مي عمر “طليقة” أحمد زاهر في مسلسل “نعمة الأفوكاتو” هذا رمضان
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
يجتمع الفنانان المصريان مي عمرأحمد زاهر في مسلسل “نعمة الأفوكاتو” موسم دراما رمضان 2024.
ونشرت “مي” بوسترات جديدة عبر حسابها الرسمي على “إنستجرام”، وظهرت خلالها “مي” وهي بمكتب المحاماة خاصتها.
وعلقت: “بسم الله توكلنا على الله بوسترات مسلسل نعمة الأفوكاتو رمضان 2024 إن شاء الله على إم بي سي”. والمقرر عرضه ضمن منافسات مسلسلات رمضان 2024.
تدور أحداث مسلسل “نعمة الأفوكاتو” في إطار اجتماعي، وتجسد “مي” دور محامية تدخل في صراعات مع طليقها أحمد زاهر ضمن أحداث العمل.
المسلسل مكون من 15 حلقة ويشارك ببطولته أحمد زاهر، أروي جودة، كمال أبو رية. سلوى عثمان، سامي مغاوري، تأليف مهاب طارق، إخراج محمد سامي.
يذكر أن هذه المرة الثانية التي يتعاون خلالها المخرج محمد سامي مع زوجته الفنانة مي عمر. ببطولة مطلقة في الدراما التلفزيونية وكانت أولى تجاربهما مسلسل “لؤلؤ” عام 2020.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: نعمة الأفوکاتو
إقرأ أيضاً:
(نص) المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 13 رمضان 1446هـ 13 مارس 2025م
يمانيون/ صنعاء
(نص) المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 13 رمضان 1446هـ 13 مارس 2025مأَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في سياق الحديث على ضوء الآيات المباركة القرآنية من (سورة الشعراء)، في مقامٍ مهمٍ من مقامات نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وهو يسعى لهداية قومه، وإنقاذهم من الشرك، والاتِّجاه بهم إلى عبادة الله وحده “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وجدنا كيف أنه اتَّجه إلى استخدام أسلوبٍ، يختلف عن الأسلوب في المقام الذي تم الحديث عنه، على ضوء الآيات المباركة من (سورة الأنعام)؛ لِيُنَوِّع معهم الأساليب، ويعرض لهم أيضا المزيد من الحجج والبراهين، وكذلك ليعرض لهم الحقائق المهمة كذلك بطريقةٍ جديدة، وهدفه هو: السعي للوصول بهم إلى الهداية، وإلى إنقاذهم مما هم فيه من الضلال، والاتِّجاه بهم إلى عبادة الله وحده “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
استخدم معهم أسلوب (الأسئلة التي تستنطق الحقيقة)، فبعد أن سألهم: {مَا تَعْبُدُونَ}[الشعراء:70]، وكان ردهم كما تلوناه في الآية المباركة: {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}[الشعراء:71]، وجَّه لهم أيضاً أسئلة تصل بهم إلى الحقيقة، عن أن تلك الأصنام غير جديرة إطلاقاً بأن يتوجَّهُوا إليها بالعبادة: {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ}[الشعراء:72-73]، وهنا كان جوابهم يتضمن ضمنياً الاعتراف بأنها لا تسمعهم، ولا تنفعهم، ولا تضرهم؛ وإنما يعتمدون فقط في عبادتهم لها باعتبار أنها من موروثهم الاجتماعي، الذي ورثوه عن آبائهم، وكان فيهم رموز يعتمدون عليهم، ويتقبَّلون منهم كل أشكال الضلال، بما فيه هذا المعتقد.
حينها اتَّجه إليهم بموقفه الحاسم، بعد أن تبين- حتى لهم هم- أنهم لا يمتلكون أي حُجَّة، ولا برهان، يعتمدون عليه في عبادتهم لها، والتَّوجُّه بالعبادة لها؛ وإنما اتَّجهوا كموروث اجتماعي، ولكن المسألة خطيرة جدًّا، هي خرافة يتشبَّثون بها، وهم يدركون في أنفسهم بأنها مجرد جمادات، لا تنفعهم بشيء، لا تسمعهم، لا تمتلك الحياة، ليست متفاعلةً معهم بأي مستوى من التفاعل.
