طرح الزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، المفاوض السابق في إدارات أمريكية ديمقراطية وجمهورية، دينس روس، خطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة وتحقيق السلام عبر مرحلتين، الأولى تستهدف الانتقال إلى "اليوم التالي" للحرب والثانية تستهدف توفير مقومات إقامة دولة فلسطينية.

وذكر روس، في تحليل نشره موقع المعهد، أن طرحه يستند إلى خبرة أكثر من 30 عاماً، عمل فيها لتحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين، في عهد 5 رؤساء أمريكيين مختلفين، ومحادثاته مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وأوضح المسؤول الأمريكي السابق أن المسؤولين السعوديين والإماراتيين قالوا إنهم مستعدون للاضطلاع بدور في غزة، بل وحتى في الضفة الغربية التي لم يكونوا مستعدين للاضطلاع بدور فيها على الإطلاق من قبل، بشرط أن يرتبط ذلك بأفق سياسي أو غاية نهائية سياسية، هي حل الدولتين. وأضاف أن المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يقومون بزيارات مكثفة عبر الشرق الأوسط، ويشاركون المسؤولين السعوديين والإماراتيين هذا البصيص من الأمل.

وإذا كان من الممكن إقناع القوى الخليجية بوجود خطة تضمن هذه النتيجة، فإنها ستساعد في بناء الجسر في غزة والضفة الغربية للوصول إلى ذلك المستقبل، وفي حالة السعودية، تحقيق السلام مع إسرائيل، حسبما يرى روس، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات لا تريدان الاستثمار في عملية جزئية أخرى لا تؤدي إلى أي نتيجة أو تكرر الأحداث التي وقعت منذ انهيار عملية "أوسلو" في تسعينيات القرن الماضي.

جسران للسلام

وعن المرحلة الأولى لخطته، يشير روس إلى ضرورة تغيير الواقع في غزة، حتى قبل انتهاء الحرب من دون التخلي عن هدف إنقاذ الأسرى، والذي يجب التوصل إلى اتفاق بشأنه، بحيث "تحوّل إسرائيل تركيزها من القضاء على حركة حماس، التي تعكس فكرة إسلامية متجذرة بعمق في أذهان الكثير من الفلسطينيين، إلى نزع السلاح في غزة. ويعني ذلك تفكيك بنية حماس التحتية وقدراتها العسكرية".

ووفق رؤية روس لهذه المرحلة، يمكن المجتمع الدولي أن يلتزم بضمان بقاء غزة منزوعة السلاح، ويتطلب ذلك آلية لمراقبة تسليم جميع المواد التي تدخل إلى غزة وتحديد الأماكن التي يتم تخزينها فيها والتأكد من أنه يتم استخدامها للغرض المناسب وليس لبناء الأنفاق أو التسلح الحربي.

وبعبارة أخرى، تستند تلك المرحلة على توافق الولايات المتحدة مع السعوديين والإماراتيين والمصريين والأوروبيين واليابانيين على ضرورة أن تضمن أي مقاربة لإعادة الإعمار عدم إعادة تسليح غزة، على أن توضع اللبنات الأساسية لهذا المستقبل على مدى 12 إلى 18 شهراً المقبلة. ويزعم روس أن حماس ستواجه صعوبة في السيطرة على غزة بعد أن فقدت تشكيلاتها العسكرية وقيادتها وسيطرتها وصناعة الأسلحة الخاصة بها، لا سيما إن لم يتم تنفيذ أي استثمار كبير في غزة، وبما أنه لا يجوز ترك فراغ، من الضروري قيام إدارة مؤقتة، وقبل أن يتم إصلاح "السلطة الفلسطينية" وتصبح قادرة على ممارسة الحكم الرشيد بقيادة رئيس وزراء متمكن وغير ملطخ بتهم الفساد، فلن تتمكن أن تحكم في غزة.

اقرأ أيضاً

كيف كشفت سياسة حزب الله في حرب غزة استراتجية الصبر الإيراني؟

ومع ذلك، يرى روس ضرورة أن يكون الهدف هو إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات، وعودتها إلى غزة وإعادة توحيدها سياسياً مع الضفة الغربية.

