أنشئت الإذاعة السودانية في الأول من إبريل 1940 عندما كان السودان تحت الاستعمار الإنجليزي، وكان افتتاح الإذاعة بالقرب من حي (البوستة) بأم درمان قبل أن يتم نقلها إلى المبني الحالي للهيئة بشارع النيل بام درمان.

التغيير: الخرطوم: علاء الدين موسى

يوما بعد يوم تسلب الحرب المشتعلة في السودان موروثه السياسي والثقافي والتاريخي ويفقد السودانيون هويتهم باستمرار النزع القائم بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

حالة من الخوف تسود أوساط المهتمين بالموروث السوداني بمختلف أصعدته مع اقتراب المعارك في مناطق الهيئة القومية للإذاعة السودانية التي تحوي مبانيها جزءا كبيرا من التاريخ السوداني.

وأطلقت نقابة الصحفيين السودانيين نداء عاجلا لطرفي النزاع بضرورة الحفاظ على ذاكرة الشعب السوداني وابعادها من دائرة القتال.

واعتبرت نقابة الصحفيين أن اقتراب القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من مباني الإذاعة والتلفزيون يزيد من خطورة تدمير أو إتلاف أرشيف يقترب عمره من المئة عاما، ويمثل إرثا سياسيا، وثقافيا، واجتماعيا، للأمة السودانية.

سمع وبصر

أنشئت الإذاعة السودانية في الأول من إبريل 1940 عندما كان السودان تحت الاستعمار الإنجليزي، وكان افتتاح الإذاعة بالقرب من حي (البوستة) بأم درمان قبل أن يتم نقلها إلى المبنى الحالي للهيئة بشارع النيل بأم درمان، وبعد إنشاء التلفزيون في عام 1962 إبان حكم الرئيس السوداني الأسبق، إبراهيم عبود، شكلا ثنائيا وأصبحت الإذاعة والتلفزيون بماثة السمع والبصر للشعب السوداني، وذاكرته التي يعتمد على في استرجاع تاريخه القديم الذي سطره الرعيل الأول من السياسيين والأدباء.

مباني الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بأم درمان

كان افتتاح الإذاعة بالقرب من حي (البوستة) بأم درمان قبل أن يتم نقلها إلى المبنى الحالي للهيئة بشارع النيل

أصبحت الإذاعة والتلفزيون محطة أنظار السياسيين والعسكريين الطامعين في السلطة الذين يمنون أنفسهم بإذاعة بيانهم الأول عبر الإذاعة بعد إحكام السيطرة عليها منذ انقلاب عبود وحتى انقلاب البرهان على الحكم المدني في أكتوبر 2021.

وفي حرب 15 أبريل سيطرة قوات الدعم السريع على مباني الإذاعة والتلفزيون وحولتها إلى ثكنة عسكرية ومكان لاحتجاز المدنيين، وحاولت بث برامجها عبرها، وأيضا عملت حكومة الأمر الواقع على إنشاء إذاعة في مدينة بورتسودان التي تعتبر العاصمة البديلة للسودان.

تهديد إرث الأمة

ويتخوف مراقبون أن تؤدي حرب 15 إبريل إلى تدمير مباني الإذاعة والتلفزيون والتي تهدد هذا الإرث السوداني العظيم، في ظل انقطاع شبكات الاتصال وعدم وجود رقابة على أطراف النزاع.

وبحسب اولئك المراقبون فإن طرفي النزاع لا يهم ذلك الإرث وكل طرف منهم يحاول الانتصار في المعركة حتى وإن كان ذلك على حساب تاريخ الشعب السودان.

يقول مدير البرامج بالهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون السابق، السر السيد، إن محو ذاكرة الشعب السوداني المسموعة والمرئية، يجب أن يصنف ضمن جرائم الحرب الثقافية.

وأكد السيد لـ (التغيير)، أن كل ما أنتجته الإذاعة والتلفزيون من مواد ثقافية وسياسة ودينية وفكرية ودعوية مهددة بالتلف إذا لم يتحاش أطراف النزاع القتال داخل مباني الهيئة.

السر السيد

مدير البرامج السابق بالهيئة:محو ذاكرة الشعب السوداني المسموعة والمرئية، يجب أن يصنف ضمن جرائم الحرب الثقافية.

وأشار إلى أن المواد الموجودة في مباني الإذاعة والتلفزيون تعاني من سوء التخزين وعدم وجود تكيف لانقطاع التيار الكهربائي من المبني لفترة طويلة من الزمن.