ولكنَّ الخطير جدًّا في هذا الموضوع هو: أنَّهم انصرفوا بذلك عن عبادة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بمفهومها الشامل، بما في ذلك: الالتجاء إلى الله، والسير على نهجه وهديه؛ وهذا هو الخطر الكبير في ضلال الشرك وباطل الشرك:
أنه يصرف الإنسان عن الله، عن نهجه، عن هديه، يصرفه بشكلٍ كامل، انصراف تام، وهذه قضية خطيرة جدًّا. إضافةً إلى أن ذلك تنكُّر لأكبر الحقائق، التي هي: أن الله وحده هو الإله، الإله الحق، الذي لا معبود بحقٍ إلا هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.فهنا اتَّجه بالموقف الحاسم: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، مسألة اعتمادهم على الإرث الاجتماعي في مسألة الشرك، وخطورتها الكبيرة، مسألة خطيرة؛ ولهـذا كانت براءته تشمل ما كان عليه أيضاً آباؤهم، وهم يتَّبعون آباءهم من باب العصبية، ومن باب الارتباط الاجتماعي، ومن باب التأثُّر بمن في آبائهم من رموز الضلال، ولكن لأن المسألة خطيرة جدًّا وجَّه هذا الموقف الحاسم، وأتى بهذا التعبير: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، وكما قلنا في المحاضرة الماضية: هذا قمة البراءة عندما يعلن العداء.
واختار هذا التعبير: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}؛ لأن معنى ذلك أنه سيسعى للتصدي لهذا الضلال والباطل، سيسعى لإزالته؛ لأنه يعمل من أجل ذلك: من أجل إزالة ذلك الباطل، واختار عبارة: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}[الشعراء:77]، لماذا، مثلاً: لم يختر عبارة [فإنني عدوٌ لهم]، (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي)؟ وهنا فوائد متعددة لهذا الاختيار بنفسه في هذا التعبير.
عندما نتحدث عن مسألة العبادة لغير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فإن من أخطر ما فيها: أنها- كما قلنا- تصرف الإنسان عن نهج الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بكل ما يترتب على ذلك من مخاطر كبيرة، وتُعرِّض الإنسان لغضب الله وسخط الله، فالعبادة لغير الله هي مصدر خطر كبير على الإنسان، وشر كبير على الإنسان، وعواقبها السيئة، وآثارها الخطيرة، كبيرة على الإنسان.
ولـذلك، ولأنها مصدر شر على الإنسان، يجب أن ينظر الإنسان إليها هذه النظرة: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}[الشعراء:77]؛ لأن عبادتهم هي مصدر خطر، مصدر شر، وشيءٌ لا يمكن أن أتقبله على الإطلاق، هو باطلٌ فظيع، باطلٌ شنيع، فيه إنكارٌ لأكبر الحق والحقائق، تعدٍ على أكبر الحقوق، وفي نفس الوقت مصدر شرٍ كبير في الحياة؛ فلـذلك النظرة إليه كعدو، وخطر لابدَّ من التصدي له، والسعي لإزالته، فهذه مسألة مهمة جدًّا في هذا التعبير، يعني: ليست مسألة يمكن التأقلم معها، التغاضي عنها، تعتبر- مثلاً- تأثيراتها السلبية والسيئة في واقع الحياة محدودة.
{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، ونلاحظ كيف أن المسألة هي- فعلاً- عبادةٌ للعدو، عندما يتَّجه الإنسان بالعبادة لغير الله بكل ما يُشكِّله ذلك من شر، من خطر، من ضر، من مفاسد، من أضرار كبيرة جدًّا، فمعناه: أن الإنسان يتَّجه بالعبادة للعدو، وهذا هو سخافةٌ وحمقٌ، وفي نفس الوقت غباءٌ كبيرٌ، وضلالٌ رهيبٌ مبينٌ، الاتِّجاه بالعبادة للعدو، يعني: بدلاً من أن تعبد الله، الذي هو ربُّك، الخالق لك، المنعم عليك، ملك السماوات والأرض، ربُّ العالمين، الذي يجازيك، والذي إليه مصيرك، والذي يربطك به كل شيء- وسيأتي الحديث عن هذه المسائل، فيما ذكره نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وهو يعرض براهين ودلائل مهمة- يتَّجه الإنسان لِيُعَبِّد نفسه لمن؟ لعدو، لعدوه! حالة خطيرة على الإنسان، وغباء رهيب، وضلال مبين بكل ما تعنيه الكلمة، وخسارة على الإنسان، الإنسان يخسر بذلك، حينما يتوجَّه إلى عبادة العدو، مما يُشكِّل عليه ذلك من خطر.