ولإدارة القضايا الملحة مثل المياه والكهرباء والصحة، يقترح روس إنشاء آلية إنسانية دولية للعمل مع رجال الأعمال الفلسطينيين والهيكلية البيروقراطية القائمة في غزة منذ عهد "السلطة الفلسطينية"، والتي عملت حتى في ظل حكم حماس.

ويمكن لهذه الآلية أن تعالج الاحتياجات الملحة، والتي تشمل توفير المأوى (كرفانات ومساكن جاهزة) لأكثر من مليون فلسطيني تم إجلاؤهم من شمال غزة إلى جنوبها وينبغي السماح لهم بالعودة.

والهدف من ذلك هو استعادة بعض وظائف الحياة اليومية في أجزاء من غزة حيث فقدت حماس السيطرة، حسب زعم روس، و"من خلال القيام بذلك يمكن إثبات أن الحياة يمكن أن تتحسن مع خروج حماس من السلطة"، حسب تعبيره.

وتتمثل العقبة الرئيسية أمام أي حل دائم بالقناعة السائدة لدى الكثير من الإسرائيليين بأن حماس أو حركة مشابهة لها هي التي ستقوم بإدارة أي دولة فلسطينية، ولذا يرى روس من الضروري ألا يوفر الحديث عن سلطة فلسطينية جديدة خاضعة للإصلاحات طريقة ملتوية لعودة حماس سياسياً إلى السلطة، إذ لو دخلت الحركة إلى السلطة فستوجه نزعتها العسكرية للاستيلاء عليها.

ولن يشكل ذلك نعمة لـ"محور المقاومة" الإيراني فحسب، بل سيتناقض مع هدف حل الدولتين، حسب زعم روس، مشيرا إلى أن حماس ترفض وجود إسرائيل وفكرة الدولتين، التي تمثل المرحلة الثانية في خطته لتحقيق السلام.

الاعتراف بفلسطين

ويشير روس، في هذا الصدد، إلى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل ترسيم حدودها سيساعد على تحقيق المرحلة الثانية من مقترحه، وهو ما أيدته وزارة الخارجية الأمريكية واللورد كاميرون أوف تشيبينغ نورتون، وزير الخارجية البريطاني.

لكن إشراك الإسرائيليين في هذه العملية لن يكون سهلاً، بحسب روس، مشيرا إلى أنه اقترح، في نهاية قمة "كامب ديفيد" في صيف عام 2000، على إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أن يعترف بالدولة الفلسطينية على أن يتم التفاوض على خصائصها (السيادة والحدود) في وقت لاحق، لكن باراك رفض الفكرة بحجة أن الفلسطينيين سيتبنون مواقف متطرفة.

وأشار باراك آنذاك إلى أن المجتمع الدولي سينجر حتماً إلى الموقف الافتراضي المتمثل بقبول العودة إلى خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، والذي من شأنه "تعريض إسرائيل لخطر استراتيجي كبير ولا ينص على إجراءات للتعامل مع الكتل الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية".

ويصف روس مخاوف باراك بأنها "مشروعة"، مضيفا: "إذا رأت الولايات المتحدة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمكن أن يشكل جسراً إلى مستقبل أفضل بحيث يُظهر لكل من السعودية والفلسطينيين أن تطلعاتهم الوطنية ستتم معالجتها بجدية يجب أن يقترن هذا الاعتراف بمعالجة المخاوف الإسرائيلية".

اقرأ أيضاً

بن غفير يطالب بإطلاق النار على سكان غزة الذين يقتربون من حدود إسرائيل

شروط مسبقة

ويرى المسؤول الأمريكي السابق أن معالجة هذه المشكلة المعقدة "قد لا تكون شاقة كما تبدو"؛ لأن مقترحه يقوم على أن تكون مؤهلات الدولة الفلسطينية أو شروط قيامها على النحو التالي:

• لا يجوز أن يقود الدولة الفلسطينية أولئك الذين يرفضون وجود إسرائيل وواقع حل الدولتين.

• يجب أن تكون خصائصها السيادية متسقة مع الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، التي تتطلب أن تكون الدولة منزوعة السلاح على الأقل، وأن لا يُسمح لها بتشكيل تحالفات مع الجهات المعادية لإسرائيل.

