دبي: «الخليج»

شهدت القمة العالمية للحكومات، إطلاق «ديلويت»، شركة الخدمات المهنية العالمية والشريك المعرفي للقمة، تقريرين في اليوم الأول للقمة، تناولت فيهما مستقبل التحول الحكومي والأمن السيبراني في الحوسبة السحابية.

ويعرض الأول بعنوان «تسريع التحول الحكومي»، خريطة طريق استراتيجية لمسيرة تحول الحكومات، أضاءت فيه الشركة على التحولات الحاصلة في بعض دول المنطقة مثل دولة الإمارات، والسعودية، وقطر، حيث استعرضت الخطوات الريادية التي اتخذتها حكومات هذه الدول في التحول الحكومي العالمي، فضلاً عن المبادرات المبتكرة التي عكفت هذه الدول على تطبيقها، في سعيها لاعتماد حلول الحكومة الذكية، مدشنة بذلك عصر النهوض الإداري الحكومي.

وتناولت «ديلويت» في تقريرها الثاني «الأمن السيبراني السحابي.. حجر الزاوية للنمو الاقتصادي الشامل في العصر الرقمي»، العلاقة الوثيقة بين الخدمات الرقمية والتقدم الاقتصادي، وشددت فيه على الدور المحوري للأمن السيبراني في حماية البيانات الوطنية وبيانات المواطنين، وضمان تقديم الخدمات الحكومية بسهولة وسلاسة، وتعزيز ثقة المواطنين بالحوكمة الرقمية، والالتزام بالمعايير التشريعية والتنظيمية، وتوفير الابتكارات الرقمية الآمنة في عصر تدفع الرقمنة فيه عجلة النمو الاقتصادي.

وقال محمد يوسف الشرهان، مدير مؤسسة القمة «لا بدّ للحكومات من تبنّي الابتكار الرقمي ركيزةً لإحداث تحول إيجابي في مستوى الخدمات التي تقدمها لمجتمعاتها. وتتضمن التقارير التي أطلقناها ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات، والتي أصدرتها «ديلويت»، الشريك المعرفي للقمة، خريطة طريق واضحة المعالم للحكومات التي ترغب في تقديم خدمات رقمية عالية الجودة لمواطنيها».

وقال مهند تيّم، مسؤول الخدمات الحكومية والعامة في «ديلويت»: «يؤدي الابتكار دوراً محورياً في صلب الحوكمة التحولية حيث تدرك حكومات العالم، خلال سعيها لتحقيق التنمية المستدامة، الدور الضروري للتعليم التكنولوجي في بناء القوى العاملة المزودة بالمهارات والمعرفة، للمشاركة في حكومات المستقبل؛ حيث تستطيع هذه الدول استخلاص الدروس القيّمة من تجربة الدول الأخرى التي سبقتها في رحلة التحول الحكومي، والاستفادة من هذه الدروس في صياغة استراتيجياتها للمستقبل».

وأضاف "ويمثل الأمن السيبراني السحابي جانباً شديد الأهمية في مسيرة التحول الرقمي للحكومات، حيث لا تقتصر أهميته على حماية البيانات الوطنية الحساسة، وضمان استمرارية توفير الخدمات العامة، فقط، بل تتعدى ذلك لتشمل تعزيز الثقة العامة بمبادرات التحول الرقمي التي تطلقها الحكومات، وتمكين الابتكار، ومواجهة التهديدات السيبرانية المتصاعدة باستمرار أيضاً».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات القمة العالمية للحكومات الإمارات التحول الحکومی

إقرأ أيضاً:

التحول الديموغرافي وتوجيه مجتمعات المستقبل

في الحديثِ عن المستقبل تبرز بعض العوامل والإشارات التي تأخذ حيزًا أكبر من غيرها في نقاشات المستقبل؛ وذلك كونها تتصل بعالم (الأشياء)، وتكون ملموسة ومشاهدة بشكل مباشر في حياة الأفراد (متخصصين وعامة)، وبالتالي فإن تقديرهم لأولويتها في تحريك المستقبل وتغيير واقع الحياة الإنسانية والمجتمعات يكون أكبر. ومن ذلك التقنيات الحديثة وأهمها ما تولده اليوم فتوحات الذكاء الاصطناعي من تطبيقات وبرمجيات تتقدم بالزمن، وتغير خارطة تموضع الذكاء، وتعيد فتح جدلية تفوق ذكاء الآلة في مقابل ذكاء البشر. غير أن بعض العوامل والإشارات الأخرى المرتبطة بالمستقبل - رغم رصدها - وتكرار الحديث عنها فإنها لا تأخذ ذات الحيز من (الهاجس البشري) في ضرورة العمل والقدرة على تدبير مسارات التكيف أو التعامل معها، وقد يرد ذلك لكونها غير ملموسة أو محسوسة بشكل مباشر، ولا تؤثر على المعيش المدرك اليومي، وقد ترتبط في الذهنية العامة بمستقبل يمكن السيطرة عليه وتفاديه أو سهولة التكيف معه، ومنها المتغير الديموغرافي؛ والذي تكمن حساسيته ليس فقط في المؤشرات (الكمية) المتصلة بتوقعاته وسيناريوهاته، وإنما في القراءات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن يولدها ذلك (الكم)، بحسب طبيعة كل مجتمع وتركيبته وسبل تدبير نظامه السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي.

ثمة مؤشرات لا يمكن إغفالها في الحديث عن متغير الديموغرافيا ومستقبله، فالنمو العالمي لأعداد السكان بنحو 18% بين عامي 2025 حتى 2050 يحمل في طياته أوجهًا متباينة لطبيعة هذا النمو، وتوزيعه، والحصص الاقتصادية لمكاسبه، والأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على نقصه في أقطار واقتصادات بعينها. واقتراب معدلات الخصوبة العالمية من (مستويات الإحلال) حسب توقعات عام 2050 لتكون عند (2.1) ولادة لكل أمرة يفتح أسئلة حول الدوافع والمسببات الصحية والاجتماعية لوضع الخصوبة العالمي، ففي السياق الاجتماعي هل تبدو ثمة أفكار وإيديولوجيا جديدة ناشئة تحرك المجتمعات نحو حسر موجات الزواج، أو حين الزواج حسر معدلات الإنجاب (طواعية). انشغلت النظرية الاجتماعية خلال العقود الفائتة بتبرير ذلك بسبب تركيبة الأسر الجديدة (النواة)، وممارسات الفاعلين الأسريين، من خروج المرأة بشكل موسع للانخراط في العمل والاقتصاد، إلى تزايد المسؤوليات الاقتصادية للمربين، إلى دخول مفاهيم جديدة في معادلة التربية، وهو ما استدعى الأسر الجديدة إلى تبني عقيدة (الإنجاب المحدد) في مقابل (التربية المكتملة)، ولكن لا يزال السؤال قائمًا: هل هذه المبررات الاجتماعية تصلح وحدها لتفسير حالة الخصوبة العالمية اليوم؟ أم أن هناك متغيرات تتعلق بقناعات الأفراد أنفسهم قد تغيرت حتى في ظل انخراطهم في تكوين أسر جديدة. ومن المؤشرات البارزة في سياق المتغير الديموغرافي تحصل القارة الإفريقية على نصيب الأسد من حصة النمو السكاني العالمي، في مقابل انحسار تلك النسب في أوروبا وبعض بلدان أمريكا الشمالية، وتطرح هذه المؤشرات أسئلة حول سؤال الطلب على القوى العاملة، وخاصة في الاقتصادات المتقدمة التي ستعاني من الانحسار في معدلات السكان في سن العمل، وهل سيغير ذلك خارطة الهجرة العالمية، لتكون هجرة قائمة على الطلب أكثر من كونها هجرة قائمة على الحاجة مثلما هو الوضع العالمي الراهن. كيف ستنشأ كذلك أنماط جديدة للعمل عن بعد، والعمل في قارات مختلفة من قارة واحدة لشخص واحد، وكيف سيعالج انتماء الإنسان الاقتصادي ومساهمته الاقتصادية ضمن منظومات الناتج المحلي القومي وإنتاجية العمالة في ظل خدمته في أكثر من قُطر وقارة. وفي المقابل كيف تستفيد إفريقيا (اقتصاديًا) من حالة الانفجار السكاني في بعض دولها، خصوصًا مع توسع نطاق القوى العاملة، وهل ستركز المؤسسات الرائدة في التعليم والتدريب جهودها في الدول الإفريقية لخلق جيل من المهارات والمعارف قادر على تحقيق الانتقال الاقتصادي.

