نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن المفاوضات غير المباشرة بشأن وقف إطلاق النار في غزة التي لم تنقطع، على الرغم من وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للشروط التي وضعتها حركة حماس الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بـ "الوهمية".

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من خلال وسطاء، من مصر إلى الولايات المتحدة مرورا بقطر، مازالت المفاوضات مستمرة عبر الوسائل الإلكترونية وفي القاهرة.



وكتب المعلق بصحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هرئيل: "هناك مجال للمناورة"، مبديًا تفاؤلا غير عادي بشأن زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى القاهرة للقاء الوفود المصرية والقطرية وربما حتى الإسرائيلية.

لكن هذه المفاوضات، حتى لو كانت من أجل وقف مؤقت لإطلاق النار لا تنهي الاحتلال الإسرائيلي لغزة، ولا تزال تواجه تحديات كثيرة، كما شهدنا في أحدث جولة من المفاوضات بشأن الشروط ورفض الاتفاقات بين إسرائيل وحركة حماس خلال الأسابيع الأخيرة.




وذكرت الصحيفة أنه بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء الاجتياح البري لقطاع غزة، فإن إسرائيل لم تحقق بعد أهدافها بالكامل ولا يبدو أنها ستحققها. ورغم مستوى الدمار الذي لحق بمساحة تبلغ 365 كيلومترا مربعا، فإن الجيش الإسرائيلي لم يحتلها بالكامل ولم تطأ أقدام قواته بعد بعض مخيمات اللاجئين في وسط غزة وفي رفح، المدينة الحدودية مع مصر.

بالإضافة إلى ذلك، لم تقض الغارات على كبار قادة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني. ويتذكر الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، على شاشة التلفزيون، أن الإسرائيليين "حددوا هدفا للقضاء على الطبقة السياسية والقيادية العسكرية لحركة حماس عند دخولهم". وأكد في الرابع من فبراير/شباط أن "هذه الإجراءات لم تكن ناجحة حتى الآن".

وفي الواقع، لم يشمل الاقتراح الأول للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، الذي تم إعداده في باريس في نهاية كانون الثاني/يناير من قبل ممثلين عن الولايات المتحدة وقطر ومصر، أي مطلب إسرائيلي بمغادرة القادة العسكريين للحركة المسلحة الفلسطينية غزة إلى المنفى في بعض الدول العربية.




وينص اتفاق باريس الأدنى على هدنة إنسانية على ثلاث مراحل. تبدأ الفترة الأولى لمدة ثلاثة أسابيع وتستمر في المجمل 135 يوما، وذلك وفقا لوكالة رويترز للأنباء. وخلال كل هذه الفترات، سيتم إطلاق سراح مجموعة من الرهائن الإسرائيليين البالغ عددهم 132 الذين تحتجزهم حماس والذين ما زالوا على قيد الحياة. ووفقا للجيش الإسرائيلي، قُتل حوالي 32 شخص لأسباب مختلفة، معظمهم بسبب القصف، وسيتم تسليم جثث الذين ماتوا في الأسر. وفي المقابل، سيتم إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين.

إلى جانب هذا الاتفاق الأولي، لا تزال هناك خمس عقبات رئيسية أمام إنهاء الحرب:

1.تطالب حماس بإطلاق سراح ما لا يقل عن 1500 أسير فلسطيني، وهو رقم مبالغ فيه في رأي المجلس الوزاري الإسرائيلي. وقبل بدء الحرب، كان هناك 4763 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية، لكن عددهم تضاعف منذ ذلك الحين. ومن بين الأشخاص الذين يؤمل إطلاق سراحهم مروان البرغوثي، أحد قادة فتح، المنافسة لحماس، الذي قضى 22 سنة خلف القضبان. وثلث الذين تم الإفراج عنهم كان محكوما عليهم بالسجن المؤبد. أما بالنسبة لأولئك الذين سيواصلون قضاء عقوباتهم أو هم في الاعتقال الإداري، تطالب حماس بتحسين ظروف سجنهم.

2.تريد حماس أن تؤدي هذه الهدنات الإنسانية المتسلسلة الثلاث إلى وقف نهائي لإطلاق النار. في المقابل، يرفض نتنياهو القيام بذلك لأنه يريد أن يكون له مطلق الحرية في استئناف الهجوم إذا رأى ذلك ضروريا. وقد أخبر الوسطاء القطريين والمصريين حماس أنه عندما تنتهي هذه الهدنات، فإن الضغوط الدولية سوف تجعل من المستحيل تقريباً على الحكومة الإسرائيلية العودة إلى الحرب. 

3.تطالب حماس الجيش الإسرائيلي بالسماح، في المرحلة الأولى، بالتنقل بحرية داخل غزة، وبعودة مليون ونصف مدني إلى الشمال المدمر، وأخيرا انسحابهم من القطاع بأكمله. لكن الحكومة الإسرائيلية مستعدة فقط لسحب جيشها من المراكز الحضرية الرئيسية.

