رفح.. سكان الخيام محاصرون بين المجاعة والهجوم الإسرائيلي الوشيك
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
بعد أن تحولت إلى "مدينة خيام"، أصبحت رفح، الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة، اليوم، مركزا لواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية منذ سنوات، وفقا لصحيفة "وول ستريت جونال".
وفر أكثر من 1.3 مليون مدني، أي ما يعادل أكثر من نصف سكان قطاع من القتال في القطاع الفلسطيني واحتشدوا في رفح، التي كان يقطنها قبل الحرب، نحو 300 ألف نسمة، وسط معاناة حادة وظروف إنسانية قاسية، أدت إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل التي تخطط قواتها لتحرك بري محتمل في المدينة الحدودية مع مصر.
وبعد مرور أربعة أشهر على بداية الحرب في غزة، يقول العديد من سكان المدينة، إنهم لم يتوصلوا بأي مساعدات، فيما تحتمي بعض العائلات من المطر والبرد بأغطية بلاستيكية معلقة على جوانب الطرق، بعد أن باعت خيمها مقابل دولارات لشراء الغذاء.
وتقول سهى عرفات، والتي تعيش في غرفة تخزين في رفح مع زوجها وأطفالها الخمسة وثلاث عائلات أخرى: "علينا أن نشتري كل شيء. نحن ندفع الكثير من المال فقط مقابل الطعام كل يوم. ليس لدينا غاز الطبخ. عندما نجد الحطب، نشعل النار لطهي العدس أو المعكرونة".
وبحسب الصحيفة، تواجه عمليات نقل المساعدات إلى القطاع مجموعة من العراقيل بسبب اشتداد الحرب، وإغلاق حدود غزة من قبل إسرائيل ومصر، إضافة إلى عمليات التفتيش الصارمة والقيود التي تفرضها إسرائيل على البضائع المتجهة إلى القطاع المحاصر.
ويتفاقم نقص المساعدات، أيضا، بسبب أعداد النازحين الكبيرة وعدم قدرة المنظمات المتحدة لتلبية كل الاحتياجات، إضافة إلى عوائق أخرى ترتبط بالفوضى وانتشار أعمال النهب في قطاع غزة، بحسب الصحيفة.
وتقول كل من إسرائيل ومصر والمنظمات الأممية، إنها تبذل قصارى جهدها لتسهيل عمليات التسليم الطارئة، وتتبادل الاتهامات فيما بينها بشأن الأزمة الحاصلة داخل غزة.
وتتزايد المخاوف من قيام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم بري ضد عناصر حماس في داخل مدينة رفح، التي يقول المسؤولون الإسرائيليون، إنها المعقل الأخير لحماس في القطاع، حيث يحتمي مقاتلوها بين المدنيين هناك، بحسبهم.
وتخشى الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية أخرى، من أن تؤدي مثل هذه العملية إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى، وتضغط على المساعدات الشحيحة بالفعل، وتترك النازحين الفلسطينيين بلا مكان يذهبون إليه.
من جانبه، أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على استمرار العمليات العسكرية وقال في بيان، الاثنين، إن بلاده "لن تهدر أية فرصة لتحرير المزيد من الرهائن"، معتبرا أن "الضغط العسكري المستمر حتى تحقيق النصر الكامل" على حركة حماس، أمر "ضروري لاستعادة جميع الرهائن".
وأدت الحرب حتى الآن إلى مقتل أكثر من 28 ألف شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية.
والاثنين، قُتل عشرات الأشخاص، من بينهم أطفال، جراء غارات جوية وقصف إسرائيلي "مكثف للغاية" على مواقع في رفح، وفقا لمسؤولين محليين، مع تزايد القلق بشأن الهجوم البري الإسرائيلي المخطط له في مدينة غزة.
وأكد الجيش الإسرائيلي، أنه نفذ "سلسلة غارات" في منطقة الشابورة برفح، معلنا تحرير رهينتين إسرائيليتين في "عملية خاصة".
والثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي، إن جنوده قتلوا عشرات المسلحين الفلسطينيين خلال المعارك الدائرة في جنوب ووسط قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وأوضح أن 30 مسلحا قتلوا في مدينة خان يونس بجنوب القطاع والقريبة من مدينة رفح الحدودية التي قال زعماء إسرائيليون إنهم يخططون لشن عملية فيها للقضاء على ما تبقى من كتائب حماس.
وتحدث بايدن إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي، شدد على أن "أي عملية عسكرية في رفح ينبغي ألا تمضي قدما دون وجود خطة يُعوّل عليها وقابلة للتنفيذ لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون شخص يلوذون بها".