الواقع أننا يمكن تقسيم دول العالم في سبيل تعاملها مع المتغير الديموغرافي اليوم إلى خمسة نطاقات أساسية: دول عملت على تمكين سياسات الهجرة إليها بشكل مطلق ومباشر عبر الحوافز والتسهيلات وسياسات الجذب والاستقطاب، ودول عملت على تمكين تلك السياسات وفي سياق مواز طورت سياسات للهوية الوطنية ولحماية التركيبة السكانية الأصيلة، ودول تحاول تقييد مسائل الهجرة والإقامة والمحافظة على المكون الأصيل لمجتمعاتها، ودول لا زالت تنتهج سياسات غير متسقة بين الجذب والاستقطاب وبين محاولات تمكين المكون الأصيل لمجتمعاتها، ودول تحاول المراهنة على نظم تنمية الموارد البشرية والحماية الاجتماعية للتعامل مع المتغير الديموغرافية دون النظر إلى السياسات الأخرى التكميلية مثل سياسات الهجرة والإقامة. تكاد الخارطة العالمية تتقسم - حسب حدود رصدنا - بين هذه النطاقات الخمسة. وفي تقديرنا فإن حساسية المتغير الديموغرافي تتطلب سياسات يتم صنعها بحساسية ودقة؛ بحيث توازن في (حالتنا المحلية) بين أربعة عناصر أساسية: حاجيات نمو الاقتصاد وتنويعه وتوسيع هياكله الانتاجية، المحافظة على عناصر الهوية الوطنية بوصفها سمة للتنمية والنمو، تحقيق الاكتفاء الاقتصادي للسكان خاصة فئة السكان في سن العمل، وديمومة البيئة المتكاملة لرعاية الأشخاص ما بعد سن العمل والحفاظ على مستويات أفضل من الصحة العامة لهم. وفي تقديرنا كذلك فإن التعامل مع المتغير الديموغرافي لن يكون محصورًا بمجرد وجود السياسة السكانية بل يكون عبر عملية تنسيق ومواءمة كافة السياسات الاجتماعية والاقتصادية لتكون متفقة على مقصد (سيناريو) ديموغرافي واضح ومحدد، تنطلق منه وتتمحور حوله، فإذا كان مقصد السيناريو تعظيم الاستفادة من السكان في سن العمل باعتبار فرصة النافذة الديموغرافية، سعت قطاعات التعليم والتدريب والتأهيل لتغيير مقارباتها نحو تحقيق هذا المقصد، ووسع الاقتصاد فرصه للعمل والريادة لهذه الفئة، وحسنت مؤسسات الرعاية الشبابية الظروف الكاملة للنمو الأمثل لهذه الفئة بما يخدم تحقيق مقاصد السيناريو الوطني المنشود.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي يعلن إقامة شراكات بين المؤسسات البحثية ومجتمع الصناعة
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • مجلس رمضاني يناقش «الابتكار الرقميّ برؤية مجتمعية»
  • التحول الديموغرافي وتوجيه مجتمعات المستقبل
  • بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!
  • المملكة المتحدة: قروض بملياري جنيه إسترليني للحكومات الحليفة
  • قادة الاتصالات العالميون يبحثون تحول قطاع التسويق الرقمي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي
  • الحوسبة الكمومية والأمن السيبراني: هل هي سلاح ذو حدين ؟