4.تريد حماس من إسرائيل أن تمنع زيارة اليهود، برفقة الجيش، إلى المسجد الأقصى، حيث سمحت لهم الحكومة الإسرائيلية بهذه الزيارات ابتداء من سنة 2003، ويعتبر المسلمون هذه الزيارات بمثابة استفزاز.  وأطلقت حماس على هجوم السابع من تشرين الأول /أكتوبر اسم "طوفان الأقصى".

5.تطالب حماس أيضا بفتح جميع حدود غزة لدخول المساعدات الإنسانية عبرها قبل إعادة إعمار القطاع، وهو ما قد يستغرق ثلاث سنوات على الأقل. ومن جانبها، ترغب إسرائيل في فرض سيطرتها على ما يدخل غزة برًا لمنع إدخال الأسلحة عبر معبر رفح مع مصر. وبالتوازي مع ذلك، سيتعين على تل أبيب والقاهرة الاتفاق على الكيفية التي سيتمكن بها الإسرائيليون من مراقبة الأنفاق، المغلقة الآن، بين شبه جزيرة سيناء وغزة، التي جلبت حماس من خلالها الأسلحة إلى غزة. ومن الممكن إعادة فتح معبر إيريز الحدودي بين إسرائيل والقطاع، مؤقتا ولكن بأي حال من الأحوال لا يمكن لليد العاملة الفلسطينية العودة للعمل هناك بحسب السلطات الإسرائيلية.

الهجوم على الجيب الأخير

بالتزامن مع المحادثات الجارية في القاهرة، أمر نتنياهو يوم الجمعة جيش الاحتلال بتقديم خطة مشتركة إلى المجلس الوزاري الاسرائيلي لإجلاء 1.7 مليون لاجئ من غزة بالقرب من رفح والقضاء على الكتائب الأربع لحماس التي يُزعم أنها متحصنة في تلك المدينة الحدودية. لكن المهمة مستحيلة لأن هؤلاء المدنيين ليس لديهم مكان يذهبون إليه ولا وسيلة للسفر.




بيّنت الصحيفة أن الأمر بشن الهجوم الكبير الأخير يعني أنه، بين النصر الكامل الواضح وإعادة الرهائن، اختار نتنياهو الأول. ربما يكون هذا هو القرار المفضل لأغلبية حكومته المكونة من وزراء متشددين، ولكن ليس من قبل الرأي العام. ويكشف الاستطلاع الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، والذي نُشر الأسبوع الماضي، أن 51 بالمئة من الإسرائيليين يعطون الأولوية لإنقاذ الرهائن، في حين يفضل 36 بالمئة فقط القضاء على حماس.

من جهته، لم يحدد نتنياهو متى يجب أن يبدأ الجيش تنفيذ هذا الأمر. وتمثل رد الفعل الوحيد للحركة الفلسطينية في إصدار بيان تعلن فيه أن أي "عدوان عسكري واسع النطاق" من شأنه أن يضع حدا فوريا لأي مفاوضات.

أضافت الصحيفة أن الصحافة الإسرائيلية لم تحدد تاريخ بدء الهجوم المعلن، لكنها أشارت إلى أنه يجب أن يكتمل بحلول العاشر من آذار/مارس، عندما يبدأ شهر رمضان. ومنذ أعلن نتنياهو نيته الاستيلاء على رفح، تعرض لانتقادات شديدة من الغرب والعالم العربي، نظرا لأن الاستيلاء على تلك المدينة الأخيرة من شأنه أن يسبب مجزرة. وقد تجاوز عدد القتلى 28 ألفا، حسب وزارة الصحة في غزة.

ومن جانب آخر، كتب وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على موقع "إكس"، يوم السبت، أن "توسيع العمليات العسكرية إلى رفح سيشكل تهديدا خطيرا لحياة أكثر من مليون لاجئ فلسطيني في المنطقة وسيزيد من الكارثة الإنسانية". 

واستنكر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التصعيد العسكري الإسرائيلي في رفح الذي يهدف إلى "طرد الفلسطينيين من أراضيهم". وهذا بالضبط ما تخشاه مصر: أن يهرب عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين من التفجيرات، ويقتحموا نقاط التفتيش في رفح ويدخلوا إلى سيناء.

وفي محاولة لمنع حدوث ذلك، حذر نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من أنه سيعلق معاهدة السلام مع إسرائيل إذا اقتحم جيشها رفح وتسبب في رحيل أعداد كبيرة من المدنيين، وذلك حسب صحيفة وول ستريت جورنال. ولا ينبغي أن يُقلق هذا التعليق نتنياهو كثيرا، لأن مصر لن تعيد بأي حال من الأحوال فتح ملف الصراع مع إسرائيل.