وقد دعم الرئيس بايدن إسرائيل على نطاق واسع في الحرب، لكنه أصبح ينتقد بشكل متزايد الطريقة التي تدير بها إسرائيل حملتها وتضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وفقا لوول ستريت جورنال".
ويعاني سكان قطاع غزة مستويات "غير مسبوقة" من "ظروف تحاكي المجاعة" مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وفق ما أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الاثنين.
ويواجه حوالى 550 ألف شخص مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، فيما تؤثر الأزمة على جميع سكان القطاع، وفق ما أوضحت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).
وتصر إسرائيل على أنها تتخذ إجراءات واسعة النطاق لحماية المدنيين، لكنها تضطر إلى تنفيذ عمليات عسكرية في مناطق مدنية تنشط فيها حركة حماس التي شنت هجوم السابع من أكتوبر، متهمة حماس باستعمال المدنيين كأدرع بشرية، وهو ما تنفيه الحركة.
ويمثل العثور على الماء النظيف والغذاء صراعا يوميا للسكان، الذين يقضون معظم أيامهم دون تناول أي وجبة طعام، وفقا لشهادات وتقارير لبرنامج الأغذية العالمي.
وقال سكان في رفح، إن سعر الدقيق يصل إلى عشرة أضعاف سعره قبل الحرب، ما يدفع الكثيرين لصنع الخبز من الحبوب المستخدمة لإطعام الحيوانات، فيما تحدد النساء كمية المياه التي يشربنها لتجنب الوقوف في طوابير طويلة في المراحيض العامة.
يقول سام بلوخ، مدير الاستجابة للطوارئ في "World Central Kitchen"، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن تقدم وجبات الطعام في مناطق الأزمات: "لم أر قط شيئًا مماثلا في درجة اليأس والتعقيد والصعوبة".
وقال بلوخ، إنه عندما وصل إلى رفح في ديسمبر الماضي، كانت المدينة تضم أشجارا، غير أنه ومنذ ذلك الحين تم تقطيعها جميعها تقريبا لاستخدامها في طهي الطعام، مضيفا : "عندما غادرت، كان الناس يحفرون جذور تلك الأشجار ليطبخوا بها، ويصنعوا كوباً من الشاي".
ودعت إسرائيل، الاثنين، هيئات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إلى المساعدة في عمليات إجلاء الفلسطينيين قبل التوغل البري الوشيك لمدينة رفح المكتظة بالنازحين.
وقال المتحدث باسم الحكومة، إيلون ليفي، في إفادة صحفية: "نحث وكالات الأمم المتحدة على التعاون... لا يمكن القول إنه لا يمكن القيام بذلك. اعملوا معنا لإيجاد طريقة".
وكان نتانياهو أشار في مقابلة ضمن برنامج "هذا الأسبوع مع جورج ستيفانوبولوس" عبر قناة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، إلى أن "النصر في متناول اليد، وسنفعل ذلك. سنسيطر على آخر كتائب حماس الإرهابية، وعلى ورفح، وهي المعقل الأخير".
وتابع: "سنفعل ذلك مع ضمان المرور الآمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة. نحن نعمل على وضع خطة مفصلة لتحقيق ذلك، ولا نتعامل مع هذا الأمر بشكل عرضي".
ورد نتانياهو على المنتقدين القلقين بشأن مصير المدنيين في حال شن هجوم على رفح، قائلا: "أولئك الذين يقولون إننا يجب ألا ندخل رفح مُطلقا، يقولون لنا في الواقع إننا يجب أن نخسر الحرب، ونترك حماس هناك".
انتقد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأمر الذي أصدره رئيس الوزراء الإسرائيلي، متسائلا: "سيتم إجلاؤهم (...) إلى أين؟ إلى القمر؟ إلى أين سيجلون هؤلاء الناس؟".
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1200 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قطاع غزة أکثر من فی رفح
إقرأ أيضاً:
وزير المالية الإسرائيلي: لن نمنح حماس طوق النجاة إذا طلبت وقف الحرب
أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أن إسرائيل لن تقبل بوقف الحرب إذا طالبت به حماس، مشيرا إلى أننا لن نمنحها طوق النجاة، وذلك وفقا لنبا عاجل، عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”.
وتحدث وزير المالية بحكومة الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، حول صفقة التبادل المطروحة، معتبرا أنها "لا تخدم أمن إسرائيل".
ووفقا لصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، قال سموتريتش، إن: "نتنياهو يعرف ما هي خطوطنا الحمراء، في الوقت الحالي الصفقة المطروحة لا تخدم أمن إسرائيل".