وزيرة الهجرة تعقد لقاء مع الجاليات المصرية في إثيوبيا وجيبوتي والصومال
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
كتب- مصراوي:
عقدت السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، لقاء مهما مع أعضاء ورموز الجاليات المصرية في منطقة القرن الإفريقي، بدول الصومال وجيبوتي وإثيوبيا؛ للاطمئنان على أوضاعهم وللتأكيد على أن الدولة المصرية حريصة على متابعة جميع أبنائها في كل بقاع الأرض.
وذكر بيان لوزارة الهجرة اليوم الثلاثاء أنه شارك في اللقاء ضمن مبادرة "ساعة مع الوزيرة"، عبر الفيديو كونفرانس، سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم في الاتحاد الإفريقي الدكتور محمد جاد، وسفير مصر لدى جمهورية الصومال محمد الباز، وسفير مصر لدى جيبوتي خالد الشاذلي، والمستشار الاستراتيجي لنائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السفير عمرو الجويلي، ومساعد وزيرة الهجرة لشئون الجاليات السفير عمرو عباس.
وأكدت سها جندي، خلال اللقاء، أن جميع المصريين بالخارج يمثلون نفس القدر من الأهمية بالنسبة لوزارة الهجرة، دون النظر إلى عدد وحجم الجالية، لذلك تحرص الوزارة على التواصل المباشر والفوري مع الجاليات المصرية في كل المناطق، للاطمئنان على أوضاعهم في ظل الظرف الراهن، ومعرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم والعمل على تلبيتها بالشكل المناسب.
وشددت وزيرة الهجرة على أن القارة الإفريقية لها أولوية قصوى، وأن الاهتمام والدعم المصري لقارتنا الأم مستمر، وهو ما تحرص عليه القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيرة إلى استراتيجية الوزارة التي تستهدف التواصل المباشر مع كافة شرائح المصريين بالخارج، والتي تسعى من خلالها لحل أي مشكلات أو تحديات تقابلهم؛ حيث تمثل "مبادرة ساعة مع الوزيرة" واحدة من ركائز هذه الاستراتيجية، لافتة إلى أنه تم تنفيذ نحو 65 اجتماعًا افتراضيًا في إطار المبادرة، من أجل التواصل المستمر والفاعل والوصول لأكبر عدد من الجاليات في كل دول العالم.
وحرصت الوزيرة على استعراض مجموعة المحفزات التي عملت عليها وزارة الهجرة خلال الفترة الماضية لصالح مواطنينا بالخارج، مؤكدة حق المصريين بالخارج للحصول على الكثير من المحفزات، والسعي الدائم لتحقيق أكبر كم منها بما يخدم مصالحهم، مشيرة إلى قانون إعفاء سيارات المصريين بالخارج من كافة الجمارك والرسوم، وحرص الدولة المصرية على استفادة مواطنيها بالخارج من هذا القانون.
وأعربت عن سعادتها بأن عددا من المصريين في منطقة القرن الإفريقي قد استفادوا من القانون، حيث تم تذليل عدد من المشاكل التي كانوا يعانونها وعلى رأسها السماح للجاليات في الدول التي لا تسمح للمصريين بفتح حسابات ويتم تحويل مرتباتهم بالدولار أو العملة الصعبة مباشرة إلى مصر، أن يتم ربط الوديعة من الحساب الذي يتم تحويل المرتب عليه في مصر، بعد الحصول على ورقة موثقة من السفارة تشهد بذلك، بجانب إمكانية شراء السيارات من المناطق الاقتصادية الحرة في مصر أو من أي دولة أخرى، طالما كانت عجلة قيادة السيارة المشتراة على اليسار.
