د. ماهر بن أحمد البحراني **

 

تم في المقالات السابقة استعراض تمويل التعليم العالي في عُمان والتحديات التي تواجه التعليم العالي، وتم استعراض المقترح الأول في المقال السابق من ضمن عدة مقترحات وحلول يمكن أن تسهم في التغلب على بعض تحديات تمويل التعليم العالي في عمان ويمكن أن تسهم في زيادة تمويل التعليم العالي وهي:

ثانيًا: ضرورة ربط الدعم المالي المقدم لمؤسسات التعليم العالي الحكومية بشكل يتناسب مع حاجات مؤسسات التعليم العالي وتحقيقها لجودة الأداء في أعمالها، حيث إن هناك حاجة ملحة لاستمرار الدولة في تمويلها للتعليم العالي، لما لها من دور في عمليات التمويل والتنظيم والمتابعة والتقييم لمخرجات مؤسسات التعليم العالي، والعمل على ربط التخصصات التي تطرحها مؤسسات التعليم العالي بحاجة سوق العمل، من أجل حسن استغلال الموارد المتاحة في تغذية حاجات سوق العمل من الكوادر البشرية.

ثالثًا: تشجيع التكامل بين مؤسسات التعليم العالي الحكومية في التخصصات وتوزيعها على محافظات السلطنة، بشكل يحقق الانسجام والترابط والحاجة في كل محافظة، ويحقق ويخدم حاجة المجتمع المحلي والقطاع الخاص من التخصصات المطروحة في هذه المؤسسات.

رابعًا: إنشاء صندوق استثماري حكومي يعود دخله لتمويل التعليم العالي أسوة بصناديق الاستثمار التي أنشأتها الحكومة في مجالات كثيرة، على أن يتولى هذا الصندوق فريق اقتصادي وتربوي من القطاع الخاص والأهلي، على أن يكون أهم أهدافه التوسع في التخصصات النادرة التي تحتاجها سوق العمل ولا يمكن لمؤسسات التعليم العالي الخاصة طرحها بسبب التكلفة العالية، كما يمكن لهذا الصندوق الدخول في شراكات استثمارية في بناء المنشآت التعليمية وتأخيرها للقطاع الخاص وشراء أسهم في مؤسسات التعليم العالي الخاصة والعمل على جذب الاستثمار في المجال التعليمي، وتشجيع قيام الجامعات المنتجة.

خامسًا: تشجيع الأفراد والمؤسسات الخاصة بوقف أملاكهم وأموالهم لتمويل التعليم العالي، مع قيام الحكومة بسن التشريعات اللازمة لصون الوقف الإسلامي، كما على الحكومة أن تقدم الدعم المالي المطلوب من أراضٍ ومنح مالية على شكل أوقاف يتم وقفها لمؤسسات التعليم العالي الخاص.

سادسًا: إنشاء صندوق لدعم التعليم العالي يمول من الوقف والتبرعات والهبات والزكاة، تحت إدارة القطاع الأهلي على أن يكون دور الحكومة التشريع والرقابة والمحاسبة، ويقتصر على تمويل التجهيزات التي تحتاجها مؤسسات التعليم العالي الحكومية وسد العجز في بعض بنود موازنة مؤسسات التعليم العالي الحكومية المرتبطة بالطلبة مثل الأبحاث والأنشطة الطلابية، ومساعدة الطلبة المعسرين والذين هم بحاجة الى مساعدة في تعليمهم أو مساعدتهم في تكاليف المعيشة؛ حيث أن الوضع الحالي من خلال قيام المؤسسة الوقفية للتعليم العالي سراج تحت إدارة وزيرة التعليم العالي، لا يلبي متطلبات وحاجات المجتمع الطلابي من مساعدتهم في التكاليف المعيشية.

كما إن الشروط والضوابط غير عملية في ظل الوضع الاقتصادي الصعب للطلبة وأولياء أمورهم، ودراسة إمكانية قيام الصندوق امتلاك السكنات الداخلية للطلبة الحالية بمؤسسات التعليم العالي الخاصة والإشراف على إدارتها، والتعاون بين الصندوق والحكومة لتشجيع المستثمرين على بناء مدن أو قرى سكنية للطلبة بأسعار في متناول الطلبة على أن تقدم الحكومة لها الدعم المالي والحوافز من أراضي واعفاءات ضريبة وتسهيلات، كما يجب على الحكومة تقنين الدعم المالي للطلبة غير المحتاجين، وتوجيه هذا الدعم المالي للطلبة الذين هم بحاجة إلى هذا الدعم المالي أو المخصصات المعيشية للطلبة.

سابعًا: قيام الحكومة بشراكات مع القطاع الخاص من أجل تشجيعه على التبرع لمؤسسات التعليم العالي الحكومية، وتقديم بعض الإعفاءات والتسهيلات الحكومية للمتبرعين.

