جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-26@00:34:17 GMT

إنّها الموسيقى.. وكفى!

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

إنّها الموسيقى.. وكفى!

 

غنيّة الحكمانية

الموسيقى فنٌ من الفنون الصّوتية المشنّفة للأسماع رقّة ورهافة وعذوبة، وهي من ضمن الفنون السّبعة الأشهر عالميا،ً ولكنّها كما قال أفلاطون: "إنّ الموسيقى أكثر اختراقا لذواتنا من الفنون الأخرى؛ لأنّ كل تلك الفنون تخاطب الظلالَ فقط، بينما تخاطب الموسيقى الجوهر".

صدق أفلاطون فالموسيقى تخاطب بهمس لحنها الأفئدة والعقول، تستنطق إحساسها وتسري بها في رحاب ملكوتها الجميل، متماهية مع الأرواح التي تنشد السّلام والحُب والوئام، وتلهم الألباب فكرًا وآفاقًا منفتحة تُجاوز به أفهام الآخرين، وتضفي على الكون حياة وعلى الحياة معنى وعلى المعنى جَمالًا.

وقد نشأت الموسيقى منذ عصور ما قبل الميلاد؛ إذ وُجِدت بعض الآثار لبعض الآلات منحوتة من الأخشاب أو من عظام الحيوانات مع ثقوب على جانبيها، وما بعد الميلاد اختلفت ثقافات الحضارات القديمة للموسيقى، فلقد أُشْركت ألحانها في الاحتفالات الدينية والطقوس التعبدية، ثم في أنماط الحياة والمناسبات الخاصة، فأصبحت للشّعوب موروثاتها الشّعبية وتقاليدها الموسيقية وأغانيها القوميّة، ونتاجات من الألحان تنفرد بها. وما تتبوّأ الموسيقى من مكانةٍ في تلك المجتمعات يعكس مدى التقدم والانفتاح والحظوة من الرّفعة والرّقي فيها، كما أكّد حكيم الهند القديم كونفوشيوس: "إذا أردت أن تتعرف في بلد ما على إرادته ومبلغ حظه من الحضارة والمدنية، فاستمع إلى موسيقاه". ويؤكد قوله ابن خلدون: "أحد مؤشرات سقوط الحضارات كان تدني الحسّ الغنائي الموسيقي في المجتمع".

وللموسيقى عظماء تكلّلت مساعيهم الموسيقية في حقبتهم نموًا وازدهارًا، وتنوعت حصيلتهم الموسيقية من حيث الأداء والمهارة والأسلوب، ومن أشهرهم الأسطورة بيتهوفن الذي رغم فقدانه السّمع أطرب السّامعين بسيمفونياته الكلاسيكية الرائعة، فكان لا زال يملك أذنا موسيقية رافقت مشوار إبداعه طوال حياته، ومن مقولاته "أنّ الموسيقى هي الوسط بين الحياتين الرّوحية والحسيّة"؛ فهي تعرج به إلى سماواتٍ رحبة يتقلّب في رغَد بحبوحتها، فتحلو حينها مناجاة الرّوح بكل صدقٍ وصفاء، فترقى بكينونة الإنسان إلى أرقى درجات السّلام والجَمال والإبداع، فما بين الرّوح والحسّ موسيقى.

والطبيعة أيضًا تعزف ولها مزاميرها البهيجة المختلفة، تبوح لحنًا شجيًّا متأنّقة بجنباتها الفاتنة، ترنيمات الطيور وحفيف الأشجار وهدير الأمواج وخرير الماء، فالطبيعة مصدر إلهام لروائع الأنغام، فالعازفون يسترقون السّمع لاختلاس أجود الأصوات، وتُدمج سيمفونية الطبيعة ومعازف الموسيقى لتشكيل أجمل موسيقى للطبيعة البشرية، وتصبح  لوحة التأمل حينها أكثر تناغمًا وانسجامًا وتوازنًا.