وتحدثت الوزيرة أيضاً عن شركة المصريين بالخارج للاستثمار، وآليات التحويلات بطرق غير مباشرة، من بينها شهادات الادخار البنكية بالعملة الصعبة بعوائد هي الأعلى في العالم، ووثيقة المعاش بالدولار "معاشك بكره بالدولار"، والاستفادة من تخفيضات تذاكر الطيران، وتوفير وحدات وأراض سكنية بتخفيض 25٪ بالدولار، بالإضافة إلى "مبادرة التسوية التجنيدية" لتسوية الحالة التجنيدية للمصريين بالخارج، من سن 19 إلى 30 سنة، والتي أحدثت أثرًا كبيرا لدى الشباب الذين استفادوا بها، وبرامج التأمينات الاجتماعية مع هيئة التأمينات والمعاشات والتي يمكن المشاركة بها حتى للعمالة غير النظامية، وغيرها الكثير من الآليات البديلة لخدمة المصريين في الخارج بالعملة الصعبة والتي استحدثت وفقاً لاحتياجات المصريين.
وتابعت وزيرة الهجرة أنه يجري التنسيق مع وزارة الإسكان لطرح مرحلة جديدة من الوحدات السكنية الجديدة والأراضي ضمن مشروعات "بيت الوطن"، وتخصيص قطع ووحدات متميزة للمصريين بالخارج، منوهة بجهود الوزارة بالتعاون مع وزارة الاتصالات لإصدار وإطلاق أول تطبيق إلكتروني للمصريين بالخارج، يجمع كل هذه الخدمات والمزايا التي تقدم لهم من مختلف الجهات وإضافة كل جديد يخدم المصريين إليه، والمتوقع الانتهاء منه خلال الأيام المقبلة.
وأبرزت سها جندي تحركات ومساعي وزارة الهجرة بالتعاون مع الجهات المعنية لبحث سبل وضع آلية لسرعة نقل الأوراق الثبوتية للجاليات المصرية بالخارج، للتيسير على المصريين بالخارج وتلبية طلباتهم في هذا الإطار، من خلال خدمات البريد السريع مقابل تحصيل رسوم إضافية بالعملة الأجنبية، إلى جانب الحقائب الدبلوماسية والتي قد تستغرق شهورا حتى يتم إتاحة هذه الأوراق للمصريين بالخارج.
وأكدت السفيرة سها جندي، اهتمامها الشديد بمركز وزارة الهجرة لشباب المصريين بالخارج "ميدسي" وحرصها على إدارة هذا الملف، في إطار الدور المنوط بالوزارة في ربط شباب الدارسين المصريين بالخارج بوطنهم والعمل على تلبية احتياجاتهم والاستفادة من خبراتهم.
ونوهت بدور ممثلي المركز في التعامل ومساعدة ذويهم في مناطق الصراع المختلفة وإنقاذ أرواح الشباب المصري، في مناطق النزاعات المسلحة مثل أوكرانيا وروسيا والسودان، والكوارث البشرية مثل تركيا وسوريا والمغرب وليبيا.
وسلطت الضوء على مبادرة "إحياء الجذور" والتي تستهدف الاحتفاء بالجاليات الأجنبية التي عاشت وتعيش في مصر حتى الآن، بجانب الاستمرار في تنفيذ المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" للحفاظ على الهوية المصرية والعربية وتعزيز وترسيخ روح الانتماء لدى الأجيال المصرية الناشئة بالخارج، وإطلاق المرحلة الثانية من المبادرة تحت عنوان "جذورنا المصرية" لتسليط الضوء على أبرز المعالم والشخصيات والأماكن المصرية عبر التاريخ وتنظيم معسكرات للأطفال المصريين بالخارج وكذلك في المدارس الدولية بمصر لحث هؤلاء الأطفال على الاعتزاز بهويتهم المصرية.
ولفتت وزيرة الهجرة، إلى جهود الوزارة في الملف الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية، من خلال عدة طرق، ومنها التوعية وكذلك التدريب من أجل التشغيل، عبر المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج، الذي يعمل على تدريب وتأهيل الشباب المصري لسوق العمل الأوروبية وفقا لأعلى المعايير والمستويات العالمية، وبما تتطلبه احتياجات سوق العمل الأوروبية، فضلا عن التطلع إلى توسيع هذه الفكرة وتطبيقها مع عدد من الدول.