ثامنًا: منح مؤسسات التعليم العالي الاستقلال الإداري والمالي، واستبدال تخصيص الميزانية السنوية ذات الأبواب الثابتة إلى تخصيص إجمالي المبلغ الذي يعطي مؤسسات التعليم العالي الحرية في الإنفاق بالصورة التي تتناسب مع احتياجاتها مع قيام الدولة بأعمال الإشراف والمحاسبة والحوكمة.

تاسعًا: إضافة بند للمسؤولية الاجتماعية على الشركات الخاصة والحكومية والبنوك، وفق ضوابط مُعيَّنة، على أن تخصص المبالغ لبناء المرافق والتجهيزات المختلفة لمؤسسات التعليم العالي الحكومية.

عاشرًا: دراسة إصدار أدوات مالية إسلامية لتمويل التعليم العالي مثل صكوك الإجارة أو قروض بدون فوائد من البنوك، والتي تُساعد في تمويل البنية التحتية لمؤسسات التعليم العالي الحكومية.

** دكتوراه في الإدارة والتنمية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عرض الإبهار .. تجربة رائعة تمتع الجماهير بمتنزه القرم الطبيعي

يشهد مهرجان ليالي مسقط بمتنزه القرم الطبيعي، عروض إبهار يومية على مسرح البحيرة متمثلة في شاشات عرض ثلاثية الأبعاد صممت على شكل مثلثات متفاوتة الأحجام مثلت جبال سلطنة عمان والذي أكّد عليه العرض، حين انطلق بظهور جبال متعرجة على الشاشات يحلق في أعاليها صقر عملاق يصيح بشكل حاد وقوي وهو ما يمنحه الهيبة والقوة حيث يعد الصقر العماني أحد الطيور الجارحة وأحد الرموز الثقافية والتراثية ويتميز بمكانة خاصة في المجتمع العماني، حيث يقام له مسابقات ومهرجانات خاصة تحتفي برياضة الصقارة تجمع عشاق الصقور، وتسعى هيئة البيئة في سلطنة عمان للحفاظ على هذا الطائر.

لتنطلق اللوحة الثانية من العرض وتأخذنا إلى عالم البحار إلى رائحة شاطئ العيجة في ولاية صور، إلى خور البطح حيث تقف سفينة فتح الخير شامخة إلى شواطئ مسندم وإلى سواحل الباطنة، حيث يأسرك صوت تموّج الأمواج وتعجب بجمال شروق وغروب الشمس في العرض، لنتذكر حينها بأننا في مسقط نستنشق نسيم القرم مرورًا بمطرح نشاهد هذا الجمال في واقعنا اليومي في العاصمة مسقط.

لنشهد بعدها في اللوحة الثالثة معالم سلطنة عمان السياحية، فتظهر القلعة لنستذكر حينها قلاع نزوى وبهلا والجلالي والميراني في مسقط وحصن الحزم في الرستاق وقلاع السويق وصحار وخصب وحصن عبري والبريمي، وتطل علينا بعدها منارة جامع السلطان قابوس الأكبر وهو الجامع الذي يجسد الفن المعماري الإسلامي بنقوشاته الجذابة في كل زاوية من زواياه ناهيك عن جمال سجادته الكبيرة المصنوعة يدويًا، ومن هناك إلى قصر العلم العامر وهو أحد أقدم القصور في سلطنة عمان حيث يتميز بواجهته الفريدة، والقابع وسط حديقة من الزهور والأشجار مقابلاً للمتحف الوطني، ويستخدم هذا القصر لمناسبات جلالة السلطان الرسمية كاستقبال الملوك ورؤساء الدول وعقد اجتماعات كبار القادة والمسؤولين، ولنحلق بعدها في العرض إلى دار الأوبرا السلطانية مسقط التي احتضنت الحفلات السيمفونية والعروض الأوبرالية العالمية والمسرحيات الغنائية والموسيقية وعروض الموسيقى العسكرية وأمسيات الإنشاد والمدائح الصوفية، تخلل هذه المشاهد ظهور رمال الصحراء المكان الذي يعشقه الجميع وخصوصًا في فصل الشتاء كرمال بدية والطحايم وخبة القعدان ورمال بوشر التي تتوسط المدينة في العاصمة مسقط.

تضمنت العروض مزيجًا من الإضاءة التفاعلية بألوانها المختلفة والمؤثرات البصرية والصوتية وعروض الليزر التي امتزجت لتقدم تجربة فريدة من نوعها إلى جانب تراقص النافورات على نغمات الموسيقى والتي تفاعلت مع المشاهد المعروضة لتمنح الحياة للعرض المقدم بالإضافة إلى الدخان أو كما يعرف بالضباب والشرارات الباردة أو الألعاب النارية الباردة بالإضافة إلى اللوحات الجدارية ثلاثية الأبعاد.

لينقلنا العرض في لوحاته الأخرى من الماضي إلى المستقبل الذي يحلم به الجميع إلى عالم بإمكانيات لامحدودة لتتحول سلطنة عمان إلى مدينة مليئة بالانسجام لتلتقي التقاليد بروعة التكنولوجيا حيث يعمل الذكاء الاصطناعي والآلات جنبًا إلى جنب مع الشباب معززًا أحلامهم وطموحاتهم وإلى عالم البحث العلمي والابتكار.