وتؤكد الأبحاث مدى قوة تأثير الموسيقى على الإنسان والحيوان والنّبات، فالإنسان في جميع أطواره ومراحله وتقلباته، تربتُ الموسيقى على قلبه سكينة واطمئنانا، وتحلّق به متعة وانتشاء، وتمنحه إيجابية ودافعية، وتعمل على تحسين قدراته الذهنية والبدنية وتقوية مهاراته الاتصالية والتواصلية. والحيوانات تشدو مع الموسيقى وكأن سحرَ الافتنان قد مسّها، تستمتع وتكون أكثر وداعة ورقّة، وتدندن مع معزوفات الموسيقى وتتراقص طربًا، فقد وافقت شيئا من إحساسها، تحكي لي والدتي عن ماضي زفافها على النّاقة قديمًا، بأنّ النّاقة تميل بعنقها يمنة ويسرة مبتهجة جذِلة مع النّساء، مغمورة بالسّعادة تشاركهن الفرَح والسّرور.

وللنّبات تجاوبٌ وتفاعلٌ أيضا فهو يتنعش بذبذبات وترددات الموسيقى فيقوى عوده ويتحفّز نموه ويتبّكر تزهيره ويزيد إنتاجه.

وتُستخدم الموسيقى للعلاج النّفسي والجسدي والعصبي باستخدام تقنيات عدّة تناسب وطبيعة الحالة، فكانت هناك بيمارستانات عربية منذ ألف عام ونيّف خاصة لعلاج الاضطرابات المختلفة بالموسيقى، وتم تأسيس مبادئ علمية تتعلق بالعلاج الموسيقي من قِبل العلماء والأطباء العرب العظماء كالرازي وفارابي وابن سينا؛ فإيقاعات أوتارها دواء، وموجاتها الصوتية عزاء، تعمل على إزالة عوالق الأرواح المتعبة وإزاحة الألم ورفع مستوى الأجسام المضادة في الجسم، وحين ترتيل أنغامها يستجيب المريض للعلاج بما تفرزه من هرمونات السّعادة والفرح التي تحفّز على التشافي والتعافي. ويقول العالم أبو بكر الرازي: "إنّ للموسيقى أثر سحري يقي المرضى من تأجج أزماتهم النفسية".

لذا.. فالموسيقى ليست مجرّد تجميع ألحان لتشكيل مقطوعات موسيقية، أو جوقة تتشارك أداءً أنغامًا متآلفة؛ بل هي بوح مُعبّر عن المشاعر والأحاسيس، تفصح عن خلجات النفس التي لا يمكن الحديث عنها بكلمات، ولا يفهمها إلا من لديه فيضا من المشاعر الصادقة والأحاسيس النبيلة، فهي تخترق شغاف القلوب برقّة الشعور ورهافة الذوق. نعم إنّها الموسيقى لغة الإنسانيّة والكونية، ففي نسختها هدى وسلامًا وأُلفًا، توحّد النّاس تحت دينها، فلا تنطق كفرًا ولا عنفًا ولا ويلًا ولا ثبورًا، يجتمعون النّاس تحت مظلة معازفها سواسية بشتّى الأجناس والطوائف والتوجهات، منعتقة من ملوثّات الحياة وأدرانها ومتهذّبة بفضائل الأخلاق ومكارمها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“الصحة العالمية”: الموسيقى الصاخبة قنبلة تهدد صحة القلب

المناطق-متابعات

كشفت منظمة الصحة العالمية أن التعرض لضوضاء أعلى من 85 ديسيبل لمدة 8 ساعات يسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي، إضافة إلى اختلال الاتصال بين الدماغ والأعضاء السمعية.

وأشارت مجلة The Lancet أن التلوث الضوضائي يُعتبر شكلًا مدمرًا من التأثير البيئي، مشابهًا لتلوث الهواء، ويعرف بأنه اهتزازات تنتقل عبر الهواء يدركها السمع البشري.