وأثنت وزيرة الهجرة على دور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية في إفريقيا، باعتبارها من القوى الناعمة المصرية الهامة بالخارج، التي أثرت تأثيرا كبيرا في شعوب القارة كافة، مما تقدمه من خدمات طبية واجتماعية واسعة النطاق.
من جانبه، قال سفير مصر في إثيوبيا، "إننا نلاحظ ونلمس جهدا غير مسبوق لوزارة الهجرة خلال هذه الفترة الماضية ونقدر اهتمامها الشديد بالجالية المصرية في القرن الإفريقي وسط التحديات الكبيرة التي تشهدها الجاليات المصرية في عدد من الدول هناك".
وأوضح أن الجالية المصرية بإثيوبيا بها عدد كبير يعمل بالاتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية، علاوة على الدور البارز والمحوري لأعضاء الجالية فيما يتعلق بالعمل المجتمعي والقوافل الطبية، معتبرا أن هذه هي المرة الأولى التي ينعقد فيها مثل هذا اللقاء خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي، مشيدا بدور الكنيسة المصرية في الحفاظ على روابط إيجابية بأثيوبيا وما تقدمه من مساعدات إنسانية وقوافل طبية لها دور متميز في تحسين الحالة الطبية للمواطنين هناك.
من جهته، أعرب سفير مصر في الصومال، عن شكره لوزيرة الهجرة، لحرصها على التواصل المستمر والدائم مع المصريين بالخارج، لتقديم كافة الخدمات للجالية المصرية في كل دول العالم، مشيراً إلى أهمية البعثة التعليمية والأزهرية ومكانتها بين الجالية المصرية في الصومال، فضلا عن دورها المحوري المهم والمؤثر في المجتمع الصومالي رغم الظروف الصعبة التي يعملون في إطارها.
بدوره، أوضح سفير مصر في جيبوتي، أن دولة جيبوتي لها أهمية كبرى بالنسبة لمصر خاصة موقعها الاستراتيجي في منطقة القرن الإفريقي، مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من صغر الجالية المصرية في چييوتي، إلا أنها مؤثرة للغاية، ويعملون في أماكن حيوية ومواقع متميزة ولهم تواجد واسع في قطاع السياحة والفندقة حيث يدير المصريون أكبر وأهم الفنادق هناك، بجانب البعثة الأزهرية ذات الدور المتميز هناك أيضاً.
فيما، قال المستشار الإستراتيجي لنائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إن الاتحاد الإفريقي يهتم بما يسمى بدول المهجر أو الشتات الإفريقي، مستعرضًا عددا من المبادرات لتعزيز التواصل مع المهاجرين الأفارقة، وموضحاً أنه من الممكن في إطار مساهمة مصر في أنشطة الاتحاد، أن يكون لدينا دور في استضافة هذه الاجتماعات، نظرا للتجربة المصرية المتميزة في إطار الهجرة والمهاجرين، ولترتيب مصر المتقدم في استقبال تحويلات المصريين بالخارج.