ولهـذا ورد في القرآن الكريم قول الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[يس:60]، الشيطان عدوٌ لكم، كيف تتوجهون بالعبادة له عندما تجعلون طاعته فوق طاعة الله، وتطيعونه في معصية الله؟! حينها أنتم أعطيتموه ما لا ينبغي أن تعطوه إلَّا لله؛ لأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو ربُّنا الذي هو الجدير بأن نطيعه فوق كل طاعة، وأن تكون الطاعة له طاعةً مطلقة، فوق طاعتنا لأي أحد؛ فعبادة العدو غباءٌ، وضلالٌ، وخسارةٌ رهيبةٌ جدًّا.
والحالة المشابهة لذلك في واقع العرب اليوم: عندما يتَّجهون بالعبادة لأمريكا، كيف ذلك؟ عندما يجعلون أوامر أمريكا فوق أوامر الله، فوق كتاب الله، فوق تعليمات رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، عندما يتَّجهون إلى تحريف دينهم، في المناهج الدراسية، والخطاب الديني، من أجل من؟ من أجل أن يتأقلموا مع أمريكا ومع اليهود، ويحذفون ما يريد اليهود حذفه من الآيات القرآنية من المناهج الدراسية، ويقومون أيضاً بالتزييف للمعاني للآيات القرآنية ودلالاتها، بما يتناسب مع الأطروحات اليهودية؛ من أجل التطبيع، ومن أجل التأقلم مع الأمريكي والإسرائيلي، ومراعاة مشاعر اليهود.
فهم عندما يجعلون أمر أمريكا وإسرائيل واليهود فوق أمر الله، فوق دين الله، وفوق توجيهات الله، ويتَّجهون اتِّجاها معاكساً لمبادئ دينهم، حتى على مستوى الموالاة والمعاداة، حينما يوالون أعداء الإسلام، والله نهاهم عن ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51]، فيخالفون أمر الله، ونهي الله، ويرمون بتوجيهات الله في كتابه الكريم عرض الحائط، ويتَّجهون باتِّجاه معاكس لذلك، فهذه هي من عبادة العدو، جعلوا أمرهم فوق أمر الله، جعلوا طاعتهم فوق طاعة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يخشونهم أكثر من الله، {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[التوبة:13]، {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:175].
والذي يتأمل في وضع الأنظمة الرسمية في أغلبها، يجد أنهم يعيشون هذه الحالة: إنهم يخشون أمريكا وينسون الله، وإنهم يطيعونها فوق طاعتهم لله، ويجعلون أمرها فوق أمر الله، والتعليمات الصادرة منها، والإملاءات التي تقدمها، فوق القرآن الكريم، وما فيه من هدى وتعليمات من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهذه خسارةٌ عليهم، لماذا؟ لأن أولئك أعداء لهم، وكل ما يوجهونهم به، وكل ما يأمرونهم به، فينصاعون لأوامرهم، هو مما فيه شرٌّ على العرب، وعلى الأنظمة نفسها، وعلى شعوبها وبلدانها، وما يؤدي إلى ذُلِّهم، وهوانهم، وضياعهم، لخدمة أعدائهم.
أمَّا ما يأتينا من الله فكله رحمة، هداية لما فيه الخير لنا في الدنيا والآخرة؛ لأن الله غنيٌ عنَّا، ثم هو ربُّنا الرحيم بنا، ليس عدواً لنا، عندما نستجيب له يمنحنا رحمته، رعايته، يَمُنُّ علينا من واسع فضله، ويحيطنا برعايته في النصر، والمعونة، والتأييد، والتسديد، ورعايته الواسعة، يخرجنا من الظلمات إلى النور؛ أمَّا أولئك فهم يخرجون الناس من النور إلى الظلمات، هم طاغوت بكل ما تعنيه الكلمة.
{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}[الشعراء:77]، فأولئك رموزهم من رموز الضلال، لا ينبغي أن يخلِّدوا الباطل من أجلهم، آباؤهم الأقدمون الذين كانوا منحرفين، لم يكونوا مهتدين؛ ولـذلك ليس لهم مبرر أن يتشبَّثوا بما قدَّموه لهم من الضلال، وأن يُخَلِّدوا الباطل من أجلهم، والباطل هو الطارئ في واقع البشر.
{إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، ربَّ العالمين هو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، شرحنا عن كيف كان يعتمد في خطابه لهم، أن يتحدث مثل ما ذكر في المقام السابق في الآيات المباركة من (سورة آل عمران)، كذلك استخدام عبارة (ربّ)؛ لأنه كان هناك حظر على استخدام كلمة (الله)، هو يريد أن يراعيهم هم؛ أمَّا من جانبه فهو يُصرِّح؛ ولـذلك عندما دخل في نقاش معهم، في الآيات السابقة من (سورة الأنعام)، كان صريحاً في الحديث عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
{إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، ولأن المقام المرتبط في مسألة الألوهية، هو مرتبط أيضاً بالربوبية، يعني: الذي له الحق أن نعبده هو ربُّنا، ربُّنا هو الله؛ لأنه المالك لنا، المنعم علينا، المربِّي لنا، الخالق لكل شيءٍ في العالم، فهو الربّ، المالك والمنعم.
{إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، هم يعرفون أن ربَّ العالمين هو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهم لا يدَّعون لأصنامهم الربوبية المطلقة، وهذا كان من المعروف في واقع المشركين، يعني: يعتبرون أصنامهم آلهة محلِّية في معتقدهم الباطل، بل أحياناً على مستوى محدود جدًّا، يعني: أحياناً على مستوى منطقة معيَّنة، أو قبيلة معيَّنة معها صنم، وقبيلة أخرى معها صنم آخر، وليس عند القبيلة تلك إشكالية لماذا لا تعبد تلك القبيلة صنمهم هم، عادي عندهم الموضوع، الموضوع متعدد، هم يعتمدون مبدأ تعدد الآلهة، بل أحياناً على مستوى الأسر: أسرة معها صنم خاص بها، تعتبره آلهة لها في معتقدها الباطل، أسرة أخرى معها صنم آخر، ولا تؤمن بصنم تلك الأسرة… وهكذا، يعني: حالة فوضى، حوَّلوا مسألة الألوهية إلى حالة من الفوضى؛ فلـذلك هم كانوا يعتبرون أصنامهم آلهة محلِّية، يعني: في مستوى محدود.
بل أحياناً في مجال التخصصات، يعني: من المعروف عن الرومان، أنهم وصلوا في مرحلة من المراحل إلى أن كانت آلهتهم في معتقدهم الباطل أكثر من ثلاثمائة، ووزَّعوا عليها تخصصات كثيرة: إله الحب، إله العشق، إله النصر، إله الحرب، إله المطر، إله… حتى في نهاية المطاف تعبوا، تعبوا من كثرة ما وزَّعوا هذه المسألة: مسألة الآلهة والألوهية، وأصبحت فوضى إلى درجة لا تطاق في واقعهم، فتعبوا في الأخير من ذلك.
فهم يدركون عندما يقول: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، أن الربوبية المطلقة- الذي هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الله “جَلَّ شَأنُهُ”، هو ربُّ العالمين- أن ذلك ليس إلَّا لله، فهو الإله الحق، الذي لا معبود بحقٍّ إلَّا هو، يعني: هم يعترفون أن ربَّ العالمين هو الله، أن الذي له الربوبية المطلقة هو الله على العالمين جميعا، فهو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الإله وحده، الذي لا معبود بحقٍّ إلَّا هو؛ لأنهم يعترفون حتى هم أنَّه ربُّ العالمين، فعندما يأتي بهذا الاستثناء: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، يعني: فأنا أتولاه، وأعبده وحده، أتوجَّه إليه بعبادتي له وحده “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ثم اتَّجه معهم إلى العرض المهم، لما يربطنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أولاً: هو ربُّ العالمين، يعني: ربُّ الخلائق أجمعين، ربُّ هذا الكون بكله، والمالك له بأجمعه، فلماذا يتَّجه الإنسان بالعبادة لغيره، هذه قضية خطيرة، تَنَكُّرٌ لأعظم حق، اعتداءٌ على حق الله في العبادة، وفي نفس الوقت إساءةٌ إلى الإنسان عندما يُعَبِّد نفسه لغير الله، هذا لا يُشرِّفه، ثم في نفس الوقت أيضاً الإنسان بذلك ينصرف عن نهج الله، قضية خطيرة، يترتب عليها ضلال واسع، باطل كثير، يمتد إلى حياة الناس، يتحوَّل إلى إجرام، إلى طغيان، إلى مفاسد، إلى مساوئ، إلى رذائل… إلى أشياء كثيرة في الحياة، وشقاء عظيم في الدنيا والآخرة.