فيما شدد مدير البرامج على أن المنتوج الثقافي يعد أحد مهددات الأمن القومي السوداني لأن المكتبة بها مواد مهمة وخطيرة، ووجه نداء لأطراف النزاع والشعب السوداني بأن ينهض لحماية موروثة المسموع والمرئي قبل فوات الأوان.

زيادة المخاوف

بدوره، يشفق الإعلامي والناقد مصعب الصاوي، على أرشيف مكتبات الإذاعة والتلفزيون والإنتاج السينمائي داخل مباني الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بأم درمان.

ويقول الصاوي لـ (التغيير)، تزداد مخاوفي يوما بعد يوم وأنا أشهد تدمير معالم ومؤسسات أخرى ذات قيمة فنية ومعمارية وعلمية مثل مكتبات الجامعات ومراكز البحوث وأبرزها مكتبة البروفيسور محمد عمر بشير بالجامعة الأهلية بأم درمان والتخريب الذي طال المتحف القومي بالخرطوم.

ويضيف، قيمة أرشيف مكتبات الهيئة أنه أضخم محتوى سمعي وبصري معاصرا إذ كان تأسيس الإذاعة في العام 1940، وأقرب أرشيف معاصر ورقيا له أرشيف (هولت) أو محفوظات السودان.

وتابع: “هذا لا يعني أن الأرشيف بدأ في ذلك العام بل حوى أسطوانات ومواد صوتية سجلت في مصر في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي”.

توثيق الحياة السودانية

وأكد الصاوي، أن أرشيف الإذاعة يضم المحتوى الفني والموسيقى والغناء والدراما والأحاديث أي البرامج وهذا القسم وثق للحياة السودانية في المجالات السياسية والاجتماعية والروحية والتراث والشخصيات العامة.

وأوضح أن الأرشيف السياسي وثق كل مراحل التطورات والأحداث السياسية داخل السودان وخارجه وتفاعلاتها في السودان ومحيطه منذ فجر الاستقلال وإلى يوم الناس هذا.

مصعب الصاوي

إعلامي وناقد: هذه المكتبات تحتوي على كنوز من المعارف والعلوم والفنون

ولفت الإعلامي والناقد إلى أن ذات المحتوى متوفر في التلفزيون مع تعديل في البدايات حيث بدأ التلفزيون مطالع الستينيات عهد الجنرال إبراهيم عبود ولكنه أضاف إلى مكتبته الفترات السابقة من وحدة أفلام السودان والتي تعد أهم وحدة توثيق بصري وتسجيلي أسسها الإنجليز ولعلها بدأت أولا كوحدة فوتوغرافية داخل الجيش.

ويقول الصاوي إن وحدة أفلام السودان نشطت في تسجيل كل وجوه الحياة السودانية ومعالمها وملامحها وأحداثها واهتم الفريق عبود بها ووثق من خلالها لكل المشاريع التي تم افتتاحها أو وضع حجر الأساس لها في زمانه.

وأشار إلى أن هذه المكتبات تحتوي على كنوز من المعارف والعلوم والفنون منها على سبيل المثال لا الحصر تفسير العلامة عبد الله الطيب للقرآن الكريم بالعامية السودانية وتسجيلاته للتلفزيون ومنها ثوابت البرمجة الإذاعية حقيبة الفن وربوع السودان.

بجانب ذهبيات الموسيقى والغناء وروائع المديح السوداني وأصوات العلماء والأدباء والمفكرين والفنانين والرواة الشعبيين وقصصهم وإشعارهم ومسامراتهم التي يستنطقهم فيها الباحث الراحل الطيب محمد الطيب.

ذاكرة الأمة

وشدد الصاوي، على أن الإذاعة والتلفزيون ظلت على الدوام ساحة للمحبة والإبداع والسلام يستظل بها أهل السودان في كل أجزاء الوطن تقدم خدماتها لهم جميعا لأتفرق بين أحد منهم بل تخاطبهم على أساس المواطنة.

جانب من توثيق الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون

ودعا الأطراف المتصارعة أن تظل هذه الأماكن بعيدة عن أتون الصراع لأنها تمثل السودانيين جميعا، كما دعا  المنظمات الأممية كـ (اليونسكو) والإقليمية مثل الـ (أليسكو) للتدخل لحماية هذا التراث وصونه لأنه ذاكرة أمة ووجدان شعب.