وفي ختام اللقاء تم الاتفاق على مخاطبة وزارة الطيران المدني بشأن اعادة فتح خط التشغيل القديم من الصومال وجيبوتي، وكذلك دراسة المعوقات المتعلقة بالتحويلات المالية للمصريين في هذه الدول مع الجهات المعنية، وبحث الحلول المتاحة في هذا الجانب، ومخاطبة وزارة الخارجية حول التعنت في مسألة منح التأشيرات بالنسبة للمصريين الراغبين في التوجه لإثيوبيا للعمل أو زيارة أهالي المصريين العاملين هناك.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: سعر الفائدة كأس الأمم الإفريقية أسعار الذهب سعر الدولار مخالفات البناء الطقس فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 السفيرة سها جندي الجاليات المصرية إثيوبيا جيبوتي الصومال طوفان الأقصى المزيد منطقة القرن الإفریقی الجالیات المصریة فی للمصریین بالخارج الاتحاد الإفریقی المصریین بالخارج الجالیة المصریة وزارة الهجرة وزیرة الهجرة سها جندی سفیر مصر فی إطار مصر فی عدد من
إقرأ أيضاً:
هل تعقد إيران صفقة مع أمريكا أم تمضي في طريق صنع أول قنبلة نووية؟
هل ستتمكن إيران من صنع أول قنبلة نووية أم ستنجح في التوصل إلى اتفاق مع الغرب وتحت أي ظرف؟ أسئلة نحاول الإجابة عليها في هذا التقرير
بدأ النشاط النووي الإيراني في خمسينيات القرن الماضي، بدعم أمريكي ضمن برنامج "الذرة مقابل السلام". وقامت البلاد تحت حكم الشاه بتركيب مفاعل أبحاث بقدرة 5 ميغاوات في جامعة طهران عام 1967، عبر استخدام وقود يورانيوم مخصب بنسبة 93% تم توريده من الولايات المتحدة.
انتقلت طهران في السبعينيات إلى التعاون مع الدول الأوروبية لاستكمال برنامجها النووي، حيث وقعت عقدًا مع شركة سيمنز الألمانية لبناء محطة بوشهر للطاقة النووية، وهو مشروع أكملته روسيا بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979.
وحين كشفت الجمهورية الإسلامية عام 2002 عن منشآت ناتانز وآراك، فرض الغرب المزيد منالعقوبات واشتدت الضغوط على إيران.إلى أن جاء عام 2015، عندما نجحت المفاوضات في التوصل إلى الاتفاق النووي المسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة، الذي تم توقيعه بين إيران ومجموعة ال5+1 المؤلفة من الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا.
لكن مع تغير الإدارة الأمريكية ومجيئ الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، انسحبت واشنطن من الاتفاق في مايو أيار 2018، مما دفع إيران إلى تقليص التزاماتها النووية والاقتراب أكثر من القدرة على إنتاج قنبلة نووية.
وبينما تقول طهران إن برنامجها النووي "سلمي"، تتزايد المخاوف الغربية من تحوله إلى طموحات نووية عسكرية. ومع سعي ترامب إلى ممارسة مزيد من الضغط، تبقى خيارات الجمهورية الإسلامية متنوعة، حيث يمكنها اللجوء إلى المفاوضات أو التصعيد العسكري.
إيران والقنبلة النووية: ثلاثة سيناريوهات محتملةالسيناريو الأول - الأكثر احتمالاً: إيران على وشك بناء قنبلة نووية، لكن لا يوجد قرار حاسم في هذا الاتجاه حتى الآن. إذ تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪، وهو ما يمكن أن يصل سريعًا إلى 90٪ وهي النسبة اللازمة لصناعة الأسلحة النووية. ويؤكد المسؤولون الإيرانيون أن استراتيجيتهم هي خلق نفوذ من خلال التخصيب لزيادة الضغط في المفاوضات والردع دون تجاوز الخط الأحمر. لكن تشير مصادر الاستخبارات الغربية إلى أن طهران قد تكون على "حافة الحصول على القدرة النووية".