ماذا يعني تمسك صندوق النقد بخروج حكومة مصر من الاقتصاد ومرونة سعر الصرف والفائدة؟
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
رهن صندوق النقد الدولي، أكثر الجهات الدولية المتحكمة في قرارات مصر الاقتصادية، إتمام برنامج حزمة المساعدات القديمة و الجديدة بثلاثة إجراءات هي خروج الدولة من الاقتصاد، ومرونة معدلات الفائدة وسعر الصرف، باعتبارها الأدوات التي في مقدورها امتصاص الصدمات.
ويتعارض شرط مرونة سعر الصرف ( خفض الجنيه المصري أمام الدولار) مع رفض رئيس النظام عبد الفتاح السيسي لمثل هذا الإجراء حيث وصف سعر صرف الدولار أمام الجنيه بأنه قضية "أمن قومي"، في إشارة إلى موجات الغلاء التي ستترتب على خفض قيمة الجنيه.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إنه "يجب تعزيز مرونة الاقتصاد من خلال مرونة معدلات الفائدة وسعر الصرف"، موضحة في تصريحات متلفزة قبل يومين، "أن صناع السياسة في مصر يجب أن يركزوا على خفض معدلات التضخم في المقام الأول".
ويتوقف مرونة سعر الصرف أو تعويمه على الوضع المحلي وقوة الاحتياطي الأجنبي (نحو 35 مليار دولار)، بحسب جورجيفا، وشددت على أنه "يجب أن تضع مصر البنود الأولي للبرنامج قيد التنفيذ إلى جانب دعم جميع الفئات الهشة".
وفي حزيران/ يونيو الماضي خالف السيسي التوقعات بضرورة خفض قيمة الجنيه، وقال "نحن نتمتع بمرونة في سعر الصرف، لكن عندما يتعرض الأمر لأمن مصر القومي والشعب المصري يضيع فيها لأ، عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم إحنا منقعدش في مكاننا".
وكشف السيسي حينها أن الحكومة تدخلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، ولكنه أقر بأنه عجز عن حلها، وقال: "طب إحنا عملنا إيه السنوات اللي فاتت، كنا بننزل نشتري الدولار من الأسواق، إحنا حلينها لغاية مبقناش قادرين نحل".
ويضع صندوق النقد اللمسات النهائية على المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر، ومن ثم الإفراج عن جزء من شرائح البرنامج التمويلية، إلى جانب حصولها على تمويل إضافي عما تم الاتفاق عليه في السابق والبالغ 3 مليارات دولار دون تحديد حجم التمويل.
هل تحل أزمة الدولار بالقبضة الأمنية؟
وزاد حجم الفجوة التمويلية لمصر بشكل كبير عن الاتفاق السابق مع صندوق النقد الدولي وفق حسابات الصندوق، لكنه لم يكشف عن حجم تلك الفجوة حتى الآن.
وتشن السلطات الأمنية في مصر حملة اعتقالات واسعة ضد تجارة العملة في السوق الموازي بهدف منع تداولات العملة الصعبة خارج البنوك الرسمية، ولكن مع اتساع الفجوة بين الرسمي والموازي يشكك متعاملون في السوادء في نجاح تلك الحملة.
وقال شقيق أحد المتعاملين لـ"عربي21": "كنا نعمل بشكل علني وليس في الخفاء وتحت نظر الحكومة، ولكن بسبب رغبة الحكومة في تضييق الفارق بين السعر الرسمي والموازي قامت بالقبض على كل التجار والوسطاء بما فيهم شقيقي الذي كان يدبر العملة للمستوردين والحكومة معا".
واستبعد أن ينجح التعامل الأمني في القضاء على السعرين أو توحيد سعر الصرف "لأنه لا يوجد دولار لدى البنوك توفره للاستيراد، وسعر صرف الجنيه بدأ يتراجع مع تشديد القبضة الأمنية واقترب كثيرا من المستويات القياسية التي هبط إليها وهي 72 جنيها للدولار، وهو الآن يتراوح بين 62 و65 جنيها".
وأوضح الوسيط ، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "الحل الوحيد أن تعدل الحكومة سعر الصرف ليقترب من السوق الموازي ويصبح الفارق بسيطا، هذا هو الشيء الوحيد الذي سوف يشجع الناس على تغيير عملاتهم الأجنبية من البنوك لأنها أكثر أمنا".
ويشترط صندوق تعديل سعر الصرف للقضاء على وجود أكثر من سعر، وهو ما يعني النزول بسعر الجنيه لا النزول بسعر الدولار؛ لأن توحيد سعر الصرف مهم للمستثمرين لقياس أرباحهم، كما يجب أن يضمنوا قدرتهم على إخراج أرباحهم من البلاد.