ما يربطنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو كل أساسيات ومتطلبات حياتنا، ووجودنا كذلك، وجودنا هو من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولـذلك ليس للإنسان من مبرر أن يبحث له عن إلهٍ آخر، ما الذي تريده من الإله الآخر، الذي تريد أن تتَّجه بعبادتك إليه، فتتولاه، وتخشاه، وتخضع له، وتُعبِّر عن عبوديتك له، ما الذي تريده منه؟ الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو مصدر كل النعم، كل أساسيات حياتك، كل متطلبات حياتك، هي- أصلاً- مرتبطة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لا يمكن أن تكون من عند غيره.
ولـذلك أتى يُذَكِّرهم، وباستعراضٍ تأمُّلي؛ ليُبَيِّن لهم أن الله وحده هو الجدير بأن نتولاه، وأن نعبده، ونثق به، ونتَّجه إليه، وهو الربُّ الرحيم، العظيم؛ ولذلك أتى بهذا الاستعراض، الذي يعرض فيه هذه الحقائق؛ لِتُبَيِّن أنَّ كل شيء مهم هو يربطنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولا مبرر للانصراف عنه.
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، ابتدأ في سرد هذه النعم، والدلائل الواضحة على احتياجنا وافتقارنا إلى الله، وأنَّه الإله الحق “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مقابل أنَّ تلك الأصنام لا تسمع، ليس فيها حتى الحياة، أنَّ كل الكائنات لا تقدر على أن تكون في مستوى الألوهية، لا تمتلك الجدارة بذلك أبداً، كلها مفتقرة إلى الله، كلها ضعيفة، كلها محتاجة، كلها مرتبطة بالله في أسباب بقائها، وفي وجودها، وما يتصل بذلك، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الخالق.
اختار نبي الله إبراهيم أن يعبِّر بهذا الأسلوب الشخصي، عندما قال بدءاً: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}[الشعراء:77]، ثم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[الشعراء:78-80]، مع أنَّ هذا لكل الناس، لكل الخلق، الله هو الذي خلقهم، والله هو الذي يهديهم، والله هو الذي يطعمهم، والله هو الذي يسقيهم أيضاً، فلماذا اختار أن يعبِّر بطريقة شخصية؟ هو يعبِّر لأسباب متعددة، منها: أنه يبيِّن لهم أنَّ هذه قناعة أنطلق منها، وإيمانٌ وتوجُّهٌ أنا على ثقةٍ منه، يعني: ليست مسألة أنه يريد أن يدفع بهم إلى شيءٍ هو بعيدٌ عنه، بل شيءٌ يثق به، يعتمد عليه، شيءٌ يرتضيه لنفسه، ويثق به لنفسه، ويتَّجه فيه بنفسه، وهذا ليطمئنهم على أنه يريد أن يدفعهم في الاتِّجاه الذي هو اتِّجاهٌ ارتضاه لنفسه، ليس أنه يريد أن يورِّطهم في اتِّجاه هناك، أو في قضية هناك، بل يتَّجه بهم فيما ارتضاه لنفسه، فيما يثق به كل الثقة، فيما يعتمد عليه هو، ويسير فيه؛ ليعزز الثقة بهذا الاتِّجاه الذي يدعوهم إليه، هذا واحدٌ من الأسباب.
كذلك نجد مثل هذا العرض أيضاً في مقامات أخرى، لأنبياء آخرين، لمؤمنين آخرين، ولأسباب أخرى يمكن أن نشير إليها إن شاء الله.
{الَّذِي خَلَقَنِي}[الشعراء:78]، الله هو الذي خلقني، فهو المالك لي، والمنعم عليّ، والذي خلق الجميع، كل المخلوقات والكائنات هو الذي خلقها.
نعمة الخلق في الوجود هي نعمةٌ كبيرة، وفي مسألة الإقرار بأنَّ الله هو الخالق، هذه مسألة يقرُّ بها المشركون عبر التاريخ، حتى في الاستبيان الذي في القرآن الكريم، يبيِّن هذه الحقيقة، لم يكونوا ينكرون أنَّ الله هو الذي خلقهم، بل يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف:87]، فهم يقرُّون بهذه الحقيقة: أنَّ الله هو الخالق، وهو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بما أنَّه الخالق هو المالك، هو المنعم، ونعمة الخلق نعمةٌ عظيمة، في مقدِّمة النعم أنَّ الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” خلقك، وهبك الحياة، وهبك الوجود، هو الذي أتى بك إلى هذا العالم أنت كإنسان.