وفي الختام، أبرزت الصحيفة أنه على الأرض، اتخذ السيسي إجراءات وقائية أخرى مثل تركيب كاميرات على الجانب المصري من تلك الحدود يمكن من خلالها توقع النزوح البشري. كما قام ببناء جدار خرساني يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، يعلوه سياج من الأسلاك الشائكة، لمنع الدخول الجماعي للفلسطينيين. وعلى عكس سوريا أو الأردن أو لبنان، لم ترحب مصر باللاجئين الفلسطينيين إلا نادرا منذ قيام إسرائيل في سنة 1948.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة حماس مصر الاحتلال رفح مصر احتلال حماس غزة رفح صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تطالب حماس الصحیفة أن

إقرأ أيضاً:

ترجيح إسرائيلي بنية نتنياهو التوجه إلى واشنطن بنية استئناف الحرب

يتجه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن الثلاثاء القادم وعينه على مهمة تتمثل بإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأنه لا يمكن إنهاء الحرب وفي نفس الوقت إبقاء حركة حماس في السلطة.

وقالت اعتبرت المراسلة السياسية لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية آنا براسكي، إن ذلك قبل دخول الأطراف في مفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأضافت براسكي أن "إسرائيل وحماس يدخلان في مفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة حيث تتناقض أهداف كل طرف بشكل كامل مع هدف الطرف الآخر، فإسرائيل مستعدة لإنهاء الحرب في غزة بشرط أن تنهي حماس وجودها كمنظمة مسلحة، وتفقد السيطرة المدنية والسياسية والعسكرية".

وأكدت أن "حماس تسعى إلى عكس ذلك بإنهاء إسرائيل لوجودها في غزة، وأن تستمر هو في السيطرة عليها عسكريا وسياسيا ومدنيا".


وأوضحت أن الرئيس الأمريكي بدوره يصدر تصريحات حول توفر الأمل لكل طرف من الطرفين، فهو يريد رؤية نهاية للحرب في غزة، وفي نفس الوقت "لا يريد أن يرى في غزة منظمة حماس الإرهابية"، على حد وصفها.

وذكرت أن "الهدف الرئيسي لبنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء في الوقت المخصص له في المكتب البيضاوي سيكون إقناع ترامب بأن هذين العنصرين لا يتماشيان معًا، إما إنهاء الحرب بسرعة، ولكن حماس تبقى تسيطر وتتعزز؛ أو إزالتها تمامًا كما يريد الرئيس الأمريكي".

وأشارت إلى أنه من أجل تحقيق ذلك، يتطلب الأمر أحد أمرين: "إما حل سحري أو استئناف الحرب، والخيار الأول ليس مجرد استئناف، فإذا كانت الحرب ستعود هذه المرة في إسرائيل يريدون القيام بذلك بشكل مختلف وبدون الأساليب الثنائية التي فرضتها إدارة بايدن على الجيش الإسرائيلي عندما كانت يد اليمن تضرب العدو، ويد اليسار تقدم له المساعدات الإنسانية".

وأضافت أن "نتنياهو يؤمن في القتال العنيف دون العودة إلى طريقة الغارات التي فشلت، ودون إحياء العدو بشكل قسري، وبشكل أدق، يعتقد نتنياهو أن التهديد الموثوق بالقتال العنيف يمكن أن يكون هو الحل السحري الذي يلتقي مع مطلبين لترامب: إنهاء الحرب في غزة وإنهاء حكم حماس".


وقالت إن "الجناح المتشدد في الحكومة الذي تضاءل ليصبح شريكا نشطا واحدا يتمثل بالصهيونية الدينية برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش يمكن أن يكون مطمئنًا، فنتنياهو لم يكذب عليه عندما وعده بالعودة إلى الحرب في حال عدم تحقيق أهدافها بطرق أخرى".

واعتبرت أن نتنياهو "يرى ذلك كخيار ويعتزم حقًا قول ذلك لدونالد ترامب، هو فقط يعتقد أنه يمكن بناء السيناريو الثالث: ليس الاستسلام لحماس مقابل إعادة جميع الأسرى، وليس التنازل عن جزء كبير من الأسرى مقابل العودة إلى الحرب".

مقالات مشابهة

  • باحث: اتفاق التهدئة ضرورة للطرفين رغم الشكوك في نوايا إسرائيل
  • المتحدث باسم نتنياهو يحدد "أهم أهداف" إسرائيل
  • المتحدث باسم نتنياهو يحدد "أهم أهداف" إسرائيل
  • وزير المالية الإسرائيلي: نتنياهو وترامب ملتزمان بعزل حماس من حكم غزة
  • ترجيح إسرائيلي بنية نتنياهو التوجه إلى واشنطن بنية استئناف الحرب
  • نتنياهو: لن نقبل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا بغزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • نتنياهو: أنظر بخطورة بالغة لمشاهد إطلاق سراح محتجزينا وأطالب بضمان عدم تكرارها
  • ‏مكتب نتنياهو يعلن تسلّم الجيش للمجندة المُفرَج عنها بجباليا وأن إسرائيل ملتزمة بإعادة كل الأسرى والمفقودين
  • وفد حماس يبحث مع المخابرات المصرية تطورات ملف التهدئة بغزة