السيناريو الثاني - احتمال قوي: إيران قد تكون قد قررت بناء قنبلة نووية، لكنها لم تبدأ التنفيذ الفعلي بعد. فإذا اختارت التوجه نحو اقتناء السلاح النووي، فيمكنها الحصول على اليورانيوم المخصب اللازم لإنتاج قنبلة في غضون "بضعة أيام". علاوة على ذلك، فإن إيران لا تواجه تحديات كبيرة في بناء رأس حربي أو منصة إطلاق، حيث تمتلك صواريخ باليستية مثل خرمشهر وساجيل التي تستطيع حمل رؤوس حربية.السيناريو الثالث - الأقل احتمالاً: طهران قد تكون قد أكملت بالفعل بناء القنبلة النووية، ولكن هذا يبقى السيناريو الأقل احتمالاً. إذ لا توجد أدلة قاطعة من أي وكالة استخبارات تدعم هذا الادعاء، ويبدو أن القيادة في طهران تدرك أن مثل هذا التصرف قد يؤدي إلى تفكيك النظام الحاكم. مقارنة بالوضع في الهند وباكستان أو كوريا الشمالية، لا ترغب إيران في أن تصبح في وضع كالذي تعيشهبيونغ يانغ، حيث سيؤدي ذلك إلى عزلة شديدة وغير محتملة على مستوى الشعب والحكومة.Relatedإيران تفرج عن الفرنسي أوليفييه غروندو بعد 900 يوم سجنإيران في مواجهة العقوبات: دعم الصين وروسيا يفتح الباب للحوار النوويخامنئي يرد على ترامب: التهديدات الأمريكية ضد إيران لن تجدي ولن تحقق أي نتائج التريث و"الفحص الكامل" سيدا الموقف .. كيف ردّت إيران على رسالة ترامب؟إيران تحت نير العقوباتتعد إيران ثاني دولة في العالم بعد روسيا من حيث عدد العقوبات المفروضة عليها. وعلى الرغم من مرور 46 عامًا على العقوبات التي فرضت عليها، فإن الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني قد اعتادا على العيش في ظل هذه القيود. ورغم ما يُسمى بـ"الصبر الاستراتيجي"، الذي يوشك على الانهيار، تمكنت طهران دائمًا من إيجاد طرق للاستمرار، من خلال توسيع علاقاتها مع الصين وروسيا، فضلاً عن إيجاد طرق مبتكرة ووسطاء لبيع نفطها الذي يخضع للعقوبات.
لكن الوضع أصبح أكثر صعوبة، حيث أدى ارتفاع التضخم، وتدهور قيمة الريال، والسخط العام، والعقوبات المشددة إلى وضع اقتصادي صعب للغاية. وتذكر هذه الضغوط الجميع بالظروف التي دفعت طهران لقبول الاتفاق النووي"خطة العمل الشاملة المشتركة" في عام 2015، لكنها اليوم أشد وطأة. فالجمهورية الإسلامية تصارع من أجل ضخ دماء جديدة في اقتصادها المتعثر وهي تُدرك أنه لا يمكنها العيش في عالم اليوم دون أن تكون لها علاقات وتفاعل مع دول أخرى.
بين الاتفاق أو الحرب مع إسرائيل والولايات المتحدةتتبنى إسرائيل، التي تمتلك أسلحة نووية ولم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، "عقيدة بيغن" التي تتعهد بموجبها بعدم السماح لإيران أو لأي دولة مجاورة بامتلاك أسلحة نووية. وقد كانت هذه العقيدة أساسًا للهجمات الإسرائيلية الاستباقية على مفاعل أوزيراك العراقي عام 1981، وأيضا على المنشآت النووية السورية عام 2007.
من جانبها، لا ترغب الولايات المتحدة، ولا الاتحاد الأوروبي، ولا حتى حلفاء إيران الاستراتيجيين مثل روسيا في اقتناء طهران أسلحة نووية. تظل هذه القضية محط اهتمام كبير على الصعيدين الدولي والإقليمي. كما أن الجيران العرب، مثل السعودية والإمارات، يعتبرون هذه المسألة في غاية الأهمية، لما لها من تأثير مباشر على أمن المنطقة واستقرارها.
رسالة ترامب لخامنئي: التفاوض أو التصعيدالرسالة الآن في يد الشخص الذي أمر يوما باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، أحد أقرب مستشاري الزعيم الإيراني علي خامنئي وأكثرهم تأثيرًا، بالقرب من مطار بغداد. وقد أصبحت الكرة الآن في ملعب مرشد الثورة، مما يفتح المجال أمام احتمالات تحول كبير في سياسة إيران تجاه الولايات المتحدة، رغم أن خامنئي كان قد صرح في وقت سابق قائلاً: "أنا لا أتفاوض معك، إفعل ما تريد، بحق الجحيم".