الوسومآثار الحرب في السودان الإذاعة السودانية الإذاعة والتلفزيون الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون حرب الجيش والدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الإذاعة السودانية الإذاعة والتلفزيون الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون حرب الجيش والدعم السريع الشعب السودانی الشعب السودان بأم درمان

إقرأ أيضاً:

بلينكن: أزمة السودان تهدد السلام العالمي

أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن تخصيص مساعدات إضافية بقيمة 200 مليون دولار للسودان، محذرًا من تفاقم الأزمة الإنسانية..

التغيير: الخرطوم

أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أن الأزمة السودانية تشهد أبعادًا إنسانية وسياسية غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن استمرار النزاع يهدد الأمن والسلام العالميين.

وقال بلينكن: “لا يستطيع العالم أن يشيح بوجهه عن الكارثة الإنسانية المتكشفة في السودان، وحري به ألا يفعل”.

وأعلن تقديم 200 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية، ما يرفع إجمالي الدعم الأمريكي إلى 2.3 مليار دولار منذ اندلاع القتال في أبريل 2023.

بالإشارة إلى ثورة ديسمبر، قال بلينكن: “من يستطيع أن ينسى الصورة الأيقونية لكنداكة الثورة السودانية آلاء صلاح أثناء وقوفها على سطح سيارة وتقود أمتها نحو سبيل جديد”.

وتابع: “لقد وصف طالب متظاهر تلك الفترة بالقول: ‘كنا نبتسم وملامح الحرية تبدو على وجوهنا’. لكن بعد ست سنوات، ها نحن نرى عددًا كبيرًا من السودانيين يواجهون الجوع واليأس.”

وأضاف: “لقد خرجت العملية الانتقالية السودانية نحو الديمقراطية عن سكتها بفعل الاستيلاء العسكري في 2021 والقتال الوحشي الذي نشب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 2023، مما أدى إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.”

وأشار بلينكن إلى معاناة السودانيين الذين لجأوا إلى أكل العشب وقشور الفستق للبقاء على قيد الحياة في مخيم زمزم، حيث تشير التقديرات إلى وفاة طفل كل ساعتين بسبب نقص الغذاء.

كما أشار الوزير إلى مبادرات دولية مثل “التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان”، التي أطلقتها الولايات المتحدة بالتعاون مع السعودية وسويسرا ودول أخرى، مؤكدًا أن هذه الجهود ساهمت في إيصال المساعدات إلى 3.5 مليون شخص داخل السودان.

وشدد بلينكن على أهمية فتح ممرات إنسانية آمنة وإزالة العقبات أمام توزيع المساعدات، مؤكدًا أن حياة المدنيين تعتمد على هذه الإجراءات.

وأضاف أن الجهود الدولية حققت تقدمًا في تقديم اللقاحات لأكثر من 1.4 مليون سوداني ضد الكوليرا.

وانتقد الوزير دور الأطراف الخارجية في تأجيج الصراع، داعيًا إلى وقف دعم الطرفين المتحاربين. وأشار إلى دور روسيا في تعطيل قرارات مجلس الأمن، معتبرًا ذلك “غير مقبول”.

ودعا بلينكن إلى دعم العملية الانتقالية السودانية نحو الديمقراطية، مشيرًا إلى تخصيص 30 مليون دولار لدعم المجتمع المدني وتعزيز الحكم المدني.

ويعيش السودان أزمة إنسانية حادة منذ اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، أدت إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص داخليًا وإلى دول الجوار، مع تدهور الأوضاع.

الوسومأنتوني بلبنكن الولايات المتحدة الأمريكية حرب السودان مجلس الأمن الدولي

مقالات مشابهة

  • السودان...إصابات بقصف مدفعي للدعم السريع على أم درمان
  • أرقام جلوس احتياطية وتوقيت نهاري لامتحانات الشهادة السودانية
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: نثمن الجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة
  • بلينكن: أزمة السودان تهدد السلام العالمي
  • وزير الخارجية الأمريكي: نحن نتحمل مسؤولية وقف المعاناة وإنهاء هذه الحرب ودعم الشعب السوداني
  • 200 مليون دولار من أمريكا الى السودان وإجراءات عاجلة وطارئة ودعوة لوقف القتال
  • مدفعية الجيش السوداني تقصف وسط الخرطوم بحري من قاعدة وادي سيدنا في أم درمان
  • في الذكرى السادسة لثورة ديسمبر.. “تقدم”: الحرب الحالية امتداد لمحاولات النظام البائد الانتقام من الشعب السوداني
  • السفارة السودانية .. جامعة القاهرة فرع الخرطوم لم يتم فتحها
  • بيان بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر من تحالف القوى المدنية لشرق السودان