وأكد عبدالله بن علي الطوقي، مدير عرض الإبهار، قائلاً: "حرصنا على أن يعكس هذا العرض جميع التضاريس والعوامل الطبيعة التي تتميز بها سلطنة عمان، بما في ذلك البحار، والوديان، والصحارى، والجبال، فقد استخدمنا مثلثات متفاوتة الحجم في التصميم لترمز إلى كثافة الجبال التي تشتهر بها سلطنة عمان، وركزنا على إبراز التطور العمراني الذي تشهده العاصمة والمدن الأخرى وذلك بما يتماشى مع "رؤية عمان 2040" مع تسليط الضوء على التطور التكنولوجي واستخدام التكنولوجيا المتقدمة التي تجسد الانتقال بين العصور، في إشارة إلى النهضة المتجددة، فقد احتوى العرض على رموز تعكس الشبكات الإلكترونية وتطور الذكاء الاصطناعي عبر الزمن، في محاكاة للتقدم الذي تشهده عمان وتسعى لتحقيقه في المستقبل وكان هدفنا من خلال هذا العرض إبراز ملامح التطور كرسالة حية، حيث تضمنت اللوحات الجدارية المعروضة رسائل صوتية توضح مضمون كل لوحة والتي تسعى للإجابة على سؤال "إلى أين يتجه مستقبل عمان؟".

وأضاف الطوقي: بدأت سلطنة عمان بالفعل في استخدام تطبيقات وأجهزة الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطوير الكوادر البشرية للتعامل مع هذه التقنيات فالإنسان يظل هو العنصر الأساسي في التحكم بالتكنولوجيا وتوجيهها فلا يمكن للتكنولوجيا أن تحل محل الإنسان ولكن يجب علينا أن نواكب التكنولوجيا وتطوراتها وتمكين الإنسان لاستخدامها والتعامل معها.

وأعربت حور اللواتية عن رأيها قائلة: إن العرض كان في غاية الروعة، كان شيئا مميزا ومبهرا، فالعرض كان يتحدث عما يحدث في سلطنة وعمان ويستشرف المستقبل وكيف تسعى الحكومة جاهدة للتطوير والتغيير بمساعدة الذكاء الاصطناعي، فالعرض بالمجمل جميل جدًا وخصوصًا أنهم مزجوا بين الليزر والدخان بالإضافة إلى تداخل النافورات وحركة اللوحات الجدارية التي ظهرت في العرض، مشيرةً إلى أن أكثر ما لفت انتباهها هي حركة الإضاءة والليز؛ لأنه شيء حركي لا يجعلك تركز في شيء واحد فقط، وكلوحة جدارية فقد لفت انتباهنا شكل عمان في المستقبل مؤكدة أنها تحلم أن تتحقق هذه الصورة وتراها على أرض الواقع وفي الحقيقة، وأضافت اللواتية: إنها لأول مرة تشاهد هذا النوع من العروض.

وأشاد يزن بن أحمد آل ثاني بالعرض ووصفه أنه مميز وجميل، حيث استعرض كيف كانت سلطنة عمان في الماضي وكيف أصبحت، وكيف نشاهدها في المستقبل، من خلال التطور التكنولوجي والعمراني، مشيرًا إلى أنه حضر العرض أكثر من مرة، فالعرض يُظهر تميز سلطنة عمان وما تسعى لتحقيقه من رؤية في المستقبل، وما لفت انتباهي في العرض المزيج الرائع الذي شاهدناه بين موسيقى العرض وتراقص النافورات بالإضافة إلى حركة الإضاءة والليزر فهو أمر مبهر في الحقيقة فقد كان مزيجًا رائعًا من الحركة، موضحًا أن العرض ممتع ومناسب لجميع الأعمار.

مقالات مشابهة

  • 5.2 % زيادة بعدد المركبات في سلطنة عمان
  • مجلس العلوم الدولي يثمن دور سلطنة عمان في دعم المعرفة
  • كيف علق مفتي سلطنة عمان على استشهاد الضيف وقادة القسام؟
  • استشراف مستقبل مؤسسات التعليم العالي في عصر الذكاء الاصطناعي
  • الاقتصاد الصحي في سلطنة عمان التحديات والفرص«1»
  • سلطنة عمان تطّلع على تجربة مملكة البحرين في مكافحة الاتّجار بالبشر
  • أصول القطاع المصرفي في سلطنة عمان تتجاوز 44 مليار ريال خلال 2024
  • شبكة أطباء السودان: نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تشير إلى قيام الحكومة التشادية بترحيل لاجئين سودانيين
  • تجليات ندوة "واقع صناعة النشر في سلطنة عمان" بمعرض الكتاب
  • عرض الإبهار .. تجربة رائعة تمتع الجماهير بمتنزه القرم الطبيعي