خيارات مصر محدودة ولكنها مؤلمة
اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، أن "الطلب على العملات الأجنبية لا يزال مرتفعا وهو ما يعقد جهود الحكومة في الوصول إلى سعر صرف رسمي تعادلي كما أن القطاع المصرفي سواء الرسمي أو الخاص ليس لديه ما يكفي من السيولة الأجنبية لسد الفجوة مع السوق الموازية على خلفية تراكم الطلبات وتداول العملات الأجنبية خارج القنوات الرسمية".
واستبعد يوسف في تصريحات لـ"عربي21": أن "تقوم مصر بتعويم كلي للجنيه، ولكنها سوف تخفض الجنيه إلى مستويات أكبر وإلا لن تكون للخطوة أي معنى إذا لم تستطع جذب الدولار إلى قنواتها الرسمية ولكن الحكومة يدها مرتعشة من حدوث انهيار كبير للعملة وبالتالي غلاء فاحش في الأسعار يتبعه فوضى في الأسواق".
ودعا يوسف الحكومة المصرية إلى "تقليل الطلب على الدولار ووقف المشروعات القومية التي لا تدر عوائد دولارية، والتشديد المالي من خلال ترشيد الإنفاق على تمويل عجز الموازنة وبناء احتياطي نقطي أقوى قبل أي إجراء حقيقي لتوحيد سعر رالصرف، أما القبضة الأمنية فإن الدولار ليس معارضا مصريا حتى يمكنها حبس مصدره وإخضاعه لعسكرة الدولة كما تم إخضاع كل شيء من قبل، الأمر هنا مختلف".
التعويم انتحار اقتصادي
على مصر اعتماد برنامج وطني لانتشال الاقتصاد من كبوته، يقول الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، وتكبيلها بشروط صندوق النقد الدولي سيجعلها تغرس في وحل الديون يوما وراء يوم، وهو ما نراه منذ نهاية عام 2016 مع تعويم الجنيه، مشيرا إلى أن مصر لن تستطيع تعويم الجنيه لأن ذلك يكون نوعا من الانتحار الاقتصادي، ولكنها سوف تضطر لإجراء تخفيض على قيمة الجنيه بين فترة وأخرى بما يعرف بسياسة التعويم المدار.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": أن "نتيجة هذه السياسات التي تعتمد على الاستدانة والاقتراض من أجل سداد الديون أصبح 33% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر الوطني وأكثر من 60% يعيشون تحت خط الفقر الذي يضعه البنك الدولي".
ورأى أن مصر "باتت مضطرة لرفع أسعار الفائدة طالما أنها أقل من معدل التضخم السنوي، ومنذ اتساع فجوة سعر الصرف بين السوقين تآكلت الأجور والمعاشات وقيمة المدخرات والودائع في البنوك على المستوى الشعبي أما على المستوى الحكومي فهناك ضغوط على الاقتصاد الوطني بضغط من مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية علي مصر و التخفيض المستمر في قدرة مصر على سداد التزاماتها".
وقلل بنك جولدمان ساكس من أي محاولات مصرية للعودة إلى الخفض المدار للجنيه، وقال إنه من المستبعد أن يفي الخفض المدار لقيمة الجنيه بأهداف سياسة الحكومة المصرية، وحتى يمكنها توحيد سعر الصرف تحتاج مصر إلى المزيد من تشديد السياسة النقدية وتدبير حصيلة كافية من السيولة بالعملات الأجنبية قبل خفض قيمة الجنيه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي صندوق النقد الدولي مصر الاقتصادية مصر اقتصاد صندوق النقد الدولي جنيه دولار المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی قیمة الجنیه سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
العكاري: تقوية الدينار الليبي تحتاج إلى حكومة موحدة وسياسات متناغمة
ليبيا – صرّح عضو لجنة تعديل سعر الصرف، مصباح العكاري، بأن تقوية العملة المحلية ليست مسؤولية البنك المركزي وحده، وإنما تعود أيضًا إلى تركيبة الدولة وأدوارها المختلفة.
وقال العكاري، في منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “كنا دائمًا نطالب بضرورة توحيد البنك المركزي ليكون كيانًا واحدًا مكتمل الأركان، وقد تحقق ذلك”.
وأضاف: “اليوم، من المفترض أن توجه كل النخب أصواتها نحو المطالبة بحكومة موحدة، وميزانية موحدة، وسياسات متناغمة (نقدية، تجارية، مالية)، لضمان استقرار سياسي ينتج عنه عملة قوية في دولة تملك موارد طبيعية متنوعة، ما يتيح لها فرصة تحقيق رفاهية لشعبها”.
وأشار العكاري إلى ارتفاع الدولار الأمريكي أمام اليورو بنسبة 4%، وأمام الذهب بنسبة 8% خلال عشرة أيام، مرجعًا ذلك إلى تأثير الانتخابات الأمريكية واحتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
كما أضاف أن دور البنك المركزي الأمريكي خلال هذه الفترة كان سلبيًا، حيث قام بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة، وهو ما كان من المفترض أن يؤدي إلى ضعف الدولار، لكن النتائج جاءت على العكس.