ثم في نعمة الخلق للإنسان نعمٌ كبيرة، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال عن خلقه للإنسان: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين:4]، فالوجود بنفسه نعمة، والوجود بهذه الصورة، بهذه القدرات التي وهبك الله، بهذه النعم التي وهبك الله، هي نعمةٌ كبيرة، الخلق في أحسن تقويم نعمةٌ عظيمةٌ على الإنسان، ومن التكريم له أنَّه خلقه في أحسن تقويم، وما وهبك الله في خلقه لك من جوارح، من أعضاء، من حواس، من مدارك، من طاقات، من قدرات، من مواهب، هذا كله نعمةٌ عظيمةٌ عليك من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ولذلك الإنسان عندما يتأمل في نعمة الله عليه في خلقه له، فيما وهبه- كما قلنا- من جوارح، وأعضاء، ووسائل، يستفيد منها في حياته، من حواس، من مدارك… من غير ذلك، ويدرك كم أنَّ نعمة الله عليه عظيمةٌ جدًّا، وأنَّ كل نعمة مما خلق الله له، هي نعمة عظيمة مهمة، ذات أهمية كبيرة للإنسان في حياته، وفي شؤون حياته، لا تقدَّر بثمن، يعني: أغلى من كل سعر، فالإنسان عليه أن يدرك هذه الحقيقة، والله يذكِّرنا بهذه الحقيقة؛ باعتبارها نعمةً عظيمةً علينا: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}[الانفطار:6-8]؛ لأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وأحسن صورة.
عندما يقارن الإنسان في تأملاته بين صورة الإنسان وشكله، وكيف عدَّل الله شكله وقوامه، يقارن مع بقية الحيوانات، وبين ذلك وبين بقية الحيوانات، يجد- فعلاً- أنَّ الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، والإنسان لا يرتضي لنفسه شكلاً آخر، أو حالاً آخر غير ذلك؛ ولـذلك تعتبر عقوبات المسخ من أشد العقوبات، عندما مسخ الله من بني إسرائيل قردةً وخنازير، كانت عقوبة رهيبة جدًّا، رهيبة جدًّا، عندما حوَّلهم إلى أشكال حيوانات أخرى؛ لأن شكل الإنسان وخلقه مُمَيَّز جدًّا بين كل الحيوانات.
الآخرون لا يخلقون، كل من يتَّجه الناس إليهم بالعبادة من غير الله، ليسوا هم من خلقوهم، ولا خلقوا أي شيءٍ من الكائنات الأخرى؛ ولهـذا يُذَكِّر الله بهذه الحقيقة: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد:16]، يقول لهم أيضاً في آيةٍ أخرى كذلك: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}[الحج:73]، (ذُبَاب) لو اجتمعت كل معبوداتهم الزائفة لتخلق ذُبَاباً واحداً؛ لعجزت عن ذلك، فما بالك ببقية المخلوقات والكائنات.
فالله هو الخالق، وهو المالك المنعم، لأنه الخالق؛ هو المالك المنعم، المقتدر، الرحيم، العظيم، فكيف يتَّجهون بالعبادة لغيره “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؟!