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن خامنئي لم يغلق الباب تماما أمام المفاوضات. إذ ثمة إشارات تدل على أن إيران قد تكون مستعدة لاستئناف التفاوض بشرط تقديم ضمانات معينة، خصوصًا إذا تم تقديم هذه الضمانات عبر قنوات دبلوماسية قبل بدء المحادثات الرسمية.
في السابق، كان خامنئي قادرًا على إلقاء اللوم على الحكومة الإيرانية الحالية بشأن إخفاقات المفاوضات مع الغرب، ولكن اليوم، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، يواجه مرشد الثورة تحديًا أكبر. لا يمكنه تجاهل دوره في تعميق الأزمة الراهنة والمعاناة التي يعيشها الشعب الإيراني. ومع ذلك، يعرف خامنئي أن استمرار سياسات المواجهة مع واشنطن قد يؤدي إلى تقليص قاعدة دعمه في الداخل الإيراني وفي المنطقة، ما يضعه أمام خيارات صعبة ومعقدة.
هل تنجح المباحثات الموازية بين إيران وأوروبا في منع اندلاع الحرب؟انخرطت إيران في أكبر حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية من خلال الزج بمسيراتها من نوع شاهد، وهي خطوة جريئة لم يكن هدف طهران منها إلا إرضاء موسكو وتقديم الدعم لها على الساحة الدولية وهي أيضا خطوة لتخفيف الضغوط العالمية عليها. لكن الثمن كان غاليا وهو الدخول في مواجهة أكثر حدة مع الغرب والاتحاد الأوروبي. وقد بررت طهران موقفها ذاك بأن الأوروبيين كانوا دائما يصطفون إلى جانب الولايات المتحدة وضد إيران وأنه كان عليها أن تختار انطلاقا من مصالحها الوطنية.
ولا يقل توجس المرشد الإيراني من أوروبا عن توجسه من أمريكا. إذ صرح مؤخرا: "قولهم إن إيران لا تفي بالتزاماتها قائم على منطق القوة، وهذا واضح جدا. أنتم وعدتم بأنكم ستعوضون الأضرار الناجمة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بشكل أو بآخر، بعدها قلتم شيئا آخر وقدمتم وعدا ثانيا".
وبدءا من تاريخ 18 أكتوبر 2025، فأن بريطانيا وفرنسا وألمانيا باعتبارها الدول الموقعة على الاتفاق النووي، لن يكون بإمكانها تفعيل ما يسمى بآلية "الزناد" “snapback” أو آلية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. فعند ذلك التاريخ، سينتهي مفعول تلك العقوبات التي نص عليها القرار الأممي رقم 2015.
وكانت دارت مناقشات في الأشهر الأخيرة حول احتمال تفعيل تلك الآلية قبيل انتهاء المهلة. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق أو التمكن من تمديد القرار الأممي رقم 2231 بحلول ذلك التاريخ، فمن المحتمل أن تعيد الدول الغربية فرض العقوبات. وسيكون يوم ال17 أكتوبر هوآخر يوم لاستعمال الآلية وإلا فتصبح غير قابلة للاستخدام.
ورغم أن ترامب لا يعول كثيرا على دور بروكسل، يمكن للأوروبيين أن يلعبوا دورا مؤثرا في الوساطة بهدف التتوصل إلى اتفاق نووي جديد من خلال من خلال منح حوافز اقتصادية لطهران. إذن أن التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط يؤثران على أمن أوروبا واقتصادها وبالتالي فإن دولا مثل فرنسا وألمانيا معنية بإقامة علاقات اقتصادية مع إيران إذا ما كان هناك تفاهم وتحسن في العلاقات الثنائية.
عليه، وأن أوروبا لم تلتزم بتعويض الأضرار الناتجة عن انسحاب الولايات المتحدة اتفاق عام 2018. وترى طهران أن أوروبا لم تحقق وعودها بخصوص معالجة العقوبات الأمريكية، وهو ما دفعها إلى اتخاذ خطوات بديلة تتماشى مع مصالحها الوطنية.