• يتعين على قادتها أن يتقبلوا شرعية إسرائيل (وليس مجرد وجودها الفعلي) كوسيلة لتقويض مصداقية أولئك الذين يستمرون في رفض إسرائيل.

• لا يجوز لها أن تستمر في التحريض على العنف ضد إسرائيل ونشر الكراهية ضدها، وهو الأمر الذي لطالما انطبق على "السلطة الفلسطينية" الحالية.

• تحتاج إلى مؤسسات ذات مصداقية وحوكمة متينة لضمان ألا تكون دولة فاشلة.

• أخيراً، يجب أن تكون قادرة على إدانة أفعال حماس بشكل صريح.

التزامات إسرائيل

وإزاء هكذا شروط، يرى روس أنه لا يجوز إلقاء عبء خطة العمل حصرياً على عاتق الفلسطينيين، إذ يتعين على إسرائيل الاعتراف بالتطلعات الوطنية الفلسطينية وقبول الدولة الفلسطينية مع توفّر الضمانات الصحيحة، وفي ظل المناخ الحالي سيتطلب ذلك بعض الإقناع.

وإضافة لذلك، ينبغي لإسرائيل أن تشجع على إصلاح السلطة الفلسطينية وتسمح للعمال الفلسطينيين بالدخول مجدداً إلى أراضيها وتسهل عبور الأشخاص والبضائع، بل حتى فتح السوق الإسرائيلية أمام المنتجات الفلسطينية، إذ من شأن كل ذلك أن يحسن الأداء الاقتصادي للسلطة الفلسطينية ويُظهر أن الإصلاح يمكن أن يأتي بثماره.

كما يتعين على إسرائيل وقف النشاط الاستيطاني خارج الكتل القائمة حاليا، بما أن هذا النشاط يهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية، بحسب روس، كما عليها اتخاذ إجراءات صارمة بحق المستوطنين المتطرفين الذين يهددون الفلسطينيين ويحرمونهم من الأمن.

لكن هل يمكن اتخاذ أي من هذه الخطوات في حكومة تضم الوزيرين المتشددين: إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش؟ يجب روس بشكل حاسم: "لا، لأنهما لن يبقيا في حكومة تتخذ مثل هذه الإجراءات".

وخلص روس إلى أن بناء أي من هذين الجسرين لتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي لن يكون سهلا، "لكن التصرف كما لو كان الوضع قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول يمكن أن يستمر سيضمن بالتأكيد استمرار النزاع".

اقرأ أيضاً

من غزة إلى سوريا.. الأردن على خط نار يُنضج حركة احتجاجية جامعة

المصدر | الخليج الجديد + معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السلام غزة إسرائيل حماس السعودية الإمارات إيتمار بن غفير بتسلئيل سموتريتش السلطة الفلسطینیة الدولة الفلسطینیة یمکن أن لا یجوز أن تکون فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مكتب نتنياهو: تلقينا اليوم رد حماس من الوسطاء وسندرسه ونرد عليه

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء اليوم الأربعاء 3 تموز 2024 ، إن إسرائيل تلقت اليوم رد حركة حماس من الوسطاء.

وأوضح المكتب في بيان صحفي أن الوسطاء سلموا إسرائيل رد حماس على مقترح صفقة التبادل ، وستقوم تل أبيب بدراسته والرد عليه.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى،إن حركة حماس لا تزال مصرة على ضمان عدم عودة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى القتال بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى المطروح بين إسرائيل وحركة حماس مقابل وقف إطلاق النار في قطاع غزة ، مشددا على أن هذا الأمر "غير مقبول" على الجانب الإسرائيلي.

إقرا/ي أيضا: مسؤول إسرائيلي: حمـاس تواصل إصرارها على بند أساسي في مقترح الصفقة

جاء ذلك في إحاطة صحافية قدمها المسؤول الإسرائيلي لوسائل الإعلام الإسرائيلية؛ مشددا على أن إسرائيل تعتزم مواصلة المفاوضات وكذلك الضغط العسكري والسياسي على حركة حماس "من أجل إطلاق سراح جميع الرهائن الـ120 (المحتجزين في غزة)، الأحياء منهم والأموات"، مشيرا إلى "فجوات أخرى" بين إسرائيل وحماس "لم يتم سدها".