ولـذلك الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لأنه الخالق؛ هو المالك المنعم، الذي يستحق العبادة وحده، الذي له حق الأمر والنهي في عباده، والتدبير لشؤون عباده، وهو الذي ينبغي أن يلتجئوا إليه بما يحتاجونه، بافتقارهم إليه؛ لأن كل الخير منه، ومصدر وجودهم وخلقهم هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، كيف يتَّجهون إلى غيره؟! يعني: ليس مجرد فاعل خير فيهم، ويريد أن يفرض نفسه فضولياً عليهم، ويدعوهم إلى عبادته، فيقولون: [أنت لا شأن لك بنا، لماذا تريد أن تفرض نفسك علينا وتطلب منا ذلك؟]، المسألة أنَّهم مملوكون له، وهو مصدر وجودهم “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، ونعمة الهداية نعمةٌ عظيمةٌ جدًّا، في صدارة النعم، والإنسان بعد خلقه يحتاج قبل كل شيء إلى الهداية، حتى قبل طعامه، وقبل شرابه، نجد في هذا العرض لنبي الله إبراهيم، أنَّه قدَّم الهداية حتى قبل قوله: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ}[الشعراء:79]، حتى قبل ذلك، ونجد أيضاً في آياتٍ قرآنية أخرى، أنَّ القرآن يُقَدِّم هذه النعمة قبل غيرها، أحياناً حتى قبل خلق الإنسان؛ من شدة أهميتها، ولشدة حاجة الإنسان إليها، {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ}[الرحمن:1-3]؛ فلأهمية نعمة الهدى، وحاجة الإنسان إليها، وهي نعمة عظيمة ومهمة وأساسية جدًّا جدًّا جدًّا للإنسان، قدَّمها هنا حتى قبل الطعام والشراب.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الذي يهدي، هو مصدر الهداية، {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، هو عندما خلق الخلق لم يتركهم بدون هداية، لو تركهم بدون هداية؛ لما استطاعوا أن يتحركوا لأي شيءٍ في شؤون حياتهم على الإطلاق، لكانوا في حالة عناء رهيب جدًّا، ولما تمكنوا أصلاً من الاستمرار في الحياة ربما ولو لفترة وجيزة، أو صغيرة، أو بسيطة؛ لأن مسألة الهداية مسألة أساسية للإنسان، فنعمة الهداية أهميتها عظيمةٌ للإنسان؛ ولـذلك وردت في صدارة النعم، والإنسان يحتاج إليها بشكلٍ مستمر.
حاجة الإنسان للهداية هي حاجةٌ في كل مجالات حياته، ومرتبطةٌ بوجوده، يحتاج إليها احتياجاً كبيراً جدًّا؛ ولهـذا كانت هداية الله واسعة للإنسان، وفي جزءٍ من الهداية يشترك به مع بقية الكائنات الحيَّة، والحيوانات الأخرى، وجزء آخر للإنسان لاتِّساع حياته، واتِّساع شؤونه.
فهناك في البداية، في بداية الهداية الإلهية هي: الهداية الفطرية، بما غرزه الله في فطرة الإنسان، وهذه الهداية أيضاً لكل الكائنات الحيَّة، بمقدار دورها ومهامها في الحياة، وبحسب المقدَّر لها؛ ولـذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى:2-3]، {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، نجد كيف أهمية الهداية الفطرية للإنسان، والتي يحتاجها بعد وجوده، بعد أن تلده أمه مباشرةً قبل كل شيء؛ لأنه كيف سيتصرف لأسباب بقائه، في مسألة الغذاء، كيف سيعرف كيف يتغذى، كيف يرضع من أمه.
والشيء العجيب، الملاحظ لدى الكثير من المولودين من الناس مثلاً: أنه بعد ولادته يبدأ على الفور يبحث يُحَرِّك فمه، البعض حتى قبل أن يفتح عيونه، يُحَرِّك فمه يريد أن يرضع، ولولا هداية الله له، وإلهامه له بهذه الهداية الفطرية؛ لكان هناك مشكلة كبيرة في كيف يفهم أن يرضع، وأن يتقبَّل الرضاعة، وأن يَمُصَّ ثدي أمه ليرضع، لكانت هذه مشكلة كبيرة، لو كانت معتمدةً- مثلاً- على التلقين، والتفهيم، يقولوا له: [يا وُلِيد ارضع، اعمل كذا، سوِّي كذا…]، لما استطاعوا أن يفهموه بشيء؛ لأنه في مرحلة لا يتلقَّن فيها شيئاً، ولا يتقبَّل فيها أي تلقين، لكن بفطرة الله، بهداية الله الفطرية له، يُحَرِّك فمه يبحث عن ثدي أمه يريد أن يرضع؛ في الوقت الذي من المستحيل تفهيمه وتعليمه بكيفية الرضاعة، لولا أنَّ الله ألهمه وهداه لذلك.
للاستكمال عن موضوع الهداية كنعمةٍ عظيمة، وحاجةٍ ضرورية، يحتاج إليها الإنسان، وأنَّها من الله، وأنَّها مما يربطنا بالله، وأنَّها ليست من غيره، نُكْمِل الحديث- إن شاء الله- في المحاضرة القادمة عن ذلك.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