وفي ما يتعلق بآلية "الزناد" أو "snapback"، التي تسمح باستعادة العقوبات الدولية ضد إيران، هناك مناقشات في الأروقة الأوروبية حول إمكانية تفعيلها قبل الموعد المحدد في أكتوبر 2025. لكن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد أو تمديد قرار الأمم المتحدة بحلول ذلك التاريخ، فسيكون من الممكن للدول الغربية تفعيل هذه الآلية لاستعادة العقوبات المفروضة على إيران.
لكن الاتحاد الأوروبي الواقع تحت تأثير واشنطن، لم يكن لديه ما يكفي من استقلالية وفاعلية حتى يستطيع تقديم ضمانات من شأنها تخفيف أثر العقوبات الأمريكية. وإذا ما حدث وتعثرت المحادثات وانتهت بشن هجوم أمريكي إسرائيلي على إيران، فإن التكتل سيكتفي في أكثر الحالات تفاؤلا بالتعبير عن رفضه للجوء إلى خيار الحرب لكن لن يكون بمقدوره منع اندلاع المواجهة العسكرية.
رغم محدودية تأثير الاتحاد الأوروبي في بعض القضايا الكبرى، يمكن لدول مثل فرنسا وألمانيا لعب دور حيوي في التوصل إلى اتفاق نووي جديد من خلال تقديم حوافز اقتصادية لإيران. ومع ذلك، يظل تأثير الولايات المتحدة كبيرًا على السياسة الأوروبية، ما يعوق قدرة الاتحاد على تقديم ضمانات حقيقية لإيران بشأن تخفيفالعقوبات الأمريكية. إذا فشلت المحادثات النووية، قد يجد الاتحاد نفسه عاجزًا عن منع التصعيد العسكري إذا اتخذت الولايات المتحدة أو إسرائيل إجراءات ضد إيران.
وكلاء طهران في الشرق الأوسطيقول ترامب إنه مستعد للتفاوض مع إيران إذا تخلت عن برنامجها النووي "بشكل كامل" وأنه سيحمل طهران مسؤولية أي هجمات يشنها الحوثيون. وبناءً على ذلك، فإن أي اتفاق بينواشنطن وطهران لن يقتصر على المسائل النووية والاقتصادية فقط، بل إن قدرات إيران الصاروخية ودعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط ستكون أيضا ركنا رئيسيا في المحادثات وفي أي اتفاق محتمل.
يطالب الإيرانيون، أكانوا في أعلى هرم السلطة أو على مستوى رجل الشارع، بان يكون لهم "مكان في النظام الدولي" سواء في ظل حكم رجال الدين أو بدونه.
فمن هم في السلطة لا يزالون تحت تأثير دعاية الثورة والإسلام السياسي، أما الشارع كأمة إيرانية، فهو لا يستنكف عن التفكير في استعادة أمجاد الامبراطوية السابقة أكان ذلك عن وعي أم عن غير وعي.
وبالتالي فإنه يمكن للسلطة أن تقدم مثلا تنازلات في المجال النووي وتتوقف عن تخصيب اليورانيوم لكنها لن تمنح ترامب أوراقها الرابحة وهي قوة الردع الصاروخي وعلاقتها بحزب الله.
النفط وفوائده للاقتصاد الإيرانيلكن استمرار المثالية الإيرانية أكان في ظل نظام الملالي أو بدونه، مستحيل دون تصدير النفط، العصب الرئيس لاقتصاد البلاد. فلا صادرات الفستق ولا سجاد أباطرة المال ولا الصواريخ ولا مسيّرات شاهد بقادرة على تعويض الفراغ الذي تتركه العائدات البترولية في خزينة حكومة وشعب لا يستطيع العيش دون البنزين والخبز المدعم. وإيران لم تنجح بعد في تجاوز ما يسمى بالمرض الهولندي وهو الارتباط بين الازدهار الاقتصادي ووفرة الموارد الطبيعية. وعليه، فإن طهران قد سقطت في شرك اقتصادٍ أحادي المصدر يعتمد بشدة أساسا على الاعتماد الشديد على عائدات النفط الذي تزخر به البلاد.
