذ أكثر من 11 ألف عام وغمره ارتفاع منسوب مياه البحر منذ حوالي 8500 عام.

وقال الباحثون: "هذا يضع الجدار الوامض ضمن مجموعة من أقدم النماذج المعروفة لعمارة الصيد في العالم، وربما يجعله أقدم بناء ضخم من صنع الإنسان في أوروبا".

ويحرص جيرسن الآن على زيارة الموقع مرة أخرى لإعادة بناء المناظر الطبيعية القديمة والبحث عن عظام الحيوانات والمصنوعات اليدوية البشرية، مثل المقذوفات المستخدمة في الصيد، والتي قد تكون مدفونة في الرواسب حول الجدار.

وحسب الدراسة، تم العثور على هياكل صيد أخرى مماثلة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في أماكن أخرى حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وغرينلاند، والمملكة العربية السعودية والأردن، حيث اكتشف الباحثون أفخاخا تُعرف باسم "الطائرات الورقية الصحراوية".

كما تم العثور سابقا على الجدران الحجرية وستائر الصيد المصممة لصيد الوعل (نوع من الماعز الجبلي) في قاع بحيرة هورون في ميشيغان وتم اكتشافها على عمق 98 قدما (30 مترا)، حيث أن بناء وموقع جدار بحيرة هورون، الذي يتضمن شاطئ بحيرة من جانب واحد، يشبه إلى حد كبير جدار بحر البلطيق.

وفي الوقت نفسه، يواصل العلماء أبحاثهم في بحر البلطيق باستخدام أجهزة السونار والسبر، بالإضافة إلى التخطيط لعمليات غوص مستقبلية للبحث عن الاكتشافات الأثرية، وفق الدراسة.

وقال جيرسن إنه فقط من خلال الجمع بين خبرات العاملين في مجالات مثل الجيولوجيا البحرية والجيوفيزياء وعلم الآثار، تصبح مثل هذه الاكتشافات ممكنة، مضيفا: "لدينا أدلة على وجود جدران حجرية مماثلة في مواقع أخرى في (خليج مكلنبورغ).

وأوضح أن فهم موقع الهياكل والتحف المفقودة في قاع البحر أمر أساسي مع تزايد الطلب على المناطق البحرية بسبب السياحة وصيد الأسماك وبناء خطوط الأنابيب ومزارع الرياح، ومن الممكن أن تلقي الكنوز الأخرى غير المكتشفة في قاع بحر البلطيق مزيدا من الضوء على مجتمعات الصيد وجمع الثمار القديمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بحر البلطیق فی ألمانیا فی قاع

إقرأ أيضاً:

قطاع الصيد البحري: رقم معاملات تصديري يناهز 31 مليار درهم خلال عام

أفادت كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، الأربعاء بالرباط، بأن قطاع الصيد البحري حقق رقم معاملات تصديري يناهز 31 مليار درهم خلال سنة 2023، بحجم بلغ 847 ألف طن.

وأوضحت السيدة الدريوش، خلال اجتماع تواصلي مع رؤساء الفيدراليات والجمعيات الفاعلة في قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد البحري، أن صادرات هذا القطاع الاستراتيجي تمثل، حسب الأرقام المحينة، 7 في المائة من إجمالي الصادرات و39 في المائة من صادرات المنتجات الفلاحية الغذائية.

وأبرزت أن المغرب يضم 518 وحدة لتحويل المنتجات البحرية، تشمل أساسا وحدات التجميد والتعليب وشبه التعليب، بالإضافة إلى أنشطة أخرى لتثمين المنتجات.

وأكدت السيدة الدريوش بهذه المناسبة، على الدور المهم الذي يضطلع به قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد البحري في النسيج الصناعي المغربي، ومساهمته البارزة في الأمن الغذائي وتعزيز فرص الشغل، وذلك بفضل الأداء المتميز، خاصة من حيث الاستثمارات المنجزة، ومساهمته الكبيرة في صادرات منتجات الصناعات الغذائية الوطنية.

كما أشارت إلى الجهود المبذولة خلال العقدين الماضيين، التي مكنت القطاع من تعزيز تنظيمه، بفضل استراتيجية « أليوتيس » التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2009، مبرزة أن المغرب استطاع تعزيز موقعه على الصعيدين الدولي والإقليمي كرائد في مجال صناعة الصيد البحري، باستثمار تجاوز 930 مليون درهم سنة 2023، وخلق أكثر من 126 ألف فرصة عمل مباشرة، رغم الظروف الصعبة التي يواجهها القطاع نتيجة التغيرات المناخية.

وفي هذا السياق، شددت المسؤولة على ضرورة تعزيز المكتسبات المحققة من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واعتماد تدابير جديدة تهدف إلى تحديث البنية التحتية واستغلال إمكانيات الاقتصاد الأزرق.

وأضافت أن تربية الأحياء المائية تشكل اليوم بديلا مهما للحفاظ على الموارد البحرية، وتوفير احتياجات صناعة التحويل، مبرزة أهمية انخراط المجهزين البحريين في ضمان انتظام وجودة هذا الإمداد.

كما دعت إلى تعزيز مكانة القطاع في خلق فرص العمل، التي تعد إحدى الأولويات الكبرى للحكومة.

من جهتهم، أكد رؤساء الفيدراليات والجمعيات العاملة في قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد البحري، إلى جانب الفاعلين الحاضرين، التزامهم بالمبادرات التي من شأنها تسهيل تنفيذ التوجهات الاستراتيجية المتعلقة بتطوير هذا القطاع، ومواجهة التحديات المرتبطة به.

مقالات مشابهة

  • ضبط 2 طن هياكل دواجن غير صالحة في القليوبية
  • الدقهلية .. غرق شاب أثناء الصيد بمركز المنزلة
  • قطاع الصيد البحري: رقم معاملات تصديري يناهز 31 مليار درهم خلال عام
  • "المدهن".. الإناء الحجري تتوارثه الأسر لتقديم الأكلات الشعبية في نجران
  • العمال المغاربة الموسميون بأوروبا.. أحلام تقود لمتاهة الاتجار بالبشر
  • سوريا .. اكتشاف أقدم أبجدية في مقبرة قديمة
  • بولندا ودول البلطيق تطالب برسوم أوروبية على أسمدة روسيا وبيلاروسيا
  • اتحاد الجاليات المصرية بأوروبا يرحب بقرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو
  • غموض يلف قطع كابلين رئيسيين للإنترنت ببحر البلطيق واختلاف بين مسؤولين أمريكيين وأوروبيين
  • روسيا: انضمام السويد للناتو يصعد حدة التوتر في البلطيق والقطب الشمالي