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11") عن "المسؤول الأمني الرفيع" دون تسميته، أن "حماس تواصل إصرارها على بند أساسي في المقترح (المطروح للصفقة والذي كان قد أعلن عنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، على أنه مقترح إسرائيلي) يمنع إسرائيل من العودة إلى القتال بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لإسرائيل".

وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن الجهة التي قدمت إحاطة لوسائل الإعلام وطالبت بنشرها على لسان "مسؤول أمني رفيع" ليست سوى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، علما بأن عائلات أسرى إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة يتهمون نتنياهو بعرقلة التوصل لاتفاق والعمل على إطالة أمد الحرب للبقاء في السلطة.

ويبدو أن القرار ينسب هذه التصريحات لـ"مسؤول أمني رفيع" يأتي في أعقاب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" نشر أمس، الثلاثاء، وجاء فيه أن كبار الجنرالات الإسرائيليين الأعضاء في هيئة الأركان العامة يؤيدون بدء وقف الحرب على غزة، حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حماس في السلطة في الوقت الراهن.

ويوم السبت الماضي، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إن تل أبيب ترصد إمكانية حصول تغيير في موقف حركة حماس في إطار المفاوضات غير المباشرة الرامية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بموجب اتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ظل "التغييرات" التي تدفع بها الإدارة الأميركية على المقترح الذي كان قد عرضه بايدن، ويتألف من 3 مراحل تنتهي بإرساء "هدوء مستدام" في غزة.

والصياغة الجديدة التي سعت إليها إدارة بايدن، تتعلق البند الـ8 من المقترح المطروح، والذي يتعلق بالمفاوضات التي من المفترض أن تبدأ بين إسرائيل وحماس أثناء تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة من أجل تحديد شروط المرحلة الثانية والتي تشمل الوصول إلى "تهدئة مستدامة" في غزة.

وأكدت القناة 13 الإسرائيلية، يوم السبت الماضي، على عدم حدوث اختراقه في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، وعدم وجود حالة خاصة من التفاؤل في إسرائيل إزاء ما قد تسفر عنه التعديلات الأميركية، غير أن التقديرات حينها كانت تشير إلى إمكانية حدوث تغيير في موقف حماس.

واعتبر المسؤول الإسرائيلي أنه "إذا وافقت حماس على الصياغة الجديدة التي قدمتها الولايات المتحدة فسوف يسمح ذلك بإتمام الصفقة"؛ علما بأن القيادي في حماس، أسامة حمدان، قال إنه لا يوجد أي تطور جديد حقيقي في المفاوضات.

وسبق أن وافقت الفصائل الفلسطينية في 6 أيار/ مايو الماضي، على مقترح اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى طرحته مصر وقطر، لكن إسرائيل رفضته بزعم أنه "لا يلبي شروطها".

وفي 31 أيار/ مايو الماضي، تحدث الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن تقديم إسرائيل مقترحا جديدا لاتفاق من 3 مراحل يشمل "تبادلا للأسرى" بأول مرحلتين، و"إدامة وقف إطلاق النار" بالمرحلة الثانية، و"إعادة إعمار غزة" بالمرحلة الثالثة.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • نعيم قاسم: لا خيار أمام إسرائيل سوى الموافقة على شروط حماس
  • إسرائيل تفرج عن دفعة من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية
  • إسرائيل تحول 116 مليون دولار للسلطة من مخصصاتها المحتجزة
  • مكتب نتنياهو: تلقينا اليوم رد حماس من الوسطاء وسندرسه ونرد عليه
  • إسرائيل تحول 116 مليون دولار لفلسطين من عائدات الضرائب
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟
  • ما رد نتنياهو على دعوة جنرالات لقبول وقف إطلاق النار في غزة؟
  • نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية: ندعو إسرائيل للإفراج عن بقية عائدات المقاصة المحجوزة عن السلطة الفلسطينية
  • نيويورك تايمز: إسرائيل تريد وقف الحرب حتى لو بقيت حماس
  • إسرائيل تنتقل للمرحلة الثالثة من الحرب على غزة.. وكبار الجنرالات يطالبون بالتوقف