أخبار قد تهمك مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع 26 نوفمبر 2024 - 3:26 صباحًا قبيل دخول الشتاء .. انخفاض درجات الحرارة شمال المملكة 26 نوفمبر 2024 - 2:38 صباحًا

وتشكل الأصوات العالية التي تتجاوز المستوى المقبول، خاصة عند التعرض لها لفترات طويلة، خطرًا صحيًا كبيرًا، ويمكن أن تؤدي إلى تطور طنين الأذن أو فقدان السمع التام الذي يعاني منه واحد من كل سبعة بالغين في أوروبا من طنين الأذن وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

ويُوصي العلماء بضرورة تخفيض مستوى الضوضاء في المدن لتحسين نوعية النوم وتقليل التأثير السلبي على الصحة من أمراض القلب والجهاز الهضمي، والإجهاد ومشاكل الجهاز العصبي وضعف المناعة.

على صعيد آخر، ابتكر علماء من جامعتَيْ غلاسكو وبرمنغهام نموذجًا أوليًا لعدسة بلورية سائلة يمكن أن تُحدث ثورة في حياة المصابين بالصرع الحسّاس للضوء.

وتحجب العدسات عند تفعيلها أكثر من 98% من الموجات الضوئية عند الطول الموجي 660- 720 نانومترًا، المسببة للصرع، ويمكن التحكم بها من خلال تغيرات طفيفة في درجة الحرارة مدمجة في العدسة.

وتوضح الدراسة إمكانية استخدام هذه العدسات في المواقف التي تتسبب فيها الأضواء بطول موجي معين في نوبات الصرع، مثل ما يحدث أثناء مشاهدة التلفزيون أو ممارسة ألعاب الكمبيوتر.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 26 نوفمبر 2024 - 3:32 صباحًا شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد26 نوفمبر 2024 - 2:32 صباحًااكتشاف جزيء يعزز شفاء الأمعاء ويمنع نمو سرطان القولون أبرز المواد26 نوفمبر 2024 - 2:25 صباحًا«التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام أبرز المواد26 نوفمبر 2024 - 2:17 صباحًاالجيش الإسرائيلي يعرض 60 ألف سلاح استولى عليها من حزب الله بشهرين أبرز المواد26 نوفمبر 2024 - 2:10 صباحًاالفرق السعودية تختتم معسكرها التدريبي استعدادًا للأولمبياد العالمي للروبوت “WRO 2024” أبرز المواد26 نوفمبر 2024 - 2:01 صباحًا“سوق بني عيسى” بسبت الجارة .. وجهة سياحية بطابع تراثي26 نوفمبر 2024 - 2:32 صباحًااكتشاف جزيء يعزز شفاء الأمعاء ويمنع نمو سرطان القولون26 نوفمبر 2024 - 2:25 صباحًا«التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام26 نوفمبر 2024 - 2:17 صباحًاالجيش الإسرائيلي يعرض 60 ألف سلاح استولى عليها من حزب الله بشهرين26 نوفمبر 2024 - 2:10 صباحًاالفرق السعودية تختتم معسكرها التدريبي استعدادًا للأولمبياد العالمي للروبوت “WRO 2024”26 نوفمبر 2024 - 2:01 صباحًا“سوق بني عيسى” بسبت الجارة .. وجهة سياحية بطابع تراثي مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • “الصحة العالمية”: الموسيقى الصاخبة قنبلة تهدد صحة القلب
  • الصحة العالمية: الموسيقى الصاخبة تهديد خفي لصحة القلب
  • مجموعة استثنائية من الحفلات الموسيقية والفعاليات الترفيهية في مهرجان 321 بدبي
  • مجموعة استثنائية من الحفلات الموسيقية والفعاليات الترفيهية في مهرجان 321 خلال عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية من مهرجان دبي للتسوق
  • ليلة مع روحانيات الإنشاد فى معهد الموسيقى العربية
  • نقابة المهن الموسيقية تنعى الملحن محمد رحيم وتدعو لاحترام قدسية الموت
  • نقابة المهن الموسيقية تنعى الملحن محمد رحيم
  • حفل لروحانيات الإنشاد في معهد الموسيقى العربية
  • رحلة الملحن محمد رحيم في عالم الموسيقى.. بدأت مع عمرو دياب وعمره 16 عاما
  • وزارة الثقافة تنظم حفلا لروحانيات الإنشاد فى معهد الموسيقى العربية