هل أمام طهران خيارات أخرى غير التوصل لاتفاق مع ترامب؟هل يمكن للنظام أن يقايض وينسى محور المقاومة وإطلاق الصواريخ مقابل ديناميكية اقتصاد النفط وتبني خيار السهولة وعدم المبالاة الذي ينتهجه الجيران العرب في الخليج الفارسي؟ هذا احتمال غير وارد في حسابات أغلب رجالات الدبلوماسية والسلطة بشكل عام فجميعهم يضع عينيْه المصير الذي لقيه العقيد الليبي معمر القذافي.
إن الحل الوحيد أمام الإيرانيين هو التفاوض والمساومة التي حشروا أنفسهم داخلها. والخيار الأفضل بالنسبة للنظام هو أن يبقى الوضع على ما هو عليه وتجنب أقصى قدر ممكن من الضغوط الأمريكية لكن القيادة في طهران ستحاول هذه المرة شراء الوقت وبأدنى جهد حتى نهاية الولاية الثانية لدونالد ترامب. أمريكا، هذه القوة العظمى والشيطان الأكبر تريد اتفاقا، وقد منح الرئيس الجمهوري طهران مهلة شهرين من أجل ذلك.
تواجه القيادةُ الإيرانية مشكلتين رئيسيتين في مواجهة واشنطن: هما الاقتصاد وعدم إشراك المجتمع والأمة ككل. فمجيء ترامب قد صعّب الأمور أمام الجمهورية الإسلامية. إيران التي ليس لديها حليف وصديق قوي يمكن الاعتماد عليه في يوم من الأيام. وهي لا تستعين بقوى أجنبية وأنها تحقق مثُل ثورتها الإسلامية وأنها أيضا تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تقول إنها ستردّ على الحرب بالحرب.
لكن خيار الحرب ليس مصلحة إيرانية. إذ أن مزيدا من الضغوط من جانب ترامب سيفاقم الظروف الاقتصادية وإذا ما اندلعت حرب، فإن طهران لن تكون الرابحة. إذا استهدفت البوارج والقواعد الأمريكية أو الدول العربية أو إذا أقدم الحوثيون على إغلاق مضيق هرمز أو باب المندب، فإنها ستواجه ردا من العرب. كما أن النظام يدرك أيضا أن روسيا لن تستجيب لصراخه.
وعلى غرار الاتفاق النووي المعروف أيضا بخطة العمل الشاملة المشتركة، فإن طهران ستتفاوض مجددا لكن ليس كما في السابق. فهي عام 2015، قبلت بالاتفاق على أمل تحقيق انفراجة اقتصادية. لكن انسحاب الرئيس ترامب، خلق لدى إيران حالة من عدم الثقة. لذا فهي قد تقبل باتفاق محدود وعلى مراحل، بمعنى آخر أنها ستوافق على خطة لا تكبّلها ومع ضمانات أكثر قوة بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى والمحافظة على برنامج نووي سلمي مع مراقبة مكثفة ومشددة.
إن ما يهدد السلطة والبلد برمته ليس هجوما من الخارج قد تشنه إسرائيل وأمريكا على "النظام الثوري" الذي يفتقر للموارد المالية اللازمة والمناسبة، بل هو تهديد يأتي من الداخل ويتمثل في حالة السخط الشعبي بسبب الوضع الاقتصادي السيء الذي يواجه خطر الإفلاس.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لترامب: "لن أتفاوض معك وافعل ما شئت" ترامب يوجه رسالة إلى إيران: التفاوض أو التصعيد العسكري وزير خارجية إسرائيل: الوقت ينفد وإيران تمتلك ما يكفي لصنع قنبلتين نوويتين إسرائيلروسياالصينالاتحاد الأوروبيدونالد ترامببرنامج الصواريخ الإيراني